أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 317

جلسة 3 يناير سنة 1952
(55)
القضية رقم 125 سنة 19 و37 سنة 20 القضائية

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
(أ) وقف. قبض ريع حصة. سوء النية. حائز. اعتباره سيئ النية من وقت علمه بالعيب الذي يشوب سند الاستحقاق. اعتباره كذلك من تاريخ رفع الدعوى عليه في خصوص استحقاق الثمار.
(ب) حكم. تسبيبه. حسن النية. نفيه بناء على اعتبارات مؤدية إليه. يكفي. الرد على كل حجج الخصوم. لا يلزم.
(ج) سوء النية. اعتبار المستولي على الريع سيئ النية من تاريخ إعلانه بصحيفة الدعوى المرفوعة عليه من أحد الورثة دون غيره منهم. لا مخالفة في ذلك القانون.
(د) إقرار. تفسيره. موضوعي.
(ه-) إقرار. حجيته على المقر وورثته من بعده. تعديته إلى غيرهم. لا تصح.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الطاعنة سيئة النية في قبض ما قبضته من ريع حصة في وقف بعد أن أعلنت بالدعوى الشرعية المقامة عليها في هذا الخصوص وعلمت منها بالعيب الذي يشوب سند استحقاقها فإنه لا يكون قد أخطأ. ذلك بأن الحائز يعتبر سيئ النية من الوقت الذي علم فيه بعيوب سند حيازته، وهو يعتبر كذلك من تاريخ رفع الدعوى عليه في خصوص استحقاق الثمار، لأن الحكم الذي يصدر فيها يستند إلى تاريخ رفعها. ولا يبطل الحكم عدم بيانه القواعد والنصوص القانونية التي أسس عليها قضاءه متى كانت النتيجة التي انتهى إليها صحيحة قانوناً.
بحسب المحكمة أن تبين في حكمها الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وهي بعد غير ملزمة أن تتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وأن ترد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها في دفاعهم. فإذا كانت المحكمة قد نفت حسن نية الطاعنة في قبض ما قبضته من ريع حصة في وقف بما قالته من أن هذه الطاعنة لم تنكر أنها كانت خصماًً في النزاع على هذا الاستحقاق وأنها حضرت الجلسات التي نظرت فيها الدعوى بشأن هذا النزاع حتى انتهى بحكم نهائي، وأن الحكم الذي استندت إليه في بيان حسن نيتها لا قيمة له في هذا الصدد لصدوره بعد الحكم الفاصل في الاستحقاق الذي كان متنازعاً عليه، فضلاً عن أن محكمة النقض قد قضت بإلغائه فزال بذلك كل ما ترتب عليه من آثار، فذلك كاف لحمل ما قضت به من انتفاء حسن النية ولا مخالفة فيه للقانون.
3 - لا مخالفة للقانون في أن يعتبر الحكم الطاعنة سيئة النية في قبض ما قبضته من ريع حصة في وقف من تاريخ إعلانها بصحيفة الدعوى المقامة عليها من أحد الورثة، إذ يكفي لتحقق سوء النية لديها علمها بالعيب اللاصق بسند استحقاقها ولو كان مصدر هذا العلم من كان يقاضيها وحده في الدعوى منكراً استحقاقها ومدعياً الاستحقاق لنفسه عن طريق مورثته وقضى له في دعواه دون أن يشترك معه فيها باقي المطعون عليهم.
4 - إذا فسرت المحكمة إقراراً تفسيراً لا يخرج عن مدلول عبارته فذلك من حقها ولا سبيل لأحد عليها فيه.
5 - الإقرار حجة قاصرة على المقر وورثته من بعده فلا يجوز إعمال أثره على من عداهم.


