أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 3 - صـ 107

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1951
(21)
القضية رقم 134 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك، وسليمان ثابت بك، ومصطفى فاضل بك، وأحمد العمروسي بك المستشارين.
قضاء مستعجل. دعوى طرد مستأجر. تمسك المستأجر بأن العقد الذي بيده تجدد تجدداً ضمنياً أصبح محكوماً بالقانون رقم 121 لسنة 1947. ثبوت أن هذا الدفاع جدي. يتعين على القضاء المستعجل، الحكم بعدم اختصاصه بالفصل في طلب الطرد لمساس ذلك بالموضوع.
إذا كان الثابت أنه كان بيد الطاعن عقد إيجار منزل صادر إليه من المطعون عليه تنتهي مدته في نوفمبر سنة 1937 وأن المطعون عليه أقر بتجديد هذا العقد لمدة سنة أخرى بعد انتهاء مدته، ولم يبين أنه اتخذ أي إجراء لإنهائه بعد انقضاء هذه السنة مع أنه باعترافه لم يسافر إلى الخارج إلا في غضون سنة 1939 ثم لم يعد إلا في أواخر سنة 1946 - إذا كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك في دعوى طرده من المنزل المؤجر إليه بتجديد عقد الإيجار تجديداً متتابعاً حتى أصبح محكوماً بالقانون رقم 121 سنة 1947 المنظم للعلاقة بين المؤجر والمستأجر، فإن هذا الدفاع هو دفاع جدي كان يتعين معه على القضاء المستعجل أن يحكم بعدم اختصاصه بالفصل في طلب الطرد لمساس ذلك بالحق المتنازع عليه بين الطرفين.


