أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 413

جلسة 15 من أبريل سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.

(74)
الطعن رقم 1344 لسنة 48 القضائية

(1) رهن. "رهن عقاري". بيع.
نزول الراهن للدائن المرتهن عن العقار المرهون. اعتباره بيعاً. شرطه.
(2) إثبات. "طرق الإثبات". شهادة الشهود.
حق الخصم في نفي ما تصرح للخصم الآخر بإثباته بشهادة الشهود م 69 إثبات. دلالته.
1 - مفاد المادة 1052 من القانون المدني أن اتفاق الراهن مع الدائن المرتهن على تملك هذا الأخير العقار المرهون إذا لم يتم الوفاء بالدين يقع باطلاً متى أبرم هذا الاتفاق وقت إنشاء الرهن أو قبل حلول أجل الدين، أما بعد حلول الدين أو قسط منه فإنه يجوز للراهن أن ينزل للدائن عن العقار المرهون ويكون هذا التصرف بيعاً صحيحاً سواء كان الثمن هو ذات الدين أو ما يزيد أو يقل عنه.
2 - النص في المادة 69 من قانون الإثبات على أن الإذن لأحد الخصوم بإثبات الواقعة بشهادة الشهود يقتضي دائماً أن يكون للخصم الآخر الحق في نفيها بهذا الطريق لا يعني أن المشرع يلقي على عاتق هذا الأخير عبء نفي الواقعة المراد إثباتها وإنما هو يعطيه رخصة إتباع ذات الطريق في دحض تقريرات شهود الإثبات لتوازن المحكمة بين أقوال الفريقين وترجح بينهما فإذا لم يستعمل هذه الرخصة أو أطرحت لمحكمة أقوال دليل شهوده لا ينشأ عن ذلك دليل يعفي خصمه من عبء الإثبات أو يزيل عدم كفاية ما شهد به شهود هذا الأخير في ثبوت الواقعة المكلف بإثباتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 181 لسنة 1977 مدني كلي قنا على المطعون ضدهم طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1976 الصادر له من مورثهم المرحوم....... متضمناً بيعه أطياناً مساحتها ستة قراريط لقاء ثمن مقداره ثلاثمائة جنيه بتاريخ 15/ 5/ 1977 قضت المحكمة له بطلباته استأنف المطعون ضدهما الأول والثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط مأمورية قنا بالاستئناف رقم 115 سنة 52 ق طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى تأسيساً على بطلان هذا العقد لأنه يخفي رهناً، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت بتاريخ 24/ 5/ 1978 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني مسخ أقوال الشهود والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن شاهدي المطعون ضدهما الأولين شهدا بأنهما كانا مع الطاعن يرتهنون الأطيان محل النزاع تأميناً لدين مقداره مائة وثمانون جنيهاً وأن هذا الرهن انقضى بالسداد وأنهما لا يعلمان شيئاً عن عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1976، بذلك يكون المطعون ضدهما الأولين قد أخفقا في إثبات أن هذا العقد يخفي رهناً ولا يغير من ذلك عدم اطمئنان المحكمة إلى شهادة شاهدي النفي، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض الدعوى على أن العقد المشار إليه يخفي رهناً على سند من القول بأن شاهدي الإثبات قد شهدا بذلك ولعدم اطمئنانه إلى شهادة شاهدي النفي، يكون معيباً بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 1052 من القانون المدني أن اتفاق الراهن مع الدائن المرتهن على تملك هذا الأخير العقار المرهون إذا لم يتم الوفاء بالدين يقع باطلاً متى أبرم هذا الاتفاق وقت إنشاء الرهن أو قبل حلول أجل الدين، أما بعد حلول الدين أو قسط منه فإنه يجوز للراهن أن ينزل للدائن عن العقار المرهون ويكون هذا التصرف بيعاً صحيحاً سواء كان الثمن هو ذات الدين أو ما يزيد أو يقل منه. وكان النص في المادة 69 من قانون الإثبات على أن الإذن لأحد الخصوم بإثبات الواقعة بشهادة الشهود يقتضي دائماً أن يكون للخصم الآخر الحق في نفيها بهذا الطريق، لا يعني أن المشرع يلقي على عاتق هذا الأخير عبء نفي الواقعة المراد إثباتها وإنما هو يعطيه رخصة إتباع ذات الطريق في دحض تقريرات شهود الإثبات لتوازن المحكمة بين أقوال الفريقين وترجح بينهما فإذا لم يستعمل هذه الرخصة أو أطرحت المحكمة أقوال شهوده، لا ينشأ عن ذلك دليل يعفي خصمه من عبء الإثبات أو يزيل عدم كفاية ما شهد به شهود هذا الأخير في ثبوت الواقعة المكلف بإثباتها، لما كان ذلك. وكانت محكمة الاستئناف قد أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهما الأولان أن عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1976 لم يكن بيعاً باتاً وإنما هو على خلاف نصوصه يخفي رهناً، وكان الثابت من محضر التحقيق أن الشاهد الأول من شاهدي المطعون ضدهما الأولين شهد بأن أطيان النزاع كانت مرهونة له هو والطاعن وأخوين لهما ضماناً لمبلغ 180 جنيهاً وأنه تم الوفاء بهذا الدين وحصل كل على نصيبه فيه إلا أن الأرض ظلت في يد الطاعن وأنه لا يعلم شيئاً عن عقد البيع المؤرخ 16/ 7/ 1976، كما قرر الشاهد الثاني بأن الأرض كانت مرهونة لهؤلاء الأخوة ولا يعلم شيئاً عن البيع المشار إليه، وهو ما لا يستدل منه على "أن هذا العقد هو الذي أنشئ به الرهن أصلاً أو أنه أبرم قبل حلول أجل الدين أو قسط منه، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على سند من القول بأن "المحكمة لا تطمئن إلى أقوال شاهدي المستأنف عليه الأول وتلتفت عنها لما يأتي........ بينما تطمئن إلى أقوال شاهدي الإثبات التي تفيد أن عقد البيع سند الدعوى يخفي رهناً.... إذ انصرفت إرادة طرفيه إلى إنشاء عقد رهن الأرض المبينة به وليس إلى إنشاء بيع لتلك الأرض وبالتالي يكون باطلاً "يكون قد مسخ أقوال شاهدي الإثبات وقام على استدلال فاسد أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف.