أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 597

جلسة 9 من ابريل سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبى رئيس المحكمة ومجدى منتصر وحامد عبد الله.

(102)
الطعن رقم 16071 لسنة 59 القضائية

(1) اثبات "بوجه عام" "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق الدليلين القولى والفنى. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق.
(2) حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة". اثبات "بوجه عام".
الخطأ فى الاسناد لا يؤثر فى منطق الحكم. لا يعيبه.
الخطأ فى مصدر الدليل. لا يضيع أثره.
(3) اثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
احالة الحكم فى بيان الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد أخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما اسند إليه الحكم منها.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(5) اثبات "بوجه عام" "أرواق رسمية".
اقناعية الأدلة فى المواد الجنائية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية. شرط ذلك ؟
(6) أحوال شخصية "ولاية على المال". أهلية.
السفة. ماهيته ؟
السفيه. تعريفه ؟
(7) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام" "قرائن" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضى. عدم جوز مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر.
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها. لا يجوز اثارته أمام النقض.
(8) اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك بطريق المساعدة لا يشترط لتحقيقه أن يكون ثمة إتفاق سابق بين الطاعن والشريك. كفاية علم الشريك بارتكاب الفاعل للجريمة ومساعدته فى الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها.
1- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق.
2- من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ فى الاسناد الذى لا يؤثر فى منطقه فإنه لا يجدى الطاعنان ما يثيرانه عن خطأ الحكم فيما نقله عن التقرير الطبى الشرعى من اجازته حادث الإصابة وفق تصوير المصاب ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر فى منطقه ولا فى النتيجة التى انتهى إليها، فضلا من أن ما أورده الحكم على هذا النحو له مأخذه الصحيح من أقوال المجنى عليه والشهود، وكان لا ينال من سلامته أن ينسب ذلك إلى التقرير الطبى الشرعى إذ أن الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره.
3- من المقرر أن لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
4- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقا معينا بشأن ما أثاره من تناقض بين الدليلين القولى والفنى، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
5- من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى أطمأنت اليها من باقى الادلة القائمة فى الدعوى.
6- من المقرر أن السفه هو تبذير المال واتلافه فيما لا يعده العقلاء من أهل الديانه غرضا صحيحا، وأن السفيه كامل الإدراك مبصر بعواقب فساده ولكنه يتعمده ويقدم عليه غير آبه بنتيجته نظرا لتسلط شهوة الاتلاف على إرادته.
7- لما كانت العبرة فى المحاكمة الجنائية هى باقتناع القاضى من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل آخر، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها ما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض.
8- من المقرر أنه لا يشترط لتحقق الاشتراك بطريق المساعدة المنصوص عليها فى الفقرة الثالثة من المادة 40 من قانون العقوبات أن يكون هناك اتفاق سابق بين الفاعل والشريك على ارتكاب الجريمة، بل يكفى أن يكون الشريك عالما بارتكاب الفاعل للجريمة وأن يساعده فى الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها، وكان ما أورده الحكم كافيا للتدليل على ثبوت الاشتراك بطريق المساعدة فى حق الطاعن الثانى مما تنتفى معه فى الحكم قالة القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما المتهم الأول: - أحدث عمدا...... الاصابة المبينة بالتقرير الطبى النهائى والتى تخلف من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد لكامل إبصار العين اليمنى. المتهم الثانى: - اشترك بطريق المساعدة مع المتهم الأول فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن قام بتكبيل المجنى عليه شالا بذلك مقاومته مما مكن المتهم الأول من اتيان الفعل. واحالتهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 3، 41/ 1، 240/ 2 من قانون العقوبات أولا: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة خمس سنوات. ثانيا: بمعاقبة المتهم الثانى بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثالثا: فى الدعوى المدنية بالزام المتهمين متضامنين بدفع مبلغ واحد خمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت للمدعى بالحق المدنى.