الوقائع

في يوم 2 من أغسطس سنة 1949 طعنت السيدة أمينة هانم مصطفى بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 28 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 1247 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية في 30 من إبريل سنة 1947 في القضية رقم 2089 سنة 1943 وإلزام المطعون عليهم بجميع مصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 15 من أغسطس سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 21 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها - وفي 4 من سبتمبر سنة 1949 أودع المطعون عليهم الأول والثاني والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادية عشرة والثانية عشرة والرابع عشرة والخامس عشر والسادسة عشرة مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات. ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً. وفي 28 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 9 من فبراير سنة 1950 طعن ورثة المرحوم حسن بك إحسان وآخرون بطريق النقض في نفس الحكم الصادر في 28 من فبراير سنة 1949 في الاستئناف رقم 1247 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلبوا فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتعديله إلى إلزام المطعون عليها بأن تدفع إليهم مبلغ 3245 ج و742 م وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية لحين السداد وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد وزارة الأوقاف وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي. وفي 16 من فبراير سنة 1950 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن، وفي 28 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم - وفي 16 من مارس سنة 1950 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 5 من إبريل سنة 1950 أودع الطاعنون مذكرة بالرد. وفي 28 من فبراير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وبإحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات. وبجلسة 20 من ديسمبر سنة 1951 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 37 سنة 20 ق المرفوع من ورثة حسن إحسان بك وآخرين إلى الطعن رقم 125 سنة 19 ق المرفوع من السيدة أمينة هانم مصطفى - ثم سمعت المرافعة على ما هو مدون بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

.... من حيث إن الطعن رقم 125 سنة 19 ق والطعن رقم 37 سنة 20 ق المضموم إليه قد استوفيا أوضعاهما الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطاعن تتحصل في أنه في 17 من شعبان سنة 1271 ه- أوقفت المرحومة السيدة مهثاب قادن حوالي ستة آلاف فدان وجعلت جزءا منها وقفاً على أغواتها الستة (وقد أطلق على هذا الوقف اسم وقف أغوات الحريم أو الوقف الأول) وجعلت جزءاً آخر على جهات بر وعلى جماعة ذكرت أسماءهم (وأطلق على هذا الوقف أسم وقف الخيرات أو الوقف الثاني) وجعلت الباقي من الأطيان ومقداره 3488 ف على مدبراتها وبنت عتيقتها (السيدة عريفه يوسف)، وعلى عتيقاتها المذكورات بكتاب الوقف (وأطلق على هذا الوقف اسم وقف العتيقات والمدبرات أو الوقف الثالث) وهو الذي يهم أمره في النزاع الحالي - وقد قسم بحسب كتاب الوقف إلى سبع حصص بعضها يستقل به مستحق واحد وبضعها يشترك فيه عدة مستحقين وصاحبة الحصة الثانية فيه هي السيدة عريفة يوسف، ويشترك في الحصة الثالثة فيه أربع عشرة عتيقة منهن نرجس (المعروفة بنرجستر) وماهيير (المعروفة بمهجرة) وشاهنكيز، وقد توفيت نرجستر هذه عن ولديها عمر خورشيد وتفيده خورشيد وعن أمينة مصطفى أوده باشى (الطاعنة في الطعن رقم 125 سنة 19 ق) وهي بنت ابنتها نفيسة المتوفاة في حال حياتها. ثم توفيت شاهنكير عقيماً وبعد وفاتها بدأ النزاع على استحقاق حصتها بأن أقيمت دعوى شرعية من عمر خورشيد بك أحد ورثة نرجستر مطالباً بالاستحقاق فهيا وتدخل فيها بعض عتيقات شاهنكيز وأخريات مطالبات أيضاً بالاستحقاق لهن فصدر في هذا النزاع حكم المحكمة العليا الشرعية في 7 من مارس سنة 1912 قاضياً بتفسير شرط الواقفة على الوجه المبين فيه وبيان المستحقين واستبعدت المحكمة طلبات عتيقات شاهنكيز على اعتبار أن النص لا يشملهن. حدث بعد ذلك أن رفعت