أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 21 - صـ 935

جلسة 29 يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوي، وعضوية السادة المستشارين: محمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومصطفى الأسيوطي، ومحمد ماهر حسن.

(220)
الطعن رقم 759 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج) اختصاص. "الاختصاص المحلي". جريمة. "أركانها". شيك بدون رصيد. إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
( أ ) تعيين الاختصاص المحلي بمكان وقوع الجريمة أو إقامة المتهم أو القبض عليه. المادة 217 إجراءات.
(ب) مجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع العلم بأنه بغير مقابل وفاء قابل للسحب. تتم به جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. علة ذلك؟
تحرير الشيك وتوقيعه. من الأعمال التحضيرية. التي لا يصح بناء الاختصاص المحلي بنظر جريمة إعطاء شيك بدون رصيد عليها. اختصاص المحكمة التي تم إعطاء الشيك للمستفيد في دائرتها. بنظر تلك الجريمة.
(ج) وجوب استظهار حكم الإدانة في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. أمر الرصيد كفاية ووجوداً وقابلية للصرف. إطلاق القول بتوافر الجريمة استناداً إلى ما أفاد به المجني عليه من عدم وجود رصيد قائم وإجابة المتهم بأنه سيتفق مع المجني عليه ويتخالص معه. قصور.
1 - إن الاختصاص المحلي يتعين كأصل عام، بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - تتم جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب. إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع عليه. بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات. أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية، وإذ كان ذلك. فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة المنشأة بدعوى تحرير الشيك في دائرتها. يكون قد بنى على خطأ في تأويل القانون. إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص في هذا الخصوص بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد.
3 - إنه يتعين على الحكم بالإدانة في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. أن يستظهر أمر الرصيد في ذاته من حيث الوجود والكفاية والقابلية للصرف، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبحث رصيد الطاعن في المصرف وجوداً وعدماً واستيفائه شرائطه بل أطلق القول بتوافر الجريمة في حق الطاعن. ما دام المجني عليه قد أفاد بأن الشيك لا يقابله رصيد قائم وأن المتهم أجاب بأنه سيتفق مع المجني عليه ويحصل منه على إيصال بالتخالص. فإنه يكون قد انطوى على قصور في البيان. مما يتعين معه نقض الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 31 ديسمبر سنة 1967 بدائرة مركز المنشأة محافظة سوهاج: أعطى بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم قابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادة 337 من قانون العقوبات. ومحكمة المنشأة الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ. فعارض. وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المحكوم عليه الحكم ومحكمة سوهاج الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فطعن الأستاذ المحامي الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه جاء مشوباً بالخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ذلك بأنه أقام قضاءه على خلاف الثابت بالأوراق، لأن المجني عليه قرر بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ 23 فبراير سنة 1970 أنه حرر بدائرة سوهاج. كما اقتصر الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه - في بيانه ركن تخلف الرصيد - على أقوال المجني عليه دون الرجوع إلى سجلات البنك فجاء بذلك معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المعارضة الاستئنافية المؤرخ 23 فبراير سنة 1970 أن الحاضر مع الطاعن دفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه، وردت على هذا الدفع بقولها "وحيث إن الدفع مردود بأن الشيك تحرر بدائرة مركز المنشأة". لما كان ذلك وكان الاختصاص يتعين كأصل عام بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه، وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتم - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات - أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية - ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة المنشأة بدعوى تحرير الشيك في دائرة مركز المنشأة قد بنى على خطأ في تأويل القانون، إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي في هذه الدعوى بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد وهو ما لم تعن المحكمة بالوقوف عليه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن وهو مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الواقعة - كما صار إثباتها بالحكم - هذا فضلاً عن أنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها بقوله "ومن حيث أن التهمة ثابتة في حق المتهم مما جاء بأقوال المجني عليه فوزي متى عبد المسيح من أن المتهم أصدر له شيكاً لا يقابله رصيد قائم للسحب وكذلك من أقوال المتهم نفسه عندما سئل بمعرفة الشرطة إذ أنه قرر أنه سيتفاهم مع المجني عليه ويحصل منه على إيصال للتخالص. لما كان ذلك، وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يتعين على الحكم بالإدانة في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد أن يستظهر أمر الرصيد في ذاته من حيث الوجود والكفاية والقابلية للصرف. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبحث رصيد الطاعن في المصرف وجوداً وعدماً واستيفائه شرائطه، بل أطلق القول بتوافر الجريمة في حق الطاعن ما دام المجني عليه قد أفاد بأن الشيك لا يقابله رصيد قائم وأن المتهم أجاب بأنه سيتفق مع المجني عليه ويحصل منه على إيصال بالتخالص، فإنه يكون قد انطوى على قصور في البيان. ويتعين لذلك نقض الحكم والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن الأخرى.