أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 835

جلسة 5 يونيو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إلهام نجيب نوار، سيد محمود يوسف، لطف الله ياسين جزر نواب رئيس المحكمة ويوسف عبد الحليم الهته.

(164)
الطعن رقم 651 لسنة 61 القضائية

(1، 2) اختصاص "اختصاص ولائي".
1 - الإحالة إلى المحكمة المختصة حالة الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. جوازي في ظل المادة 135 قانون المرافعات السابق. وجوبي في ظل القانون 100 لسنة 1962. التزام المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة أياً كانت درجتها. علة ذلك.
2 - وجوب إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة عند القضاء بعدم الاختصاص ولو كان متعلقاً بالولاية. م110 مرافعات.
(3) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
الاستئناف. أثره. نقل الدعوى إلى المحكمة الاستئنافية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف. التزامها بالفصل في كافة ما قدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما قدم منها أمام محكمة أول درجة. علة ذلك.
(4) اختصاص. محكمة الموضوع. دعوى.
قضاء محكمة الموضوع بعدم اختصاصها أو عدم اختصاص محكمة أدنى. وجوب الأمر بالإحالة إلى المحكمة المختصة. ق 100 لسنة 1962 المعدل. الاستثناء. محكمة النقض م 269 مرافعات.
(5) قضاه "عدم الصلاحية".
عدم صلاحية القاضي لنظر دعوى سبق له نظرها. مناطه. قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع شرط خلو ذهنه عن موضوعها. علة ذلك.
(6) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير مفروش". دعوى "سماع الدعوى".
جزاء عدم سماع الدعوى لعدم قيد عقد الإيجار المفروش بالوحدة المحلية. م 43 ق 49 لسنة 1977. نطاقه. قصره على العقود المبرمة طبقاً للمادتين 39، 40 ق 49 لسنة 1977. لا محل لإعمال حكمه على عقد تأجير عين مفروشة بقصد استعمالها محل تجاري.
(7) صورية. محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في تقدير الصورية".
تقدير أدلة الصورية من سلطة قاضي الموضوع. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة. ليس عليه أن يتتبع أقوال وحجج الخصوم والرد عليها استقلالاً. ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الضمني المسقط لتلك الحجج والأقوال.
1 - النص في المادة 135 من قانون المرافعات السابق على أن (يجوز للمحكمة إذا حكمت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة) في ضوء ما ورد بمذكرته التفسيرية من أنه (أجاز القانون الجديد للمحكمة - إذا هي قبلت الدفع بعدم الاختصاص المحلي أو النوعي- أن تحكم بإحالة القضية بحالتها إلى المحكمة المختصة حتى لا تنقضي الخصومة بالحكم بعدم الاختصاص وحتى لا يتحمل رافعها عبء الاضطرار إلى تجديدها بدعوى مبتدأه مع احتمال أن يكون رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة نتيجة خطأ يغتفر... وظاهر أن حكمه النص على جواز إحالة القضية إلى المحكمة المختصة لا تتوافر ولا يكون للعمل به محل - إذا قضت المحكمة في الدعوى في غيبة المدعى عليه وطعن هو في حكمها بالمعارضة أو الاستئناف ففي هذه الحالة لا يكون للمحكمة المرفوع إليها الطعن إلا أن تقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التي أصدرته) لئن كان ظاهر عبارة هذا النص الذي يسمح بالقول أن سلطة المحكمة في الإحالة مقصورة على حالة حكمها بعدم اختصاصها هي ولا يمتد إلى حالة عدم اختصاص المحكمة المطعون على حكمها أمامها إلا أن مؤدي تعديل هذا النص ذاته بالقانون 100 لسنة 1962 إلى أن (على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة.... تلزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها في ضوء ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية من أنه (كان رائد المشرع في مشروع التنقيح المرافق هو تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها وتنقية القانون القائم في كثير من المواضع مما عيب عليه... وتبسيطاً للإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص رؤى النص على وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة من الحالات التي تقضي فها بعدم اختصاصها بنظرها بعد أن كان ذلك الأمر جوازياً في القانون القائم كما رؤى أن تلزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى).
