أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 395

جلسة 12 من أبريل سنة 1982

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، الدكتور علي عبد الفتاح ومحمد أمين طموم.

(71)
الطعن رقم 648 لسنة 48 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2) التزام. بنوك "خطاب الضمان". وكالة.
علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه. منفصلة عن علاقته بالعميل. التزام البنك بالوفاء للمستفيد. التزام أصيل مستقل، لا بالوكالة عن العميل. قيام البنك بتثبيت اعتماد مصرفي بين عميله والمستفيد. عدم اعتباره ضامن أو كفيل لاستقلال التزامه.
(3) التزام "التضامن".
التضامن بين الدائنين والمدينين. لا يفترض. مصدره. الاتفاق أو نص القانون. التزام كل من المدينين المتضامنين بالدين كاملاً غير منقسم. للدائن أن يوجه مطالبته بالدين إلى من يختاره منهم على انفراد أو إليهم مجتمعين.
1 - يشترط لقبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي، ومن ثم لا يكفي لقبول الطعن بالنقض مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها أو نازعه خصمه في طلباته هو، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الخصومة وجهت إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث ليصدر الحكم في مواجهتهما، ولم يكن للطاعن طلبات قبلهما ولم يكن لهما طلبات قبله، بل وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم بشيء عليهما، ومن ثم لا يكون للطاعن مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض، مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن الموجه إليهما.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن خطاب الضمان وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك والمدين المتعامل معه، إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل إذ يلتزم البنك بمقتضى خطاب الضمان وبمجرد إصداره ووصوله إلى المستفيد بوفاء المبلغ الذي يطالب به هذا الأخير باعتباره حقاً له، يحكمه خطاب الضمان، ما دام هو في حدود التزام البنك المبين به، كما أن البنك مصدر الخطاب، لا يعتبر وكيلاً عن العميل في الوفاء للمستفيد بقيمة خطاب الضمان، ذلك أن التزام البنك في هذا لحسابه التزام أصيل، ويترتب على ذلك أن ما يقوم العميل بدفعه للبنك لتغطية خطاب الضمان إنما هو تنفيذ وتأمين للعلاقة القائمة بين العميل والبنك وحدهما ولا صلة للمستفيد بها، كما أن البنك الذي يقوم بتثبيت اعتماد مصرفي بين عميله والمستفيد منه، لا يصح وصفه بأنه ضامن أو كفيل يتبع التزام المدين المكفول بل يعتبر في هذه الحالة التزاماً مستقلاً عن العقد القائم بين المتعاملين.
3 - النص في المادة 279 من التقنين المدني على أن "التضامن بين للدائنين والمدينين لا يفترض، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون" والنص في الفقرة الأولى من المادة 285 من ذات القانون على أن "يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين أو منفردين......." يدل على أن التضامن لا يفترض ويكون مصدره الاتفاق أو نص القانون وأن كلاً من المدينين المتضامنين ملتزم في مواجهة الدائن بالدين كاملاً غير منقسم وللدائن أن يوجه مطالبته إلى من يختاره منهم على انفراد أو إليهم مجتمعين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 523 لسنة 1973 أسوان الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 3445 وبعدم أحقية البنك المطعون ضده الأول في هذا المبلغ وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 7/ 11/ 1973 أوقع البنك المطعون ضده حجزاً إدارياً على بضاعة مملوكة له ولآخر بزعم أنه مدين بالمبلغ المذكور استحقاق 4/ 4/ 1972 بموجب عقد اعتماد بخطابي ضمان بمبلغ 3500 ج، ولما كان غير مدين للبنك الذي سبق أن أصدر خطاب ضمان في عملية للإسكان خاصة بالمرحوم....... بمبلغ 2000 ج مقابل دفع مبلغ 600 ج فأصبح الصافي 1400 ج، كما أصدر البنك خطاب ضمان لصالح...... بمبلغ 1500 ج مقابل دفع 450 ج للبنك فأصبح صافي خطاب الضمان 1050 ج وكان هذان الخطابان لمدة محدودة ولم يوافق على تجديدهما فأصبح غير ملتزم بهما بعد هذا الميعاد كما أنه لم يثبت قيام البنك بدفع قيمتهما إلى الجهة المستفيدة من خطاب الضمان مما دعاه إلى إقامة دعواه. وبتاريخ 4/ 7/ 1974 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لتنفيذ المأمورية المدونة بمنطوقه وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 16/ 11/ 1976 ببراءة ذمة الطاعن فيما زاد عن مبلغ 466 ج و500 م. استأنف الطاعن هذا الحكم وبتاريخ 8/ 1/ 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وبرفض الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه يشترط لقبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي، ومن ثم لا يكفي لقبول الطعن بالنقض مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها أو نازعه خصمه في طلباته هو، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الخصومة وجهت إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث ليصدر الحكم في مواجهتهما - ولم يكن للطاعن طلبات قبلهما ولم يكن لهما طلبات قبله، بل وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم بشيء عليهما. ومن ثم لا يكون للطاعن مصلحة في اختصامهما أمام محكمة النقض مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن الموجه إليهما.