أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 223

جلسة 28 من يناير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه ومحمد ماضي أبو الليل.

(40)
الطعن رقم 740 لسنة 47 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "امتداد العلاقة الإيجارية" أحوال شخصية.
اعتبار الحكم زوجة المستأجر مستأجرة أصلية لعين النزاع استناداً إلى أحكام النيابة الضمنية. والاشتراط لمصلحة الغير. خطأ. علة ذلك.
(2) حكم "تسبيب الحكم". نقض "السبب غير المنتج".
تمكين الزوجة الحاضنة من عين النزاع قبل العمل بالقانون رقم 44 لسنة 1979. النعي على الحكم رغم نفاذ هذا القانون بالخطأ في تطبيق القانون. غير منتج. علة ذلك.
1 - الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر المطعون ضدها مستأجرة أصلية لعين النزاع استناداً إلى أحكام النيابة الضمنية والاشتراط لمصلحة الغير، ذلك أن الزوجة لا تعد طرفاً في عقد الإيجار الصادر لمصلحة الزوج التزاماً بنسبية أثره، وأن حقها في الإقامة مستمد من حقه مقروناً بعلته وهي استمرار العلاقة الزوجية بحيث إذا انفصمت، انتفت العلة فلا يبقى لها من سبيل على العين [(1)].
2 - لئن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ مكن المطعون ضدها من شقة النزاع تغليباً لحقها كحاضنة على حق الطاعن كمستأجر مع أن قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها وقت صدور الحكم المطعون فيه لا يلزم المطلق بالتخلي عن مسكن الزوجية لمطلقته الحاضنة، إلا أنه لما كان القانون 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية الذي صدر في تاريخ لاحق للحكم المطعون فيه قد نص في المادة الرابعة منه على أن "للمطلقة الحاضنة بعد طلاقها لاستقلال مع صغيرها بمسكن الزوجية المؤجر ما لم يهيأ لها المطلق سكناً آخر مناسباً وكان هذا النص - والغاية منه رعاية جانب الصغار حماية للأسرة - متعلقاً بالنظام العام، فينطبق على واقعة الدعوى بأثر فوري، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يتحد بأنه هيأ للحاضنة المطعون ضدها مسكناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتسليم شقة النزاع إليها يكون قد اتفق مع نص المادة المذكورة مما يضحى معه الطعن غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 896 سنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة طالباً الحكم على المطعون ضده الأول في مواجهة الثاني بتمكينه من الشقة الموضحة بالصحيفة ومنع تعرضهما له فيها وتسليمها إليه، وقال شرحاً لدعواه أنه استأجر عين النزاع من المطعون ضده الأول بموجب عقد مؤرخ 1/ 10/ 1965 ثم سافر إلى لبنان بتاريخ 4/ 1/ 1971 وأناب وكيله في سداد الأجرة، ولما عاد أخيراً فوجئ بأن مطلقته قد استصدرت أحكام حبس ضده بعد أن حصلت على حكم بالطلاق في غيبته واستولت على أمواله المدخرة لدى الهيئة العامة للتأمين والمعاشات بطريق التزوير، كما تبين له أن المطعون ضده الثاني هو الذي يشغل عين النزاع دون مطلقته وأولاده، فأبلغ الشرطة وتبين من التحقيق أن تواطأ حدث بين مطلقته والمطعون ضدهما حرر على أثره المطعون ضده الأول عقد إيجار عن ذات العين إلى مطلقته في 15/ 11/ 1971 رغم استلامه أجرة هذا الشهر من وكيله في 1/ 11/ 1971 ثم تنازلت المذكورة عن استئجار العين للمطعون ضده الأول الذي قام بتأجيرها للمطعون ضده الثاني في 15/ 6/ 1972، ولما كان العقد الأخير باطلاً، ذلك أن المالك لم يسترد حقه في تأجير الشقة للغير، إذ أن عقد الإيجار الصادر له لم يفسخ وما زال ساري المفعول فقد أقام دعواه، وبصحيفة معلنة في 28/ 5/ 1974 اختصم الطاعن المطعون ضده الثالث باعتباره المؤجر له طالباً الحكم على المطعون ضدهم بتمكينه من شقة النزاع وتسليمها إليه خالية وبتاريخ 8/ 12/ 1974 