أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 241

جلسة 15 من فبراير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، الدكتور على عبد الفتاح ومحمد طموم.

(43)
الطعن رقم 359 لسنة 47 القضائية

(1) إفلاس. محكمة الموضوع.
إشهار الإفلاس. لمحكمة الموضوع أن تقضي به من تلقاء نفسها متى توافرت الشروط الموضوعية. لا يغير من ذلك أن يكون الطلب قد قدم من غير ذي صفة أو من ذي صفة ثم تنازل عن طلبه.
(2) إثبات "تقدير الأدلة". محكمة الموضوع.
تقدير الأدلة. من سلطة قاضي الموضوع دون رقابة من محكمة النقض متى كانت مستمدة من أوراق الدعوى ومستخلصة استخلاصاً سائغاً.
(3) إفلاس. محكمة الموضوع. دعوى.
تقدير مدى جدية المنازعة في الدين - في دعوى الإفلاس - من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(4) نقض "سبب الطعن".
عدم تقديم الطاعن صور رسمية من الطعن المشار إليه في وجه النعي للتدليل على سلامته. نعي عار عن الدليل.
1 - تقديم طلب إشهار الإفلاس من غير ذي صفه لا يترتب عليه حتماً الحكم بعدم قبول دعوى إشهار الإفلاس، إذ يجوز للمحكمة في هذه الحالة وعملاً بنص المادة 196 من قانون التجارة أن تحكم من تلقاء نفسها بإشهار الإفلاس متى تبينت من ظروف النزاع المطروح عليها أن المدين المطلوب إفلاسه هو تاجر وأن ثمة دائناً أو دائنين آخرين بديون تجارية قد توقف عن هذا المدين عن وفاء ديونهم مما توافر معه الشروط الموضوعية في خصوص إشهار الإفلاس كما يجوز للمحكمة في حالة توافر هذه الشروط أن تحكم من تلقاء نفسها بإشهار الإفلاس إذا كان طالب إشهار الإفلاس دائناً ذا صفة في طلب الإفلاس ثم تنازل عن طلبه.
2 - تقدير الأدلة مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه من محكمة النقض متى كانت هذه الأدلة مستمدة من أوراق الدعوى ومستخلصة منها استخلاصاً سائغاً ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
3 - تقدير مدى جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من المسائل التي يترك الفصل فيها لمحكمة الموضوع بلا معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - إذ كان الطاعن لم يرفق بملف الطعن صورة رسمية من الطعن المشار إليه في وجه النعي للتدليل على سلامة وجه النعي، فإن النعي في هذا الخصوص يصبح مفتقراً دليله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 111 لسنة 1972 تجاري شمال القاهرة الابتدائية طلب فيها الحكم بإشهار إفلاس شركة........ وإفلاس مورث المطعون ضدهم عدا الأول والأخير واعتبار يوم 17/ 2/ 1969 تاريخاً للتوقف عن الدفع، وقال بياناً لدعواه أنه كان يمول الشركة المذكورة وأن مورث المطعون ضدهم المذكور أصدر له ثلاث شيكات على بنك بور سعيد فرع شبرا قيمتها مبلغ 3080 ج ولما تقدم لصرف قيمتها ردها البنك إليه لعدم وجود رصيد للساحب، ولما كانت الشركة شركة توصية بسيطة ومورث المطعون ضدهم المذكور الشريك المتضامن فيها، ومن ثم تعتبر الشركة المدينة في حالة توقف عن دفع ديونها ولذلك أقام دعواه بالطلبات سالفة البيان، وبتاريخ 10/ 4/ 1973 حكمت المحكمة بإشهار إفلاس الشركة المذكورة والشريك المتضامن فيها وتحديد يوم 17/ 2/ 1969 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع. استأنف المدين المفلس هذا الحكم بالاستئناف رقم 301 لسنة 90 ق. القاهرة وبتاريخ 25/ 6/ 1983 طلب الطاعن قبول تدخله خصماً منضماً للمدين المستأنف في طلباته وفي 13/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدين المفلس وبتاريخ 17/ 1/ 1977 حكمت بقبول تدخل الطاعن خصماً منضماً في الدعوى وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول دعوى الإفلاس عن المطعون ضده الأول طالب الإفلاس تأسيساً على أنه كان شريكاً محاصاً للشركة المفلسة وذلك بإقراره بتمويل الشركة المفلسة وثبوت تدخله في الإدارة كشريك ومدير واقعي لها مما مفاده أنه شريك متضامن في شركة واقع وهو ما يستتبع إفلاس الشريك المتضامن ولو لم يذكر اسمه في الحكم إذ يقع الإفلاس كنتيجة حتمية لإفلاس الشركة، في حين أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع وقبول الدعوى بمقولة أنه تبين من عقد الشركة المفلسة أن المطعون ضده الأول لم يكن طرفاً في هذا العقد وهو ينطوي على مسخ من الحكم للواقع وتغيير للحقيقة ذلك أن مؤدى إقراره بأنه شريك محاص وتدخله في إدارة الشركة أنه أصبح شريكاً متضامناً باعتبارها شركة واقع ومن ثم فلا يكون دائناً وكان يتعين على الحكم القضاء بعدم قبول دعواه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن تقديم طلب إشهار الإفلاس من غير ذي صفه لا يترتب عليه حتماً الحكم بعدم قبول دعوى إشهار الإفلاس، إذ يجوز للمحكمة في هذه الحالة وعملاً بنص المادة 196 من قانون التجارة أن تحكم من تلقاء نفسها بإشهار الإفلاس متى تبينت من ظروف النزاع المطروح عليها أن المدين المطلوب إفلاسه هو تاجر وأن ثمة دائناً أو دائنين آخرين بديون تجارية قد توقف عن هذا المدين عن وفاء ديونهم مما تتوافر معه الشروط