2 - النص في المادة 110 من قانون المرافعات القائم من أنه (على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية) وما جاء بمذكرته الإيضاحية. استحدث المشرع في المادة 110 نصاً مؤداه أن على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان الاختصاص متعلقاً بالولاية بعد أن كان القضاء قد استقر في ظل القانون القائم على عدم جواز الإحالة بعد الحكم بعد الاختصاص إذا كان ذلك راجعاً إلى سبب متعلق بالوظيفة - وكان مبنى هذا القضاء فكرة استقلال الجهات القضائية بعضها عن البعض الآخر وهي فكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وانحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة.
3 - النص في المادتين 232، 233 من قانون المرافعات من أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. ويجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما قدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة أول درجة، بما يقتضيه ذلك من أن مهمة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مجرد مراقبة سلامة تطبيق محكمة أول درجة للقانون وإنما عليها أن تعيد نظر الدعوى بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وتقول كلمتها محكمة الموضوع فيها وهو ما لازمه أن يكون لها بحسب الأصل كل ما لمحكمة أول درجة من صلاحيات.
4 - إذ كان قصد المشرع قد اتجه بدأ منذ صدور القانون 100 لسنة 1962 إلى أن يوجب على محكمة الموضوع بدرجتيها. ودون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 269 مرافعات من حكم مغاير. أن تأمر كلما حكمت بعدم اختصاصها هي أو بعدم اختصاص محكمة أدنى أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، وذلك للإقلال من دواعي البطلان وتأكيداً للدور الإيجابي للقضاء في تسيير الدعوى.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه تطبيقاً لنص المادتين 146/ 5، 147/ 1 من قانون المرافعات أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متى سبق له نظرها قاضياً أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترطه فيه من خلو الزهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم.
6 - النص في المادة 43 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يدل. على أن الجزاء المنصوص عليه في المادة 43 بعدم سماع المؤجر لعدم قيد العقد المفروش بالوحدة المحلية لا محل لإعماله إلا إذا كان عقد الإيجار مبرماً بالتطبيق لأحكام المادتين 39، 40 من هذا القانون أما إذا كان العقد لا يندرج ضمن الحالات المنصوص عليها في هاتين المادتين فلا محل لإعمال هذا الجزاء الذي قصره المشرع على هذه الحالات وحدها، لما كان ذلك وكان تأجير مالك العقار لمحل مجهز بقصد الاستغلال التجاري سواء كان قد استكمل مقومات المحل التجاري المادية والمعنوية أو كان مجرد مكان زوده مالكه بمنقولات من عنده يخرج عن نطاق الحالات المنصوص عليها في هاتين المادتين. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على ما سلف بيانه فإن النعي في جملته يكون على غير أساس.
7 - تقدير أدلة الصورية هو مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى وحسبه أن يتبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه إن لم يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الحجج والأقوال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 79 لسنة 1986 مدني دسوق الجزئية على الطاعنين بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1978 وتسليمه العين المبينة به وقال بياناً لدعواه أن الطاعن الأول يستأجر منه بموجب ذلك العقد محلاً بالجدك لاستغلاله صيدلية لقاء أجرة شهرية مقدارها 15 جنيه و500 مليم وقد انتهت مدة العقد وأنذره برغبته في عدم تجديده، كما أنه تنازل عن العين المؤجرة للطاعن الثاني دون تصريح كتابي منه، محكمة دسوق الجزئية حكمت له بطلباته. فاستأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة دسوق الابتدائية بهيئة استئنافية بالاستئناف 1 لسنة 1987 التي أحالت الدعوى للتحقيق وبعد سماعها للشهود قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة - قيمياً - بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية "مأمورية دسوق" حيث قيدت برقم 83 لسنة 1988 وبتاريخ 29/ 11/ 1988 حكمت بفسخ العقد وتسليم عين النزاع للمطعون ضده الأول - استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 16 لسنة 22 ق طنطا "مأمورية كفر الشيخ" وبتاريخ 11/ 12/ 1990 قضت بالتأييد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي يبان ذلك يقولان أن ولاية محكمة الاستئناف في حالة إلقاء الحكم المستأنف