أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 3 - صـ 301

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1951
(53)
القضية رقم 75 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
( أ ) دعوى صحة التعاقد من مشتر على بائعه وعلى البائع لبائعه. دفع البائع للبائع للمشترى بأن العقد الصادر منه قد فسخ لعدم قيامه بالالتزامات المفروضة عليه. هذا الدفع يجعل أمر العقد الصادر من البائع الأول مطروحاً على المحكمة. وجوب الفصل فيه لا مكان الفصل في الدعوى.
(ب) بيع. حق المشتري في تسلم المبيع من البائع لبائعه. هذا الأثر يتحقق ولو لم يكن العقد مسجلاً.
(ج) بيع. موافقة المجلس الحسبي عليه - اشتراطه تقديم الشهادة العقارية. ليس ذلك بيعاً معلقاً على شرط واقف.
د - بيع. اقترانه بشرط فاسخ. عدم وفاء المشتري بجزء من التزاماته - تقرير المحكمة أنه قام بالمهم منها وإن عدم إتمام الباقي راجع إلى تقصير البائع. عدم إجابتها طلب الفسخ. لا مخالفة فيه للقانون.
1 - إذا باع زيد قدراً من الأطيان إلى عمرو ثم باع عمرو هذا القدر إلى بكر ثم رفع بكر دعوى على عمرو وزيد بطلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من عمرو فدفع زيد الدعوى بأن عقد البيع الصادر منه إلى عمرو قد فسخ لعدم قيامه بالالتزامات المفروضة عليه فيه، فإنه بهذا الدفع يكون أمر عقد البيع الصادر من زيد إلى عمر مطروحاً على المحكمة من نفس زيد بطريق دفع الدعوى المقامة عليه ويكون لزاماً على المحكمة أن تتعرض إليه لا للفصل في الدفع فحسب بل أيضا للفصل فيما إذا كان عقد البيع الصادر لبكر والمطلوب الحكم بصحته ونفاذه صدر ممن يملكه أم لا إذ لو صح الدفع المذكور لكان عقد البيع المطلوب الحكم بصحته ونفاذه منعدم الأثر لزوال العقد الذي بني عليه.
2 - وإذا كان الثابت أن زيداً أباح لعمرو في عقد البيع الصادر منه إليه حق تحويله إلى الغير بدون موافقته، وأن بكراً اعتمد في طلب تسليمه العين موضوع الدعوى على أنه اشتراها من عمرو وعلى أن زيداً تعهد في العقد الصادر منه إلى عمرو بتسليمه العين ثم لم يف بهذا التعهد، وقضت المحكمة بتسليم العين إلى بكر، فإنها لا تكون قد خالفت القانون، ذلك بأن عقد البيع ينقل إلى المشتري جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به ومنها حق البائع له في تسلم المبيع من البائع السابق، وهذا الأثر يترتب على عقد البيع حتى ولو لم يكن مسجلاً باعتباره من الحقوق الشخصية التي تتولد عنه.
3 - إن موافقة المجلس الحسبي على بيع عقار للمحجور عليه مع اشتراط تقديم الشهادات الدالة على خلو العين المبيعة من الحقوق العينية - ذلك ليس الغرض منه تعليق البيع على شرط واقف وإنما هو حفظ حق المحجور عليه قبل البائع إليه.
4 - إذا اشترط في عقد بيع التزام المشترى بإحضار شهادة بشطب اختصاص على العين المبيعة وإلا كان العقد لاغياً بغير تنبيه أو إنذار فقررت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية أن المشترى قد حصل على إقرار من الدائن صاحب حق الاختصاص بشطبه وإن هذا الإقرار هو الأمر الجوهري في التزامه وإن ما بقي من إجراءات الشطب قد كان ميسورا حصوله ولم يعق إتمامه إلا تصرفات البائع الكيدية وسعيه في نقض ما تم من جهته بطرق ملتوية، فلا تكون المحكمة إذ لم تجب البائع إلى طلب الفسخ قد خالفت القانون.


الوقائع

في يوم 20 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 24 من إبريل سنة 1949 في الاستئناف رقم 218 سنة 3 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال أنه لم يعلن ورثة المرحوم محمد مصطفى زعلوك بك إذ لا شأن لهم بالنزاع. وفي 22 من مارس سنة 1950 وأول إبريل سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 6 من إبريل سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 27 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ولم تقدم المطعون عليها الثانية دفاعاً. وفي 31 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 13 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تتحصل حسبما يستفاد منه ومن سائر الأوراق المقدمة في الطعن، في أن الطاعن كان مديناً بضمان وتضامن محمد عبد العزيز محجور المطعون عليه الأول إلى شركة "جلانتي أبناء عم وشركائهم" بمبلغ 645 ج و61 م بمقتضى حكم صادر من محكمة الإسكندرية المختلطة في الدعوى رقم 4256 سنة 56 قضائية وأخذت الشركة الدائنة بناء عليه حق اختصاص على أملاك الطاعن، ثم حصلت تسوية على هذا الدين على أن تكتفي الشركة بقبض مبلغ 215 ج من مال المحجور عليه مع حلوله محلها في حقوقها وعلى أن تنزل عن بقية دينها وذلك بموجب محضر صلح اعتمده مجلس حسبي دسوق بقراره الصادر في 27 من إبريل سنة 1942 برقم 301: وأن المطعون عليها الثانية زوجة المحجور عليه كانت باعت بموجب عقد غير مسجل ومحرر في 27 من ديسمبر سنة 1927 إلى أخيها الطاعن 20 ط و20 س من آلت إليها بطريق الميراث عن أبيها ثم باعها الطاعن إليها بموجب عقد محرر في 8 من سبتمبر سنة 1943 بثمن مقداره 215 ج أي نفس المبلغ الذي تصالحت عليه الشركة الدائنة مع الطاعن والمحجور عليه، والتزم الطاعن، في هذا العقد بتسليم العين المبيعة إلى المطعون عليها الثانية في آخر أكتوبر سنة 1943، كما أباح لها حق تحويله إلى الغير بدون موافقته، والتزمت هي بأن تقدم إلى الطاعن خلال سنة مخالصة نهائية بالدين الأنف ذكره إما من الشركة الدائنة وإما من القيم على المحجور عليه الذي حل محلها فيه وشهادة رسمية بشطب حق الاختصاص الموقع على أملاكه وإلا كان العقد لاغياً بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار: وإن المطعون عليها الثانية باعت إلى المطعون عليه الأول بصفته قيماً على المحجور عليه بموجب عقد محرر في 9 من سبتمبر سنة 1943 أي في اليوم التالي لتاريخ العقد الصادر إليها من الطاعن العين المذكورة بنفس الثمن المشار إليه، وقد اعتمد مجلس حسبي دسوق هذا العقد بقراره الصادر في 5 من يونيه سنة 1944 بشرط تقديم الشهادات الدالة على خلو العين المبيعة من الحقوق العينية كما ذكر في هذا القرار أن الشراء حل وفاء لمبلغ 215 ج المدين به الطاعن إلى المحجور عليه: وأنه صدر من الطاعن في 9 من سبتمبر سنة 1943 إقرار تضمن أنه تسلم من المطعون عليها الثانية مخالصة نهائية صادرة من المطعون عليه الأول بصفته تفيد قبضة المبلغ الباقي من الدين الذي كان الطاعن مديناً به إلى شركة جلانتي وأن هذه المخالصة هي التي يقتضيها عقد البيع من الطاعن إلى المطعون عليها الثانية في 8 من سبتمبر سنة 1943 وأنه صدر من شركة جلانتى في 4 من يناير سنة 1944 إقرار بشطب حق الاختصاص الذي كان موقعاً على أملاك الطاعن وبأن ذمته صارت بريئة من الدين كما صارت