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 329 لسنة 92 ق القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وبتاريخ 25/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الطاعن عندما استأجر العين كان نائباً عن أسرته وأنه من ثم يحق لزوجته أن تبرم عقد إيجار جديد مع المالك عن ذات العين بعد أن تركها الطاعن، في حين أنه لم يترك البلاد ويتغيب منها سوى شهرين ولم تسقط عنه الجنسية المصرية ولم يستقل بسكن آخر أو يفصح عن رغبته في ترك العين بما يعني أن عقده ما زال قائماً، ويكون تنازل الزوجة بعد ذلك عن الشقة استناداً إلى عقد الإيجار الذي صدر لها تنازلاً باطلاً، وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه ركن في قضائه إلى أسباب حكم محكمة أول درجة دون أن يتفهم واقعة النزاع عندما قرر بأن الطاعن قد غادر البلاد مغادرة نهائية وأن زوجته تعد وكيلة عنه رغم أنه لم يمض على غيابه أكثر من شهرين ورغم أن عقد الإيجار الذي تحرر للزوجة ثم تنازلها عن الشقة تما قبل صدور الحكم الذي قضى باعتباره غائباً.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - لا يختلف عقد الإيجار عن غيره من العقود في الخضوع لقاعدة نسبية أثار العقد، فيظل المستأجر هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية أو انحرافاً عن القاعدة العامة في نسبية أثار العقد، فهؤلاء ليسوا أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقة تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بدء الإيجار أو بعده، وإنما تأتي إقامتهم بالعين المؤجرة قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتعديل ومتعلقة به هو ولا شأن للمؤجر بها، والنص في المادة 21 من القانون 52 سنة 1969 المقابلة للمادة 29 من القانون 49 سنة 1977 عن أنه..... لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذ بقى فيها زوجه أو أولاده أو والداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك - ويلزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لهم......." يدل على أن المشرع لم يعتبر المستأجر نائباً عن الأشخاص الذين أوردهم النص في استئجار العين ولذلك نص على استمرار عقد الإيجار لمصلحة من يكون مقيماً منهم مع المستأجر عند وفاته أو تركه العين، وما كان في حاجة لإيراد هذا الحكم إذا كان يعتبر أن المستأجر قد تعاقد عن نفسه ونيابة عن أسرته. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على ما قاله من أن الطاعن عندما استأجر إنما تعاقد عن نفسه ونيابة عن زوجته وأولاده فيعتبر زوجته في حكم المستأجرة الأصلية ويكون لها حق التصرف في شقة النزاع. معتقاً في ذلك مذهب حكم محكمة أول درجة بأن المستأجر عندما يتعاقد على تأجير مسكن فإنه يعتبر نائباً في عقد الإيجار عن أفراد أسرته فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وقد سيطر هذا الخطأ على منحاه في فهم الواقع في الدعوى فشاب هذا الفهم الفساد في الاستدلال. عندما استند في أسبابه وما اعتنقه من أسباب حكم محكمة أول درجة إلى أن الطاعن عندما سافر إلى الخارج كان لا ينوي العودة بدليل أن غيبته استمرت سنتين وأن زوجته استصدرت حكماً باعتباره غائباً وعينت وكيلة عنه في حين أن الثابت بالأوراق أن الطاعن غادر مصر في 4/ 9/ 1971 وأن زوجته تعاقدت مع المالك - المطعون ضده الأول - على عقد إيجار جديد باسمها في 15/ 1/ 1971 ثم تنازلت عن الشقة في 1/ 7/ 1972 بينما الحكم الذي استصدرته باعتباره غائباً وتعيينها وكيلة عنه صدر في 16/ 9/ 72 ومن ثم يكون ما استدل به الحكم على ترك الطاعن للعين المؤجرة هو استدلال غير سائغ. ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض جلسة 4/ 1/ 1982 الطعن رقم 510 لسنة 46 ق لم ينشر»