أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 916

جلسة 25 من يونيه سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فاروق يوسف سليمان، خلف فتح الباب، حسام الدين الحناوي ومحمد شهاوي عبد ربه نوائب رئيس المحكمة.

(179)
الطعن رقم 2294 لسنة 58 القضائية

إيجار. التزام "انقضاء الالتزام: اتحاد الذمة".
انتهاء عقد الإيجار باتحاد الذمة. شرطه. شمول البيع كامل العين المؤجرة. شراء المستأجر حصة شائعة فيها. أثره. استمرار العقد بشروطه واقتضاء حصته في الأجرة بقدر نصيبه.
المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه وإن كان عقد الإيجار ينتهي باتحاد الذمة، كما إذا اشترى المستأجر العين المؤجرة، لأنه بهذا الشراء تكون قد اجتمعت له صفتا المستأجر والمؤجر فينقضي الالتزام باتحاد الذمة وينتهي الإيجار إلا أن شرط ذلك أن يشمل البيع كامل العين المؤجرة، أما إذا اقتصر على حصة شائعة فيها فإن عقد الإيجار يبقى قائماً ونافذاً قبل المستأجر بشروطه ولا يحق له التحلل منه، ولا يكون له سوى حصته في الأجرة بقدر نصيبه في الشيوع يقتضيها ممن له الحق في إدارة المال أو يخصمها من الأجرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 81 لسنة 1988 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالبين الحكم بإنهاء عقد إيجار السوق العمومي المؤرخ 5/ 3/ 1940 الصادر من مورثيهما والمطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول بصفته وإخلائه وتسليمه رخصته ومنشآته الثابتة والمنقولة، وبطلان عقد البيع المؤرخ 14/ 2/ 1980 الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول بصفته عن حصته في أرض السوق ومنشآته أو عدم نفاذه في حقهم، وإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي إليهم مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمطعون ضده الأول بصفته بريع السوق من تاريخ الحكم وحتى تمام التسليم، وبصفة مستعجلة بفرض الحراسة القضائية على السوق. وقالوا بياناً لذلك إن مورثيهما المرحومين.......... و........... ومورث المطعون ضده الثاني.........، اتفقوا فيما بينهم بموجب العقد المؤرخ 15/ 8/ 1983 على إنشاء شركة بقصد استغلال سوق عمومي بناحية مركز أبو حماد على أرض مساحتها 18 س، 6 ط، 3 ف يمتلك فيها الأخير 12 ط، 1 ف على أن يصدر الترخيص باسمه، وقد دفع الأول مبلغ مائة وخمسين جنيهاً نظير حصوله على نصف الربح على أن يقتسم الآخران النصف الباقي، واشترط في العقد على عدم أحقية ثالثهما في بيع حصته في أرض أو منشآت السوق أو التنازل عن رخصته وإلا التزم بالتعويض بمبلغ ألفي جنيه للأول وألف جنيه للثاني وبتاريخ 5/ 3/ 1940 أجر ثلاثتهم هذا السوق بملحقاته إلى المطعون ضده الأولى بصفته لمدة ثلاثة أشهر جُددت لمدة خمس سنوات ثم لمدد أخرى، وإذ رغب الطاعنون وهم أصحاب أغلبية الأنصبة في عدم تجديد الإيجار بعد انتهاء مدته في 5/ 6/ 1990 فقد أنذروه في 19/ 3/ 1990 لإخلاء السوق وتسليمه إلا أنه رفض ذلك بحجة شرائه حصة المطعون ضده الثاني في أرض السوق ومنشآته ورخصته بعقد مؤرخ 14/ 2/ 1980 فأقاموا دعواهم بطلباتهم سالفة البيان. قضت المحكمة برفض الشق المستعجل وبعد اختصاصها محلياً بنظر الطلبات الموضوعية وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية فقيدت أمامها برقم 11107 لسنة 1983 ثم قضت فيها بانتهاء عقد الإيجار وبالإخلاء والتسليم وبالإلزام بالتعويض المطالب به ورفضت باقي الطلبات. استأنف المطعون ضدهما الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة برقم 10703 لسنة 103 قضائية كما استأنفه الطاعنون لديها بالاستئناف رقم 10736 لسنة 103 قضائية وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول ليصدر فيما حكم واحد حكمت بتاريخ 24 من مارس سنة 1988 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بانتهاء عقد الإيجار والإخلاء والتسليم وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إنه أقام قضاءه برفض طلباتهم بإنهاء عقد إيجار السوق محل النزاع وإخلائه وتسليمه إليهم على أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد ابتاعت من المطعون ضده الثاني حصته في أرضه ومنشآته ورخصته وأصبحت مالكة لها فاجتمعت لها بذلك صفتا المالك والمستأجر فينتهي عقد إيجارها لكامل أرض السوق وملحقاته بقوة القانون لاتحاد الذمة، ويبقى وضع يدها عليه بصفتها مالكة في حين أن عقد البيع الصادر لها من هذا الأخير انصب على مساحة 21 ط، 1 ف فحسب من إجمالي مساحة أرض السوق البالغة 18 س، 6 ط، 3 ف، كما اقتصر على حصة البائع في منشآته ورخصته ومقدارها الربع فقط، وبالتالي فإنها لا تحل محل البائع لها في السوق المؤجر إليها إلا بقدر نصيبه في أرضه ومنشآته دون بقية الأنصباء فيبقى عقد الإيجار