غير محملة بأي تأمين عقاري ضماناً لهذا الدين: وأن المطعون عليه الأول بصفته أقام في 5 من سبتمبر سنة 1945 على الطاعن والمطعون عليها الثانية الدعوى الحالية رقم 81 كلي دمنهور سنة 1945 بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى محجور من المطعون عليها الثانية في 9 من سبتمبر سنة 1943 وبتسليم العين المبيعة إليه وبإلزام الطاعن بالمصروفات: فدفعها الطاعن بدفوع منها أن عقد البيع الصادر منه إلى المطعون عليها الثانية في 8 من سبتمبر سنة 1943 قد فسخ من تلقاء نفسه بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار وفقاً لما اتفق فيه صراحة وذلك لعدم قيام المطعون عليها الثانية بما التزمت به من استحضار مخالصة نهائية بالدين وشهادة بشطب حق الاختصاص الموقع على أملاك الطاعن خلال السنة المحددة، وأن المجلس الحسبي لم يعتمد بصفة نهائية البيع الصادر إلى المحجوز عليه وأن الطاعن وفاه نقداً بالدين الذي كان مديناً به له إذ أودعه على ذمته في البنك بإذن من المجلس الحسبي وأن شطب حق الاختصاص لا يتحقق إلا بالتأشير بمحوه من السجلات بناء على تقرير من الدائن وهو ما لم يحصل. فقضت محكمة دمنهور الابتدائية بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى المطعون عليه الأول بصفته في 9 من سبتمبر سنة 1943 مع التسليم وإلزام الطاعن بالمصروفات. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 218 سنة 3 قضائية استئناف الإسكندرية فقضت المحكمة برفضه وتأييد الحكم الابتدائي بناء على أسباب تتحصل في أنه يبين من الأوراق المقدمة في الدعوى: أن المطعون عليها الثانية قد وفت خلال السنة المحددة في العقد المحرر بينها وبين الطاعن في 8 من سبتمبر سنة 1943 بالالتزامات التي فرضها عليها، إذ أقر الطاعن كتابة في اليوم التالي لتاريخ العقد بتسلمه منها مخالصة بالدين صادرة من المطعون عليه الأول وبأن هذه المخالصة هي التي يقتضيها العقد المذكور، وإذ أقرت شركة جلانتي كتابة في 4 من يناير سنة 1944 ببراءة ذمة الطاعن من الدين وبشطب حق الاختصاص الذي كان موقعاً على أملاكه ضماناً له: وأن الطاعن لم يقم بما التزم به من تسليم العين المبيعة في الميعاد المحدد - آخر أكتوبر سنة 1943 مع أن هذا التسليم لم يكن مقيداً بشرط، مما اضطر المطعون عليها الثانية إلى أن ترفع عليه الدعوى رقم 46 مستعجل دسوق سنة 1944 ثم الدعوى رقم 252 جزئي دسوق سنة 1944، ولكن قضي فيهما على التوالي في 29 من نوفمبر سنة 1943 و12 من مارس سنة 1944 بناء على الدفع الذي أبداه بعدم اختصاص القضاء المستعجل والقضاء الجزئي بالفصل في طلب التسليم، وهو ما يسجل عليه إخلاله بالتزامه في هذا الخصوص وذلك بعد تسلمه من المطعون عليها الثانية المخالصة التي اقتضاها العقد المحرر بينهما في 8 من سبتمبر سنة 1943. وأنه بعد ذلك لجأ المطعون عليهما إلى المجلس الحسبي فأصدر في 9 من سبتمبر سنة 1943 قراره باعتماد شراء المحجور عليه إلى 20 ط و20 س المبينة في عقد البيع المحرر بينهما في 9 من سبتمبر سنة 1943 وفاء لمبلغ الـ 215 ج الذي كان الطاعن مديناً به لشركة جلانتي وحل المحجوز عليه محلها فيه وذلك بعد تقديم الشهادات الدالة على خلو العين المبيعة من الحقوق العينية: وأن الطاعن بدلاً من أن يعمل على إتمام عقد البيع الصادر منه سعى في نقضه، ذلك أنه عقب إعلانه بصحيفة الدعوى الحالية لجأ إلى المجلس