بسبب عدم اختصاص محكمة أول درجة مقصورة على إلغاء الحكم ولا تتسع لإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، لأن حكم المادة 110 من قانون المرافعات قصر الإحالة على حالة حكم المحكمة بعدم اختصاصها هي وليس عدم اختصاص محكمة غيرها وإذا اعتد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بإحالة محكمة دسوق الابتدائية بهيئة استئنافية إلى محكمة أول درجة ولم يقضي بعدم قبول الدعوى ورفض طلبهما إحالة الدعوى للتحقيق مكتفياً بما سمعته المحكمة المحلية من شهود فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه ولئن كان النص في المادة 135 من قانون المرافعات السابق 77 لسنة 1949 على أن (يجوز للمحكمة إذا حكمت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة) في ضوء ما ورد بمذكرته التفسيرية من أنه (أجاز القانون الجديد للمحكمة - إذا هي قبلت الدفع بعدم الاختصاص المحلي أو النوعي - أن تحكم بإحالة القضية بحالتها إلى المحكمة المختصة حتى لا تنقضي الخصومة بالحكم بعدم الاختصاص وحتى لا يتحمل رافعها عبء الاضطرار إلى تجديدها بدعوى مبتدأه مع احتمال أن يكون رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة نتيجة خطأ مغتفر.. وظاهر أن حكمة النص على جواز إحالة القضية إلى المحكمة المختصة لا تتوافر ولا يكون للعمل به محل - إذا قضت المحكمة في الدعوى في غيبة المدعى عليه وطعن هو في حكمها بالمعارضة أو الاستئناف ففي هذه الحالة لا يكون للمحكمة المرفوع إليها الطعن إلا أن تقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التي أصدرته) لئن كان ظاهر عبارة هذا النص الذي يسمح بالقول أن سلطة المحكمة في الإحالة مقصورة على حالة حكمها بعدم اختصاصها هي ولا يمتد إلى حالة عدم اختصاص المحكمة المطعون على حكمها أمامها إلا أن مؤدي تعديل هذا النص ذاته بالقانون 100 لسنة 1962 إلى أن (على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة.... وتلتزم المحكمة المحالة إليها الدعوى بنظرها) في ضوء ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية من أنه (كان رائد المشرع في مشروع التنقيح المرافق هو تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها وتنقية القانون القائم في كثير من المواضع مما عيب عليه... وتبسيطاً للإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص رؤى النص على وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة من الحالات التي تقضي فيها بعدم اختصاصها بنظرها بعد أن كان ذلك الأمر جوازياً في القانون القائم كما رؤى أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى) ثم ما نصت عليه المادة 110 من قانون المرافعات القائم من أنه (على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية) وما جاء بمذكرته الإيضاحية. "استحدث المشرع في المادة 110 نصاً مؤداه أن على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان الاختصاص متعلقاً بالولاية بعد أن كان القضاء قد استقر في ظل القانون القائم على عدم جواز الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص إذا كان ذلك راجعاً إلى سبب متعلق بالوظيفة - وكان مبنى هذا القضاء فكرة استقلال الجهات القضائية بعضها عن البعض الآخر وهي فكرة لم يعد لها محل بعد تطور القضاء وانحصاره في جهتين تتبعان سيادة واحدة"
وما نصت عليه المادتين 232، 233 من قانون المرافعات من أن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط. ويجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما قدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة أول درجة، بما يقتضيه ذلك من أن مهمة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مجرد مراقبة سلامة تطبيق محكمة أول درجة للقانون وإنما عليها أن تعيد نظر الدعوى بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف وتقول كلمتها محكمة الموضوع فيها وهو ما لازمه أن يكون لها بحسب الأصل كل ما لمحكمة أول درجة من صلاحيات، وكل ذلك يدل على أن قصد المشرع قد اتجه بدأ منذ صدور القانون 100 لسنة 1962 إلى أن يوجب على محكمة الموضوع بدرجتيها. ودون محكمة النقض لما نصت عليه المادة 269 مرافعات من حكم مغاير. أن تأمر كلما حكمت بعدم اختصاصها هي أو بعدم اختصاص محكمة أدنى أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، وذلك للإقلال من دواعي البطلان وتأكيداً للدور الإيجابي للقضاء في تسيير الدعوى وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا أخطأ في تطبيقه ويكون النعي على غير أساس خليقاً بالرفض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاعهما ببطلان الحكم الابتدائي لأن السيد/ عضو