أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 1008

جلسة 13 من يوليه سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين المتناوي، فتيحة قرة نواب رئيس المحكمة وماجد قطب.

(195)
الطعن رقم 8058 لسنة 64 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن: التأجير المفروش". عقد. قانون "سريان القانون".
الأماكن المؤجرة مفروشة. عدم خضوع أجرتها لأحكام قوانين إيجار الأماكن. شرطه. ألا يكون التأجير صورياً. اعتبار المكان المؤجر مفروشاً. مناطه. لا يغير من اعتبار التعاقد قد انصب على مكان خال إنشاء المبنى طبقاً لمواصفات خاصة ليفي بالغرض الذي أجر من أجله أو الاتفاق على قيام المستأجر ببعض التجهيزات.
(2، 3) حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب، الفساد في الاستدلال: ما يعد كذلك".
(2) فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته.
(3) استخلاص الحكم المطعون فيه من تأجير المطعون ضدها عين النزاع للبنك الطاعن مجهزة بدواليب في الحائط أنها مؤجرة مفروشة دون بيان لماهيتها وعددها لمباشرة نشاط البنك ومن سماح المطعون ضدها للطاعن بتغيير الديكورات. فساد في الاستدلال وقصور.
1 - الأصل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - عدم خضوع أجرة الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عند مؤجرها لأحكام قوانين إيجار الأماكن شريطة ألا يكون تأجيرها مفروشاً صورياً قصد به التحايل على القانون للتخلص من قيود الأجرة والامتداد القانوني فيلزم لاعتبار المكان مؤجراً مفروشاً حقيقة أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين وإلا اعتبرت العين مؤجرة خالية وتسرى عليها أحكام قانون إيجار الأماكن كما لا يغير من اعتبار التعاقد قد انصب على مكان خال - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إنشاء المبنى طبقاً لمواصفات معينة تستلزمها العين المؤجرة لتفي بالغرض من الإيجار - فذلك لا يخرجه من نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن - أو الاتفاق على قيام المستأجر ببعض التجهيزات في العين المؤجرة إذ العبرة في وصف المكان هو بحالته وقت التعاقد.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة في الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعة التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أيد قضاء الحكم الابتدائي بالطرد والتسليم لما أورده بمدوناته من أن "المحكمة تطمئن إلى استئجار المستأنف (الطاعن) لعين النزاع مفروشة مجهزة بدواليب حائط لمباشرة أعماله المصرفية وأن تصريح الشركة للبنك بتغيير ديكورات المكان يستفاد من أن الشركة المستأنف عليها أقامت ديكورات سمحت بتغييرها وتكفى هذه المنقولات للوفاء بالغرض الذي خصصت من أجله وهو القيام بأعماله المصرفية ولو قام بإضافة منقولات أخرى للتيسير على العملاء في المعاملات وأن إنذار الشركة المستأنف بتسليم العين خالية لا يدل على تأجيرها مكان خال خاصة وأن الشركة جهزت مقراً مجاوراً أجرته لمن يدعى..... مفروشاً ومقر للشركة نفسها فلا يتصور عقلاً وهى شركة قطاع عام أن يتعذر عليها تجهيز مقر البنك المؤجر إليه" وكان الثابت من عقد الإيجار المؤرخ 6/ 5/ 1981 سند الدعوى أن البنك الطاعن استأجر مساحة 734.60 م2 بالدورين الأرضي وتحت الأرضي بعد تجهيزها بدواليب حائط وخول البند 11 من العقد للبنك المستأجر حق تغيير ديكورات المكان المؤجر إلا أنه وقد خلا العقد من بيان ماهية دواليب الحائط المجهزة بها العين وعددها والديكورات المقامة مما كان يتعين على الحكم المطعون فيه - حتى يتسنى لهذه المحكمة أن تراقب مدى تطبيقه للقانون - أن يبين ما إذا كانت الدواليب والديكورات المشار إليها بالعقد تعتبر من مشتملات البناء وعناصره الثابتة وتعتبر عندئذ مواصفات خاصة به لا تخرج عقد استئجاره من نطاق تطبيق قوانين إيجار الأماكن أم هي من المنقولات التي تكفى للغرض من تأجير المكان لممارسة نشاط البنك المصرفي وتعتبر وحدها كافية للتأجير مفروشاً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد تجهيز العين المؤجرة بدواليب في الحائط دون بيان لماهيتها وعددها كاف بذاته لاعتبارها مؤجرة بمنقولات كافية لمباشرة نشاط البنك المصرفي دون أن يبحث ما يلزم البنك من منقولات لمباشرة هذا النشاط، واعتبر الحكم أيضاً مجرد سماح المطعون ضدها للبنك الطاعن - في عقد الإيجار - بتغيير ديكورات المكان إن أراد وقيام المطعون ضدها بتجهيز مكان أجرته لشخص آخر مفروشاً بمنقولات كافية لنشاطه وقدرتها على ذلك دليلاً على صحة مدعاها بتأجيرها للعين محل النزاع للبنك الطاعن مفروشة مع أن هذا الذي أورده الحكم لا يؤدى بالضرورة للنتيجة التي انتهى إليها وقد حجبه هذا القصور والفساد في الاستدلال عن بحث حقيقة ما جهزت به المطعون ضدها العين المؤجرة ومدى كفاية هذا التجهيز لمباشرة الطاعن لأعماله المصرفية مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على البنك الطاعن الدعوى رقم 1911 سنة 1991 مستعجل جزئي القاهرة بطلب الحكم بطرده من العين المبينة بعقد الإيجار المؤرخ 6/ 5/ 1981 وصحيفة الدعوى والتسليم وقالت في بيانها إنه بموجب هذا العقد أجرت إلى البنك الطاعن مساحة مجهزة بدواليب وخلافه بالطابق الأرضي والطابق الذي تحته بالعقار المملوك لها لاستعمالها مقراً لنشاطه مقابل أجرة سنوية قدرها 127634.40 دولار أمريكي أو ما يعادلها من العملات الحرة لمدة خمس سنوات اعتباراً من 15/ 5/ 1981 وتجددت لمدة مماثلة تنتهي في 14/ 5/ 1991 وإذ أنذرت البنك المستأجر في 20/ 1/ 1991 بعدم رغبتها في تجديد العقد لمدة أخرى ولم يستجب بتسليمها العين بعد انتهاء مدة العقد فأقامت الدعوى حكمت المحكمة استجابة لدفع البنك الطاعن بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 7534 لسنة 1992 ثم حكمت هذه المحكمة بالطرد والتسليم. استأنف البنك الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 11449 سنة 110 ق القاهرة وبتاريخ 20/ 7/ 1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن الشركة المطعون ضدها لم تزود العين المؤجرة بمنقولات لازمة لمباشرة نشاطه المصرفي واقتصر الأمر على مجرد عمل دواليب في الحائط وهو ما لا يكفى لاعتبار العين مؤجرة مفروشة كما أن تصريحها له بتغيير ديكورات المكان أو تجهيزها لمكان أجرته لآخر بمنقولات كافية لا يؤدى بطريق اللزوم الفعلي إلى أنها كانت قد أقامت ديكورات بالعين المؤجرة أو زودتها بالمنقولات اللازمة لنشاطه وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه باعتبار العين مؤجرة له مفروشة على ثبوت تجهيزها بدواليب في الحائط وأن تصريح المطعون ضدها له بتغيير ديكورات المكان يستفاد منه إقامتها لديكورات سمحت بتغييرها كما أن تجهيزها لعين مؤجرة لآخر بالمفروشات يدل على قدرتها كشركة قطاع عام على تجهيزها للعين المؤجرة محل النزاع مفروشة وهى أدلة وقرائن لا تؤدي إلى ما انتهى إليه قضاء الحكم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عدم خضوع أجرة الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عند مؤجرها لأحكام قوانين إيجار الأماكن شريطة ألا يكون تأجيرها مفروشاً صورياً قصد به التحايل على القانون للتخلص من قيود الأجرة والامتداد القانوني فيلزم لاعتبار المكان مؤجراً مفروشاً حقيقة أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات ذات قيمة تبرر تغليب منفعة تلك المفروشات أو المنقولات على منفعة العين وإلا اعتبرت العين مؤجرة خالية وتسري عليها أحكام قانون إيجار الأماكن كما لا يغير من اعتبار التعاقد قد انصب على مكان خال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنشاء المبنى طبقاً لمواصفات معينة تستلزمها العين المؤجرة لتفي بالغرض من الإيجار - فذلك لا يخرجه من نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن - أو الاتفاق على قيام المستأجر ببعض التجهيزات في العين المؤجرة إذ العبرة في وصف المكان هو بحالته وقت التعاقد - والمقرر أيضاً أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة في الناحية الموضوعية للاقتناع بها أن إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي ثبتت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد قضاء الحكم الابتدائي بالطرد والتسليم لما أورده بمدوناته من أن "المحكمة تطمئن إلى استئجار المستأنف (الطاعن) لعين النزاع مفروشة مجهزة بدواليب حائط لمباشرة أعماله المصرفية وأن تصريح الشركة للبنك بتغيير ديكورات المكان يستفاد منه أن الشركة المستأنف عليها أقامت ديكورات سمحت بتغييرها وتكفى هذه المنقولات للوفاء بالغرض الذي خصصت من أجله وهو القيام بأعماله المصرفية ولو قام بإضافة منقولات أخرى للتيسير على العملاء في المعاملات وأن إنذار الشركة للمستأنف بتسليم العين خالية لا يدل على تأجيرها مكان خال خاصة وأن الشركة جهزت مقراً مجاوراً أجرته لمن يدعى........ مفروشاً ومقر للشركة نفسها فلا يتصور عقلاً وهى شركة قطاع عام أن يتعذر عليها تجهيز مقر البنك المؤجر إليه" وكان الثابت من عقد الإيجار المؤرخ 6/ 5/ 1981 سند الدعوى أن البنك الطاعن استأجر مساحة 734.60 م2 بالدورين الأرضي وتحت الأرضي بعد تجهيزها بدواليب حائط وخول البند 11 من العقد للبنك المستأجر حق تغيير ديكورات المكان المؤجر إلا أنه وقد خلا العقد من بيان ماهية دواليب الحائط المجهزة بها العين وعددها والديكورات المقامة مما كان يتعين على الحكم المطعون فيه - حتى يتسنى لهذه المحكمة أن تراقب مدى تطبيقه للقانون - أن يبين ما إذا كانت الدواليب والديكورات المشار إليها بالعقد تعتبر من مشتملات البناء وعناصره الثابتة وتعتبر عندئذ مواصفات خاصة به لا تخرج عقد استئجاره من نطاق تطبيق قوانين إيجار الأماكن أم هي من المنقولات التي تكفى للغرض من تأجير المكان لممارسة نشاط البنك المصرفي وتعتبر وحدها كافية للتأجير مفروشاً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مجرد تجهيز العين المؤجرة بدواليب في الحائط دون بيان لماهيتها وعددها كاف بذاته لاعتبارها مؤجرة بمنقولات كافية لمباشرة نشاط البنك المصرفي دون أن يبحث ما يلزم البنك من منقولات لمباشرة هذا النشاط، واعتبر الحكم أيضاً مجرد سماح المطعون ضدها للبنك الطاعن - في عقد الإيجار - بتغيير ديكورات المكان إن أراد وقيام المطعون ضدها بتجهيز مكان أجرته لشخص آخر مفروشاً بمنقولات كافية لنشاطه وقدرتها على ذلك دليلاً على صحة مدعاها بتأجيرها للعين محل النزاع للبنك الطاعن مفروشة مع أن هذا الذي أورده الحكم لا يؤدى بالضرورة للنتيجة التي انتهى إليها وقد حجبه هذا القصور والفساد في الاستدلال عن بحث حقيقة ما جهزت به المطعون ضدها العين المؤجرة ومدى كفاية هذا التجهيز لمباشرة الطاعن لأعماله المصرفية مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.