أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة الثامنة والعشرون - صـ 1048

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ.

(213)
الطعن رقم 1250 لسنة 42 القضائية

(1، 2) نقد. دعوى جنائية. "قيود تحريكها". نيابة عامة. قانون. "القانون الأصلح".
(1) قيد تحريك الدعوى الجنائية المنصوص عليه بالمادة 9/ 4 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل في حقيقته طلب. تعلقه بالجريمة لا بأشخاص مرتكبيها بقوة الأثر العيني له. أثر ذلك؟
حق النيابة في رفع الدعوى الجنائية. أصل عام. لا يرد عليه القيد إلا استثناء. أساس ذلك؟
(2) القانون الأصلح. ماهيته. قانون النقد الجديد رقم 67 سنة 1976 أصلح من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل في خصوص ما جاء به من أحكام متعلقة بحيازة الأفراد وتعاملهم وعرضهم لما في حوزتهم من نقد أجنبي.
1 - الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950 و231 لسنة 1952 و111 لسنة 1953 والمنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 الذي ألغى القانون رقم 80 لسنة 1947 هو في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى وأن الأصل أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق، وإن أثر الطلب - متى صدر - رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وإذ كان من المقرر أن الطلب في هذا المقام يتعلق بالجريمة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها وذلك بقوة أثره العيني، ومن ثم يكون ما يثيره المتهم الأول من عدم صدور إذن برفع الدعوى قبله في غير محله.
2 - من المقرر طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات أنه "إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانوناً أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" وإذ كان قد صدر في 14 من أغسطس سنة 1976 القانون رقم 97 لسنة 1979 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن يعمل به بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشره وينص في مادته الأولى على أنه "لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة - وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابعة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلياً على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية - ويحدد الوزير المختص شروط إخراج النقد الأجنبي صحبة المغادرين مع مراعاة عدم وضع قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد" كما نص في مادته الرابعة عشرة على أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وفي حالة العود تتضاعف العقوبة وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها.. كما نصت المادة التاسعة عشرة على أن يلغى القانون رقم 80 سنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والقانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون". لما كان ذلك، وكان هذا القانون بإسقاطه الالتزام الذي كان منصوصاً عليه في المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 الملغي التي كانت توجب على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعرض للبيع على وزارة المالية وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزير المالية جميع الأرصدة المصرفية من العملة الأجنبية المملوكة له وكذلك كل دخل مقوم بعملة أجنبية أو أية مبالغ أخرى مستحقة لأي سبب كان يحصل عليها في مصر أو في الخارج لحسابه أو لحساب شخص أو هيئة مقيمة في مصر وكذلك كل ما يدخل في ملكه أو في حيازته من أوراق النقد الأجنبي، فإن هذا القانون يجعل الاتهام الثاني الذي نسبته النيابة العامة إلى كل من المتهمين الأول والثاني بمنأى عن التأثيم كما أنه بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف بالنسبة لتهمة التعامل في النقد الأجنبي المنسوبة إلى المتهمين الثلاثة يكون هو الواجب لاتباع دون غيره عملاً بالفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره قانوناً أصلح للمتهمين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)... ... ... (2)... ... ... (3)... ... ... بأنهم (أولاً): المتهمان الأول والثاني شرعا في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي بإجراء التعامل في أوراق النقد الأجنبي المضبوطة 2051 دولاراً أمريكياً و350 جنيهاً إسترلينياً والبالغ قيمتها 1301 ج و140 م بأن اتفقا على بيعها عن غير طريق المصارف المرخص لها وعلى خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطهما والجريمة في حالة تلبس. (ثانياً) المتهم الأول لم يعرض للبيع على وزارة الاقتصاد بسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزيرها النقد الأجنبي المملوك له والموضح في التهمة السابقة. (ثالثاً): المتهمان الثاني والثالث شرعا في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي بإجراء التعامل في أوراق النقد الأجنبي المضبوطة 167 جنيهاً إسترلينياً والبالغ قيمتها 200 جنيه و400 م بأن اتفقا على بيعها على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المرخص لها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطهما والجريمة في حالة تلبس. (رابعاً) المتهم الثاني لم يعرض للبيع على وزارة الاقتصاد وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزيرها النقد الأجنبي المملوك له والموضح في التهمة السابقة وطلبت عقابهم بمواد الاتهام. ومحكمة جنح الجيزة الجزئية قضت حضورياً بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وكفالة 50 ج لإيقاف التنفيذ وتغريم كل منهم مائتي جنيه والمصادرة. فأستأنف المحكوم عليهم وقيد الاستئناف برقم 2313 سنة 1968. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 12 مايو سنة 1969 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين وإحالة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضورياً اعتبارياً للأول والثاني وغيابياً للثالث بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل وتغريم كل منهم مائتي جنيه والمصادرة وذلك عن جميع التهم المسندة إلى كل منهم. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) في... ... ... وقدم الأستاذ... ... المحامي تقريراً بالأسباب في ذات التاريخ موقعاً عليه منه. وبتاريخ 26 نوفمبر سنة 1973 قررت محكمة النقض وقف السير في الطعن حتى يصبح الحكم نهائياً بالنسبة للمحكوم عليه. ولما أصبح الحكم نهائياً بالنسبة للمحكوم عليه المذكور أعيدت القضية لمحكمة النقض لنظرها من جديد. وبتاريخ 24 من إبريل سنة 1977 قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين... ... ... و... ... ... وحددت لنظر الموضوع جلسة 5/ 6/ 1977 وعلى النيابة إعلان المتهمين. وبجلسة 27 نوفمبر سنة 1977 سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة ثم أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

حيث إن المتهمين سبق حضورهم في الدعوى وتخلفوا عن حضور جلسة المحاكمة الأخيرة بغير عذر مقبول فيتعين اعتبار الحكم الصادر حضورياً بالنسبة إليهم عملاً بالمادتين 239 و418 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استبانتها المحكمة أخذاً من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات تخلص في أنه بتاريخ 21/ 10/ 1967 عرض المتهم الثالث... ... ... ... على... ... ... أن يبيعه ما يرغب من عملات أجنبية فسارع الأخير بإبلاغ ذلك إلى النقيب... ... ... المفتش بقسم مكافحة تهريب النقد الذي كلفه بمجاراة المتهم فيما عرضه وأثبت ذلك في محضر ضمنه أيضاً ما أسفرت عنه المراقبة من توجه المتهم إلى منزل المبلغ في