أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 911

جلسة 22 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، وطه الصديق دنانه، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.

(215)
الطعن رقم 716 لسنة 40 القضائية

( أ ) شهادة سلبية. حكم. "التوقيع عليه". بطلان.
الشهادة السلبية الدالة على عدم ختم الحكم في الموعد القانوني. ماهيتها؟
الشهادة الثابت بها أن الحكم ورد للمحكمة في اليوم السابق لتحريرها لا تفيد عدم ختم الحكم في الموعد القانوني.
(ب، ج) إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة". "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" محكمة الموضوع. "سلطتها في تجزئة الدليل وتقديره".
(ب) تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. غير لازم.
(ج) لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. حقها في الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
(د) قتل عمد. "نية القتل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. "القصد الخاص".
تعمد القتل. تقديره. موضوعي.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن الشهادة التي يصح الاستدلال بها على أن الحكم لم يختم في الموعد القانوني ينبغي أن يكون على السلب، أي دالة على عدم وجود الحكم بقلم الكتاب موقعاً عليه وقت صدورها. ومن ثم فالشهادة الثابت بها أن الحكم ورد للمحكمة في اليوم السابق لتحريرها لا تفيد، لأن قانون الإجراءات الجنائية في المادة 312 منه لم يجعل لقلم الكتاب الاختصاص ببيان تاريخ ورود الحكم في مقام طلب إبطاله بل قصر اختصاصه على مجرد إثبات وجود الحكم أو عدم وجوده في القلم المذكور محررة أسبابه موقعاً عليه ممن أصدره وقت تحرير الشهادة.
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، ومن حقها أن تأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى وثقت بها وارتاحت إليها.
4 - إن تعمد القتل أمر داخلي مستتر يرجع تقدير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في يوم 28 مارس سنة 1967 بدائرة مركز أسيوط محافظة أسيوط: المتهمون جميعاً: قتلوا عمداً عبد الحميد محمد عبد العال مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم المصمم على ذلك وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً محشواً بالذخيرة وفأسين وتربصوا له في طريق عودته "بمكان عمله" وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهمون الأول عدة أعيرة نارية واعتدى عليه المتهمان الأخيران بفأسين قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول أيضاً: ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية لي أنفيلد". (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات 1/ 1 و6، 26/ 402، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرافق. فقرر بذلك وادعت مدنياً زوجة المجني عليه وطلبت القضاء لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات (أولاً) بانقضاء الدعوى الجنائية للمتهم الثاني لوفاته (ثانياً) بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن الأول) بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عن التهمة المسندة إليه والمصادرة (ثالثاً) بمعاقبة المتهم الثالث (الطاعن الثاني) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات والمصادرة بلا مصروفات جنائية (رابعاً) بإلزام المتهمين الأول والثالث متضامنين بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سيبل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وبجريمتي إحراز أسلحة نارية مششخنة وذخيرة دون ترخيص قد شابه البطلان والقصور والتناقض في التسبيب، ذلك بأنه لم يودع قلم الكتاب في خلال الثلاثين يوماً التالية لصدروه على ما يبين من الشهادة الصادرة من قلم كتاب نيابة أسيوط الكلية والمتضمنة عدم وروده يوم 24 من فبراير سنة 1970 ووروده يوم 25 منه مما يبطله طبقاً لما تقضي به المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية ثم إن الحكم عول في الإدانة على أقوال الشاهد أحمد محمد سلامة وتقرير الصفة التشريحية معاً على ما بينهما من تعارض، ولم يعن ببيان نية القتل والتدليل على توافرها في حق الطاعن مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن قدم شهادة من قلم كتاب نيابة أسيوط الكلية استدل بها على أن الحكم لم يختم في الميعاد القانوني تاريخها 25 من فبراير سنة 1970 مؤداها أن الحكم الصادر من محكمة جنايات أسيوط بتاريخ 25 من يناير سنة 1970 ورد للقلم يوم 25 من فبراير سنة 1970 ولم يرد يوم 24 من فبراير سنة 1970. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الشهادة التي يصح الاستدلال بها على أن الحكم لم يختم في الموعد القانوني ينبغي أن يكون على السلب، أي دالة على عدم وجود الحكم بقلم الكتاب موقعاً عليه وقت صدورها، وإذن فالشهادة الثابت بها أن الحكم ورد للمحكمة في اليوم السابق لتحريرها لا تفيد لأن قانون الإجراءات الجنائية في المادة 312 منه لم يجعل لقلم الكتاب الاختصاص ببيان تاريخ ورود الحكم في مقام طلب إبطاله بل قصر اختصاصه على مجرد إثبات وجود الحكم أو عدم وجوده في القلم المذكور محررة أسبابه موقعاً عليه ممن أصدره وقت تحرير الشهادة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان ما حصله الحكم وعول عليه من أقوال شاهد الرؤية يتفق ومؤدى شهادته بمحضر جلسة المحاكمة من أنه لم يتثبت من مواضع الإطلاق ولم تخطئ المحكمة في فهم مضمون شهادته ولم تنقل عنه أية تفصيلات تتعلق بوقف الطاعن من المجني عليه عند التصويب، فإن مفاد ذلك أن المحكمة لم تعتد في هذا الصدد بأقواله في التحقيقات بل أخذت بشهادته في جلسة المحاكمة ولا معقب عليها في ذلك لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى. ومن حقها أن تأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى وثقت بها وارتاحت إليها. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من أقوال الشاهد وما حصله من اعتراف المتهم الثالث في تحقيقات النيابة له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى وهو لا يتعارض مع ما جاء بتقرير الصفة التشريحية، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان تعمد القتل أمراً داخلياً مستتراً يرجع تقدير توفره أو عدم توفره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان تدليل الحكم المطعون فيه على قيام نية القتل لدى الطاعن وزميليه من الظروف والملابسات التي أوضحها في هذا الشأن سائغاً وكافياً. فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون له محل إذ لا يعدو أن يكون عوداً إلى مناقشة أدلة الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً