أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 442

جلسة 26 من أبريل سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، الدكتور علي عبد الفتاح ومحمد طموم.

(80)
الطعن رقم 714 لسنة 47 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. أن يكون للمطعون عليه مصلحة في الدفاع عن الحكم. اختصام الطاعنة لآخرين كان مطلوباً إلزامهما معها بالتضامن. غير مقبول طالما لم يكن لها قبلهما طلبات ولم يحكم عليهما بشيء.
(2) التزام "تضامن". دعوى "الخصوم في الدعوى". حكم "الطعن في الحكم".
استقلال كل من المتضامنين عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها.
(3) تحكيم. نظام عام.
شرط التحكيم. عدم تعلقه بالنظام العام. مؤداه. ليس للمحكمة أن تقضي بأعماله من تلقاء نفسها. وجوب التمسك به أمامها. جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً. سقوط الحق فيه لو أثير بعد الكلام في الموضوع.
(4) دفوع "التكلم في الموضوع المسقط للدفع".
التكلم في الموضوع المسقط للدفع الواجب إبداؤه قبل التكلم في الموضوع. مناطه. طلب التأجيل لضم دعوى. ليس تعرضاً للموضوع يسقط الحق في التمسك بالتحكيم.
(5) تحكيم. نظام عام.
جواز الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج. شرطه. عدم المساس بالنظام العام.
(6) قانون "القانون الأجنبي". نظام عام.
استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق. مناطه. مخالفتها للنظام العام والآداب في مصر.
1 - لا يكفي فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها الرابعة لم توجه إليها طلبات ولم يحكم عليها أو على المطعون ضدهما الثانية والثالثة بشيء، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب تتعلق بالمطعون ضدها الأولى وحدها، فإنه يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثانية والثالث والرابعة، ولا يغير من هذا النظر أن تكون المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم على الطاعنة والمطعون ضدهما الثانية والثالثة متضامنين.
2 - التضامن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - لا ينال من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها.
3 - شرط التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - لا يتعلق بالنظام العام، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ويسقط الحق فيه لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع.
4 - التكلم في الموضوع المسقط للدفع الواجب إبداؤه قبل التكلم في الموضوع إنما يكون بإبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى يمس موضوعها أو مسألة فرعية فيها ينطوي على التسليم بصحتها سواء أبدى كتابة أو شفاهة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر طلب الطاعنة تأجيل الدعوى لأكثر من مرة لضم الدعوى رقم..... قبل تمسكها بشرط التحكيم - تنازلاً ضمنياً عن التمسك بهذا الشرط ورتب على ذلك سقوط حقها في التمسك به، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 - إذ كان الثابت أن شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار موضوع الدعوى قد نص على إحالة كل ما ينشأ عنها من نزاع إلى التحكيم في لندن، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره في قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط ألا يكون في قواعد ذلك القانون ما يخالف قواعد النظام العام في مصر، متى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تطرق - بعد أن قضى بسقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم إلى اعتبار هذا الشرط باطلاً لعدم تضمنه أسماء المحكمين طبقاً لما أوجبته المادة 503/ 3 مرافعات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بإخضاعه هذا الشرط للقانون المصري دون القانون الإنجليزي الواجب التطبيق [(3)].
6 - مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق وفق المادة 28 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر أي متعارضة مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع بما لا يكفي معه أن تتعارض مع نص قانوني آمر، وإذ كانت المادة 503/ 3 مرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم أو في اتفاق مستقل لا تتعلق بالنظام العام على النحو السالف بيانه، فإن مخالفتها لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق [(4)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 876 لسنة 1973 تجاري كلي إسكندرية ضد المؤسسة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب إلزام الطاعنة والمطعون ضدهما الثانية والثالث متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 96660 دولاراً أمريكياً بما يعادلها من العملة المصرية وقدره 38664 ج وصحة الإجراءات التحفظية الموقعة بالأمر رقم 1354 لسنة 1973 الصادر من قاضي تنفيذ محكمة عابدين بتقدير الدين وحجز ما للمدين لدى الغير، وقالت بياناً لدعواها إنه بموجب مشارطة إيجار مؤرخة 27/ 1/ 1973 اتفقت معها الطاعنة على نقل عشرة آلاف طن أسمنت من ميناء الإسكندرية إلى ميناء طرابلس بليبيا على رحلات متتالية وذلك على السفينة (ليلاً) وحمولتها 3850 طن بأجرة نقل قدرها 8 دولار للطن الواحد تحت نظام «فيوس» وقدرت غرامة التأخير في المشارطة بمبلغ 600 دولار يومياً زيدت إلى 980 دولار يومياً. وقد قامت المطعون ضدها الأولى بإخطار المطعون ضدها الثانية بتاريخ 13/ 3/ 1973 بوصول السفينة إلى ميناء الإسكندرية في 14/ 3/ 1973 الساعة السادسة صباحاً وباستعدادها لشحن الرسالة إلا أن الشركة الطاعنة أعطت تعليمات للمطعون ضدها الثانية يوم 19/ 3/ 1973 بعدم شحن السفينة دون أسباب مما يعد فسخاً للعقد من جانبها فأقامت دعواها مطالبة بأجرة النقل المتفق عليها بالكامل