أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 199

جلسة 26 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله، عبد المنعم أحمد بركة، مرزوق فكرى عبد الله وجرجس اسحق عبد السيد.

(36)
الطعن رقم 676 لسنة 43 القضائية

(1) استئناف "نصاب الاستئناف". دعوى "قيمة الدعوى. الطلبات في الدعوى".
نصاب الاستئناف. هو ذات قيمة الدعوى أمام محكمة أول درجة وفقاً لطلبات المدعي الأخيرة. المادتان 223، 225 مرافعات. الطلبات غير المتنازع عليها والمبالغ المعروضة عرضاً فعلياً. عدم احتسابها عد تقدير نصاب الاستئناف. شرطه. رفع الدعوى بطلب واحد وإقرار الخصم ببعض المطلوب منه. تقدير قيمتها في الاستئناف بقيمة المطلوب كله.
(2) دعوى. "قيمة الدعوى. سبب الدعوى".
سبب الدعوى. هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب. عدم تغيره بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية.
(3) إثبات "طرق الإثبات. القرائن القضائية".
وضع اليد. واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات. رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. لا ينال من حجية الحكم السابق. جواز الاستناد إليه كقرينة على ثبوت الحق محل النزاع أو نفيه.
1 - مفاد نص المادتين 223، 225 من قانون المرافعات أن نصاب الاستئناف بحسب الأصل هو ذات قيمة الدعوى أمام محكمة أول درجة وفقاً لطلبات المدعي الأخيرة ولا يعتد في هذا الشأن بطلبات المستأنف أو بقيمة النزاع أمام محكمة الاستئناف، ولا عبرة بقيمة النزاع الذي يثيره المدعى عليه أمام محكمة أول درجة ما لم يأخذ صورة طلب عارض. حيث تقدر الدعوى في هذه الحالة بأكبر الطلبين الأصلي أو العارض طبقاً للفقرة الأولى من المادة 224 من قانون المرافعات ويستثنى من هذا الأصل الطلبات غير المتنازع عليها والمبالغ المعروضة عرضاً فعلياً فإنها لا تحتسب عند تقدير الاستئناف، وكان يشترط لإعمال هذا الاستثناء أن ترفع الدعوى بعدة طلبات ناشئة عن سبب واحد وأن يقر الخصم ببعضها قبل صدور الحكم المستأنف. أما إذا كانت الدعوى بطلب واحد وأقر الخصم ببعض ما هو مطلوب منه قدرت الدعوى في الاستئناف بقيمة المطلوب كله.
2 - سبب الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية.
3 - لما كان وضع اليد واقعة ماديه يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات. وأن العبرة فيها بما يثبت قيامه فعلاً ولو خالف ما هو ثابت في الأوراق، وكان الحكم برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يقف أثره عند وجوب الاستمرار في نظر الدعوى ولا يتعداه لينال من حجية ذلك الحكم. فلا يحول دون الاستناد إليه كقرينة على ثبوت الحق محل النزاع أو نفيه متى كان يجوز إثبات هذا الحق بالبينة والقرائن[(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 358 سنة 62 مدني كلي سوهاج ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بصحة التعاقد عن العقد العرفي المؤرخ 7/ 7/ 1937 المتضمن بيع المرحوم....... (مورث المطعون عليهم) إلى مورث الطاعنين....... أرضاً زراعية مساحتها 1 ف 13 ط/ 1 س المبينة بالصحيفة وبالعقد لقاء ثمن قدره (300 ج) ثم تنازلوا عن التمسك بالعقد - بعد الادعاء بتزويره وعدلوا طلباتهم إلى تثبيت ملكيتهم للمساحة محل التداعي لاكتسابهم لها بالتقادم الطويل المكسب للملكية، وبجلسة 23/ 11/ 1965 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير وبندب خبير لتحقيق وضع اليد، وبعد أن أودع الخبير تقريره دفع المطعون عليهما الأولين بعدم قبول الطلبات المعدلة وبعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لمساحة 5 ط 12 س من المساحة محل النزاع لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 300 سنة 1955 مدني جزئي البلينا، فقضت بجلسة 31/ 1/ 1966 برفض الدفعين وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي وضع اليد بشروطه المكسبة للملكية، وبعد تنفيذ حكم التحقيق قضت بجلسة 31/ 5/ 1969 للطاعنين بطلباتهم المعدلة، فاستأنف المطعون عليهما الأولين هذا الحكم بالاستئناف رقم 154 سنة 44 ق أسيوط (مأمورية سوهاج) وطلبا فيه إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لنصيبهما في أطيان النزاع وقدرة 11 ط ورفض الدعوى في هذا القدر، ودفع الطاعنون بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب، وبجلسة 