الحسبي وعرض عليه في غيبة المطعون عليه الأول أن يدفع الدين المشار إليه نقداً منكراً صدور العقد المذكور منه ومدعياً بأن العين المبيعة بموجبه شائعة في أطيان مرهونة للبنك وأن من مصلحة المحجور عليه قبض دنيه نقداً وفعلاً أودعه في البنك على ذمته، غير أن المطعون عليه الأول حضر بجلسة 19 من فبراير سنة 1946 وشرح للمجلس الحسبي حقيقة الأمر وأبان له أن من مصلحة المحجور عليه الإبقاء على الصفقة فأصدر المجلس في 26 من فبراير سنة 1946 قراراً أصر فيه على قراراه الأول مع السير في دعوى إثبات التعاقد، كما أصدر في 26 من مارس سنة 1946 قراراً إذن فيه للطاعن بصرف المبلغ الذي كان أودعه في البنك على ذمة المحجور عليه: وأنه يبين من ذلك كله أن تصرفات الطاعن كانت مشوبة وأنه انتهز فرصة غياب المطعون عليه الأول وزود المجلس الحسبي بمعلومات خاطئة غير نزيهة وأنه سعى في نقض العقد الصادر منه بطرق ملتوية، وأنه غير صحيح ما دفع به الدعوى من أن المجلس الحسبي رفض اعتماد الشراء ومن أن ذمته قد برئت من الدين بطريق الوفاء به للمحجور عليه: وإن ما ادعاه من أن المطعون عليها الثانية قصرت في الوفاء بما التزمت به من شطب حق الاختصاص خلال السنة المحددة وبذلك يكون عقد البيع المحرر بينهما في 8 من سبتمبر سنة 1943 قد انفسخ من تلقاء نفسه مردود بالإقرار الصادر من شركة جلانتي في 4 من يناير سنة 1944 كما سبق بيانه وبأن تصرفات الطاعن السالف ذكرها هي التي عاقت حصول الشطب فعلاً، ذلك أنه مع وجود الإقرار المذكور ومخالصة الدين السابق التنويه عنها أصبح الشطب سهل المنال بل إنه يمكن للمستأنف (الطاعن) أن يباشر إجراءاته وظروف الدعوى تنادي أنه ما كان يمكن للشركة أن تمتنع عن التقرير رسمياً بهذا الشطب إذا ما طلب منها ذلك طبقاً للإقرار الصادر منها كما أنه يمكن المستأنف إذا كان مخلصاً في تصرفاته وامتنعت الشركة الحصول على حكم من محكمة بذلك على نفقتها طبقاً للقانون وهذا الامتناع أمر تستبعده المحكمة مع وجود هذا الإقرار الصادر منها ولهذا فليس للمستأنف أن يستغل العراقيل التي أقامها والتي كانت من عمله وصنعه لنقض الاتفاق المؤرخ 988 - 1943". فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون - ذلك أنه تناول في أسبابه القضاء ضمناً بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من الطاعن إلى المطعون عليها الثانية في 8 من سبتمبر سنة 1943 - مع أن دعوى لم ترفع به من أحد طرفيه ولا من المطعون عليه الأول.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما هو ثابت بالحكم من أن الطاعن دفع الدعوى سواء فيما يختص بطلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليها الثانية إلى المطعون عليه الأول في 9 من سبتمبر سنة 1943 أو بطلب تسليم العين المبيعة بأن عقد البيع الصادر منه إلى المطعون عليها الثانية في 8 من سبتمبر سنة 1943 قد فسخ لعدم قيامها خلال السنة المحددة فيه بالالتزامات التي فرضها عليها، وبذلك يكون أمر هذا العقد قد طرح على المحكمة من نفس الطاعن بطريق دفع الدعوى المقامة عليه فكان لزاماً عليها أن تتعرض إليه لا للفصل في هذا الدفع فحسب بل أيضاً للفصل فيما إذا كان عقد البيع المطلوب الحكم بصحته ونفاذه صدر ممن يملكه أم غير ذلك إذ لو صح الدفع المذكور لكان عقد البيع المطلوب الحكم بصحته ونفاذه منعدم الأثر لزوال العقد الذي بني عليه.