يمين الدائرة التي أصدرته كان عضواً في الدائرة الابتدائية بهيئة استئنافية التي حكمت بعدم اختصاص محكمة دسوق الجزئية قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الابتدائية قولاً منه بأن هذا الحكم لا يكشف عن رأي في موضوع الدعوى. في حين أن الحكم بعدم الاختصاص القيمي كان نتيجة بحث لموضوع الدعوى وبعد تحقيق شارك فيه سيادته فلم يعد صالحاً لنظر الدعوى... فخالف الحكم المطعون فيه بذلك القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة تطبيقاً لنص المادتين 146/ 5، 147/ 1 من قانون المرافعات أن مناط منع القاضي من سماع الدعوى وبطلان حكمه متى سبق له نظرها قاضياً أن يكون قد قام في النزاع بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترطه فيه من خلو الزهن عن موضوعها حتى يستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً مخافة أن يتشبث برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم، ولما كان الثابت من الاطلاع على حكم محكمة دسوق الابتدائية بهيئة استئنافية الذي شارك في إصداره عضو يمين الدائرة أتي أصدرت حكم محكمة أول درجة أنه قد أقام قضاءه بعدم اختصاص محكمة دسوق الجزئية بالنزاع قيمياً واختصاص المحاكم الابتدائية على ما أورده في مدوناته من أن منازعة الطاعنين في أن العين خالية.... يجعل النزاع يخرج من اختصاص المحاكم الجزئية ويوجب الإحالة إلى المحكمة الابتدائية "ولا يقيد حكم الإحالة للمحكمة الابتدائية بشأن ما إذا كان المكان قد أجر خالياً أو مفروشاً" وهو تقرير لا ينبئ عن أن القاضي قد كون رأياً خاصاً في هذا الموضوع.... ولا أسفر عن اقتناعه بأقوال الشهود ومن ثم فإنه لا يفقد صلاحيته لنظر الدعوى..... وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا أخطأ في تطبيقه يكون النعي على غير أساس خليقاً بالرفض.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث للطعن أنه رفض دفعهما بعدم سماع الدعوى لعدم قيد الإيجار بالوحدة المحلية تأسيساً على أن العين المؤجرة محل تجاري أي منقول معنوي وليس مكاناً مفروشاً دون أن يستظهر توافر العناصر المعنوية للمحل التجاري فشابه بذلك التناقض - رغم أن المشرع اشترط لسماع الدعوى في الحالتين قيد عقد الإيجار فخالف بذلك القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 43 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "لا تسمع دعاوى المؤجر كما لا تقبل الطلبات المقدمة منه الناشئة أو المترتبة على تطبيق أحكام المادتين 39، 40 إلا إذا كانت العقود المبرمة وفقاً لها مقيدة على الوجه المنصوص في المادة السابقة" يدل على أن الجزاء المنصوص عليه في المادة 43 بعدم سماع المؤجر لعدم قيد العقد المفروش بالوحدة المحلية لا محل لإعماله إلا إذا كان عقد الإيجار مبرماً بالتطبيق لأحكام المادتين 39، 40 من هذا القانون أما إذا كان العقد لا يندرج ضمن الحالات المنصوص عليها في هاتين المادتين فلا محل لإعمال هذا الجزاء الذي قصره المشرع على هذه الحالات وحدها، لما كان ذلك وكان تأجير مالك العقار لمحل مجهز بقصد الاستغلال التجاري سواء أكان قد استكمل مقومات المحل التجاري المادية والمعنوية أو كان مجرد مكان زوده مالكه بمنقولات من عنده يخرج عن نطاق الحالات المنصوص عليها في هاتين المادتين. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على ما سلف بيانه فإن النعي في جملته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنان ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك لأنهما تمسكا بصورية قائمة المنقولات المرفقة بالعقد وبأن منفعتها لا تغلب منفعة المكان خالياً ودللا على ذلك بأقوال شهودهما وبالعديد من المستندات التي ثبت أن المكان خالي ولكن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع بمقولة. أن العين أجرت بمنقولات تفي بالغرض من تأجيرها كصيدلية دون أن يعني بالرد على دفاعهما وهو ما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن تقدير أدلة الصورية هو مما يستقل به قاضي الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه إن لم يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الحجج والأقوال، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن محل النزاع لم يؤجر خالياً بل مجهزاً بمنقولات كافية للغرض الذي أجرت من أجله مستدلاً على ذلك بأقوال شهود المطعون ضده الأول التي أطمأن إليها وما ساقه من قرائن وكان هذا الذي ساقه الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فلا على المحكمة إن لم ترد على ما ساقه الطاعنان من قرائن مناهضة بعد أن أوضحت الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس خليقاً بالرفض.