أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 373

جلسة 10 يناير سنة 1952
(63)
القضية رقم 77 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك - ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
حكم. تسبيبه. دعوة صحة تعاقد. دفعها بأن المدعى عليهم بصفتهم ورثة البائعة يملكون الأطيان لا بالميراث عنها بل بوضع اليد. الحكم بصحة التعاقد. استئنافه. الدفع بعدم جواز الاستئناف على أساس أن عقد البيع مشترط فيه اختصاص محكمة معينة بالفصل في النزاع الناشئ عنه بصفة نهائية. تمسك المستأنفين بأن هذا الشرط لا يلزمهم لكونهم لم يمتلكوا العين موضوع العقد بالميراث عن البائعة. القضاء بعدم جواز الاستئناف. في غير محله.
إذا كان الطاعنون قد دفعوا دعوى صحة التعاقد المعلنة لهم على أنهم ورثة البائعة بأنهم يملكون الأطيان محل الدعوى ملكاً خاصاً ليس مصدره الميراث عن تلك البائعة وإنما سببه وضع يدهم هم ووالدهم من قبل المدة الطويلة، فقضت المحكمة بإثبات صحة التعاقد، فاستأنفوا هذا الحكم، وتمسكوا لدى محكمة الاستئناف بأنهم ينازعون المطعون عليهم في ملكية البائعة لهم للأطيان المذكورة وبأنهم باعتبارهم من الأغيار بالنسبة إلى العقد الصادر من هذه البائعة لا يلزمهم الشرط الوارد به من جعل الاختصاص بالحكم نهائياً في النزاع الناشئ عنه للمحكمة المعينة فيه لأنهم لم يتلقوا ملكية هذه الأطيان عن البائعة المذكورة، فقضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف اعتماداً على ذلك الشرط وعلى أن الدعوى رفعت عليهم بصفتهم ورثة البائعة وإنهم استأنفوا الحكم بهذه الصفة فلا يجوز لهم أن يغيروا مركزهم في الخصومة لدى محكمة الاستئناف، وذلك دون أن تلقي بالاً إلى ما تضمنه دفاعهم المشار إليه مع وجاهته، فقضاؤها بذلك يكون معيباً واجباً نقضه.