ومن حيث إن السب الثاني يتحصل في أن الحكم خالف القانون ذلك أن المحكمة قضت بإلزام الطاعن بتسليم العين المبيعة بموجب العقد الصادر من المطعون عليها الثانية إلى المطعون عليه الأول في 9 من سبتمبر سنة 1943 - مع أن هذه العين تحت يد الطاعن وهو لم يكن طرفاً في العقد المذكور، وبذلك تكون المحكمة قد أعملت أثره على غير عاقديه مع أنه غير مسجل ولا تنتقل الملكية بموجبه ولا ينشئ سوى التزامات شخصية بين عاقديه فقط.
ومن حيث إنه لما كان ثابتاً بالحكم أن الطاعن أباح للمطعون عليها الثانية في عقد البيع الصادر منه إليها حق تحويله إلى الغير بدون موافقته وأن المطعون عليه الأول اعتمد في طلب تسليمه العين موضوع الدعوى على أنه اشتراها من المطعون عليها الثانية بموجب عقد البيع الصادر في 9 من سبتمبر سنة 1943 وعلى أن الطاعن تعهد في العقد الأنف ذكره بتسليمها إليها في آخر أكتوبر سنة 1943 ولم يف بهذا التعهد - وكان عقد البيع ينقل إلى المشتري جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به ومنها حق البائعة له في تسلم المبيع من البائع السابق - وكان هذا الأثر يترتب على عقد البيع حتى ولو لم يكن مسجلاً باعتباره من الحقوق الشخصية التي تتولد عنه - لما كان ذلك كذلك يكون الحق في تسلم العين المبيعة قد انتقل من المطعون عليها الثانية إلى المطعون عليه الأول ولا تكون المحكمة إذا قضت بإلزام الطاعن بتسلمها إليه قد خالفت القانون، ومن يكون هذا السبب في غير محله.
ومن حيث إن السببين الثالث والرابع يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد والاستدلال كما شابه القصور - ذلك أن المحكمة، إذ قررت أن المطعون عليها الثانية وفت خلال السنة المحددة بالتزامها بإحضار مخالصة بالدين الذي في ذمة الطاعن، اعتمدت على ورقة صادرة منه تتضمن تسلمه مخالصة من القيم على المحجور عليه - مع أن العبرة ليست باعتراف الطاعن بتسلمه ورقة تنص على التخالص وإنما هي بقيمتها القانونية، وأن الورقة المشار إليها لا تفيد التخالص بصفة قطعية لأن الدين كان قد انتقل من جلانتي إلى المحجور عليه وكل ما حصل هو أن المطعون عليها الثانية باعت الأطيان التي اشترتها من الطاعن إلى المحجور عليه مقابل هذا الدين وهذا البيع موقوف على اعتماد المجلس الحسبي وهو لم يتم بعد - وأنه على الرغم من تمسك الطاعن بذلك كله في دفاعه مستنداً فيه إلى الإجراءات التي تمت أمام المجلس الحسبي فإن المحكمة لم تلق بالاً إليه.
ومن حيث إن هذين السببين مردودان بما قررته المحكمة بناء على الأوراق التي قدمت إليها من أن المطعون عليها الثانية وفت خلال السنة المحددة في عقد البيع الصادر إليها من الطاعن في 8 من سبتمبر سنة 1943 بما التزمت به من إحضار مخالصة بالدين سواء من شركة جلانتي الدائنة الأصلية أو من المقيم على المحجوز عليه الذي حل محلها في هذا الدين بموافقة مجلس حسبي دسوق بقراره الصادر في 27 من إبريل سنة 1942، إذ أقر الطاعن في اليوم التالي بتسلمه من المطعون عليها الثانية مخالصة بالدين صادرة من المطعون عليه الأول وبأن هذه المخالصة هي التي يقتضيها عقد البيع السالف ذكره وإذا أقرت شركة جلانتي في 4 من يناير سنة 1944 ببراءة ذمة الطاعن من الدين وهذا الذي قررته المحكمة فيه الرد الكافي على دفاع الطاعن المشار إليه - أما ما يتمسك به من أن اعتماد المجلس للبيع لم يتم بعد فينفيه ما جاء بالحكم من أن مجلس حسبي دسوق اعتمد بقراره الصادر في 5 من يونيه سنة 1944 (أي خلال السنة المحددة) شراء المحجور عليه للأطيان المبيعة إليه من المطعون عليها الثانية بموجب العقد المحرر في 9 من سبتمبر سنة 1943 وفاء لمبلغ 215 ج الذي كان الطاعن مديناً به لشركة جلانتي وحل المحجوز عليه محله فيه، وكذلك ما جاء بالحكم من أن المجلس الحسبي أصدر في 26 من فبراير سنة 1946 قراراً آخر أصر فيه على قراره السالف ذكره وأمر القيم بالسير في دعوى إثبات التعاقد - وأما ما أبداه الطاعن في مذكرته شرحاً لما أورده في تقريره من أن المجلس الحسبي علق موافقته على البيع المشار إليه على شرط تقديم الشهادات الدالة على خلو العين المبيعة من الحقوق العينية فمردود بأن الغرض من هذا القيد ليس تعليق البيع على شرط واقف كما يقول الطاعن وإنما هو حفظ حقوق المحجوز عليه قبل البائعة إليه - وأما ما ينعاه على الحكم من قصور لعدم رده على ما استند إليه من الإجراءات التي تمت أمام المجلس الحسبي فمردود بما هو ثابت بالحكم من تحدث المحكمة عن هذه الإجراءات وانتهائها بالقرار الصادر في 26 من مارس سنة 1946 بالإذن للطاعن في صرف المبلغ الذي كان أودعه على ذمة المحجوز عليه في البنك، وهو ما استخلصت منه المحكمة في حدود سلطتها كيدية - تصرفات الطاعن وسعيه في نقض عقد البيع الصادر منه إلى المطعون عليها بطرق ملتوية.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون - ذلك أن المحكمة فيما قررته من أن المطعون عليها الثانية وفت خلال السنة المحددة بالتزامها بإحضار شهادة بشطب حق الاختصاص الذي كان موقعاً على أملاك الطاعن، اعتمدت على ورقة صادرة في هذا الخصوص من شركة جلانتي في 4 يناير سنة 1944 مع أن هذه الورقة لا تعتبر شهادة بشطب حق الاختصاص إذ هي لا تعدو أن تكون تعهداً بالشطب هذا فضلاً عن أنها لم تسلم إلى الطاعن.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الحكم أن المحكمة قررت بناء على الأسباب السائغة التي أوردتها والسابق بيانها ما يفيدان قيام المطعون عليها الثانية بإحضار إقرار من شركة جلانتي بشطب حق الاختصاص هو الأمر الجوهري في التزامها وإن ما بقي من إجراءات الشطب ميسور حصوله وكان في مكنة الطاعن مباشرته وأنه لم يعق إتمام هذه الإجراءات إلا تصرفاته الكيدية وسعيه في نقض العقد الصادر منه بطرق ملتوية وكان لا أهمية لاحتجاجه بعدم تسليمه الإقرار الصادر من جلانتي متى كانت المطعون عليها الثانية قدمته في الدعوى وبذلك وضعته تحت تصرفه - لما كان ذلك يكون النعي على الحكم بمخالفته القانون لا مبرر له.
ومن حيث إنه ينبني على جميع ما تقدم إن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.