أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 3 - صـ 37

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1951
(7)
القضية رقم 24 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
( أ ) استئناف. ميعاد الاستئناف في ظل قانون المرافعات القديم. لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان الحكم لمن أعلن إليه دون معلمه. حكم القانون الجديد لا يسرى على الاستئناف الحاصل قبل العمل به.
(ب) و(جـ) استئناف. الفصل في الاستئناف بقبوله شكلاً. الدفع بعد ذلك ببطلان صحيفته لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام محكمة الاستئناف. لا تملك المحكمة النظر فيه. تعلق هذا الدفع بالنظام العام. لا يؤثر في ذلك. متى يصح التحدي بهذا الدفع؟ لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة لقيامه على عنصر واقعي.
1 - إن المادة 353 من قانون المرافعات القديم واضحة النص على أن ميعاد الاستئناف لا يبدأ سريانه إلا من تاريخ إعلان الحكم لمن أعلن إليه دون معلنه، فطالما أن المستأنف لم يعلن بالحكم فاستئنافه يكون في الميعاد. أما ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 379 من قانون المرافعات الجديد من جريان الميعاد في حق من أعلن الحكم ومن أعلن إليه فهذا تعديل للقانون القديم في هذا الخصوص فلا يسري على الاستئناف الحاصل قبل العمل بالقانون الجديد، عملاً بالمادة الثانية منه.
2 - ما دامت المحكمة قد استنفدت ولايتها في الفصل في شكل الاستئناف بقبوله شكلاً فإنها لا تملك النظر في الدفع ببطلان صحيفته لتعلق هذا الدفع بشكل الاستئناف الذي سبق أن فصلت فيه لا بموضوعه.
3 - إن التحدي بأن الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم توقيعها من محام مقرر أمام محكمة الاستئناف إذ المحامى الموقع عليها مستبعد اسمه من جدول المحامين - ذلك محله ألا يكون قد صدر من المحكمة حكم بقبول الاستئناف شكلاً، فإن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها حكمها هذا تحول دون جواز التمسك أمامها بدفع جديد خاص بشكل الاستئناف ولو كان ماساً بقواعد النظام العام. كذلك لا تقبل إثارة هذا الدفع لدى محكمة النقض كسب لنقض الحكم الأول لأنه يقوم على عنصر واقعي وهو تحقيق ما إذا كان المحامى الموقع على عريضة الاستئناف مقرراً أم غير مقرر أمام محكمة الاستئناف فكان واجباً أن يثار لدى محكمة الاستئناف لتحقق هذا العنصر الواقعي قبل أن تصدر حكمها بقبول الاستئناف شكلاً.