السيدة تفيده خورشيد على وزارة الأوقاف وعمر خورشيد بك الدعوى الشرعية رقم 107 سنة 1912 - سنة 1913 بتوزيع وقسمة صافي ريع الوقف بين مستحقيه فأصدرت المحكمة العليا الشرعية في تلك الدعوى حكمها في 14 من يناير سنة 1915 مؤيداً تفسير الحكم السابق - بعد ذلك رفعت السيدة عريفة يوسف على وزارة الأوقاف الدعوى رقم 52 كلي سنة 1916 - سنة 1917 أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية مطالبة بنصيب شاهنكيز التي توفيت عقيماً بعد الاستحقاق بحجة أنها (أي المدعية) الوحيدة الباقية على قيد الحياة من أهل طبقتها وإن كانت لها حصة أخرى قائمة بذاتها هي الحصة الثابتة من الحصص السبع التي قسم إليها الوقف الثالث ودخلت السيدة أمينة بنت مصطفى أوده باشى خصماً في الدعوى. فأصدرت المحكمة الشرعية في 21 من نوفمبر سنة 1917 حكمها بعدم سماع دعوى كل من السيدة عريفة والسيدة أمينة فيما يتعلق بمن يئول إليه نصيب شاهنكيز لسبق الفصل في الموضوع من المحكمة العليا الشرعية في 7 من مارس سنة 1912 وقد تأيد هذا الحكم في 2 من يناير سنة 1919 - انتقل النزاع بعد ذلك إلى القضاء الوطني. فرفعت أمام محكمة مصر الابتدائية ثلاث دعاوى إحداها رقم 339 كلي سنة 1922 من فريق الطاعنة (في الطعن رقم 125 سنة 19 ق) طالبين بصفتهم مستحقين في وقف مهتاب قادن أن يقضى لهم على وزارة الأوقاف بمبلغ 2382 ج فائض ريع حصتهم في المدة السابقة على رفع الدعوى وما يستجد من سنة 1921 إلى التسليم، والدعوى الثانية رقم 1152 سنة 1922 رفعها ورثة السيدة عريفة وطلبوا فيها إلزام وزارة الأوقاف بأن تؤدى إليهم حساباً عن نظارتها على الوقف وإلا ألزمت بمبلغ 300. 000 جنيه باقي كل حساب عن استحقاق السيدة شاهنكيز من يوم وفاتها إلى آخر سنة 1921، والدعوى الثالثة رقم 246 كلي سنة 1922 رفعها عمر خورشيد بك طالباً الحكم له بمبلغ 300 جنيه وهو حصته فيما تجمد لدى وزارة الأوقاف عن سنتي 1919 وسنة 1920 وإلزامها باستمرار الصرف إليه، وقد قضت محكمة مصر الابتدائية في 31 من مارس سنة 1926 في هذه الدعاوى الثلاث بعد أن ضمتها بعضها إلى بعض برفض دعوى ورثة السيدة عريفة يوسف وبإلزام وزارة الأوقاف بتوزيع ما تجمد لديها ومقداره 12789 جنيهاً و355 مليماً من ريع حصة شاهنكيز سواء المخلفة عنها أو الآيلة إليها على ثمانية أجزاء متساوية لكل من عمر خورشيد بك والسيدة تفيده أخته وبنت أخته السيدة أمينة بنت نفيسة وجميعهم أولاد المرحومة الست نرجستر، وورثة منيرة بنت برلنته وحوريه بنت ملكشان ونفيسة ومصطفى ونفيسه رستم معاً ولدى حسن حلمي (جميعهم أولاد المرحومة مهجرة) وبتوزيع ما يستجد على هذا الاعتبار مؤسسة حكمها على حكم المحكمة العليا الشرعية الصادر في 7 من مارس سنة 1912 واعتبرته دستور الوقف لرجوع الأحكام الشرعية التالية إليه - استأنف ورثة السيدة عريفة يوسف هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر بالاستئنافين رقمي 83 - 798 س 44 ق، فقضت تلك المحكمة في 2 من يونيه سنة 1930 بتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها - عمد بعد ذلك حسن إحسان بك وهو من ورثة الست عريفه إلى رفع دعوى أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية على الطاعنة (السيدة أمينة هانم مصطفى) وفريقها ووزارة الأوقاف طلب فيها أن يقضى له بما تجمد من ريع الحصة الآيلة إليه عن الست شاهنكيز ومقدارها ثلث ذلك النصيب وفيما يستحق مستقبلاً، فدفع المدعى عليهم عدا وزارة الأوقاف بعدم سماع الدعوى لسبق الفصل فيها وقد قبلت المحكمة هذا الدفع في 16 من يونيه سنة 1931 إلا أن المحكمة العليا الشرعية ألغت هذا الحكم في 10 من نوفمبر سنة 1931 وأعادت القضية إلى محكمة مصر الابتدائية الشرعية فعاد المدعى عليهم إلى التمسك أمام تلك المحكمة بالدفع السابق إبداؤه منهم - وبعد أن قررت المحكمة ضمه إلى الموضوع قضت في 28 من فبراير سنة 1933 برفض الدفع وسماع الدعوى وبإجابة المدعي إلى طلباته وارتكنت في ذلك إلى أن الحكم الصادر من المحكمة الأهلية في 31 من مارس سنة 1926 إنما فصل في توزيع الريع المتجمد من النصيب المتنازع عليه ولم يفصل في أمر ما استجد من الريع، وأن حكم المحكمة العليا الشرعية الصادر في 7 من مارس سنة 1912 يفرق في الحكم بين حالتي وفاة المستحق عقيماً قبل الاستحقاق وبعد الاستحقاق (كما هي