الموضوعية في خصوص إشهار الإفلاس، كما يجوز للمحكمة في حالة توافر هذه الشروط أن تحكم من تلقاء نفسها بإشهار الإفلاس إذا كان طالب إشهار الإفلاس دائناً ذو صفة في طلب الإفلاس ثم تنازل عن طلبه. كما أن التعرف على نية المشاركة في نشاط ذي تبعة هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على كون المطعون ضده الأول طالب الإفلاس لم يكن شريكاً في الشركة المفلسة لما استظهره من المستندات المقدمة من الطاعن تثبت عكسه ذلك أنه يبين من عقد الشركة المفلسة أن المطعون ضده الأول لم يكن طرفاً فيه ورتب الحكم على ذلك وأن له صفة في إشهار إفلاس الشركة المفلسة وكانت هذه الأسباب مستمدة من أوراق الدعوى ومستنداتها وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بهذا السبب هو في حقيقته جدل فيما لقاضي الموضوع من حق تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه بأن شراءه للشركة المفلسة تم في 14/ 2/ 1969 وتحرر عقد البيع في 7/ 5/ 1969 وتصدق عليه في 5/ 7/ 1969 ونقلت الرخصة إلى اسمه في 23/ 4/ 1970 ومن ثم فإن البيع يكون انعقد قبل تاريخ التوقف عن الدفع الذي حدده حكم الإفلاس ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن تقدير الأدلة مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة عليه فيه من محكمة النقض متى كانت هذه الأدلة مستمدة من أوراق الدعوى ومستخلصة منها استخلاصاً سائغاً ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقبول تدخل الطاعن خصماً منضماً في الدعوى الاستئنافية على عقد البيع الثابت التاريخ 5/ 7/ 1969 فإنه يكون قد رفض ضمناً دفاعه ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في فهم واقع الدعوى، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم اعتمد على الحسابات التي قام بها وكيل الدائنين في محاضر تحقيق الديون استناداً إلى أن الطاعن قرر أمام المحكمة بأنه تم سداد جميع الديون ووافق المدين المفلس على ذلك وأنه لم تحصل ثمة منازعة في تلك الديون، في حين أن تحقيق الديون تجرى بمعرفة مأمور التفليسة ولا صفة لغيره فهو الذي يحرر محاضر التحقيق بنفسه ويحصل أمامه تأييد الديون والثابت من الشهادة المؤرخة 1/ 2/ 1975 الصادرة من قلم كتاب محكمة شمال القاهرة بأنه لا توجد ديون أو محاضر مقدمة من السيد وكيل الدائنين حتى تاريخ هذه الشهادة ولكن الحكم المطعون فيه أخذ بالتحقيق الذي يقول وكيل الدائنين أنه أجراه بعد هذا التاريخ والذي تم بعيداً عن مأمور التفليسة وهو تحقيق باطل. كما أن وكيل الدائنين لم يقدم ميزانية حسابية للمدين المفلس وكان على المحكمة أن تندب خبيراً حسابياً لفحص هذه المسألة الفنية كما أن الحكم الابتدائي استند في قضائه بالإفلاس على الحكم الجنائي الذي قضى بإدانة المدين المفلس لإصداره شيكات بدون رصيد في حين أن هذا الحكم نقض بالطعن رقم 274 لسنة 41 ق. وأحيل إلى المحكمة الابتدائية في هيئة استئنافية للحكم فيه من جديد وبذلك انهار الأساس الذي بني عليه حكم الإفلاس.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن تقدير مدى جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من المسائل التي يترك الفصل فيها لمحكمة الموضوع بلا معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإشهار إفلاس شركة نصر المتحدة لصناعة الظروف وفن الطباعة لتوقفها عن سداد ديونها التجارية والمدنية لدائنين آخرين عن ديون أخرى غير الدين الذي أقيمت دعوى الإفلاس ابتداء على أساسه إذ أورد أن وكيل الدائنين المعين في حكم الإفلاس تقدم بنتيجة تحقيق الديون المؤرخ 24/ 6/ 1972 وكشف ديون التفليسة المؤرخ 1/ 7/ 1973 اللذان يفيدان وجود دائنين آخرين بديون بلغت قيمتها 17690 ج و684 م وقد وقع عليها المدين المفلس بما يفيد إقراره - بخلاف التأمينات الاجتماعية والضرائب فضلاً عن ما قرره الطاعن - أمام هذه المحكمة بعد تقديم كشوف الديون وقرر هو والمدين المفلس أنه تم سداد جميع الديون ولم يبدي أي منهما منازعة في تلك الديون وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد عول في إثبات توقف المدين المفلس عن أداء الدين الذي أقيمت دعوى الإفلاس ابتداء على أساسه - عن نشوء مركز مالي مضطرب يتزعزع معه ائتمانه على ما أورده وهو استخلاص موضوعي سائغ تستقل به محكمة الموضوع في خصوص الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع ومن ثم يكون غير منتج تعييب الحكم باعتماده الحسابات التي أجراها وكيل الدائنين في محاضر تحقيقه الباطلة. ولما كانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى، ومن ثم فإن عدم الإشارة صراحة إلى ندب خبير حسابي يعتبر بمثابة قضاء ضمني برفض هذا الطلب. وكان الطاعن لم يرفق بملف الطعن صورة رسمية من الطعن رقم 274 لسنة 41 ق. المشار إليه في وجه النعي، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصوم تقديم ما يؤيد الطعن، فإن النعي في هذا الخصوص يصبح مفتقراً دليله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.