أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 653

جلسة 23 من ابريل سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة ومجدى منتصر ومصطفى كامل وبهيج حسن.

(111)
الطعن رقم 22552 لسنة 59 القضائية

التماس اعادة النظر. ضرب "أحداث عاهة".
المقصود بالحالة المنصوص عليها فى الفقرة الخامسة من المادة 441 إجراءات: أن تدل الوقائع والأوراق التى تظهر بعد الحكم نهائيا على براءة المحكوم عليه. أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمله التبعة الجنائية.
مثال لظهور واقعة جديدة حاسمة بذاتها فى النيل من الدليل الذى عول عليه الحكم فى اثبات قيام حالة العاهة المستديمة التى دان الطالب بها.
لما كانت المادة 441 من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على جواز طلب اعادة النظر فى الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة فى مواد الجنايات والجنح فى خمس حالات تناولت الأخيرة منها حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المقصود بهذه الحالة أن تدل تلك الوقائع أو الأوراق بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمله التبعة الجنائية، وإذ كشف تقرير كبير الأطباء الشرعيين - حسبما سلف بيانه - عن واقعة عدم تخلف عاهة مستديمة بالمجنى عليه والتى كانت مجهولة من المحكمة والمتهم إبان المحكمة لو تظهر إلا بعد الحكم نهائيا فى الدعوى، وكانت هذه الواقعة حاسمة بذاتها فى النيل من الدليل الذى عول عليه الحكم فى اثبات قيام جناية العاهة المستديمة التى دان الطالب بها وأوقع عليه عقوبتها باعتبارها أشد الجرائم المستندة إليه فضلا عن الأثر الذى قد يترتب على ظهور هذه الواقعة بالنسبة لتقدير التعويض الذى يستحقه المجنى عليه بوصفه مدعيا بالحق المدنى، فإن ذلك ما يسوغ قبول الطلب والقضاء بالغاء الحكم الصادر فى الجناية رقم...... لسنة...... قسم المنيا بالنسبة للطالب والمسئول عن الحقوق المدنية واحالة الدعوى إلى المحكمة التى أصدرت الحكم للفصل فيها مجددا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطالب: - (1) أحدث عمدا بـ...... الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى تيبس بمفصل الكتف الأيسر مع إعاقة فى نهاية الحركات الجانبية للمفصل وضيق بالمسافة المفصلية للكتف الأيسر وانكماش فى ظل الرئة اليسرى مع كسر ملتحم بالاضلاع الثالث والرابع والخامس الأيسر ومجموع العاهات تقدر بنحو 20%. (2) وهو موظف عمومى.......... استعمل القوة مع المجنى عليه بأن أحدث آلاما ببدنه اعتمادا على سلطة وظيفته. (3) قبض على المجنى المذكور بدون أمر من أحد الحكام المختصين وفى غير الأحوال التى تصرح بها القوانين واللوائح. واحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم ووزير الداخلية بصفته متضامنين بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 240/ 1، 129، 280 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات أولا/ بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه. ثانيا/ بالزام المتهم ووزير الداخلية بصفته متضامنين بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض. ثالثا/ بالزام المتهم ووزير الداخلية بصفته متضامنين مصروفات الدعوى الجنائية والمدنية.
فطعن كل من المحكوم عليه وإدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الداخلية بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة..... قضائية وهذه المحكمة قضت بقبول طعن المحكوم عليه شكلا ورفضه موضوعا. وبقبول طعن المسئول عن الحقوق المدنية شكلا وفى الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بالغاء ما قضى به من الزام المسئول بالحقوق المدنية بالمصاريف الجنائية ورفضه فيما عدا ذلك. ثانيا/ بالزام الطاعنين بالمصاريف المدنية.
فتقدم المحكوم عليه بطلب اعادة النظر إلى السيد المستشار النائب العام الذى احاله إلى اللجنة المختصة التى قررت قبول الطلب واحالته إلى محكمة النقض لنظره.