حالة شاهنكيز)، وأنه في الحالة الأخيرة يجعل الاستحقاق آيلاً إلى الموجود من أهل طبقتها من العتيقات والمدبرات... إلخ. ولم يكن موجوداً منهن وقت وفاتها سوى السيدة عريفة مورثة حسن بك إحسان فهي دون سواها الوارثة لنصيب شاهنكيز كما أن شاهنكيز تكون قد آل إليها نصيب جميع من توفي قبلها عقيماً من أهل طبقتها - فرفع المحكوم عليهم استئنافاً عن هذا الحكم إلى المحكمة العليا الشرعية فأيدته في 8 من إبريل سنة 1935 وقالت في أسباب حكمها ما خلاصته أن حكم محكمة مصر الأهلية صدر من سلطة غير مختصة بالفصل في مسائل الاستحقاق فهو معدوم الأثر وكأنه لم يكن، وقالت عن حكم 21 من نوفمبر سنة 1917 إنه حين قضى بعدم سماع دعوى السيدة عريفة يوسف لم يقض برفضها وأن حكم 7 من مارس سنة 1912 الصادر من المحكمة العليا الشرعية صريح في بيان أن استحقاق شاهنكيز يؤول إلى عريفة دون حاجة إلى البحث الذي أجرته محكمة أول درجة خاصاً بالتفريق بين من مات عقيماً قبل الاستحقاق ومن مات بعده، وفي الأثناء وبعد صدور حكم محكمة مصر الابتدائية الشرعية لجأت الطاعنة (السيدة أمينة مصطفى) وفريقها إلى قاضى الأمور المستعجلة بمحكمة مصر طالبين الحكم باستمرار تنفيذ حكمي القضاء الأهلي الصادرين لمصلحتهم في 31 من مارس سنة 1926 و2 من يونيه سنة 1930، فقضي في 9 من ديسمبر سنة 1933 باستمرار التنفيذ حتى يصبح الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 28 من فبراير سنة 1933 نهائياً - وقد نفذت وزارة الأوقاف هذا الحكم إلى أن صدر حكم المحكمة العليا الشرعية في 8 من إبريل سنة 1935 فتوقفت عن الصرف فأقامت الطاعنة (السيدة أمينة هانم مصطفى) وفريقها في 15 و18 من مايو سنة 1935 الدعوى رقم 973 سنة 1935 أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية على حسن بك إحسان وباقي المطعون عليهم ووزارة الأوقاف طالبين القضاء لهم "بأن حكم محكمة استئناف مصر العليا الصادر في 2 من يونيه سنة 1930 مؤيداً لحكم محكمة مصر الصادر في 31 من مارس سنة 1926 هو حكم نهائي واجب الاحترام لصدوره في مواجهة هؤلاء الخصوم وفي الموضوع نفسه وللسبب عينه بالرغم من صدور حكم شرعي جديد يقصد به إبطال مفعوله، واحترامه إنما يكون باستمرار تنفيذه - وقد أبدى المدعى عليهم (الطاعنون في الطعن رقم 37 سنة 20 ق) في الدعوى المذكورة دفعي فرعيين أحدهما بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من المحكمة الشرعية والآخر بعدم اختصاص القضاء الأهلي بالفصل في الدعوى - وفي 13 من يونيه سنة 1937 حكمت محكمة مصر أولاً: - برفض الدفعين المشار إليهما وباختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وبقبول الدعوى وبجواز نظرها وفي الموضوع باستمرار تنفيذ حكم المحكمة الصادر بتاريخ 31 من مارس سنة 1926 في الدعاوى الثلاث رقم 339 و1152 و246 مدني كلي مصر سنة 1926 والذي قضى استئنافياً وانتهائياً بتأييده في 2 من يونيه سنة 1930، فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر بصحيفة قيدت برقم 767 سنة 54 قضائية طالبين إلغاءه وعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى - وفي 20 من إبريل سنة 1939 حكمت محكمة الاستئناف في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فرفع حسن بك إحسان وفريقه نقضاً عن هذا الحكم قضى فيه في 2 من مايو سنة 1940 بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف رقم 767 سنة 54 قضائية بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر من محكمة مصر الابتدائية بتاريخ 13 من يونيه سنة 1937 في الدعوى رقم 973 كلي مصر سنة 1935 وبرفض تلك الدعوى تأسيساً على أن الحكم الصادر في 2 من يونيه سنة 1930 إذ بني على تأويل هذه المحكمة للحكم الشرعي الصادر في 7 من مارس سنة 1912 - وهو ما لا تملكه أصلاً وقد اختلفت فيه نفس المحاكم الشرعية صاحبة الاختصاص - يكون قد صدر في مسألة لا ولاية للمحاكم الأهلية في نظرها وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في قضائه باستمرار تنفيذ ذلك الحكم على أساس أنه حكم واجب التنفيذ بعد ذلك - رفع المطعون عليهم في الطعن رقم 125 سنة 19 ق الدعوى رقم 2089 سنة 1943 كلي مصر على الطاعنة في الطعن المذكور وآخرين من أفراد حصتها ووزارة الأوقاف طلبوا في صحيفتها إلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا إليهم مبلغ 12987 ج و559 مليماً وفائدته بواقع 5% سنوياً ابتداء من سنة 1931 لغاية تمام الوفاء - وفي 24 من مارس سنة 1945 عدل المدعون (المطعون عليهم في الطعن رقم 125 سنة 19 ق) طلباتهم نظراً لتصالحهم مع من عدا السيدة أمينة هانم مصطفى، وطلبوا القضاء لهم بإلزام السيدة المذكورة بأن تدفع إليهم مبلغ 3245 ج و843 م وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء والمصاريف والأتعاب وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد وزارة الأوقاف وجعله نافذاً وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة - وبعد أن أنهت المحكمة سماع الدعوى قضت في 30 من إبريل سنة 1947 برفضها تأسيساً على أن السيدة أمينة بنت مصطفى قد قبضت المبلغ بحسن نية اعتقاداً منها بأنها مستحقة في الوقف فلا تلزم برده - استأنف المطعون عليهم (الطاعنون في الطعن رقم 37 سنة 20 ق) هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 1247 سنة 64 ق استئناف مصر. وفي 28 من فبراير سنة 1949 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليها (السيدة أمينة بنت مصطفى) بأن تدفع للمستأنفين بصفاتهم مبلغ 827 ج و825 م وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام الوفاء وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد وزارة الأوقاف وجعله تنفيذياً وألزمت المستأنف عليها المذكورة بالمصاريف و500 قرش صاغ أتعاباً للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، فطعنت السيدة أمينة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 125 سنة 19 ق كما طعن فيه ورثة حسن بك إحسان وآخرون وقيد طعنهم برقم 37 سنة 20 ق وقرر المحكمة بجلسة 20 من ديسمبر سنة 1951 ضم الطعن الأخير إلى الطعن الأول.
 
"عن الطعن رقم 125 سنة 19 ق".

ومن حيث إن هذا الطعن بني على ستة أسباب يتحصل الأول والرابع والخامس منها في أن الحكم شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون من ثلاثة أوجه - الأول - إذ قرر أن رفع الدعوى الشرعية من حسن بك إحسان بأحقية ورثة السيدة عريفة في استحقاق نصيب شاهنكيز في الوقف واختصام الطاعنة في هذا النزاع معناه تحذيرها بأنها إذا استولت على ريع هذا الاستحقاق قبل الفصل نهائياً فيمن يئول إليه من الطرفين يكون استيلاؤها عليه وفقاً للقواعد القانونية التي استقر عليها الفقه والقضاء حاصلاً بسوء نية - إذ قرر ذلك - لم يبين هذه القواعد التي أشار إليها إشارة مجملة وجعلها عماد قضائه مع وجوب هذا البيان خصوصاً وأن مسألة حسن النية وسوءها مردها إلى الوقائع وإلى ظروف كل دعوى، فليس يكفى أن ترفع الدعوى حتى تزول صفة حسن النية بمجرد رفعها - والثاني إذ استدلت الطاعنة على حسن نيتها في قبض الريع بالأحكام العديدة الصادرة من جهتي القضاء الشرعي والوطني ومنها الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية في 7 من مارس سنة 1912 والحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية في 14 من يناير سنة 1915 والحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 21 من نوفمبر سنة 1917 في الدعوى المرفوعة من السيدة عريفة والحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية الوطنية في 31 من مارس سنة 1926 والمؤيد استئنافياً لأسبابه في 2 من يونيه سنة 1930 والحكم الصادر من القضاء المستعجل في 9 من ديسمبر سنة 1933 والحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية الوطنية في الدعوى رقم 973 سنة 1935 في 13 من يونيه سنة 1937 ولم تلق المحكمة بالاً إلى جميع هذه الأحكام اكتفاء منها بالقول بأن القواعد القانونية تؤيد سوء نية الطاعنة دون بيان لهذه القواعد وثالثاً - إذ أهدر الحكم المطعون فيه كل قيمة لحكم المحكمة العليا الشرعية الصادر في 16 من فبراير سنة 1948 بحجة أنه لم يصدر في مواجهة ورثة السيدة عريفه مع أنه قضى بأن نصيب شاهنكيز التي ماتت من غير عقب ولا ذرية ينتقل لمن في طبقتها أو لأقرب الطبقات إليها من أهل الحصة التي كانت تستحق فيها ومنهم الطاعنة ولا ينتقل منه شيء للسيدة عريفة لأن لها حصة أخرى ومع أن الطاعنة قد استدلت بهذا الحكم على حسن نيتها في الاستيلاء على الريع وأنها إنما كانت تقبضه على أنه حقها.
