أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 234

جلسة 15 من فبراير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، والدكتور أحمد حسني والدكتور علي عبد الفتاح ومحمد طموم.

(42)
الطعن رقم 115 لسنة 43 القضائية

(1) إثبات. "قواعد الإثبات". نظام عام.
قواعد الإثبات ليست من النظام العام. عدم تمسك الخصم بها. مؤداه. اعتباره متنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون.
(2، 3) أوراق تجارية. "شيك".
(2) الشيك. الأصل فيه أن يكون مدنياً. اعتباره عملاً تجارياً إذا كان الساحب تاجراً أو مترتباً على عملية تجارية.
(3) الوصف التجاري للشيك يتحدد وقت إنشائه. اعتباره عملاً تجارياً إذا كان تحريره مترتباً على عمل تجاري أو كان صاحبه تاجراً - ما لم يثبت أن سحبه لعمل غير تجاري - لا عبرة بصفة المظهر أو بطبيعة العملية التي اقتضت التظهير.
(4) أوراق تجارية. "شيك". تقادم.
جميع العمليات التي تجرى على الشيك التجاري من ضمان وتظهير وما ينشأ أو يتفرع عنها من التزامات. خضوعها للتقادم الصرفي م 194 تجاري. لا علاقة لذلك بقاعدة تطهير الورقة من الدفوع في العلاقة بين المدين والحامل.
(5) أوراق تجارية. تقادم. "التقادم الصرفي". محكمة الموضوع.
القضاء بسقوط الدين بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة دون توجيه اليمين. لا خطأ.
(6) حكم. "تسبيب الحكم". نقض.
انطواء أسباب الحكم على خطأ في القانون دون أن يؤثر على النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها - لمحكمة النقض تصحيح ذلك الخطأ.
(7، 8) حكم. "تسبيب الحكم". استئناف.
(7) أخذ الحكم الاستئنافي بأسباب الحكم الابتدائي والإحالة إليها دون إضافة. لا عيب.
(8) تضمين أسباب الاستئناف ما لا يخرج في جوهره عما كان مطروحاً على محكمة أول درجة وتضمنت أسبابها. إقرار محكمة الاستئناف هذه الأسباب دون إبداء أسباب جديدة. لا عيب.
(9) نقض. "السبب المجهل".
عدم بيان الطاعن أوجه الدفاع القول أن الحكم أغفل الرد عليها. نعي مجهل. غير مقبول.
1 - قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام فإذا سكت عنها من يريد التمسك بها عد ذلك تنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون.
2 - الأصل في الشيك أن يكون مدنياً ولا يعتبر ورقة تجارية إلا إذا كان موقعاً عليه من تاجر أو مترتباً على معاملة تجارية.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الوصف التجاري للشيك يحدد وقت إنشائه فيعتبر عملاً تجارياً إذا كان تحريره مترتباً على عمل تجاري أو كان صاحبه تاجراً - ما لم يثبت أنه سحبه لعمل غير تجاري - ولا عبرة في تحديد هذا الوصف بصفة المظهر للشيك أو بطبيعته العملية التي اقتضت تداوله بطريق التظهير إذ تنسحب الصفة التجارية أو المدنية التي أسبغت عليه وقت تحريره على جميع العمليات اللاحقة التي أدت إلى تظهيره.
4 - متى كان الشيك تجارياً عند إنشائه فإن جميع العمليات التي تجري عليه من ضمان وتظهير وما ينشأ أو يتفرع عنها من التزامات تخضع للأحكام العامة للأوراق التجارية ومنها الحكم الخاص بالتقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة ولا علاقة لذلك بقاعدة تطهير الورقة من الدفوع في العلاقة بين المدين والحامل إذ أن هذه القاعدة تعتبر أثراً من آثار التظهير الناقل للملكية التي تتفق وطبيعة الالتزام الصرفي وتستقل به الورقة التجارية بحسب ما تنهض به من وظائف بما لا يتصور معه أن يترتب على تطبيق هذا الأثر زوال الصفة التجارية عن الورقة أو عدم خضوعها للتقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة.