قائماً ومنتجاً لآثاره، ويحق للطاعنين باعتبارهم مالكين لأغلبية الأنصباء في المال الشائع أن يطلبوا إنهاءه لانتهاء مدته خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، كما أنه انتهى في مدوناته إلى صحة عقد البيع الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الشركة المطعون ضدها الأولى ونفاذه في حقهم عن كامل مساحة 21 ط، 1 ف من أرض السوق على اعتبار أنها مملوكة للمطعون ضده الثاني في حين أن الثابت من مدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 52 لسنة 1964 مدني الزقازيق الابتدائية وتقرير الخبير المودع فيها المقدم ضمن مستنداتهم إلى محكمة أول درجة والتي كان الأخير خصماً فيها، والذي تأيد بالاستئناف رقم 23 لسنة 11 قضائية المنصورة، أنه يمتلك مساحة 12ط، 1 ف فقط في أرض السوق وأن باقي مساحة هذه الأرض ملك لمورث الطاعنين الثمانية الأوائل بطريق الشراء من مصلحة الأملاك الأميرية بالمزاد العلني، وبالتالي فإن عقد البيع محل النزاع المؤرخ 14/ 2/ 1980 لا ينفذ في حقهم فيما زاد على تلك المساحة لصدوره من غير مالك، وإذ خلص الحكم إلى غير ذلك فإنه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه وأن كان عقد الإيجار ينتهي باتحاد الذمة، كما إذا اشترى المستأجر العين المؤجرة، لأنه بهذا الشراء تكون قد اجتمعت له صفتا المستأجر والمؤجر فينقضي الالتزام باتحاد الذمة وينتهي الإيجار إلا أن شرط ذلك أن يشمل البيع كامل العين المؤجرة، أما إذا اقتصر على حصة شائعة فيها فإن عقد الإيجار يبقى قائماً ونافذاً قبل المستأجر بشروطه وحلا يحق له التحلل منه، ولا يكون له سوى حصته في الأجرة بقدر نصيبه في الشيوع يقتضيها ممن له الحق في إدارة المال أو يخصمها من الأجرة. لما كان ذلك وكان الثابت من عقد البيع المؤرخ 14/ 2/ 1980 أنه تضمن شراء المطعون ضده الأول بصفته حصة المطعون ضده الثاني ومقدارها 21 ط، 1 ف في أرض السوق محل النزاع من إجمالي مساحته التي بلغت 22 س، 2 ط، 3 ف فضلاً عن الربع في منشآته ورخصته فيكون البيع قد اقتصر على جزء من المال الشائع محل عقد الإيجار المؤرخ 5/ 3/ 1940 الصادر من مورث الطاعنين ومورث المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول بصفته، وإذا لم يشمل البيع كامل العين المؤجرة، ومن ثم فإن عقد الإيجار يظل قائماً ونافذاً قبل المطعون ضده الأول بصفته مستأجراً لها وبذات الشروط مما يخول للطاعنين طلب إنهاء هذا العقد لانتهاء مدته باعتبارهم أغلبية الشركاء في الماء الشائع على أساس قيمة الأنصباء الواردة في عقد إنشاء السوق المؤرخ 15/ 8/ 1938 وتطبيقاً للمادة 828 من القانون المدني بشأن حق أغلبية الشركاء في إدارة المال الشائع. وإذا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر حين أقام قضاءه برفض طلبات الطاعنين بإنهاء عقد الإيجار وإخلاء السوق وتسليمه إليهم، استناداً إلى أنه بشراء المطعون ضده الأول بصفته لحصة المطعون ضده الثاني في أرض ومنشآت ورخصة السوق تكون قد تغيرت صفته من مستأجر إلى مالك فينتهي بذلك عقد الإيجار بقوة القانون لاتحاد الذمة وتبقي يده على العين بهذه الصفة الأخيرة، فلا يجوز إخلاؤه منها، وحجب بذلك نفسه عن بحث انتهاء عقد الإيجار بنهاية مدته التي تجدد إليها حتى 5/ 6/ 1990 هذا إلى أنه ذهب في مدوناته إلى القضاء بصحة عقد البيع سالف الذكر ونفاذه في حق الطاعنين عن مساحة 21 ط، 1 ف في أرض السوق وكامل منشآته، في حين أنهم قد تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الثاني لا يمتلك في هذه الأرض سوى مساحة 12 ط، 1 ف المخلفة عن مورثه....... وإن باقي المساحة آلت ملكيتها إلى المرحوم..... مورث الطاعنين الثمانية الأوائل بطريق الشراء من مصلحة الأملاك الأميرية المالكة الأصلية لها واستندوا في ذلك إلى ما ورد بمدونات الحكم الصادر في الدعوى رقم 52 لسنة 1964 مدني الزقازيق الابتدائية وتقرير الخبير المودع بها، ولم يعرض الحكم لهذا الدفاع ولم يقسطه حقه من البحث والتمحيص بالوقوف على حقيقة الملكية بالنسبة للمقدار الزائد عن تلك المساحة الذي تضمنه عقد البيع المشار إليه، مع أنه دفاع جوهري مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى كما لم يلق الحكم بالاً إلى أن الثابت من الأوراق وعقدي إنشاء السوق والبيع سالفي الذكر، أن المطعون ضده الثاني لا يمتلك في منشآت السوق سوى حصة مقدارها الربع وأنها التي انصب عليها عقد البيع الصادر منه إلى المطعون ضده الأول بصفته دون بقية الحصص المملوكة للطاعنين مما لا يسوغ معه القضاء بصحته ونفاذه في حقهم فيما يجوز ملكية البائع ويقع في ملكيتهم دون إجازتهم ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وعابه القصور فضلاً عما شابه من الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.