أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 669

جلسة 3 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.

(115)
الطعن رقم 7104 لسنة 58 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضى المدة". تقادم. موظفون عموميون. قانون "تفسيره".
متى تبدأ المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية. حال ارتكاب موظف عام إحدى الجرائم الواردة فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات ؟
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضى المدة". تقادم.
الاجراءات القاطعة لمدة تقادم الدعوى الجنائية. المادة 17 إجراءات.
متى تبدأ مدة جديدة للتقادم ؟
(3) دعوى جنائية "إجراءات رفعها". إجراءات "إجراءات الاتهام".
التأشير من النيابة العامة بتقديم الدعوى الجنائية إلى المحكمة. طبيعته وأثره ؟
(4) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضى المدة". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة". بطلان.
مواجهة المتهم باجراءات المحاكمة التى تقطع المدة المسقطة للدعوى الجنائية. ليس بلازم. شرط ذلك ؟
(5) إجراءات "اجراءات المحاكمة". دعوى جنائية "نظرها والفصل فيها". إعلان. بطلان.
عدم جواز الحكم على المتهم فى غيبته إلا بعد اعلانه قانونا بالجلسة وإلا بطلت إجراءات المحاكمة. علة ذلك ؟
(6) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضى المدة". تقادم. إجراءات "إجراءات التحقيق".
إجراءات التحقيق التى تجريها السلطة لمختصة به تقطع التقادم ولو أجريت فى غيبة المتهم. المادة 17 إجراءات جنائية.
(7) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضى المدة". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة" "إجراءات التحقيق".
انقطاع المدة المسقطة للدعوى الجنائية. عينى الأثر. امتداد أثره إلى جميع المتهمين فى الدعوى. ولو لم يكونوا طرفا فى الاجراءات.
(8) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضى المدة". تقادم. نظام عام.
انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها.
مثال.
1 - إن قانون الاجراءات الجنائية بعد أن نص فى الفقرة الأولى من المادة 15 منه على انقضاء الدعوى الجنائية فى مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة نص فى الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها على أنه "......... لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات والتى تقع من موظف عام إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها من قبل ذلك". فإن مفاد ذلك أنه إذا كان الجانى موظفا عاما وكانت الجريمة المسندة إليه احدى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فإن المدة المقررة لإنقضاء الدعوى الجنائية لا تبدأ من يوم ارتكاب الجريمة وإنما من يوم انتهاء خدمته أو زوال صفته أو من تاريخ مباشرة النيابة العامة للتحقيق.
2 - إن المادة 17 من قانون الاجراءات الجنائية تقضى بإنقطاع مدة التقادم بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائى أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمى وتسرى المدة من جديد إبتداء من يوم الانقطاع، وإذا تعددت الاجراءات التى تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء.
3 - من المقرر أن الدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة بمجرد التأشير من النيابة العامة بتقديمها إلى المحكمة، لأن التأشير بذلك لا يعدو أن يكون أمرا إداريا إلى قلم كتاب النيابة لإعداد ورقة التكليف بالحضور حتى إذا ما أعدت وقوعها عضو النيابة وجرى من بعد إعلانها وفقا للقانون ترتبت عليها كافة الآثار القانونية بما فى ذلك قطع التقادم بوصفها من إجراءات الاتهام.
4 - الأصل أنه وإن كان ليس بلازم مواجهة المتهم باجراءات المحاكمة التى تقطع المدة المسقطة للدعوى الجنائية ما دامت متصلة بسير الدعوى أمام القضاء إلا أنه يشترط فيها لكى يترتب عليها قطع التقادم أن تكون صحيحة، فإذا كان الإجراء باطلا فإنه لا يكون له أثر على التقادم.
5 - من المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم على المتهم فى غيبته إلا بعد إعلانه قانونا بالجلسة التى تحدد لنظر دعواه وإلا بطلت إجراءات المحاكمة لأن الاعلان القانونى شرط لازم لصحة اتصال المحكمة بالدعوى.
6 - إن مفاد نص المادة 17 من قانون الاجراءات الجنائية أن إجراءات التحقيق التى تتم فى الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام بها تقطع المدة المقررة لإنقضاء الدعوى الجنائية سواء جريت فى مواجهة المتهم أو فى غيبته.
7 - إن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تقطع بأى إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يتم فى الدعوى وأن هذا الانقطاع عينى يمتد أثره إلى جميع المتهمين فى الدعوى ولو لم يكونوا طرفا فى الإجراءات.
8 - من المقرر أن إنقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكان الثابت أن النيابة العامة بدأت التحقيق فى الواقعة المسندة إلى المستأنف قبل انتهاء خدمته أو زوال صفته العامة، وأنه قد مضى فى صورة الدعوى المطروحة ما يزيد على ثلاث سنوات بين تاريخ انتهاء تحقيق النيابة العامة فى الواقعة بتاريخ 3 من مارس سنة 1976 وبين إعلان المتهم - المستأنف - إعلانا صحيحا بتاريخ 11 من فبراير سنة 1980 بالحكم الغيابى الابتدائى دون اتخاذ أى إجراء قاطع لتلك المدة سواء بالنسبة له أو بالنسبة للمتهمين الآخرين، إذ لا يعتد فى هذا الخصوص بقرارات تأجيل جلسات المحاكمة طالما أن المحكمة لم تكن قد اتصلت بالدعوى اتصالا صحيحا، فإن الدعوى الجنائية بالنسبة للمستأنف تكون قد إنقضت بمضى المدة ومن ثم يتعين القضاء بالغاء الحكم المستأنف وبإنقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة بالنسبة له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وهو فى حكم الموظفين العموميين (ميكانيكى بالشركة المصرية لـ.......... والمملوكة للدولة) تسبب بخطئه الجسيم فى الحاق ضرر جسيم بأموال الشركة سالفة الذكر وكان ذلك ناشئا عن اهماله الجسيم فى آداء وظيفته بأن لم يتواجد بمكان عمله على السفينة (برنيس) المتراكية على رصيف الاصلاح لمراقبة حالتها أثناء تراكيها فتسربت اليها المياه فغرقت غرفة الميكانيكا بها وحدثت بالسفينة التلفيات المبينة بالمحضر ولحق بها خسائر بلغت ثلاثة وثلاثين ألفا من الجنيهات على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابه بالمواد 111/ 6، 116 مكررا ب، 119 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قسم المينا قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة 50 جنيها وغرامة 33000 جنيه. عارض وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع بالاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيها وتأييده فيما عدا ذلك. استأنف، ومحكمة الاسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض تحت رقم....... لسنة........ قضائية، وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية إلى محكمة الاسكندرية الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى.
ومحكمة الاعادة - بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالغاء عقوبة الحبس وبتغريم المتهم مائة جنيه وتأييده الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن الاستاذ/ ....... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... الخ.
وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة...... لنظر الموضوع وعلى النيابة العامة إعلان المتهم.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة قد قضت فى..... بنقض الحكم المطعون فيه - لثانى مرة - وحددت جلسة لنظر الموضوع عملا بالمادة 45 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية ضد المستأنف وآخرين بوصف أنهم فى يوم 11/ 10/ 1974 بدائرة قسم الميناء بمحافظة الاسكندرية - وهم ممن يعدون فى حكم الموظفين العموميين - الأول فنى أول والثانى كهربائى والثالث ميكانيكى بالشركة المصرية لـ........ المملوكة للدولة - تسببوا بخطئهم الجسيم فى آداء واجبات وظائفهم بأن لم يتواجدوا بمكان عملهم على السفينة "برنيس" المتراكية على رصيف الاصلاح لمراقبة حالتها أثناء تراكيها فتسربت اليها المياة فغرقت غرفة الماكينات بها فحدثت بالسفينة التلفيات المبينة بالمحضر ولحق بها خسائر بلغت ثلاثة وثلاثين ألفا من الجنيهات على النحو المبين بالتحقيقات، وطلبت عقابهم بالمواد 111، 116 مكررا ب، 119 من قانون العقوبات، ومحكمة جنح قسم الميناء قضت فى 29 من يناير سنة 1980 غيابيا بحبس كل من المتهم - المستأنف - والمتهمين الآخرين ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيها لوقف التنفيذ وبتغريمهم مبلغ ثلاثة وثلاثين ألفا من الجنيهات، فعارض المستأنف وقضى فى معارضته فى 29 من ابريل سنة 1980 بقبولها شكلا وفى الموضوع بالاكتفاء بحبسه ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيها لوقف التنفيذ وتأييد الحكم المعارض فيه فيما عدا ذلك. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة بدأت التحقيق فى الواقعة بتاريخ 31 من مايو سنة 1975 بسؤال شهود الواقعة واجراء معاينة للسفينة محل الحادث حيث انتهت من التحقيقات فى 3 من مارس سنة 1976 دون سؤال أى من المتهمين الثلاثة ثم قررت بتاريخ 16 من مارس سنة 1976 تقديم القضية إلى المحكمة بجلسة 27 من ابريل سنة 1976 وظلت تؤجل لاعلان المتهمين الثلاثة الى أن قضت محكمة أول درجة فى الدعوى غيابيا بجلسة 29 من يناير سنة 1980 بإدانتهم دون أن يكون قد تم إعلانهم بالحضور ثم اعلن المستأنف بتاريخ 11 من فبراير سنة 1980 بالحكم الغيابى الابتدائى. لما كان ذلك، وكان قانون الاجراءات الجنائية بعد أن نص فى الفقرة الأولى من المادة 15 منه على انقضاء الدعوى الجنائية فى مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة نص فى الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها على أنه "......... لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات والتى تقع من موظف عام إلا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها من قبل ذلك". فإن مفاد ذلك أنه إذا كان الجانى موظفا عاما وكانت الجريمة المسندة إليه احدى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فإن المدة المقررة لإنقضاء الدعوى الجنائية لا تبدأ من يوم ارتكاب الجريمة وإنما من يوم انتهاء خدمته أو زوال صفته أو من تاريخ مباشرة النيابة العامة للتحقيق. لما كان ذلك، وكان المستأنف فى حكم الموظف العام، وكانت الجريمة المسندة إليه من بين الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فإن احتساب المدة المسقطة للدعوى الجنائية فى خصوصية هذه الدعوى، يكون خاضعا لنص الفقرة الثالثة من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية سالف البيان. لما كان ذلك، وكانت المادة 17 من القانون سالف الذكر تقضى بإنقطاع مدة التقادم بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائى أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمى وتسرى المدة من جديد إبتداء من يوم الانقطاع، وإذا تعددت الإجراءات التى تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء، وكان من المقرر أن الدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة بمجرد التأشير من النيابة العامة بتقديمها إلى المحكمة، لأن التأشير بذلك لا يعدو أن يكون أمرا إداريا إلى قلم كتاب النيابة لإعداد ورقة التكليف بالحضور حتى إذا ما أعدت وقوعها عضو النيابة وجرى من بعد إعلانها وفقا للقانون ترتبت عليها كافة الاثار القانونية بما فى ذلك قطع التقادم بوصفها من إجراءات الاتهام، وكان الأصل أنه وإن كان ليس بلازم مواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة التى تقطع المدة المسقطة للدعوى الجنائية ما دامت متصلة بسير الدعوى أمام القضاء إلا أنه يشترط فيها لكى يترتب عليها قطع التقادم أن تكون صحيحة، فإذا كان الإجراء باطلا فإنه لا يكون له أثر على التقادم، كما أنه من المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تحكم على المتهم فى غيبته إلا بعد إعلانه قانونا بالجلسة التى تحدد لنظر دعواه وإلا بطلت إجراءات المحاكمة لأن الاعلان القانونى شرط لازم لصحة اتصال المحكمة بالدعوى. لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة 17 من قانون الاجراءات الجنائية أن اجراءات التحقيق التى تتم فى الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام بها تقطع المدة المقررة لإنقضاء الدعوى الجنائية سواء أجريت فى مواجهة المتهم أو فى غيبته، وأن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تقطع بأى إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة يتم فى الدعوى وأن هذا الانقطاع عينى يمتد أثره إلى جميع المتهمين فى الدعوى ولو لم يكونوا طرفا فى الإجراءات وكان من المقرر أن إنقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكان الثابت على ما سلف ايراده - أن النيابة العامة بدأت التحقيق فى الواقعة المسندة إلى المستأنف قبل إنتهاء خدمته أو زوال صفته العامة، وأنه قد مضى فى صورة الدعوى المطروحة ما يزيد على ثلاث سنوات بين تاريخ انتهاء تحقيق النيابة العامة فى الواقعة بتاريخ 3 من مارس سنة 1976 وبين إعلان المتهم - المستأنف - إعلانا صحيحا بتاريخ 11 من فبراير سنة 1980 بالحكم الغيابى الابتدائى دون اتخاذ أى إجراء قاطع لتلك المدة سواء بالنسبة له أو بالنسبة للمتهمين الآخرين، إذ لا يعتد فى هذا الخصوص بقرارات تأجيل جلسات المحاكمة طالما أن المحكمة لم تكن قد اتصلت بالدعوى اتصالا صحيحا، فإن الدعوى الجنائية بالنسبة للمستأنف تكون قد إنقضت بمضى المدة، ومن ثم يتعين القضاء بالغاء الحكم المستأنف وبإنقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة بالنسبة له.