ومن حيث إن هذه الأسباب بجميع أوجهها مردودة أولاً بأن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الطاعنة سيئة النية في قبض ما قبضته من ريع حصة شاهنكيز بعد أن أعلنت بالدعوى الشرعية المقامة عليها من حسن بك إحسان وعلمت منها بالعيب الذي يشوب سند استحقاقها لم يخطئ في القانون ذلك أن الحائز يعتبر سيء النية من الوقت الذي علم فيه بعيوب سند حيازته وهو يعتبر كذلك من تاريخ رفع الدعوى عليه في خصوص استحقاق الثمار ذلك لأن الحكم الذي يصدر فيها يستند إلى تاريخ رفعها، ولا يبطل الحكم عدم بيانه القواعد والنصوص القانونية التي أسس عليها قضاءه متى كانت النتيجة التي انتهى إليها صحيحة قانوناً، ومردود ثانياً بما قاله الحكم في نفى حسن نية الطاعنة من أنها "لم تنكر أنها كانت خصماً في النزاع على هذا الاستحقاق أمام المحكمة الشرعية وثبت من الشهادة المقدمة تحت رقم 7 دوسيه حافظة المستأنفين (0المطعون عليهم) في قضية التظلم المنضمة أنها حضرت لأول مرة بجلسة 7 أكتوبر سنة 1930 التي نظرت فيها القضية رقم 222 سنة 29 - 30 وأنها استمرت في حضور الجلسات أمام تلك المحكمة وأمام المحكمة العليا الشرعية حتى انتهى النزاع على هذا الاستحقاق بالحكم الصادر بجلسة 8 إبريل سنة 1935 في الاستئناف رقم 89 سنة 32 - 1933" - وما قاله في موضع آخر من أن "الحكم الصادر من محكمة مصر الوطنية في القضية رقم 973 سنة 1935 لصالح المستأنف ضدها الأولى (الطاعنة) وفريقها والحكم المؤيد له من محكمة الاستئناف لا قيمة لهما في بيان حسن نية المستأنف ضدها (الطاعنة) لأنهما صدرا بعد الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية بأيلولة استحقاق الست شاهنكيز إلى الست عريفة، يضاف إلى ذلك أن محكمة النقض قضت بإلغائه في حكمها الصادر في النقض رقم 87 سنة 9 ق السابق الإشارة إليه" وبحسب المحكمة في هذا الخصوص أنها بينت الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وهي بعد ليست ملزمة أن تتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم ذوأن ترد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها في دفاعهم، ومردود أخيراً بما قالة الحكم "من أنه لا محل للتمسك في الدعوى الحالية بالحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية بجلسة 16 فبراير سنة 1948 في الاستئناف رقم 169 سنة 1945، و1946 لصالح أحمد شكري أفندي ضد وزارة الأوقاف المقدم بحافظة المستأنف ضدها الأولى رقم 7 دوسيه الذي قضى بعدم أحقية الست عريفة لشيء في استحقاق الست شاهنكيز في الوقف لأنه لم يصدر في مواجهة ورثة الست عريفة وذلك على خلاف الحكم الصادر من المحكمة العليا في الاستئناف رقم 89 سنة 32 - 1933 فإنه صادر ضد المستأنف ضدها الأولى وفريقها ووزارة الأوقاف أي فاصل في الخصومة بين جميع المتنازعين على أيلولة نصيب شاهنكيز في الوقف ولو أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 169 سنة 45 - 1946 كان صادراً على هذا الوجه أيضاً أي فاصل في الخصومة بين جميع المتنازعين على أيلولة نصيب الست شاهنكيز في الوقف لما ترددت هذه المحكمة في إيقاف الخصومة بشأن الريع موضوع هذه الدعوى حتى تفصل المحاكم الشرعية بحكم نهائي حائز لقوة الشيء المحكوم فيه فيمن يئول إليه هذا الاستحقاق من هؤلاء المتنازعين".
