أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 710

جلسة 10 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف ابو النيل وعمار ابراهيم ومحمد حسين مصطفى.

(123)
الطعن رقم 28454 لسنة 59 القضائية

(1) ضرب. جريمة "اركانها". قصد جنائى.
جريمة احداث الجروح عمدا. ما تتطلبه لقيامها ؟.
القصد الجنائى العام فى جريمة احداث الجروح عمداً. يتوافر متى ارتكب الجانى الفعل عن علم وارادة بأنه يترتب عليه المساس بجسم المجنى عليه أو صحته. كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم.
(2) جريمة "اركانها". قصد جنائى. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير توافر رابطة السببية". علاقة السببية. ضرب "افضى الى موت". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علاقة السببية فى المواد الجنائية. بدؤها بالفعل الذى اقترفه الجانى. ارتباطها من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا. انفراد قاضى الموضوع بتقديرها دون رقابة من محكمة النقض.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية فى جريمة ضرب افضى الى موت.
(3) ضرب "أفضى الى موت". مسئولية جنائية. جريمة "اركانها" علاقة السببية.
مسئولية الجانى فى جريمة الضرب او احداث جرح عمدا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى ولو بطريق غير مباشر. تداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية.
مرض المجنى عليه من الامور الثانوية التى لا تقطع رابطة السببية.
1 - ان جريمة احداث الجروح عمدا لا تتطلب غير القصد الجنائى العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه او صحته، ويكفى أن يكون هذا القصد مستفادا من وقائع الدعوى كما اوردها الحكم.
2 - من المقرر أن علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجانى وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله اذا ما أتاه عمدا، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها اثباتا ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد اقام قضاءه فى ذلك على اسباب تؤدى الى ما انتهى اليه، واذ كان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق الطاعن أن صفع المجنى عليها وركلها فى بطنها ووفاتها اثر ذلك، ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند الى الطاعن ووفاة المجنى عليها بما اثبته تقرير الصفة التشريحية من أن الانفعال النفسانى والمجهود الجسمانى اللذين صحبا الاعتداءعلى المجنى عليها قد مهدا لحصول نوبة القلب الحادة التى تسببت عنها الوفاة فإن ذلك ما يحقق مسئوليته - فى صحيح القانون - عن هذه النتيجة التى كان من واجبه أن يتوقع حصولها.
3 - إن الجانى فى جريمة الضرب أو احداث جرح عمدا يكون مسئولا عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الاجرامى ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة، وان مرض المجنى عليها انما هو من الامور الثانوية التى لا تقطع هذه الرابطة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب عمدا...... بيده وقدمه فى بطنها فأحدث بها الاصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب افضى الى موتها. واحالته الى محكمة جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما اسند اليه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضى الى الموت قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه لم يستظهر رابطة السببية بين الفعل المنسوب الى الطاعن ووفاة المجنى عليها، ولم يبين ما اذا كانت اصابتها هى التى ادت الى تحريك حالتها المرضية التى ثبت من تقرير الصفة التشريحية معاناتها منها ومن شأنها أن تجعلها عرضة لحدوث نوبات قلبية تنتهى بالوفاة فى اى وقت حتى مع عدم حدوث الاصابة، هذا الى أن تقرير الصفة التشريحية لم يتضمن ما يفيد أن اصابتى المجنى عليها حدثتا من جراء اعتداء الطاعن عليها بالكيفية المقول بها، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه على أثر تعدى الطاعن على اخرى، ومعاقبة المجنى عليها له واذ ذاك صفع الاخيرة على وجهها وركلها بقدمه فى بطنها فأحدث بها الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التى ساهمت مع الحالة المرضية التى تعانى منها فى حدوث وفاتها. ساق الادلة على ثبوتها فى حق الطاعن مستمدة من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية التى أوردها بما يتفق وما تضمنه بيان الواقعة حسبما استخلصته المحكمة وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها وكان الطاعن لا ينازع فى أن ما اورده الحكم له معينه الصحيح من الاوراق. لما كان ذلك، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائى العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجانى الفعل عن ارادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته، ويكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق فى واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذى اقترفه الجانى وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله اذا ما أتاه عمدا، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها اثباتا ونفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على اسباب تؤدى الى ما انتهى اليه، واذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن أن صفع المجنى عليها وركلها فى بطنها ووفاتها اثر ذلك، ودلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند الى الطاعن ووفاة المجنى عليها بما اثبته تقرير الصفة التشريحية من أن الانفعال النفسانى والمجهود الجسمانى اللذين صحبا الاعتداءعلى المجنى عليها قد مهدا لحصول نوبة القلب الحادة التى تسببت عنها الوفاة فإن ذلك ما يحقق مسئوليته - فى صحيح القانون - عن هذه النتيجة التى كان من واجبه أن يتوقع حصولها، ولا يعيب الحكم المطعون فيه أن يكون قد ورد بتقرير الصفة التشريحية أن المجنى عليها تعانى من حالة مرضية بالقلب وشرايينه من شأنها ان تجعلها عرضة لحدوث نوبات قلبية تنتهى بالوفاة من الهبوط الحاد بالقلب فى أى وقت. لما هو مقرر من أن الجانى فى جريمة الضرب أو احداث جرح عمداً يكون مسئولاً عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامى ولو كانت عن طريق غير مباشر ما لم تتداخل عوامل اجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعله وبين النتيجة، وأن مرض المجنى عليها انما هو من الامور الثانوية التى لا تقطع هذه الرابطة. ولا ينال من ذلك ايضا أن يكون التقرير الطبي الشرعي قد خلا من بيان أن اصابتى المجني عليها حدثتا من جراء اعتداء الطاعن على المجنى عليها وبالكيفية المقول بها. ما دام الحكم قد افصح عن اطمئنانه لاقوال الشهود التى اثبتت حصول اعتدائه على المجنى عليها بالصورة التى رووها ولم ينف التقرير الطبى إمكان حدوثها على هذا النحو , ومن ثم يضحى كافة ما يثيره الطاعن غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعاً.