أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 936

جلسة 28 من يونيه سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى حسيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الصمد عبد العزيز، عبد الرحمن فكري، د. سعيد فهيم نواب رئيس المحكمة ومحمد درويش.

(184)
الطعن رقم 2748 لسنة 64 القضائية

(1، 2) نيابة عامة. بطلان. أحوال شخصية "الولاية على المال". أهلية. دعوى.
(1) تدخل النيابة في قضايا القصر. هدفه. رعاية مصلحتهم. البطلان المترتب على إغفال إخطارها بهذه القضايا. بطلان نسبي مقرر لمصلحة القصر.
(2) وجوب استئذان محكمة الأحوال الشخصية في بعض الدعاوى الخاصة بالقصر. م 39/ 12 - 13 ق 119 لسنة 1952. عدم جواز تمسك خصومهم بالبطلان المترتب علي إغفال هذا الإجراء.
(3) دعوى "تقدير قيمة الدعوى". اختصاص "اختصاص قيمي".
الدعوى بطلب التسليم بصفة أصلية. غير مقدرة القيمة. اختصاص المحاكم الابتدائية بنظرها.
(4) قسمة "القسمة غير المسجلة". تسجيل. شيوع. ملكية.
القسمة غير المسجلة. أثرها. اعتبار المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع فيه نصيبه. عدم الاحتجاج بهذه الملكية على الغير إلا إذا سجلت القسمة. مؤدى ذلك.
(5) قسمة "ضمان المتقاسم". شيوع.
المتقاسمون. ضمان بعضهم البعض فيما يقع من تعرض أو استحقاق لسبب سابق على القسمة.
(6) إيجاز. قسمة. شيوع.
ثبوت استئجار أحد المتقاسمين حصة شائعة من سائر الشركاء بإجارة نافذة في حقهم جميعاً وخاضعة للتشريع الاستثنائي. مؤداه. سريان الإجارة في حق من آلت إليه هذه الحصة من الشركاء ما لم يكن المستأجر قد التزم في اتفاق لاحق على عقد القسمة بتسليم العين المؤجرة إليه تسليماً فعلياً.
(7) حكم "عيوب التدليل" "ما يعد قصوراً". دعوى "الدفاع في الدعوى". بطلان "بطلان الحكم".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري. قصور في أسبابه الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم.
1 - هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو رعاية مصلحتهم من ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر دون غيرهم.
2 - إن ما أورده الشارع في الفقرتين 12، 13 من المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال من وجوب استئذان محكمة الأحوال الشخصية في بعض الدعاوى الخاصة بالقصر إنما قصد به رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم ومن ثم فهو إجراء شرع لمصلحة هؤلاء دون خصومهم فلا يصح لهؤلاء الخصوم التمسك به.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب التسليم الذي يبدى بصفة أصلية ليس من بين الطلبات التي أورد المشرع قاعدة لتقديرها ومن ثم فإن الدعوى بطلبه تكون غير مقدرة القيمة مما تختص المحاكم الابتدائية بنظره.
4 - مؤدى المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها يعتبر المتقاسم فيما بينه ويبن المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه دون غيره من أجزاء العقار المقسم، ولا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة ومن ثم فإن عدم تسجيل عقد القسمة لا يحول دون الاحتجاج بها على من كان طرفاً فيها.
5 - إن المتقاسمين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يضمنون بعضهم البعض فيما يقع من تعرض أو استحقاق إذا كان لسبب سابق على القسمة.
6 - إذا ثبت أن أحد المتقاسمين كان يستأجر من سائر الشركاء حصة شائعة بإجارة نافذة في حقهم جميعاً وخاضعة للتشريع الاستثنائي سرت إجارته في حق من آلت إليه هذه الحصة من الشركاء ما لم يكن المستأجر قد التزم في اتفاق لاحق على عقد القسمة بتسليم العين المؤجرة تسليماً فعلياً وارتضى بذلك إنهاء إجارته.
7 - إن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبن من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 454 لسنة 1983 مدني قليوب الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بتسليمهم مساحة 20 س، 3 ط المبينة بالصحيفة وقالوا بياناً لها إنهم يمتلكون بالميراث الشرعي عن والدهم أرضاً زراعية تحرر بشأنها عقد القسمة المؤرخ 29/ 6/ 1980 المبرم بينهم وبين الطاعن وتسلموا الجزء الأكبر من نصيبهم عدا المساحة محل التداعي التي يضع الطاعن اليد عليها دون سند ومن ثم أقاموا الدعوى. حكمت المحكمة للمطعون ضدهم بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1166 لسنة 26 ق طنطا (مأمورية بنها) وبتاريخ 7/ 2/ 1994 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالرابع منها على الحكم المطعون فيه البطلان إذ أيد قضاء محكمة أول درجة رغم بطلانه لعدم إخطار نيابة الأحوال الشخصية للولاية على المال والحصول على إذن برفع الدعوى لوجود قصر في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هو رعاية مصلحتهم ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر دون غيرهم، وأن ما أورده في الفقرتين 12، 13 من المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال من وجوب استئذان محكمة الأحوال الشخصية في بعض الدعاوى الخاصة بالقصر إنما قصد به رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم ومن ثم فهو إجراء شرع لمصلحة هؤلاء دون خصومهم فلا يصح لهؤلاء الخصوم التمسك به، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن لا يمثل القصر ومن ثم فلا صفة له في التمسك بهذا النعي ويضحى غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية قيمياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن طلب التسليم يعتبر أثراً من آثار عقد البيع أو عقد القسمة ويتعين تقديره إذا ما رفع بدعوى مستقلة حسب قيمة الأرض محل التسليم بواقع "سبعين مثل للضريبة" طبقاً لنص المادة 37/ 1 من قانون المرافعات وهو بهذا التقدير يكون من اختصاص المحكمة الجزئية، وإذا رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع على سند من أن طلب التسليم غير مقدر القيمة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب التسليم الذي يبدى بصفة أصلية ليس من بين الطلبات التي أورد المشرع قاعدة لتقديرها ومن ثم فإن الدعوى بطلبه تكون غير مقدرة القيمة مما تختص المحاكم الابتدائية بنظره وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل القانون على وجه صحيح ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ويقول بياناً لذلك إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم الاعتداد بعقد القسمة المؤرخ 29/ 6/ 1980 لأنه لم يسجل، وإذ اعتد الحكم بهذا العقد وألزمه بتسليم الأرض محل النزاع كأثر من آثاره على سند من أن مجرد حصول القسمة يجعل المتقاسم مالكاً للجزء المفرز الذي وقع في نصيبه وأن عدم تسجيل عقد القسمة لا يحول دون الاحتجاج بها على من كان طرفاً فيها مع أن إرادة المتقاسمين قد انعقدت على ضرورة تسجيل العقد على النحو الوارد بالبندين 11، 12 منه، وأن المطعون ضدهم يطلبون الحكم بتسليم حصة شائعة ولم تجنب فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مؤدى المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها يعتبر المتقاسم فيما بينه ويبن المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه دون غيره من أجزاء العقار المقسم، ولا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة ومن ثم فإن عدم تسجيل عقد القسمة لا يحول دون الاحتجاج بها على من كان طرفاً فيها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واستدل على ملكية المطعون ضدهم للمساحة محل النزاع من عقد القسمة المبرم بينهم وبين الطاعن فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعي غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ويقول في بيانه إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه يضع يده على المساحة محل النزاع بصفته مستأجراً لها اعتباراً من 1/ 11/ 1965 وفقاً لما ورد بعقد القسمة المؤرخ 11/ 5/ 1965 وأقوال المطعون ضدهم في المحضر رقم 4461 لسنة 1991 إداري مركز القناطر إلا أن الحكم المطعون فيه - ومن قبله الحكم الابتدائية - لم يرد على هذا الدفاع مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يغير وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المتقاسمين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يضمنون بعضهم البعض فيما يقع من تعرض أو استحقاق إذا كان لسبب سابق على القسمة وأنه إذا ثبت أن أحد المتقاسمين كان يستأجر من سائر الشركاء حصة شائعة بإجارة نافذة في حقهم جميعاً وخاضعة للتشريع الاستثنائي سرت إجارته في حق من آلت إليه هذه الحصة من الشركاء ما لم يكن المستأجر قد التزم في اتفاق لاحق على عقد القسمة بتسليم العين المؤجرة تسليماً فعلياً وارتضى بذلك إنهاء إجارته، وإن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثرا في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه يضع اليد على المساحة محل النزاع بصفته مستأجراً لها طبقاً لما تضمنه عقد القسمة المؤرخ 11/ 5/ 1965 المبرم مع مورث المطعون ضدهم وأقره الأخيرين في المحضر رقم 4461 لسنة 1991 إداري مركز القناطر وهو دفاع من شأنه لو صح أن يغير وجه الرأي في الدعوى، وإذ لم يعن الحكم المطعون فيه ببحثه وأحال في شأنه لأسباب الحكم الابتدائي الذي اقتصر على إيراد أن "الطاعن باعتباره متقاسماً فعليه ضمان التعرض" وهو ما لا يواجه هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وبالبناء على ما تقدم يتعين نقض الحكم على أن يكون مع النقض الإحالة.