الوقائع

في يوم 9 من مايو سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 2 من إبريل سنة 1950 في القضية المدنية رقم 1512 سنة 1949 س وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه والتقرير بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الطلب وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات عن جميع درجات التقاضي ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 14 و16 من مايو سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 28 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 17 من يونيه سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً. وفي 19 من إبريل سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 8 من نوفمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة.... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول خرالمبو سانتيس يملك منزلاً بمدينة تلا مديرية المنوفية يحتوى على دكان ودورين علويين وقد أنشأ بالدكان محل بقالة مرخصاً باسمه، ومن أول نوفمبر سنة 1934 أجر إلى الطاعن المنزل عدا غرفة واحدة احتفظ لنفسه بسكناها وأشير إليها بعقد الإيجار، وهذا العقد لمدة ثلاث سنوات ابتداؤها أول نوفمبر سنة 1934 ونهايتها في نوفمبر سنة 1937 وبقى الطاعن في العين المؤجرة إلى ما بعد سنة 1939 التي سافر المطعون عليه الأول في غضونها إلى اليونان كعادته كل سنة - وفي أواخر سنة 1946 عقب انتهاء الحرب العامة عاد إلى القطر المصري فدب النزاع بينه وبين الطاعن بشأن ملكية المنزل وغيره من ممتلكات المطعون عليه الأول وقدمت النيابة العامة الطاعن إلى محكمة جنح مصر المختلطة بأربع تهم منها أنه في أثناء سنة 1947 بناحية تلا منوفية منع بالقوة حيازة المطعون عليه الأول لعقاره الخاص وطلبت معاقبته عن هذه التهمة وفقاً للمادة 369/ 1 من قانون العقوبات وتدخل المطعون عليه الأول مدعياً مدنياً في الدعوى طالباً الحكم بإلزام الطاعن بتسليم المنزل والدكان وبأن يدفع إليه تعويضاً مقداره خمسون جنيهاً. وفي 20 من يناير سنة 1949 حكمت المحكمة بحبس الطاعن عن هذه التهمة ثلاثة شهور وبإلزامه بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول 25 جنيهاً تعويضاً وقضت في بقية طلبات المطعون عليه الأول بإحالة الخصمين على المحكمة المدنية للتقاضي أمامها - وعلى أثر صدور هذا الحكم أمرت النيابة العامة بتسليم المطعون عليه الأول المنزل والدكان وتم التسليم فيما عدا الدكان فقد رفض المطعون عليه الأول تسلمه لوجود بضاعة فيه للطاعن، فأقام الطاعن الدعوى المستعجلة رقم 1462 سنة 74 ق في أمام محكمة مصر المختلطة التي قضت في 19 من يونيه سنة 1949 باعتبار تسليم المنزل الحاصل في 24 من مارس سنة 1949 بمعرفة معاون مركز تلا إلى المطعون عليه الأول تنفيذاً لحكم محكمة الجنح في 20 من يناير سنة 1949 خالياً من أي سبب يبرره من الحكم المذكور، فأقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 2534 سنة 74 ق مستعجل مصر مختلط بصحيفة أعلنها إلى الطاعن في 11 من أغسطس سنة 1949 طالباً الحكم باستمرار وضع يده على منزله والتصريح لنيابة مصر المختلطة بتسليمه محل البقالة والبار الكائن بأسفل العمارة. فحكمت المحكمة بصفة مستعجلة بإخراج ديمتري مانجو سيليس "الطاعن" فوراً من العقار المتنازع عليه وتسليمه إلى خرالمبو سانتيس "المطعون" عليه الأول" ورخصت لنيابة مصر المختلطة في أن تسلم فوراً إلى المطعون عليه الأول "بقالة وبار" الكائن في العقار المنوه عنه، فاستأنف الطاعن في هذا الحكم، وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه الصادر في 24 من إبريل سنة 1950 بتأييد الحكم المستأنف مؤسسة حكمها على أن الطاعن دفع لتهمة التي وجهت إليه أمام محكمة الجنح وهى منع حيازة العقار بالقوة بأنه يملك هذا العقار بطريق الشراء من المطعون عليه الأول ثم عدل عن ذلك إلى القول بأنه مستأجر لهذا العقار بعقد زعم أنه صدر من المالك في سنة 1934 وتجدد ضمنياً - وأن المحكمة الجنائية تعرضت في أسباب حكمها لهذا الدفاع وبينت أنه لم يقم لديها دليل على تجدد عقد الإيجار وثبت لها من كشف حساب مؤرخ في أول يناير سنة 1945 ومقدم من الطاعن إلى مكتب حراسة البلاد المحتلة أنه كان حائزاً للعقار بصفته وكيلاً عن المطعون عليه الأول - وأنه نظراً لما قرره الحكم الجنائي من أن حيازة الطاعن كان مبناها الوكالة فإنه ينتفي الادعاء بوجود حيازة للطاعن مبناها عقد إيجار سنة 1934 المقول بتجدده ويصبح لا محل لما يثيره من عدم اختصاص القضاء المستعجل بالفصل في طلب الطرد بحجة قيام منازعة جدية في سند حيازته.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم أنه خالف القانون إذ مس قضاؤه حق الطاعن المستمد من عقد الإيجار الذي تجدد ضمناً وسلمت به محكمة الجنح فرفضت الحكم بطرد الطاعن وقضت بإحالة طرفي الخصومة على القضاء المدني - وإذا أغفل الرد على ما تمسك به الطاعن من أن الحكم الابتدائي أثبت أن الطاعن اغتصب المنزل جميعه مع أن حكم محكمة الجنح أقيم على أنه اغتصب حجرة واحدة فيه - وإذا أغفل دلالة وجود بضاعة الطاعن في المحل التجاري مع أنه تمسك بأن البضاعة ملكه وأن ذلك يؤيد أنه يشغل المحل بوصفه مستأجراً - وإذا لم يلق بالاً ما دفع به من عدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى استناداً إلى أن القانون الواجب التطبيق في النزاع القائم بينه وبني المطعون عليه الأول هو القانون رقم 121 سنة 1947 المنظم للعلاقة بين المؤجر والمستأجر.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم الجنائي الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه أنه جاء فيه "وحيث إنه لا يوجد ما يثبت أن العقد المذكور (عقد الإيجار) مع افتراض أنه خاص بالعقار بأكمله قد جدد صراحة أو ضمناً من تلقاء نفسه ولو أنه جدد هكذا فلا يوجد ما يبرر موقف المتهم "الطاعن" الذي حرم سانتيس (المطعون عليه الأول) من الحجرة التي كان يشغلها في نفس عقاره كما قال ذلك عدة شهود سمعت أقوالها في الجلسة وفضلاًً عن ذلك فإن شغل هذه الحجرة اعترف به المتهم صراحة في عقد الإيجار الصادر إليه من المدعي المدني حيث ورد فيه أن هذا الأخير كان مقيماً في العقار المؤجر ومن هذا يبين أن الحكم الجنائي لم يقم قضاؤه على أساس عدم تجدد عقد الإيجار وإنما قضى بالعقوبة على أساس القدر المتيقن من الجريمة وهو ثبوت منع الطاعن بالقوة حيازة المطعون عليه الأول للغرفة المشار إليها التي كان يشغلها في المنزل.
ومن حيث إنه لما كان بيد الطاعن عقد إيجار صادر إليه من المطعون عليه الأول وقد أقر هذا الأخير بتجدده لمدة سنة أخرى بعد انتهاء مدته في شهر نوفمبر سنة 1937 - وكان لا يبين أنه اتخذ أي إجراء لإنهاء هذا العقد بعد القضاء هذه السنة أي في نوفمبر سنة 1938 مع أنه باعترافه لم يسافر إلى اليونان إلا في غضون سنة 1939 كما يبدو من الأوراق المقدمة إلى هذه المحكمة والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع - لما كان ذلك - كان تمسك الطاعن بتجدد عقد الإيجار تجدداً متتابعاً حتى أصبح محكوماً بالقانون رقم 121 سنة 1947 المنظم للعلاقة بين المؤجر والمستأجر - هو دفاع جدي كان يتعين معه على القضاء المستعجل أن يحكم بعدم اختصاصه بالفصل في طلب طرد الطاعن مما عدا الغرفة المشار إليها لمساس ذلك بالحق المتنازع عليه بين الطرفين.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه بقضائه بالطرد مما عدا الغرفة المذكورة مس أصل الحق ويتعين نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص والحكم بعدم اختصاصه بالفصل فيه.