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول حاز أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تحصيل واقعة الدعوى والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أجاز الوفاء الحاصل من البنك المطعون ضده الأول بقيمة خطاب الضمان بعد انتهاء مدة سريانه ودون مطالبة من الجهة الصادر لصالحها خطاب الضمان، استناداً إلى أن عقد فتح الاعتماد المبرم بين البنك والطاعن أعطى البنك الحق في تجديد العقد لمدة أخرى دون الرجوع إلى الطاعن، في حين أن كفالة البنك المطعون ضده الأول للطاعن هي نيابة اتفاقية بين الكفيل والمكفول تكون لما فيه مصلحة المكفول ويكون شرط الوفاء بقيمة خطاب الضمان الذي ارتبط به البنك المطعون ضده الأول مع مديرية الإسكان هو شرط لمصلحة الطاعن يلتزم فيه البنك بأن يكون الوفاء بقيمة خطاب الضمان رهناً بمطالبة هذه الجهة وخلال مدة سريانه فإذا قام البنك المطعون ضده الأول بدفع قيمته بعد انتهاء مدة الضمان ودون مطالبة من هذه الجهة فإنه يكون وفاء بغير ما التزم وخروجاً عن حدود النيابة الاتفاقية المستفادة من عقد فتح الاعتماد والذي أصدر على أساسه البنك خطاب الضمان وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع الجوهري إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض له أو يرد عليه، الذي كان من شأن التصدي له تغيير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن خطاب الضمان، وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك والمدين المتعامل معه، إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل، إذ يلتزم البنك بمقتضى خطاب الضمان وبمجرد إصداره ووصوله إلى المستفيد بوفاء المبلغ الذي يطالب به هذا الأخير باعتباره حقاً له، بحكمه خطاب الضمان، ما دام هو في حدود التزام البنك المبين به، كما أن البنك مصدر الخطاب، لا يعتبر وكيلاً عن العميل في الوفاء للمستفيد بقيمة خطاب الضمان، ذلك أن التزام البنك في هذا الحساب التزام أصيل، ويترتب على ذلك أن ما يقوم العميل بدفعه للبنك لتغطية خطاب الضمان إنما هو تنفيذ وتأمين للعلاقة القائمة بين العميل والبنك وحدهما، ولا صلة للمستفيد بها، كما أن البنك الذي يقوم بتثبيت اعتماد مصرفي بين عميله والمستفيد منه لا يصح وصفه بأنه ضامن أو كفيل يتبع التزام المدين المكفول بل يعتبر في هذه الحالة التزاماً مستقلاً عن العقد القائم بين المتعاملين. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن أن عقد فتح الاعتماد المؤرخ 5/ 4/ 1971 المبرم بين البنك والطاعن وشريكيه قد أعطى البنك المطعون ضده الحق في تجديد العقد بكافة شروطه لمدد أخرى بإرادته المنفردة وبدون الرجوع إلى المدينين وأن البنك قام بسداد قيمة خطاب الضمان بمبلغ 1500 ج بعد مطالبة الجهة الصادر لها خطاب الضمان في 6/ 12/ 1971 وإذ رتب الحكم على ذلك أن وفاء المطعون ضده الأول للمستفيد بقيمة خطاب الضمان يعد وفاء بما التزم به بموجب هذا الخطاب، فإن النعي على الحكم يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه، القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتنق تقرير خبير الدعوى الذي اعتبر الإقرار الصادر منه بتاريخ 1/ 2/ 1973 تجديداً لخطاب الضمان في حين أنه إقرار بالوفاء معلق على شرط واقف هو تجريد المدين الآخر، أي أنها كفالة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 279 من التقنين المدني على أن "التضامن بين الدائنين والمدينين لا يفترض، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون" والنص في الفقرة الأولى من المادة 285 من ذات القانون على أن "يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين أو منفردين..." يدل على أن التضامن لا يفترض ويكون مصدره الاتفاق أو نص القانون وأن كلاً من المدينين المتضامنين ملتزم في مواجهة الدائن بالدين كاملاً غير منقسم، وللدائن أن يوجه مطالبته إلى من يختاره منهم على انفراد أو إليهم مجتمعين، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بقيمة الدين على ما ثبت له من عقد فتح الاعتماد سالف الذكر أن الطاعن وشريكيه مدينون فيه ضامنون متضامنون، وأن قيام البنك المطعون ضده الأول بتوجيه إجراءات الوفاء إلى الطاعن، لا مخالفة فيها للقانون، لكونه شريكاً متضامناً مسئولاً بالدين في أمواله الخاصة، وليس التزاماً احتياطياً له مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 14/ 3/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 401.