أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 3 - صـ 98

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1951
(19)
القضية رقم 205 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
( أ ) قوة الأمر المقضي. حكم من محكمة ذات ولاية. صيرورته نهائياً. إهداره بمقولة أنه صدر بالتواطؤ بين من صدر له وأحد الخصوم. لا يصح.
(ب) دعوى استرداد. حكم غيابي. عدم استئنافه في مدى خمسة عشر يوماً. صيرورته نهائياً القول بسقوطه لعدم إعلانه وعدم تنفيذه في خلال ستة أشهر من صدوره. لا يقبل.
1 - متى صدر الحكم من محكمة ذات ولاية وصار نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً فلا يجوز إهدار حجيته بمقولة أنه صدر بالتواطؤ بين من صدر له وأحد الخصوم.
2 - الحكم الصادر في دعوى الاسترداد غيابياً بالنسبة إلى بعض الخصوم يصبح نهائياً بالنسبة إلى هذا البعض إذا لم يستأنفوه في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره وفقاً للمادة 478 من قانون المرافعات القديم. ومتى أصبح نهائياً فلا يصح القول بسقوطه بمقولة أنه صدر غيابياً بالنسبة إلى هؤلاء البعض ولم يعلنوا به ولم ينفذ عليهم في خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره.


الوقائع

في يوم 18 من ديسمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 13 من يونيه سنة 1949 في الاستئناف رقم 40 سنة 24 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 20 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 7 من يناير سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته ولم يقدم المطعون عليهم دفاعاً. وفي 16 من سبتمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض السببين الأول والثاني وقبول السبب الثالث ونقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف أسيوط للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات. وفي 8 من نوفمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن رسا عليه مزاد ماكينة ري بحكم بيع مختلط في 29 من أكتوبر سنة 1932 بناء على طلب الحاجز أمين بطرس ضد مدينة حفني أحمد الحلفاوي فأجرها الطاعن إلى السيد حفني ابن المدين لمدة سنتين بعقد الإيجار المحرر في أول ديسمبر سنة 1934. وفي خلال عام سنة 1935 توفي حنفي أحمد الحلفاوي ولدين عليه لمن يدعى عبد الحميد عثمان البارودي حجز على الماكينة في 7 من سبتمبر سنة 1935 باعتبارها مملوكة للمدين المذكور، فأقام الطاعن على الحاجز وورثة المدين المحجوز عليه دعوى استرداد رقم 116 سنة 1936 مدني كلي سوهاج قضى له فيها ابتدائياً بأحقيته للماكينة وإلغاء الحجز، وكان بعض ورثة المدين ينازعونه في ملكيته ويطلبون مع الحاجز رفض الدعوى، فاستأنف الأخير هذا الحكم وقضى بتأييده، وبني الحكمان على ما ثبت للمحكمة من ملكية الطاعن للماكينة بحكم رسو المزاد وعلى أن إدعاء الحاجز بأن الراسي عليه المزاد إنما هو مشتر صوري استعار المدين اسمه هو إدعاء لم يقم عليه دليل وعلى أن الطاعن وضع يده على الماكينة وقام عقب رسو مزادها عليه بتأجيرها وإصلاحها بمصروفات منه ثابتة بالفواتير المقدمة. وفي 29 من يناير سنة 1944 أقام الطاعن الدعوى الحالية رقم 192 سنة 1944 مدني كلي سوهاج على المطعون عليهم بملكية الماكينة، فندبت المحكمة خبيراً لتقدير قيمة الإصلاحات وتحقيق من الذي قام بها. وفي 21 من إبريل 1948 حكمت محكمة سوهاج بتثبيت ملكية الطاعن للماكينة وتسليمها إليه مؤسسة على حكمها ما قضى به الحكم النهائي في دعوى الاسترداد بما له من قوة الأمر المقضي ومطروحة تقرير الخبير فيما قرره من وضع يد حفني أحمد الحلفاوي وقيامه بالإصلاحات هو وورثته من بعده، استأنف المطعون عليهم وقدموا إلى محكمة الاستئناف إقراراً على الطاعن حرر في 29 من أكتوبر سنة 1932 في نفس يوم رسو مزاد الماكينة عليه ورد به: أنه اشتراها بمبلغ خمسين جنيهاً ودفع أيضاً إلى الدائن مبلغ أثنين وثلاثين جنيهاً قيمة باقي دينه من أصل ومصروفات وبموجب هذا يقرر أنه إذا دفع المدين اثنين وثمانين جنيهاً لغاية آخر إبريل سنة 1933 فإنه ينزل له عن هذا البيع، وفي 13 من يونيه 1949 حكمت محكمة استئناف أسيوط بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن فطعن بطريق النقض في هذا الحكم.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه فصل في النزاع القائم بينه وبين المطعون عليهم على خلاف ما قضى به الحكم السابق صدوره في دعوى الاسترداد رقم 37 لسنة 11 ق استئناف أسيوط الذي حاز قوة الأمر المقضي - وذلك لأن هذا الحكم قرر ملكيته للماكينة المتنازع عليها فجاء الحكم المطعون فيه ونفى هذه الملكية مع اتحاد السبب والموضوع والخصوم في الدعويين، كما أخطأ الحكم المطعون فيه قانوناً إذا أهدر حجية الحكم السابق بمقولة أنه صدر بطريق التواطؤ بين الطاعن وأحد الخصوم في الدعوى وهو السيد الحلفاوي بقصد حرمان زوجة أبيه ذهب محمد حسن هي وأولادها القصر من نصيبهم في الماكينة في حين أنه لا يجوز الطعن في حكم نهائي بحجة صدوره بطريق التواطؤ بين بعض الخصوم وبمقولة أنه صدر غيابياً بالنسبة إلى حلفاوي وملتزمة من ورثة المحجوز عليه وسقط لعدم إعلانه وتنفيذه في خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره مع أن هذا السقوط لا يسرى على الأحكام الاستئنافية الغيابية ومع أن الحكم الذي يصدر غيابياً في دعوى الاسترداد لا تجوز المعارضة فيه وفقاً للمادة 478 من قانون المرافعات (القديم).
ومن حيث إنه جاء بأسباب الحكم المطعون فيه "أن الحكم رقم 37 لسنة 11 ق استئناف أسيوط قضى باسترداد الماكينة للطاعن بغير تقدير ورقة ضد محضر البيع المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1932 ولو أنها قدمت لتغير أوجه نظر محكمة الاستئناف ولم يمنع من تقديمها إلا تواطؤ السيد حفني ابن المدين مع المستأنف عليه "الطاعن" لحرمان زوجة أبيه من نصيبها الشرعي، وجاء به في موضع آخر تبريراً لعدم حجية حكم الاسترداد الصادر من محكمة استئناف أسيوط أن هذا الحكم وقد بني على التواطؤ لا يمكن أن يحاج به المستأنفون فضلاً عن أنه صدر غيابياً بالنسبة إلى حلفاوي وملتزمة من ورثة المدين المحجوز عليه ولم يعلن لهما ولم ينفذ في بحر الستة أشهر فترتب على ذلك سقوطه عملاً بالمادة 344 مرافعات".
ومن حيث إن هذا الذي ذهب إليه الحكم مخالف للقانون من وجهين الأول لأن حكم الاسترداد رقم 37 لسنة 11 ق استئناف أسيوط قضى في موضوع الدعوى بملكيته الطاعن للماكينة بسبب رسو مزادها عليه وذلك في خصومة قامت بينه وبين الدائن الحاجز وحلفاوى وملتزمة وسيد أولاد المدين المحجوز عليه ممن مثلوا في تلك الدعوى فجاء الحكم المطعون فيه وأهدر حجية الحكم السابق وقضى برفض طلب الملكية مع وحدة السبب والموضوع والخصوم استناداً إلى أنه صدر بالتواطؤ بين الطاعن وأحد ورثة المحجوز عليه الذي عزا إليه الحكم أنه أخفى ورقة حاسمة في الدعوى، مع أن الحكم متى صدر من محكمة ذات ولاية وصار نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن المقررة قانوناً فلا يجوز إهدار حجيته استناداً إلى السبب المشار إليه، ووجه الخطأ الآخر هو أن الحكم المطعون فيه قال بسقوط الحكم الصادر في دعوى الاسترداد بالنسبة إلى حلفاوي وملتزمة لصدوره في غيبتهما وعدم إعلانهما به وتنفيذه عليهما في خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره مع أن هذا الحكم أصبح نهائياً بالنسبة إليهما لعدم رفعهما استئنافاً عنه في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره وفقاً للمادة 478 من قانون المرافعات (القديم).
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس إهداره لحجية حكم حاز قوة الأمر المقضي به فإنه يتعين نقضه بدون حاجة إلى بحث أسباب الطعن الأخرى.