أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 689

جلسة 3 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.

(119)
الطعن رقم 26014 لسنة 59 القضائية

(1) مأمورو الضبط القضائى. استدلالات. اثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. استجواب.
لمأمور الضبط القضائى سؤال المتهم دون استجوابه. محضره. عنصر من عناصر الدعوى.تحقق النيابة العامة ما ترى وجوب تحقيقه منه.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب.
الاستجواب المحظور على غير التحقيق. ماهيته ؟
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب. مواجهة. مأمورو الضبط القضائى.
المواجهة كالاستجواب من إجراءات التحقيق محظور على مأمور الضبط القضائى.
مثال.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب. مأمورو الضبط القضائى. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مواجهة.
إقامة الحكم قضاءه على الدليل المستمد من الاستجواب دون أن يعرض للدفع ببطلانه.
(5) اثبات "بوجه عام".
مبدأ تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه ؟
(6) اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. قانون "تفسيره".
مناط العقاب على عبث الموظف العام بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته. المؤثم بالمادة 112 عقوبات ؟
(7) اثبات "بوجه عام".
وجوب أن يكون الدليل الذى يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق.
(8) اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "اسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
ادانة الطاعن بجريمة الاختلاس دون ايراد أدلة مقارفته لها وانصراف نيته إلى إضافة المال فى ذمته. قصور.
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة واتصال وجه الطعن بطاعن آخر. توجب امتداد أثر الطعن إليه.
1 - الأصل طبقا لنص المادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه - دون أن يستجوبه - وأن يثبت فى محضره ما يجيب به المتهم بما فى ذلك اعترافه بالتهمة، ويكون هذا المحضر عنصر من عناصر الدعوى تحقق النيابة العامة ما ترى وجوب تحقيقه منه.
2 - الاستجواب المحظور قانونا على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكرا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف.
3 - من المقرر أن المواجهة كالاستجواب هى من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائى مباشرتها. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن، أن مأمور الضبط القضائى أثبت فى محضر الضبط ما اسفرت عن تحريات من أن الطاعنين - الأول بصفته أمين مخزن السكر التابع للشركة العام لـ........ بالجملة فرع........، والثانى متعهد النقل بها قد اتفقا على التصرف فى كميات من السكر التموينى المدعم إلى بعض مصانع الحلوى وأنه تمكن من ضبط عربة بها بعض كميات من رسالة السكر حالة انزالها امام إحدى هذه المحال، وبعد أن تلقى مأمور الضبط القضائى انكار الطاعن الأول معرفته شيئا عن الواقعة او استلامه أية كمية من رسالة السكر، استرسل مأمور الضبط القضائى فى مناقشته تفصيليا وفى مواجهته بما قرره الطاعن الثانى وبما أسفرت عن التحريات ثم خلص إلى توجيه الاتهام اليه بمخالفة المادتين 115، 116 من قانون العقوبات وأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. لما كان ذلك، وكان ما صدر عن مأمور الضبط القضائى، على النحو السالف البيان، من مواجهة الطاعن الأول بالأدلة القائمة ضده ومناقشته تفصيليا فيها وتوجيه الاتهام إليه، إنما هو بعينه الاستجواب المحظور قانونا على غير سلطة التحقيق.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استند - ضمن ما استند إليه فى إدانة الطاعن - إلى الدليل المستمد من الاستجواب دون أن يعرض لما تمسك به الطاعن الأول من بطلانه، على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة، فإنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب.
5 - إن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط إحدها تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى خلصت إليه أو التعرف على ما كانت تنتهى إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
6 - إن الشارع إذ فرض فى المادة 112 من قانون العقوبات العقاب على عبث الموظف العام بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته, قد اشترط لذلك أن تنصرف نية الموظف العام - باعتباره حائزا للمال - إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادى هو التصرف فى المال ومن عامل معنوى يقترن به هو نية اضاعة المال على ربه.
7 - من اللازم فى أصول الاستدلال، أن يكون الدليل الذى يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس دون أن يورد الادلة المنتجة على اجتراحه لها وأن نيته قد انصرفت إلى إضافة المال إلى ذمته وإنما جاء مشوبا بالابهام ويرين عليه الغموض بما يتعذر معه على محكمة النقض تبين صحته من فساده، فإنه يكون مشوبا القصور فى التسبيب من هذه الناحية ايضا. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والاعادة بالنسبة للطاعن الأول بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه طعنه، وكذلك بالنسبة للطاعن الثانى لاتصال الوجه الأول من وجهى الطعن اللذين بنى عليهما النقض به عملا بنص المادة 42 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 فضلا عن وحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى النظر فى أسباب الطعن المقدم منه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولا: المتهم الأول: بصفته موظفا عاما "أمين عهدة السكر بالشركة العامة لـ..... فرع..... " اختلس أموالا عامة وجدت فى حيازته بسبب وظيفته وذلك بأن احتبس لنفسه وبنية التملك كمية من السكر المبينة بالتحقيقات البالغ قيمتها 90000 ج (تسعين الف جنيه) المملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والمسلمة اليه بمقتضى وظيفته سالفة البيان حال كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة. ثانيا: المتهم الثانى: اشترك بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول فى ارتكاب الجناية المسندة إليه المبينة بالبند الأول وذلك بأن اتفق معه على ارتكابها وساعدة على ذلك بأن نقل كمية السكر المضبوطة دون احتفاظه بفواتير أو سند نقلها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. واحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالزقازيق لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 4/ 2، 3، 41/ 1، 112/ 1، 2أ، 118، 118 مكررا، 119 ب، 119 مكررا من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما متضامنين 3600 جنيه ويعزل الأول من وظيفته عما نسب إليهما.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، ذلك بأن عول فى إدانته - ضمن ما عول عليه - على الدليل المستمد من استجوابه بمحضر جمع الاستدلالات ودون أن يرد على دفع الطاعن ببطلانه، ولم يدلل تدليلا كافيا على توفر أركان الجريمة فى حقه، الأمر الذى يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن سرد واقعات الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة، بين الأدلة التى استند إليها فى إدانة الطاعنين مستمدة من أقوال ضابط الواقعة وباقى شهود الاثبات. لما كان ذلك، وكان الأصل طبقا لنص المادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه - دون أن يستجوبه - وأن يثبت فى محضره ما يجيب به المتهم بما فى ذلك اعترافه بالتهمة، ويكون هذا المحضر عنصر من عناصر الدعوى تحقق النيابة العامة ما ترى وجوب تحقيقه منه، وكان الاستجواب المحظور قانونا على غير سلطة التحقيق هو مواجهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكرا للتهمة أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف، وكان من المقرر أن المواجهة كالاستجواب هى من إجراءات التحقيق المحظور على مأمور الضبط القضائى مباشرتها. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة تحقيقا لوجه الطعن، أن مأمور الضبط القضائى أثبت فى محضر الضبط ما أسفرت عن تحريات من أن الطاعنين - الأول بصفته أمين مخزن السكر التابع للشركة العام لـ....... بالجملة فرع.......، والثانى متعهد النقل بها قد اتفقا على التصرف فى كميات من السكر التموينى المدعم إلى بعض مصانع الحلوى وأنه تمكن من ضبط عربة بها بعض كميات من رسالة السكر حالة انزالها أمام إحدى هذه المحال، وبعد أن تلقى مأمور الضبط القضائى انكار الطاعن الأول معرفته شيئا عن الواقعة أو استلامه أية كمية من رسالة السكر، استرسل مأمور الضبط القضائى فى مناقشته تفصيليا وفى مواجهته بما قرره الطاعن الثانى وبما أسفرت عن التحريات ثم خلص إلى توجيه الاتهام اليه بمخالفة المادتين 115، 116 من قانون العقوبات وأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. لما كان ذلك، وكان ما صدر عن مأمور الضبط القضائى، على النحو السالف البيان، من مواجهة الطاعن الأول بالأدلة القائمة ضده ومناقشته تفصيليا فيها وتوجيه الاتهام إليه، إنما هو بعينه الاستجواب المحظور قانونا على غير سلطة التحقيق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند - ضمن ما استند إليه فى إدانة الطاعن - إلى الدليل المستمد من الاستجواب دون أن يعرض لما تمسك به الطاعن الأول من بطلانه، على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة، فإنه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب ولا يغنى فى ذلك ما ساقه الحكم من أدلة أخرى لما هو مقرر من أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط احدها او استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى خلصت إليه أو التعرف على ما كانت تنتهى إليه لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ذلك، وكان الشارع إذ فرض فى المادة 112 من قانون العقوبات العقاب على عبث الموظف العام بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته، قد اشترط لذلك أن تنصرف نية الموظف العام - باعتباره حائزا للمال - إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادى هو التصرف فى المال ومن عامل معنوى يقترن به هو نية اضاعة المال على ربه. لما كان ذلك، وكان من اللازم فى أصول الاستدلال، أن يكون الدليل الذى يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتب عليه من نتائج من غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس دون أن يورد الادلة المنتجة على اجتراحه لها وأن نيته قد انصرفت إلى إضافة المال إلى ذمته وإنما جاء مشوبا بالابهام ويرين عليه الغموض، بما يتعذر معه على محكمة النقض تبين صحته من فساده، فإنه يكون مشوبا القصور فى التسبيب من هذه الناحية ايضا. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والاعادة بالنسبة للطاعن الأول بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه طعنه، وكذلك بالنسبة للطاعن الثانى لاتصال الوجه الأول من وجهى الطعن اللذين بنى عليهما النقض به عملا بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 فضلا عن وحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى النظر فى أسباب الطعن المقدم منه.