فضلاً عن غرامة التأخير ومقابل ما أصابها من أضرار مادية وأدبية نتيجة ذلك. وأضافت المطعون ضدها الأولى أنها لجأت إلى قاضي التنفيذ لتقدير دينها مؤقتاً وللإذن بتوقيع الحجز التحفظي على أموال الطاعنة في مصر المتمثلة في الاعتماد الغير قابل للإلغاء المفتوح باسمها بمبلغ 220000 دولاراً أمريكياً بالبنك الأهلي المصري بالقاهرة لصالح المطعون ضدها الثانية الوسيطة في عملية البيع، وقد صدر أمر التقدير والحجز رقم 1354 لسنة 1973 عابدين بتاريخ 22/ 4/ 1973. أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المطعون ضدها الأولى بمبلغ 50 ألف جنيه كتعويض عما لحقها من ضرر نتيجة تخلفها عن تنفيذ التزاماتها الواردة بمشارطة الإيجار. دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وبتاريخ 7/ 6/ 1975 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم القبول وبرفض الدفع باعتبار الحجز الموقع بتاريخ 23/ 4/ 1973 كأن لم يكن، وقبل الفصل في الموضوع بندب أحد الخبراء لأداء المأمورية المبينة بمنطوق حكمها وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وقضت بتاريخ 24/ 4/ 1976 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 33088 ج و752 م وبرفض الدعوى الفرعية. استأنفت الطاعنة والمطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 184 و215 سنة 32 ق تجاري إسكندرية، وبتاريخ 15/ 3/ 1977 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، دفع المطعون ضدهما الثالث والرابعة بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وطلبت قبول الدفع المبدى من المطعون ضدهما الثالث والرابعة ونقض الحكم بالنسبة للمطعون ضدها الأولى. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وفي الجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثانية والثالث والرابعة أنهم ليسوا خصوماً حقيقيين للطاعنة.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها الرابعة لم توجه إليها أية طلبات ولم يحكم عليها أو على المطعون ضدهما الثانية والثالثة بشيء، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب تتعلق بالمطعون ضدها الأولي وحدها، فإنه يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثانية والثالث والرابعة ولا يغير من هذا النظر أن يكون المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم على الطاعنة والمطعون ضدهما الثانية والثالث متضامنين. إذ لا ينال التضامن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بسقوط حقها في التمسك بشرط التحكيم بمقولة أنها تنازلت عنه ضمناً بتعرضها لموضوع الدعوى، كما اعتبر التحكيم باطلاً لعدم تعيين أسماء المحكمين في اتفاق التحكيم أو في اتفاق مستقل إعمالاً لنص المادة 503/ 3 من قانون المرافعات، وبذلك يكون قد طبق القانون المصري على تحكيم دولي متفق على إجرائه في لندن مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن شرط التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع، كما أن قاضي الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض في تكييفه للطلبات التي يبديها الخصم قبل التمسك بشرط التحكيم للوقوف على ما إذا كانت تعد تعرضاً لموضوع الدعوى من شأنه أن يسقط الحق في التمسك بهذا الشرط، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر طلب الطاعنة تأجيل الدعوى لأكثر من مرة لضم الدعوى رقم 612 سنة 1973 مدني كلي إسكندرية - قبل تمسكها بشرط التحكيم - تنازلاً ضمنياً عن التمسك بهذا الشرط، وكان التكلم في الموضوع المسقط للدفع الواجب إبداؤه قبل التكلم في الموضوع إنما يكون بإبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى يمس موضوعها أو مسألة فرعية فيها ينطوي على التسليم بصحتها سواء أبدى كتابة أو شفاهة، فإن طلب التأجيل على الصورة السالف بيانها لا يدل بذاته على مواجهة الموضوع وإذ رتب الحكم المطعون فيه على هذا الطلب سقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وفضلاً عما تقدم فإنه لما كان الثابت أن شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار موضوع الدعوى قد نص على إحالة كل ما ينشأ عنها من نزاع إلى التحكيم في لندن، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس النظام العام فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط ألا يكون في قواعد ذلك القانون ما يخالف قواعد النظام العام في مصر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تطرق - بعد أن قضى بسقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم - إلى اعتبار هذا الشرط باطلاً لعدم تضمنه أسماء المحكمين طبقاً لما أوجبته المادة 503/ 3 مرافعات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بإخضاعه هذا الشرط للقانون المصري دون القانون الإنجليزي الواجب التطبيق. ولا محل للقول باستبعاد أحكام القانون الإنجليزي لمخالفتها لنص المادة 503/ 3 مرافعات - على فرض صحة ذلك - إذ أن مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق - وفق المادة 28 من القانون المدني -هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر أي متعارضة مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع بما لا يكفي معه أن تتعارض مع نص قانوني آمر، وإذ كانت المادة 503/ 3 مرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم أو في اتفاق مستقل لا تتعلق بالنظام العام على النحو السالف بيانه فإن مخالفتها لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 19/ 1/ 1978 - مجموعة المكتب الفني - السنة 29 ص 265.
[(2)] نقض 15/ 2/ 1972 - مجموعة المكتب الفني - السنة 23 ص 168.
[(3)] نقض 9/ 2/ 1981 الطعن رقم 453 لسنة 42 ق.
[(4)] نقض 12/ 2/ 1975 - مجموعة المكتب الفني - السنة 26 ص 364.