الوقائع

في يوم 21 من فبراير سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكمي محكمة استئناف القاهرة الصادرين في 28 من نوفمبر سنة 1948 و16 من يناير سنة 1949 في الاستئناف رقم 661 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكمين المطعون فيهما بقبول الدفعين المقدمين من الطاعنة والقضاء بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد وكذلك قبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف للتوقيع عليها من محام لاحق له في التوقيع و إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 24 من فبراير سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 12 من مارس سنة 1949 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 24 منه أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 19 من مارس سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بقبول السبب الثاني من سببي الطعن ونقض الحكم الصادر في 16 من يناير سنة 1949 والقضاء بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف للتوقيع عليها من محام مستبعد من جدول المحامين وببطلان الصحيفة لهذا السبب. وفي 25 من أكتوبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 565 سنة 1946 كلي مصر على الطاعنة وآخرين يطلب الحكم عليهم متضامنين بمبلغ 4166 ج و 508 م وفوائده بواقع 9% ابتداء من 25 أكتوبر سنة 1945 حتى تمام الوفاء.... إلخ استناداً إلى عقد رهن تأميني ثم عدل طلباته إلى مبلغ ألف جنيه مع الفوائد... إلخ. وفي 25 من مارس سنة 1946 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا إلى المدعي (المطعون عليه) مبلغ 798 جنيه و800 مليم والمصروفات المناسبة والفوائد بواقع 8% سنوياً من 25 أكتوبر سنة 1945 لغاية الوفاء ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة مع النفاذ المعجل بلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر بصحيفة أعلنها للطاعنة في 23 مايو سنة 1948 وقيد استئنافه برقم 661 سنة 65 ق فدفعت الطاعنة بعدم قبول الاستئناف شكلاً لسببين أولهما لرفعه بعد الميعاد القانوني وهو ستون يوماً من تاريخ إعلان الحكم الابتدائي لها في 18 من يونيه سنة 1946 والآخر لأن المستأنف قبل الحكم المستأنف إذ أعلنها به دون أن يحتفظ بحقه في استئنافه وقام بإجراءات تنفيذه الأمر الذي يفيد رضاءه به، وفي 28 من نوفمبر سنة 1948 حكمت محكمة الاستئناف برفض هذا الدفع بوجهيه وبقبول الاستئناف شكلاً وحددت لنظر الموضوع جلسة 2 من يناير سنة 1949. وفي تلك الجلسة دفعت الطاعنة ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم توقيعها من محام مقرر أمام محكمة الاستئناف إذ المحامى الموقع عليها قد استبعد اسمه من جدول المحامين منذ يونيه سنة 1946، وفي 16 من يناير سنة 1949 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع بانية حكمها على أنه سبق لها أن قضت بقبول الاستئناف شكلاً فلا يجوز لها بعد ذلك النظر في دفوع خاصة بشكل الاستئناف، وأضافت أن المحامى الموقع على عريضة الاستئناف هو من المحامين المقررين للمرافعة أمامها و أن المستأنف عليه (المطعون عليه) رد على الدفع السالف الذكر بأن استبعاد اسم المحامي من الجدول إنما كان استبعاداً مؤقتاً لعدم دفعه رسوم الاشتراك للنقابة و أن أثر هذا الاستبعاد مقصور على المرافعة دون الفتوى والتوقيع على عريضة الاستئناف، فقررت الطاعنة الطعن في الحكمين أنفى الذكر بطريق النقض.
ومن حيث إن حاصل سبب الطعن على الحكم الأول الصادر في 28 نوفمبر سنة 1948 برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف وبقبوله شكلاً هو أن محكمة الاستئناف أخطأت في تطبيق المادة 353 من قانون المرافعات (القديم) إذ قضت بأن ميعاد الاستئناف إنما يبدأ سريانه من تاريخ إعلان الحكم بالنسبة للمعلن إليه دون من أعلنه من أن التطبيق الصحيح لهذه المادة هو أنه يسرى على المعلن والمعلن إليه على السواء.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص "إن من القواعد القانونية العامة أنه لا اجتهاد في شرح أو تأويل القانون مع وضوح نصه وبما أن المادة 353 مرافعات أهلي واضحة النص على أن ميعاد الاستئناف لا يبدأ سريانه من تاريخ إعلان الحكم إلا لمن أعلن إليه ذلك الحكم دون غيره وطالما أن المستأنف (المطعون عليه) لم يعلن به لغاية الآن فيكون دفع المستأنف ضدها الخامسة (الطاعنة) بالنسبة لهذا الشطر ليس له سند من القانون، هذا فضلاً عن مجافاته للمبدأ القانوني العام وهو "لا يضار إنسان يفعل نفسه المشروع". وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون، أما ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 379 من قانون المرافعات (الجديد) من سريان الميعاد في حق من أعلن الحكم ومن أعلن إليه فهو تشريع جديد معدل للقانون القديم في هذا الخصوص ولا يسرى على استئناف المطعون عليه الحاصل في 23 مايو سنة 1948 قبل العمل بقانون المرافعات الجديد وذلك عملاً بالمادة الثانية من هذا القانون.
ومن حيث إن حاصل سبب الطعن في الحكم الثاني الصادر في 16 يناير سنة 1949 هو أن المحكمة أخطأت في تطبيق القانون إذ قضت برفض الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف استناداً إلى أنها قضت في حكمها السابق الصادر في 28 من نوفمبر سنة 1948 بقبول الاستئناف شكلاً مع أن هذا الدفع يتعلق بالنظام العام وكان يجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، كما أخطأت إذ قررت أن المحامى الموقع على صحيفة الاستئناف مقرر للمرافعة أمامها في حين أن اسمه كان مستبعداً من الجدول منذ 3 من يونيه سنة 1946 ومن مقتضى هذا الاستبعاد منع المحامى من المرافعة والفتوى وسائر حقوق المحامين عملاً بالمادة 34 من اللائحة الداخلية لنقابة المحامين.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع أوجهه مردود أولاً بما قرره الحكم المطعون فيه من أن المحكمة بعد أن استنفدت ولايتها في الفصل في شكل الاستئناف بقبوله شكلاً لا تملك النظر في الدفع ببطلان صحيفته لتعلق هذا الدفع بشكل الاستئناف الذي سبق أن فصلت فيه لا بموضوعه، ومردود ثانياً بأن قول المحكمة بعد ذلك بأن المحامى الموقع على عريضة الاستئناف هو من المحامين المقررين أمامها و إن استبعد اسمه من الجدول وإيرادها دفاع المطعون عليه في هذا الخصوص قد جاء منها تزيداً لا تأثير له على سلامة حكمها ومردود أخيراً بأن تحدى الطاعنة بأن الدفع المشار إليه يتعلق بالنظام العام فكان على المحكمة أن تلاحظه من تلقاء نفسها - أن هذا التحدي إنما محله أن لا يكون قد صدر منها حكم بقبول الاستئناف شكلاً، ذلك أن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها حكمها المذكور تحول دون جواز التمسك أمامها بدفع جديد خاص بشكل الاستئناف ولو كان ماساً بقواعد النظام العام. كما لا تقبل إثارته لدى هذه المحكمة كسبب لنقض الحكم الأول لأنه يقوم على عنصر واقعي وهو تحقيق ما إذا كان المحامى الموقع على عريضة الاستئناف مقرراً أم غير مقرر أمام محكمة الاستئناف، وقد كان يجب إثارته لدى محكمة الاستئناف لتحقيق هذا العنصر الواقعي قبل إصدار حكمها بقبول الاستئناف شكلاً، أما وهذا لم يحصل فلا تقبل إثارته لأول مرة لدى محكمة النقض.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أنه الطعن بجميع أوجهه على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.