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة إحداث عاهة مستديمة ودان الآخر بالاشتراك معه بطريق المساعدة فى ارتكابها قد شابه قصور فى التسبيب واخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ فى الاسناد وفساد فى الاستدلال وأخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه استند فى إدانتهما إلى الدليلين القولى والفنى رغم تعارضهما إذ بينما قرر الشهود أن الطاعن الأول طعن المجنى عليه بالمدية طعنه واحدة أورى التقرير الطبى الشرعى وجود عدة جروح بعينه، واطرح دفاع الطاعن الأول فى هذا الشأن بما لا يسوغ وبمقولة أن التقرير الطبى الشرعى أجاز حدوث الاصابة وفق تصوير المصاب مع أنه لم يرد به ذلك، ولم يعن بتحقيق هذا التعارض عن طريق المختص فنيا وأغفل إيرادا وردا دفاع الطاعن الأول - المؤيد بمستنده - والقائم على تواجده وقت الحادث بوحدته العسكرية، كذلك أغفل الحكم دفاع الطاعنين - المؤيد بصورة الحكم الصادر بالحجر على الشاهد الثانى - بأن هذا الشاهد غير قادر على الادراك لجنونه ولم يورد شهادة الشاهد المذكور واكتفى فى بيانها بالإحالة إلى أقوال المجنى عليه رغم اختلافها فى بيان حادث التعدى، هذا إلى أن الحكم لم يستظهر طريقة اشتراك الطاعن الثانى مع الطاعن الأول فى ارتكاب الجريمة رغم عدم بيانه لسبق اصرارهما أو اتفاقهما على ارتكابها، كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة مستمدة مما شهد به المجنى عليه والشهود الثلاثة من أن الطاعن الثانى أمسك بالمجنى عليه وقام الطاعن الأول - بطعنه بمطواة فى عينه، وما ثبت من التقرير الطبى الشرعى بصدد استئصال العين اليمنى للمجنى عليه وإصابته بعاهة مستديمة هى فقدان الإبصار بها وامكانية حدوث الإصابة من آلة حادة. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق. ولما كان ما أورده الحكم من شهادة المجنى عليه وباقى الشهود الثلاث من أن الطاعن الثانى أمسك بالمجنى عليه بينما اعتدى عليه الطاعن الأول بالضرب بمطواة فى عينه وأن أحدا غير الأخير لم يسهم فى الاعتداء عليه فى هذا الموضع من جسمه، فإنه يستوى بعد ذلك أن يكون ذلك الاعتداء قد أسفر عن إصابة واحدة أو أكثر وإذ كان ما خلص إليه الحكم سائغا وله صداه مما نقله عن التقرير الطبى، وكان هذا الذى أورده يتضمن الرد على دفاع الطاعن الذى ردده فى طعنه خاصا بكيفية حصول إصابة العاهة ومدى مطابقة أقوال المجنى عليه والشهود لما ورد بالتقرير الطبى الشرعى، فلا محل لما يثيره فى هذا الخصوص الذى فصلت فيه المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية مما لا يصح مصادرتها فى عقيدتها بشأنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ فى الاسناد الذى لا يؤثر فى منطقه فإنه لا يجدى الطاعنان ما يثيرانه عن خطأ الحكم فيما نقله عن التقرير الطبى الشرعى من إجازته حادث الإصابة وفق تصوير المصاب ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر فى منطقه ولا فى النتيجة التى انتهى إليها، فضلا من أن ما أورده الحكم على هذا النحو له مأخذه الصحيح من أقوال المجنى عليه والشهود، وكان لا ينال من سلامته أن ينسب ذلك إلى التقرير الطبى الشرعى إذ أن الخطأ فى مصدر الدليل لا يضيع أثره. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها, وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن أقوال الشاهد الثانى متفقة مع الأقوال التى احال عليها الحكم، ومن ثم فقد انحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الاسناد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقا معينا بشأن ما أثاره من تناقض بين الدليلين القولى والفنى، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى أطمأنت اليها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى، ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعنين للجريمة التى دينا بها بما يحمل قضاؤها وهو ما يفيد ضمنا أنها لم تأخذ بدفاعه، فإنه لا يعيب الحكم عدم إيراد المستند المؤيد لتواجده وقت الحادث بوحدته العسكرية والرد عليه ما دام لم يكن له تأثير فى عقيدة المحكمة والنتيجة التى انتهت إليها، ولا على المحكمة إن أغفلته. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعنين بجلسة المحاكمة فى شأن الشاهد الثانى قد اقتصر على القول بأنه "لا تنفع شهادته وأنه قد صدر عليه حكم بالسفه وبقيت زوجته وصية عليه لأنه مريض عقليا ولا يصح أن يؤخذ بأقواله على الاطلاق"، وكان من المقرر أن السفه هو تبذير المال واتلافه فيما لا يعده العقلاء من أهل الديانه غرضا صحيحا، وأن السفيه كامل الإدراك مبصر بعواقب فساده ولكنه يتعمده ويقدم عليه غير آبه بنتيجته نظراً لتسلط شهوة الإتلاف على إرادته، وكانت العبرة فى المحاكمة الجنائية هى باقتناع القاضى من كافة عناصر الدعوى المطروحة أمامه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل آخر، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة فى استنباط معتقدها ما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لتحقق الاشتراك بطريق المساعدة المنصوص عليها فى الفقرة الثالثة من المادة 40 من قانون العقوبات أن يكون هناك اتفاق سابق بين الفاعل والشريك على ارتكاب الجريمة، بل يكفى أن يكون الشريك عالما بارتكاب الفاعل للجريمة وأن يساعده فى الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها، وكان ما أورده الحكم كافيا للتدليل على ثبوت الاشتراك بطريق المساعدة فى حق الطاعن الثانى مما تنتفى معه فى الحكم قالة القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون، ويكون ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد جدل فى موضوع الدعوى وفى تقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.