5 - إذا كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد انتهى في حدود سلطته الموضوعية للأسباب السائغة التي أوردها - ولم تكن محل نعي من الطاعن - إلى القضاء بسقوط الدين بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة لتوافر شروطه، وكان للمحكمة أن تقضي بذلك ولو لم يطلب الدائن توجيه اليمين التي أجازت له المادة 194 سالفة الذكر توجيهها إلى المدين فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو تفسيره.
6 - لمحكمة النقض أن تصحح ما اشتملت عليه أسباب الحكم من أخطاء قانونية دون أن تنقض الحكم ما دام أنه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة.
7 - لا يعيب الحكم الاستئنافي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة.
8 - إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنته أسبابها ولم تر فيه ما يدعو إلى إيراد أسباب جديدة فلا عليها إن أيدت الحكم الابتدائي لأسبابه وأحالت إليه دون إضافة.
9 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن عدم إفصاح الطاعن عن بيان الدفاع الذي تمسك به أمام محكمة الاستئناف على وجه التحديد والبيان المفصل لإدراك العيب الذي شاب الحكم من جراء عدم الرد عليه، يجعل النعي - على هذه المحكمة الصورة - نعياً مجهلاً وغير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن تقدم إلى رئيس محكمة الجيزة الابتدائية بطلب لاستصدار أمر أداء بإلزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ 1300 ج قيمة الشيك رقم 13107 المسحوب منه بتاريخ 30/ 8/ 1962 على البنك العربي لأمر السيدة...... والمحول لأمره - أي لأمر الطاعن - وإذ رفض إصدار أمر الأداء حددت جلسة لنظر الموضوع وقيدت الدعوى برقم 1856 سنة 1969 مدني كلي الجيزة وبتاريخ 20/ 11/ 1970 حكمت محكمة الجيزة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده أن الشيك المشار إليه قد سحب نتيجة لعملية تجارية. وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 27/ 4/ 1971 قبل الفصل في الدفع بالسقوط بتوجيه اليمين المتممة للمطعون ضده وإذ حلف هذا الأخير اليمين حكمت في 26/ 12/ 1971 بقبول الدفع بسقوط الحق في إقامة الدعوى بمضي المدة وبسقوطه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 485 سنة 89 ق وبتاريخ 9/ 12/ 1972 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم الطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ أضفى الصفة التجارية على الشيك محل النزاع كما أهدر الأثر القانوني المترتب على تظهير الورقة التجارية تظهيراً ناقلاً للملكية وهو تطهيرها من الدفوع ومنها الدفع بالتقادم الخمسي إذا كان المظهر إليه حسن النية ولا يعلم بأن الورقة قد سحبت نتيجة لعملية تجارية، كما أخطأت محكمة أول درجة بإحالتها الدعوى إلى التحقيق لإثبات تجارية الشيك وبتوجيهها اليمين المتممة في حين أن اليمين المنصوص عليها في المادة 194 من قانون التجارة يمين حاسمة لا تملك المحكمة توجيهها من تلقاء نفسها، فضلاً عن أنه قد صدر من المطعون ضده ما يناقض قرينة الوفاء التي يقوم عليها التقادم الصرفي وإذ صدر الحكم المطعون فيه مؤيداً للحكم الابتدائي معتنقاً أسبابه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، فإذا سكت عنها من يريد التمسك بها عد ذلك تنازلاً عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون، كما أن ترجيح شهادة شاهد على شاهد آخر هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون إلزام عليها ببيان أسباب هذا الترجيح ما دامت لم تخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها، كما أن الأصل في الشيك أن يكون مديناً ولا يعتبر ورقة تجارية إلا إذا كان موقعاً عليه من تاجر أو مترتباً على معاملة تجارية، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الوصف التجاري للشيك يحدد وقت إنشائه فيعتبر عملاً تجارياً إذا كان تحريره مترتباً على عمل تجاري أو كان ساحبه تاجراً - ما لم يثبت أنه سحبه لعمل غير تجاري - ولا عبرة