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم شابه القصور والخطأ في تطبيق القانون من وجهين - الأول - إذ أهدر كل أثر للحكم الصادر من محكمة مصر الوطنية في الدعوى رقم 973 سنة 1935 كلي مصر والحكم المؤيد له من محكمة الاستئناف في بيان حسن نية الطاعنة بحجة أنهما صدرا بعد الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية بأيلولة استحقاق الست شاهنكيز إلى الست عريفة وأن محكمة النقض قد ألغتهما - مع أن كون الحكمين المشار إليهما قد صدرا بعد حكم المحكمة الشرعية لا يكفى وحده لتقرير سوء نية الطاعنة إذا وجدت ظروف ووقائع تدفع هذا النظر - والوجه الآخر إذ استند في قضائه إلى أن حكم النقض ألغى الحكمين المشار إليهما مع أن الحكم بالإلغاء لم يتعرض لنية الطاعنة وإنما قضى بعدم استمرار تنفيذ حكم 31 من مارس سنة 1926.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود أولاً - بأن الحكم إذا اعتبر الطاعنة سيئة النية قد أقام قضاءه على أدلة سائغة سبق بيانها وهي تكفى لحمله - ومردود ثانياً بأن الحكم إذ قرر أنه يترتب على نقض الحكم المشار إليه زوال كل ما يترتب عليه من آثار - لم يخطئ في القانون - ومن ثم يكون عدم اعتداده بالأحكام التي استندت إليها الطاعنة في هذا السبب لتستدل بها على حسن نيتها لا قصور فيه ولا مخالفة للقانون.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم إذ قال رداً على ما دفعت به الطاعنة من أنه لا يستفيد من الحكم الصادر من المحكمة العليا في القضية رقم 81 سنة 32 - 1933 سوى المدعي فيها وهو حسن بك إحسان "بأن الحق الذي كان يطالب به حسن بك إحسان في الدعوى المشار إليها بأيلولة استحقاق شاهنكيز إلى مورثته - هو حق لا يتجزأ وبناء على عدم تجزئته يكون حسن بك إحسان ممثلاً لتركة مورثته المذكورة ولجميع ورثتها" خالفا القانون - ذلك لأن الأحكام لا تكون حجة على من عدا طرفيها ومن ثم لا يمكن أن يستفيد من الحكم الشرعي إلا إحسان بك إذ هو الذي انفرد برفع الدعوى وصدر الحكم لمصلحته وحده بنصيبه في الحصة المتنازع عليها ولا يجوز لغيره أن يحتج به خصوصاً وأن النزاع لم يكن بين ورثة يتنازعون تركة وإنما كان النزاع قائماً على نصيب في حصة موقوفة، استحقاقها مستمد من كتاب الوقف، هذا فضلاً عن أن حسن بك إحسان هو دون غيره من المطعون عليهم الوارث للست عريفة - ومن ثم يكون الحكم إذ قرر أن رفع الدعوى كان بداية لزوال حسن نية الطاعنة وأن جميع المطعون عليهم يفيدون من الدعوى الشرعية قد خالف القانون.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم استخلص سوء نية الطاعنة فيما استولت عليه من ريع حصة شاهنكيز المتوفاة من أنها قد قبضته بعد أن أعلنت بالدعوى الشرعية المقامة من حسن بك إحسان عليها وعلمت من عريضتها بالعيب الذي يشوب سند استحقاقها وصدر الحكم فيها في مواجهتها على أساس أن استحقاق شاهنكيز التي ماتت عقيماً إنما يئول إلى السيدة عريفة وورثتها من بعدها ومنهم حسن بك إحسان المدعي في تلك الدعوى لا إلى السيدة نارجستر جدة الطاعنة التي كانت تستند إليها في استحقاقها - وهو في استخلاصه هذا لم يخالف حكم القانون في اعتبار الطاعنة سيئة النية من تاريخ إعلانها بصحيفة الدعوى المقامة عليها من حسن إحسان بك وحده دون بقية ورثة السيدة عريفة ذلك أنه يكفى لتحقق سوء النية لدى الطاعنة علمها بالعيب اللاصق بسند استحقاقها ولو كان مصدر هذا العلم من كان يقاضيها وحده في تلك الدعوى منكراً استحقاقها ومدعياً الاستحقاق لنفسه عن طريق مورثته السيدة عريفة وقضى له في دعواه دون أن يشترك معه فيها باقي المطعون عليهم - أما مارد به الحكم على الدفاع المشار إليه مما تعيبه عليه الطاعنة في هذا السبب فهو بفرض خطئه لا تأثير له على صحة النتيجة التي انتهى إليها.