17/ 4/ 1973 قضت محكمة استئناف أسيوط برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لمساحة 11 ط وبرفض الدعوى بالنسبة لهذا القدر طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب لأن منازعة المطعون عليهما الأولين (المستأنفين قد اقتصرت على مساحة 11 ط من المساحة المحكوم بها من محكمة أول درجة ولم ينازع باقي المحكوم عليهم فيها بالنسبة لباقي المساحة كما أن كلاً من المطعون عليهما الأولين قد نازع في نصف هذه المساحة 5 ط 12 س على سبب مستقل ولما كان من المقرر قانوناً عملاً بالمادتين 39، 40 من قانون المرافعات أنه إذا كان المطلوب لكل من المدعين أو المدعى عليهم يستند إلى سبب قانوني مختلف فإن الخصومة تكون مشتملة على عدة دعاوى تقدر كل منها بقيمة ما هو مطلوب لكل مدع أو مدعى عليه إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع مخالفاً بذلك صريح نصوص القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت المادة 223 من قانون المرافعات تنص على أن تقدير قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الاستئناف وفقاً لأحكام المواد من 36 إلى 41، ولا تحتسب في هذا التقدير الطالبات غير المتنازع عليها ولا المبالغ المعروضة عرضاً فعلياً وتنص المادة 225 من قانون المرافعات على أن "يكون التقدير بمراعاة القواعد المتقدمة على أساس آخر طلبات للخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى" وكان مفاد هذين النصين أن نصاب الاستئناف بحسب الأصل هو ذات قيمة الدعوى أمام محكمة أول درجة وفقاً لطلبات المدعي الأخيرة ولا يعتد في هذا الشأن بطلبات المستأنف أو بقيمة النزاع أمام محكمة الاستئناف، ولا عبرة بقيمة النزاع الذي يثيره المدعى عليه أمام محكمة أول درجة ما لم يأخذ صورة طلب عارض حيث تقدر الدعوى في هذه الحالة بأكبر الطلبين الأصلي أو العارض طبقاً للفقرة الأولى من المادة 224 من قانون المرافعات، ويستثنى من هذا الأصل الطلبات غير المتنازع عليها والمبالغ المعروضة عرضاً فعلياً فإنها لا تحتسب عند تقدير نصاب الاستئناف وكان يشترط لإعمال هذا الاستثناء أن ترفع الدعوى بعدة طلبات ناشئة عن سبب واحد وأن يقر الخصم ببعضها قبل صدور الحكم المستأنف، أما إذا كانت الدعوى بطلب واحد وأقر الخصم ببعض ما هو مطلوب منه قدرت الدعوى في الاستئناف بقيمة المطلوب كله، ولما كانت المادة 39 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كانت الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمة المدعي به دون التفات إلى نصيب كل منهم فيه، وكان سبب الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية، لما كان ذلك وكان الواقع - على نحو ما هو ثابت من الحكم المطعون فيه - أن الطاعنين قد وجهوا إلى المطعون عليهم طلباً واحداً عن قطعة أرض واحدة لم يتخصص كل منهم فيها أمام محكمة أول درجة وبحسب طلبات الطاعنين (المدعين) أنفسهم بنصيب معين محدد ومستقل، وكان سبب الدعوى - بعد تعديل الطلبات - هو حيازة هذه العين جميعها حيازة واحدة مؤدية إلى التملك بالتقادم، فإن الدعوى تكون ناشئة عن سبب واحد وتقدر قيمتها في تحديد نصاب الاستئناف باعتبار جملة المطلوب دون نظر إلى نصيب كل منهم فيه، لا يغير من ذلك منازعة المطعون عليها الأولين في بعض هذا الطلب الواحد فقط أو اتخاذ باقي المدعى عليهم موقفاً سلبياً لا يقطع في الدلالة على عدم المنازعة قبل الحكم المستأنف في باقي مطلوب الطاعنين، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب يكون قد التزم صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 31/ 1/ 1966 قضى برفض الدفع المبدى من المطعون عليها الأولى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الحكم فيها في القضية رقم 300 لسنة 1955 مدني جزئي البلينا، وبذلك قطع بعدم حجية ذلك الحكم في النزاع الراهن، إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه للمطعون عليها الأولى على الحكم السابق مخالفاً بذلك الحكم القطعي الصادر من محكمة أول درجة بعدم حجيته مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان وضع السيد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات وأن العبرة فيها بما يثبت قيامه فعلاً ولو خالف ما هو ثابت في الأوراق، وكان الحكم برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يقف