المحكمة

وحيث إنه يبين من وقائع الطلب أنه بنى على الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الاجراءات الجنائية وأساسه أنه ظهر بعد الحكم نهائيا بإدانة الطالب بجناية إحداث عاهة مستديمة فى القضية رقم..... لسنة..... جنايات قسم المنيا ما يدل على عدم سلامة التقارير الطبية التى عول عليها الحكم فى اثبات حصول العاهة، آية ذلك أن النيابة العامة بمناسبة تحقيق شكوى الطالب فى هذا الشأن - ندبت كبير الأطباء الشرعيين لاعادة فحص المجنى عليه وإبداء الرأى فى التقارير الطبية المشار اليها وقد اتضح من تقريره أن بعض الآثار الإصابية التى أثبتت بها لا وجود لها وأن المجنى عليه شفى من إصاباته الآخرى دون تخلف عاهة.
وحيث إنه يبين من الحكم الصادر بتاريخ........ فى الجناية موضوع الطلب أن النيابة العامة قد أسندت إلى الطالب أنه أولا: أحدث عمدا بـ........ الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهى تيبس بمفصل الكتف الأيسر مع إعاقة فى نهاية الحركات الجانبية للمفصل وضيق بالمسافة المفصلية للكتف الأيسر وانكماش فى ظل الرئة اليسرى مع كسر ملتحم بالضلع 3، 4، 15 الأيسر ومجموع العاهات تقدر بنحو 20% عشرين فى المائة. ثانيا: وهو موظف عمومى..... استعمل القوة مع....... بأن أحدث آلاما ببدنه اعتمادا على سلطة وظيفته. ثالثا: قبض على....... بدون أمر من أحد الحكام المختصين وفى غير الاحوال التى تصرح بها القوانين واللوائح. وطلبت عقابه بالمواد 240/ 1، 129، 280 من قانون العقوبات، وقد قضت محكمة الجنايات بمعاقبة الطالب بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالزامه والسيد وزير الداخلية متضامنين بآداء مبلغ عشرين ألف جنيه للمجنى عليه - المدعى بالحق المدنى - على سبيل التعويض النهائى. فطعن والمسئول عن الحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض وقضى برفض الطعن. وقد أسس الحكم الصادر بالإدانة قضاءه على ثبوت ارتكاب الطالب الجرائم المسندة إليه وأوقع عليه العقوبة المقررة لجناية إحداث العاهة المستديمة باعتبارها أشد تلك الجرائم عملا بنص المادة 32 من قانون العقوبات واستند الحكم فى اثبات مقارفة الطالب جريمة العاهة على أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه وشهود الاثبات ومما جاء بالتقارير الطبية الشرعية التى أورد مؤداها فى قوله "أفادت تقارير الطب الشرعى المنضمة أن المجنى عليه عندما نقل إلى مستشفى المنيا كان مصابا بسحجات باليد اليسرى وبالساعد الأيسر وبكدم شديد بأعلى منتصف الصدر من الناحية اليسرى وسحجات باليد اليمنى كدمات بالظهر والساقين ورض شديد بالأصبع الصغير "الخنصر" من اليد اليمني وشرخ بالضلع الأول الأمامى الأيسر وكسور بالضلوع الثالث والرابع والخامس مع اشتباه ما بعد الارتجاج وهى إصابات يجوز حدوثها وفقا لتصوير المجنى عليه وفى وقت معاصر للحادث وقد تخلف لديه من جراء إصاباته التى بأعلى الصدر والضلوع عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى تيبس جزئى بمفصل الكتف الأيسر وإعاقة فى نهاية الحركات الجانبية لهذا للمفصل وضيق المسافة المفصلية للكتف الأيسر وانكماش فى ظل الرئة اليسرى وكسور ملتحمة بالضلوع الثالث والرابع والخامس اليسرى ويقدر مجموع هذه العاهات بنحو عشرين فى المائة". ويبين من الاطلاع على التحقيق الذى أجرته النيابة العامة بشأن الالتماس المقدم من الطالب بعد صدور الحكم نهائيا فى الدعوى والمؤسس على حصول تزوير فى التقارير الطبية التى كانت عماد قضاء الحكم بإدانته بجريمة إحداث العاهة أنه ضبطت بناء على ارشاد زوجة الطالب صورة أشعة أخذت للمجنى عليه بمستشفى الصدر بالمنيا مؤرخة......... وبسؤال مدير المستشفى المذكور الدكتور....... ووكيلها الدكتور....... شهدا بأنهما تبينا من فحصها سلامة رئتى المجنى عليه وعدم تخلف أى أثر اصابى باضلاعه، وعلى أثر ذلك جرى سؤال الأطباء الذين حرروا التقارير الطبية المشار إليها وندبت النيابة كبير الأطباء الشرعيين لاعادة فحص المجنى عليه وإبداء الرأى فى تلك التقارير وأورى تقريره النتيجة الآتى نصها "1 - الاصابات الموصوفة بالمجنى عليه/...... المثبتة بأوراق مستشفى المنيا العام وهى عبارة عن سحجات بالخد الأيسر والرقبة واليد اليمنى وكدمات بيسار الصدر ويسار الظهر حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة وهى جائزة الحصول من واقعة الاعتداء عليها وفقا للتصوير الوارد على لسان المجنى عليه والذى جاء سرده بمذكرة النيابة التى تضمنها صورة التقرير الطبى الشرعى رقم........ طب شرعى المنيا. 2 - بالكشف الاكلينكى على المجنى عليه وفحصه بالأشعة تبين لنا أنه شفى من جميع إصاباته وحالة الرئتين عادية ولا يوجد انكماش بها وعليه فقد تم شفاؤه دون تخلف عاهة مستديمة. أما بالنسبة لما أثبت بالتقرير الطبى الشرعى رقم..... والمحرر بمعرفة الدكتور/ ........ من وجود ضيق بسيط بالمسافة المفصلية لمفصل الكتف مع وجود إعاقات بمفصل الكتف فإنه قد تبين من الكشف عليه وفحصه بالأشعة عدم وجود أى آثار متخلفة بمفصل الكتف ولا يوجد عاهة مستديمة به. وهذا بالاضافة إلى أن أوراق مستشفى المنيا لم يثبت بها ما يشير إلى وجود إصابة ما بهذا الموضع 3 - بالنسبة لما جاء ذكره عن كسور الاضلاع فقد أفاد السيد أخصائى الأشعة أنه قد اتضح من فحص صور الأشعة المأخوذة بالمستشفى وهى عدد خمس صور بدون اسم أو تاريخ تبين وجود كسر شرخى بالطرف الأمامى للضلع الثالث الأيسر لا يمكن الجزم بمعاصرته للحادث كما لم تظهر صورة الأشعة الأخرى سوى وجود لهذا الأثر بالضلع الثالث وبخلاف ذلك لم تظهر آثار واضحة لكسور أخرى بالاضلاع ومن المسلم به أن رؤية المنطقة الأمامية للضلوع تتطلب إجراءات خاصة لم تتوفر فى معظم الصور المرسلة مما أدى إلى عدم وضوح الرؤيا بأفلام الأشعة وأن اختلاف رأى الأطباء بالنسبة لكسور الاضلاع كان نتيجة ذلك، كما وأن صور الأشعة التى أجريت بمعرفة الدكتور/ ....... عام 86 يسرى عليها ذلك أيضا لأنها غير جيدة تماماً الا أنها لا توضح انكماش بالرئة أو تغيرات مفصلية بالكتف الأيسر. وبعد اطلاع الطبيب الشرعى الذى وضع التقرير الأول على تقرير كبير الأطباء الشرعيين نفى أن يكون فيما انتهى إليه فى تقريره قد تعمد تغيير الحقيقة وأن الأمر لا يعدو قراءة خاطئة لصور الاشعة واردف أن المرجع الأخير فى هذا الخصوص هو كبير الأطباء الشرعيين وبالجلسة ردد كبير الأطباء الشرعيين مضمون ما أورده بتقريره وأكد على أن المجنى عليه شفى من جميع إصاباته دون تخلف عاهة مستديمة وصمم الطالب على طلباته وانضم إليه المسئول عن الحقوق المدنية وطلب الحاضر عن المدعى بالحقوق المدنية الحكم بعدم قبول الطلب. لما كان ذلك، وكانت المادة 441 من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على جواز طلب اعادة النظر فى الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة فى مواد الجنايات والجنح فى خمس حالات تناولت الأخيرة منها حالة ما إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المقصود بهذه الحالة أن تدل تلك الوقائع أو الأوراق بذاتها على براءة المحكوم عليه أو يلزم عنها سقوط الدليل على إدانته أو تحمله التبعة الجنائية، وإذ كشف تقرير كبير الأطباء الشرعيين - حسبما سلف بيانه - عن واقعة عدم تخلف عاهة مستديمة بالمجنى عليه والتى كانت مجهولة من المحكمة والمتهم إبان المحكمة لو تظهر إلا بعد الحكم نهائيا فى الدعوى، وكانت هذه الواقعة حاسمة بذاتها فى النيل من الدليل الذى عول عليه الحكم فى اثبات قيام جناية العاهة المستديمة التى دان الطالب بها وأوقع عليه عقوبتها باعتبارها أشد الجرائم المستندة إليه فضلا عن الأثر الذى قد يترتب على ظهور هذه الواقعة بالنسبة لتقدير قيمة التعويض الذى يستحقه المجنى عليه بوصفه مدعيا بالحق المدنى، فإن ذلك ما يسوغ قبول الطلب والقضاء بالغاء الحكم الصادر فى الجناية رقم...... لسنة...... قسم المنيا بالنسبة للطالب والمسئول عن الحقوق المدنية واحالة الدعوى إلى المحكمة التى أصدرت الحكم للفصل فيها مجددا.