في تحديد هذا الوصف بصفة المظهر للشيك أو بطبيعة العملية التي اقتضت تداوله بطريق التظهير إذ تنسحب الصفة التجارية أو المدنية التي أصبغت عليه وقت تحريره على جميع العمليات اللاحقة التي أدت إلى تظهيره، فمتى كان الشيك تجارياً عند إنشائه فإن جميع العمليات التي تجري عليه من ضمان وتظهير وما ينشأ أو يتفرغ عنها من التزامات تخضع للأحكام العامة للأوراق التجارية ومنها الحكم الخاص بالتقادم الصرفي المنصوص عليه المادة 194 من قانون التجارة، ولا علاقة لذلك بقاعدة تظهير الورقة من الدفوع في العلاقة بين المدين والحامل إذ أن هذه القاعدة تعتبر أثراً من آثار التظهير للملكية التي تتفق وطبيعة الالتزام الصرفي وتستقل به الورقة التجارية بحسب ما تنهض به من وظائف بما لا يتصور معه أن يترتب على تطبيق هذا الأثر زوال الصفة التجارية عن الورقة أو عدم خضوعها للتقادم الصرفي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة، لما كان ما تقدم وكانت محكمة أول درجة قد أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات تجارية الدين ولم يعترض الطاعن على ذلك وبعد أن استعرضت أقوال شهود الطرفين أبدت عدم اطمئنانها إلى شهادة شاهدي الطاعن واستخلصت من شهادة شاهدي المطعون ضده التي اطمأنت إليها أن الشيك محل النزاع قد أنشأ بمناسبة عملية تجارية وهي رد مبلغ كانت قد دفعته المدعوة....... للمطعون ضده بناءً على العقد المؤرخ 1/ 6/ 1961 المتعلق بإنشاء شركة لاستغلال كازينو ولسداد الفوائد والأرباح وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق وكاف لحمل قضائها في هذا الصدد، وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد انتهى في حدود سلطته الموضوعية للأسباب السائغة التي أوردها - ولم تكن محل نعي من الطاعن - إلى القضاء بسقوط الدين بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 194 من قانون التجارة لتوافر شروطه، وكان للمحكمة أن تقضي بذلك ولو لم يطلب الدائن توجيه اليمين التي أجازت له المادة 194 سالفة الذكر توجيهها إلى المدين فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو في تفسيره، ولا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية إذ اعتبر اليمين المنصوص عليها في المادة 194 من قانون التجارة يميناً متممة للمحكمة أن توجها من تلقاء نفسها في حين أنها يمين حاسمة لا توجه إلا بناء على طلب الدائن، إذ أن لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ دون أن تنقض الحكم ما دام أنه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، فضلاً عن أنه ليس صحيحاً ما ادعاه الطاعن من أنه قد صدر من المطعون ضده، ما يناقض قرينة الوفاء التي يقوم عليها التقادم الصرفي إذ الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قد تمسك في جميع مراحل الدعوى بأنه قد أوفى بقيمة الشيك ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أن الحكم اكتفى باعتناق أسباب الحكم الابتدائي ولم يعن بإيراد أسباب خاصة له، ولم يناقش دفاعه الذي أبداه في صحيفة الاستئناف وضمنه تأصيلاً لقاعدة تطهير الدفوع وتعييب قضاء محكمة أول درجة بتوجيه اليمين المتممة في غير حالاتها ومناقشة لأقوال الشهود مما يشوبه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لا يعيب الحكم الاستئنافي وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يعتنق أسباب الحكم الابتدائي ويحيل إليها دون إضافة، إذا رأت محكمة الاستئناف أن ما أثاره الطاعن في أسباب استئنافه لا يخرج في جوهره عما كان معروضاً على محكمة أول درجة وتضمنته أسبابها ولم تر فيه ما يدعوها إلى إيراد أسباب جديدة. والنعي غير مقبول في شقه الثاني ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عدم إفصاح الطاعن عن بيان الدفاع الذي تمسك به أمام محكمة الاستئناف على وجه التحديد والبيان المفصل لإدراك العيب الذي شاب الحكم من جراء عدم الرد عليه يجعل النعي - على هذه الصورة - نعياً مجهلاً وغير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.