أثره عند وجوب الاستمرار في نظر الدعوى ولا يتعداه لينال من حجية ذلك الحكم. فلا يحول دون الاستناد إليه كقرينة على ثبوت الحق محل النزاع أو نفيه متى كان يجوز إثبات هذا الحق بالبينة والقرائن، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على عدم اكتساب الطاعنين لملكية القدر الذي تدعيه المطعون عليها الأولى بالتقادم على القرائن المستفادة من الحكم لها بصحة ونفاذ العقد الحاصل لها عن تلك الحصة وتسلمها إياها بمحضر تسليم رسمي وتأجيرها للغير فإنه لم يخالف بذلك قضاء محكمة أول درجة في 31/ 1/ 1966 برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون كذلك على الحكم المطعون في مخالفة الثابت بالأوراق - والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنهم قد أقاموا الدعوى بطلب تثبيت ملكيتهم لمساحة 1 ف 13 ط 10 س محددة ومفرزة، وأن المطعون عليهما الأولين تمسكا في استئنافهما بعدم وضع يد الطاعنين على مساحة 11 ط من هذا القدر مناصفة بينهما وقد أجابتهما محكمة الاستئناف إلى طلباتهما وانتهت إلى القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين بالنسبة لمساحة 11 ط على سند من القول بأن المطعون عليها الأولى اشترت من أطيان النزاع مساحة 5 ط 12 س من والدتها....... استصدرت حكماً بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 300 سنة 55 البلينا وأنها قامت باستلامه وتأجيره إلى الغير الذي حاز الأرض نيابة عنها، وأن الثابت من تقرير الخبير أن من يدعي..... يضع يده على مساحة 5 ط 12 س منها 3 ط بطريق الشراء من........ (والد المطعون عليه الثاني) 2 ط 12 س بطريق الاستئجار من المطعون عليه الثاني الأمر الذي ينتفي معه توافر شروط اكتساب الطاعنين لملكية هذا القدر من أرض النزاع بالتقادم الطويل، في حين أن الثابت من تقرير الخبير في الدعوى رقم 106 سنة 63 مدني مستأنف سوهاج (المنضمة) أن مساحة العين أصلاً 1 ف 18 ط 16 س وليست 1 ف 13 ط 10 س التي طلب الطاعنون تثبيت ملكيتهم لها وأن الحكم الصادر للمطعون عليها في الدعوى 300 سنة 55 البلينا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه عن مساحة 5 ط 12 س شائعة في 1 ف 18 ط 16 س وليس في مساحة 1 ف 13 ط 10 س محل المنازعة إلا أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في هذه المستندات واعتبر أن مساحة الـ 11 ط تدخل في عين النزاع ودون التحقق من دلالتها بما يتغير به وجه الرأي في الدعوى ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم بطلب تثبيت ملكيتهم لمساحة 1 ف 13 ط 10 س محددة ومفرزة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وكانت المطعون عليها الأولى قد نفت عن الطاعنين وضع يدهم على مساحة 5 ط 12 س لأنها هي التي تضع اليد عليها مستدلة على ذلك بالحكم الصادر في الدعوى 300 سنة 55 والذي قامت بتنفيذه باستلامها، كما نفى عنهم المطعون عليه الثاني وضع يدهم على مساحة 5 ط 12 س أخرى، وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى 300 سنة 55 البلينا لصالح المطعون عليها الأولى والمقدم صورته الرسمية من الطاعنين أنه حكم لها بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 11/ 10/ 1952 عن مساحة 5 ط 12 س شائعة في 1 ف 13 ط 10 س والتسليم، وقد ثبت من تقرير الخبير في الدعوى رقم 106 سنة 63 مدني مستأنف سوهاج المقدمة صورته الرسمية أن مساحة القطعة رقم 36 بحوض أبو رحاب 21 هي 1 ف 18 ط 16 س وأن.. يضع يده على مساحة 5 ط 12 س منها بالشراء من والد المطعون عليه الثاني 3 ط وبالإيجار عن المطعون عليه الثاني 2 ط 6 س، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنين عن مساحة 11 ط من عين النزاع البالغ قدرها 1 ف 13 ط 10 س أخذاً من الحكم الصادر لصالح المطعون عليها الأولى في الدعوى رقم 300 سنة 55 ومن تقرير الخبير إعمالاً لحق المحكمة في ذلك على النحو المبين في الرد على السبب الثالث إلا أنها لم تعرض لدلالة هذه المستندات من وجود تغاير في أصل مسطح الأرض بما قد يتسع لوضع يد الطاعنين على المساحة التي يدعون ملكيتها ووضع يد المطعون عليهما الأولين أو أحدهما يكون مشوباً بالقصور ومخالفة الثابت من الأوراق بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.


[(1)] الطعن رقم 131 لسنة 40 ق - جلسة 25/ 2/ 1976 س 27 ص 494.