يوم 27/ 10/ 1967 للتأكد من جدية موقفه - واتفاقه معه على أن يبيعه ما يقابل أربعة آلاف من الجنيهات المصرية بعملة أجنبية (دولارات وجنيهات إسترليني على أساس 82 قرشاً للدولار و210 قرشاً للجنيه الإسترليني وعلى تحديد يوم 29/ 10/ 1967 لإتمام الصفقة. وفي اليوم المحدد استصدر الضابط إذناً من مدير عام النقد باتخاذ الإجراءات وإذناً من النيابة العامة بضبط وتفتيش المتهم الثالث ومسكنه ثم توجه إلى منزل المبلغ حيث كمن به مع قوة من ضباط القسم بينما توجه المبلغ بسيارته لمقابلة المتهم الثالث الذي صحبه إلى نزلة السمان حيث قابل المتهم الأول... ... ... والمتهم الثاني... ... ... وعادوا جميعاً إلى منزل المبلغ قرابة الساعة العاشرة مساء حيث قام المتهمون الثلاثة بإخراج كمية من النقد الأجنبي من جيوبهم وطفقوا يعدونها ويجرون بعض العمليات الحسابية إلى أن قام الضابط والقوة المرافقة له بمداهمتهم وضبطهم وما معهم من نقد أجنبي وبجوارهم كمية من النقد المصري الذي كانت زوجة المبلغ قد تسلمته من الضابط وسلمته إليهم إتماماً للصفقة كما ضبطت ورقتان كان المتهم الثالث يقوم بإجراء عمليات حسابية فيهما وتبين أن النقد الأجنبي المضبوط 2051 دولاراً أمريكياً و522 جنيهاً إسترلينياً من ضمنها خمسة جنيهات خارجة التعامل. وهو مملوك للمتهم الأول... ... ... عدا 167 جنيهاً إسترلينياً خاصة بالمتهم الثاني... ... ... وحيث إن الواقعة على صورتها المتقدمة قد قام الدليل عليها واستقرت في يقين المحكمة مما شهد به... ... ... وزوجته... ... ... والرائد... ... ... وما أقر به المتهم الثالث... ... ... ومن ضبط النقد الأجنبي موضوع الاتهام - والورقتين المحررتين بمعرفة المتهم الثالث فقد قرر... ... ... ... بمحضر الضبط وتحقيقات النيابة أنه أثناء مزاولته لرياضة ركوب الخيل بمنطقة الأهرامات عرض عليه المتهم الثالث الذي يعمل خيالاً ويعرفه من قبل - أن يبيعه ما يشاء من النقد الأجنبي فتظاهر بأنه قد يلجأ إليه إذا احتاج أحد أقاربه إلى ذلك وأسرع بإبلاغ النقيب... ... ... بما كان من أمر المتهم وبناءً على ما كلفه به الضابط اتصل بالمتهم المذكور تليفونياً وأنهى إليه أن قريباً له يرغب في شراء كمية من النقد الأجنبي. ودعاه إلى منزله ليطلعه على ما عنده من نقود مصرية تأكيداً لجديته في إبرام الصفة وللاتفاق على السعر وتمت هذه المقابلة فعلاً يوم 27/ 10/ 1967 تحت سمع الضابط الذي كان مختبئاً بالمنزل لهذا الغرض وفي حضور زوجته - أي زوجة الشاهد - التي كانت تحمل النقود المصرية وتم الاتفاق على أن يكون سعر بيع الدولار 82 قرشاً والجنيه الإسترليني 210 قرشاً وعلى تحديد يوم 29/ 10/ 1967 لإتمام الصفقة في حدود مبلغ أربع آلاف جنيهاً مصرياً وفي هذا الميعاد أعد النقيب... ... ... مع أفراد القوة كميناً في منزل الشاهد بينما توجه هو لمقابلة المتهم الثالث الذي صحبه إلى نزلة السمان حيث قابل المتهمين الآخرين وعادوا جميعاً إلى منزله وحينما أخرج المتهمون الثلاثة أوراق النقد الأجنبي من جيوبهم وبدأوا يعدونها ويجرون بعض عمليات حسابية على الورقتين المضبوطتين انصرفت زوجته لإحضار أوراق النقد المصري من النقيب... ... ... وأثر عودتها وتسليمها هذه النقود إلى المتهم الثالث قام الضابط مع أفراد القوة بمداهمتهم وتم ضبط الواقعة. وأضاف الشاهد أنه لم يستطع تحديد مبلغ النقد الأجنبي الذي أخرجه كل متهم، وأن المتهم الثالث لم يفصح له في أي وقت أن النقد الأجنبي الذي سيحضره مملوك له أم أنه مجرد وسيط في العملية وأن المتهمين الأول والثاني أخبراه أنه ما دام في حاجة إلى نقد أجنبي فإنهما سيتعاملان معه مباشرة في العمليات القادمة - كما شهدت... ... ... بمثل ما شهد به زوجها المبلغ خاصاً بواقعة الزيارة الأولى للمتهم الثالث لمنزلها وبما دار في الزيارة الثانية التي انتهت بضبط المتهمين وما معهم من نقد أجنبي - وأضافت أنه بعد أن