ومن حيث إن السبب السادس يتحصل في أن الحكم شابه بطلان جوهري ذلك أن الطاعنة في سبيل الرد على دفاع المطعون عليهم بإنكار صدور حكم من المحكمة الشرعية في 16 من فبراير سنة 1948 في مواجهتهم يقضى بأيلولة استحقاق شاهنكيز إلى غيرهم، قدمت شهادة من جدول المحكمة العليا الشرعية مؤداها أن يوسف أفندي كمال أحد المطعون عليهم طعن في الحكم المذكور إلا أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع الجوهري.
ومن حيث إن هذا السبب عار عن الدليل إذ لم تقدم الطاعنة ما يدل على سبق تقديم هذه الشهادة إلى محكمة الموضوع.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن بجميع أسبابه على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
 
"عن الطعن رقم 37 سنة 20 ق".

ومن حيث إن هذا الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه عاره بطلان جوهري وأخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه بعد أن استدل بأسباب سائغة على سوء نية المطعون عليها عندما قبضت متجمد الريع من وزارة الأوقاف لم يقض للطاعنين إلا بما تجمد لهم بعد 20 من ديسمبر سنة 1932 ورفض القضاء لهم بما تجمد لهم قبل ذلك بحجة أن حسن بك إحسان كان ممثلاً لتركة مورثته السيدة عريفة في الدعوى وأن جميع الطاعنين هم من ورثته فيسري عليهم التنازل الصادر منه أمام المحكمة الشرعية مع أنه ليس من بين الطاعنين من هم ورثة حسن بك إحسان سوى الأربعة الأولين ونصيبهم في حصة شاهنكيز الثالث ولذلك فلا يلزم التنازل المشار إليه إن صح سوى هؤلاء الأربعة على أن ما اعتبرته المحكمة تنازلاً عن الحق في متجمد الريع ليس في حقيقته كذلك وإنما كان القصد منه قصر الخصومة المقامة أمام المحكمة الشرعية من حسن بك إحسان على تقرير استحقاقه دون الحكم بأي مبلغ لخروج ذلك عن ولاية المحاكم الشرعية.
ومن حيث إن الشق الثاني من هذا السبب مردود بأن المحكمة إذ فسرت إقرار المرحوم حسن بك إحسان مورث الأربعة الأولين من الطاعنين في محضر جلسة 20 من ديسمبر سنة 1932 ونصه: "إني لا أطالب في هذه الدعوى بشيء من المتجمد الذي صدر الحكم الأهلي بتوزيعه في سنة 1926 وإنما أطالب بنصيب موكلي فيما تجمد بعد ذلك من الاستحقاق وهو تحت يد الوزارة الآن" - إذ فسرت المحكمة هذا الإقرار بأنه يتضمن تنازلاً عن المطالبة بما قبضته المطعون عليها قبل 20 من ديسمبر سنة 1932 لم تخرج في هذا التفسير عن مدلول العبارة المشار إليها.
ومن حيث إنه عن الشق الأول من هذا السبب فهو في محله ذلك لأن من عدا يوسف أفندي كمال ومحمد أفندي كمال وحسن أفندي إحسان كمال والسيدة زينب حسن إحسان ليسوا من ورثة حسن بك إحسان فلا يسري عليهم إقرار التنازل فما كان يجوز للمحكمة إعمال أثره عليهم إذ الإقرار حجة قاصرة على المقر وورثته من بعده، أما قول الحكم "أن المستأنفين (الطاعنين جميعاً) هم ورثة حسن بك إحسان فيسرى عليهم التنازل..." فهو خطأ في الإسناد أنبنى عليه الخطأ المنعي على الحكم في هذا الشق من السبب مما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً في خصوص قضائه برفض دعوى من عدا ورثة حسن بك إحسان من الطاعنين بالنسبة لما يخصهم في المبلغ الذي قبضته المطعون عليها من استحقاق شاهنكيز بعد رفع الدعوى الشرعية السالفة الذكر عليها وقبل 20 من ديسمبر سنة 1932 ويتعين إحالة الدعوى على محكمة استئناف القاهرة في هذا الخصوص.