أخرج كل من المتهمين ما معه من نقد أجنبي انفرد المتهم الثالث بعملية العد كما أنه قام بإجراء بعض العمليات الحسابية في إحدى الورقتين المضبوطتين وأن هذا الأخير لم يفصح في المقابلة الأولى عما يفيد أنه وسيط في العملية بل قرر أنه يمكنه إحضار أي قدر من النقد الأجنبي وقد شهد الرائد... ... ... بالجلسة بواقعة اتصال المبلغ به وإبلاغه بالواقعة وما تلى ذلك من إجراءات إلى حين ضبط المتهمين بمنزل المبلغ ومعهم النقد الأجنبي المضبوط على نحو يطابق ما شهد به الأخير وزوجته - كما أقر المتهم الثالث في تحقيق النيابة بالواقعة كما وردت على لسان المبلغ وزوجته مقرراً أن المبلغ هو الذي فاتحه في رغبته في شراء نقد أجنبي وأنه - أي المتهم - لم يكن البادئ في هذا العرض - كما أنه لم يفاتح المتهمين الآخرين في إحضار ما معهما من نقد أجنبي إلا في اليوم السابق على الضبط وأن المبلغ المضبوط جميعه مملوك للمتهم الأول... ... ... عدا 167 جنيهاً إسترلينياً تخص المتهم الثاني... ... ... ولم ينفِ المتهم الثالث أنه كان يحمل معه جزءاً من المبلغ الخاص بالمتهم الأول وأنه قام بإجراء بعض العمليات الحسابية في إحدى الورقتين المضبوطتين غير أنه تمسك بأنه لم يكن إلا وسيطاً في الصفقة وكان سيحصل من المبلغ على عمولة بواقع خمسة قروش للجنيه الواحد. وتبين أن مبلغ النقد الأجنبي المضبوط عبارة عن 2051 دولار أمريكي و522 جنيهاً إسترليني منها خمسة جنيهات خارجة التعامل وأن الورقتين المضبوطتين إحداهما صغيرة وتحمل عملية حسابية وهى التي أقر المتهم الثالث بتحريرها والأخرى عبارة عن نصف فولسكاب ومدون بها بعض الأرقام.
وحيث إنه بموجب الكتاب المؤرخ 1/ 11/ 1967 الموجه إلى نيابة الشئون المالية والتجارية إذن مدير عام الإدارة العامة للنقد باتخاذ الإجراءات القانونية ورفع الدعوى العمومية واستناداً إلى هذا الإذن أقامت النيابة العامة الدعوى العمومية قِبل المتهمين (1)... ... ... (2)... ... ... (3)... ... ... بوصف أنهم حتى يوم 29/ 10/ 1967 بدائرة قسم الجيزة. المتهمان الأول والثالث: شرعا في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي بإجراء التعامل في أوراق النقد الأجنبي المضبوطة (2051 دولاراً أمريكياً و350 جنيهاً إسترلينياً) والبالغ قيمتها 1301 ج و910 م بأن اتفقا على بيعها من غير طريق المصارف المرخص لها وعلى خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطهما والجريمة في حالة تلبس. المتهم الأول: لم يعرض للبيع على وزارة الاقتصاد بسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزيرها النقد الأجنبي المملوك له والموضح في التهمة السابقة. المتهمان الثاني والثالث: شرعا في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي لإجراء التعامل في أوراق النقد الأجنبي المضبوطة (167 جنيهاً إسترلينياً) والبالغ قيمتها 200ج و400م بأن اتفقا على بيعها على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المرخص لها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو ضبطهما والجريمة في حالة تلبس. المتهم الثاني: لم يعرض للبيع على وزارة الاقتصاد وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزيرها النقد الأجنبي المملوك له والموضح في التهمة السابقة. وطلبت النيابة العامة عقابهم بالمواد 1 و3 و9 و12 من القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل وقرار وزير المالية رقم 51 لسنة 1947 المعدل.
وحيث إن المتهمين الأول والثاني أنكرا ما نسب إليهما وقررا أن المتهم الثالث صحبهما إلى منزل المبلغ لتناول الشاي وانحصر دفاع المتهم الأول في أنه لم يمثل في جميع الاتصالات والاتفاقات التي تمت بين المتهم الثالث والمبلغ ولا تتوافر في حقه أركان الجريمتين المسندتين إليه كما دفع ببطلان إجراءات الضبط والمحاكمة لعدم صدور إذن بذلك من وزير الاقتصاد أو من يفوضه.
وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهمين المذكورين إزاء ما اطمأنت إليه من أقوال شهود الإثبات وما أقر به المتهم الثالث من ملكيتهما للنقد الأجنبي المضبوط ومن ضبطهما حال الشروع في إجراء عملية المبادلة وفي مجلسها أما عن دفاع المتهم الأول ببطلان إجراءات الضبط والمحاكمة لعدم صدور إذن بذلك، فهو مردود بما ثبت من الأوراق من صدور إذن مدير عام الإدارة العامة للنقد في 29/ 10/ 1967 باتخاذ الإجراءات وفي 1/ 11/ 1967 برفع الدعوى العمومية - ولا ينال من ذلك عدم ورود ذكر للمتهم الأول في المحاضر السابقة على صدور إذن اتخاذ الإجراءات لما هو مقرر من أن الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950 و231 لسنة 1952 و111 لسنة 1953 والمنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 97 لسنة 1976 الذي ألغى القانون رقم 80 لسنة 1947 هو في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى وأن الأصل أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب - متى صدر - رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق وإذ كان من المقرر أن الطلب في هذا المقام يتعلق بالجريمة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها وذلك بقوة أثره العيني ومن ثم يكون ما يثيره المتهم الأول في هذا الخصوص في غير محله.
وحيث إنه لما كان من المقرر طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات أنه "إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" وإذ كان قد صدر في 14 من أغسطس سنة 1976 القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن يعمل به بعد ثلاثة أشهر من تاريخ نشره وينص في مادته الأولى على أنه "لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بكل ما يؤول إليه أو يملكه أو يحوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي والسياحة - وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج والتعامل داخلها على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية - ويحدد الوزير المختص شروط إخراج النقد الأجنبي صحبة المغادرين مع مراعاة عدم وضع قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد". كما نص في مادته الرابعة عشرة على أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وفي حالة العود تضاعف العقوبة وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها..." كما نصت المادة التاسعة عشرة على أن يلغى القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والقانون رقم 98 لسنة 1957 ببعض الأحكام الخاصة بالتهريب كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون". لما كان ذلك، وكان هذا القانون بإسقاطه الالتزام الذي كان منصوصاً عليه في المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1947 الملغى التي كانت توجب على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعرض للبيع على وزارة المالية وبسعر الصرف الرسمي الذي يحدده وزير المالية جميع الأرصدة المصرفية من العملة الأجنبية المملوكة له وكذلك كل دخل مقوم بعملة أجنبية أو أية مبالغ أخرى مستحقة لأي سبب كان يحصل عليها في مصر أو في الخارج لحسابه أو لحساب شخص أو هيئة مقيمة في مصر وكذلك كل ما يدخل في ملكه أو في حيازته من أوراق النقد الأجنبي، فإن هذا القانون يجعل الاتهام الثاني الذي نسبته النيابة العامة إلى كل من المتهمين الأول والثاني بمنأى عن التأثيم كما أنه بما جاء في نصوصه من عقوبات أخف بالنسبة لتهمة التعامل في النقد الأجنبي المنسوبة إلى المتهمين الثلاثة يكون هو الواجب الاتباع دون غيره عملاً بالفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره قانوناً أصلح للمتهمين.
وحيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون قد ثبت لدى المحكمة على سبيل اليقين والجزم أن (1)... ... ... (2)... ... ... (3)... ... ... حتى يوم 29/ 10/ 1967 بدائرة قسم الجيزة: المتهمان الأول والثالث: شرعا في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي بإجراء التعامل في أوراق النقد الأجنبي المضبوطة (2051 دولاراً أمريكياً و250 جنيهاً إسترلينياً) والبالغ قيمتها 1301 ج و910 م بأن اتفقا على بيعها من غير طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل. المتهمان الثاني والثالث: شرعا في القيام بعملية من عمليات النقد بإجراء التعامل في أوراق النقد المضبوطة (167 جنيهاً إسترلينياً) والبالغ قيمتها 200 ج و400 م بأن اتفقا على بيعها عن غير طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 1 و14 من القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي. ومن ثم يتعين معاقبتهم بها مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثالث عن التهمتين المسندتين إليه. أما عن الاتهام الثاني الذي نسبته النيابة العامة إلى كل من المتهمين الأول والثاني لعدم عرضه ما لديه من النقد الأجنبي على وزارة الاقتصاد لبيعه بسعر الصرف الرسمي فإنه وقد أصبح الفعل المنسوب إلى كل منهما في هذا الخصوص بمنأى عن التأثيم على ما سلف بيانه إعمالاً لأحكام القانون 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي - الذي حل محل القانون 80 لسنة 1947 الملغى. ومن ثم يتعين ببراءتهما من هذه التهمة، وبالتالي تعديل الحكم المستأنف على هذا الأساس.