الوقائع

في يوم 21 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 27 من ديسمبر سنة 1949 في القضية المدنية رقم 332 سنة 1944 س وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم اختصاص محكمة أخميم الجزئية بإصدار الحكم رقم 283 سنة 1943 وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وهى محكمة سوهاج الابتدائية. واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة سوهاج الابتدائية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي. وفي 25 و26 من مارس سنة 1950 وأول إبريل سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بالطعن. وفي 9 من إبريل سنة 1950 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي 30 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها الحكم بعدم جواز الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 17 من نوفمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها برفض الدفع بعدم جواز الطعن وبقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وفي 27 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 283 سنة 1943 جزئي أخميم على نعمه فلتس جريس مورثة الطاعنين قالوا فيها، إنها باعت لهم 2 ف و6 ط و14 س المبينة الحدود والمعالم بصحيفتها بعقد في 24 من يونيه سنة 1942 بثمن مقداره 682 ج و290 م، وقد نص فيه على أن البائعة تتعهد بالتصديق على العقد النهائي، فإذا تأخرت عن ذلك تكون محكمة أخميم الجزئية هي المختصة بالفصل في النزاع أو أي محكمة يختارها المطعون عليهم، ويكون حكمها نهائياً غير قابل للمعارضة أو الاستئناف، وطلبوا الحكم بصحة التعاقد عن عقد البيع المذكور. وبعد رفع الدعوى توفيت البائعة فأعلن المشترون ورثتها الطاعنين. فدفع الأربعة الأخيرون منهم الدعوى بأنهم يجهلون - توقيع مورثتهم على عقد البيع، وبأن البائعة وقت التعاقد كانت في مرض الموت وغير مالكة لقواها العقلية، وأن المطعون عليهم ليس لهم مال يدفعون منه ثمن الأطيان المبيعة، وأن البائعة لم تضع يدها على هذه الأطيان إذ هي في وضع يدهم هم ووالديهم من قبل المدة الطويلة المكسب للملكية. وبعد حجز القضية للحكم طلبوا إعادتها إلى المرافعة للطعن في التوقيع المنسوب إلى مورثتهم على عقد البيع السالف الذكر. وفي 22 من مايو سنة 1944 رفضت المحكمة إجابة هذا الطلب، وقضت بإثبات صحة التعاقد الحاصل بين مورثة الطاعنين نعمة فلتس جريس وبين المطعون عليهم في 24 من يونيه سنة 1942 ببيع 2 ف و6 ط و14 س وتسليم الأطيان المبيعة للمطعون عليهم وكف منازعة الطاعنين تأسيساً على أن القضية أجلت أكثر من مرة ولم يطعن أحد على العقد بجهالة توقيع المورثة، فضلاً عن أن المدعى عليه الخامس (الطاعن الخامس) أبدى استعداده للطعن بالتزوير في العقد ثم عدل عنه، وأن الطعن بجهالة التوقيع يتناقض مع الطعن بصدوره في مرض الموت، وأنه ثبت للمحكمة من الشكوى رقم 1946 سنة 1943 إداري أخميم أنها تضمنت الطعن على العقد بالتزوير بمقولة إن المطعون عليه الأول سرق ختم عمته مورثة الطاعنين وهى في مرض الموت أو أنه زور ختمها ووقع به على عقد البيع، وأن شهود العقد ومنهم أقارب طرفي الخصومة ورئيس الكنسية أجمعوا على أن عقد البيع صدر من المورثة البائعة للمدعين ووقعت عليه بختمها وبصمة أصبعها واعترفت بقبض الثمن، وأنها لم تكن مريضة. استأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 332 سنة 1944 أسيوط. وطعنوا بالتزوير في عقد البيع موضوع النزاع. وفي 30 من ديسمبر سنة 1948 قضى برفض دعوى التزوير. فدفع الطاعنون عند نظر الدعوى الأصلية بأن البائعة نعمه فلتس جريس لا تملك الأطيان التي تصرفت فيها بالبيع للمطعون عليهم، وأنها لم تضع اليد عليها، وأن هذه الأطيان مملوكة لهم وهى في وضع يدهم ووالديهم من قبل منذ سنة 1905. ودفع المطعون عليهم بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أنه اشترط في عقد البيع أن الحكم الذي يصدر من محكمة أول درجة يكون نهائياً غير قابل للاستئناف، وفي 27 من ديسمبر سنة 1949 قضت المحكمة بقبول الدفع المذكور وبعدم جواز الاستئناف تأسيساً على أن الدعوى رفعت ابتداء على البائعة شخصياً فلما توفيت أعلن الطاعنون بصفتهم ورثتها، وأنهم استأنفوا الحكم الصادر من محكمة أول درجة بهذه الصفة، وطعنوا بالتزوير في توقيع مورثتهم، وأنه لا يجوز لهم أن يغيروا مركزهم في الخصومة أمام المحكمة الاستئنافية وإنما لهم إذا شاءوا أن يتخذوا الطريق الذي يريدونه للتخلص من آثار العقد بالنسبة إليهم شخصياً. فقرروا الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن المطعون عليهم دفعوا بعدم جواز الطعن. استناداً إلى أنه لا يجوز وفقاً للفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون إنشاء محكمة النقض الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف محاكم المواد الجزئية، إلا إذا كانت صادرة في مسألة اختصاص بحسب نوع القضية. وأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز استئناف الحكم الصادر من محكمة أخميم الجزئية لأنه حكم نهائي غير قابل للاستئناف لا يعتبر صادراً في مسألة اختصاص في معنى النص المشار إليه فلا يجوز الطعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن هذا الدفع في غير محله. ذلك لأن الحكم المطعون فيه قد صدر 27 من ديسمبر سنة 1949 أي بعد العمل بقانون المرافعات الجديد فتسرى عليه أحكام هذا القانون. وقد أجازت المادة 425 منه الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في استئناف أحكام محاكم المواد الجزئية عموماً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم أنه مشوب بالبطلان لقصوره في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك لأنهم دفعوا الدعوى بأن البائعة للمطعون عليهم لا تملك الأطيان التي تصرفت فيها بالبيع، وأن هذه الأطيان مملوكة لهم ميراثاً عن والديهم، وأنهم وضعوا اليد عليها هم ووالداهم من قبل المدة الطويلة المكسب للملكية، وأنهم بالنسبة إلى عقد البيع السالف الذكر يعتبرون من الأغيار فلا يسرى في حقهم الشرط الوارد به عن اختصاص محكمة أخميم الجزئية بصفة انتهائية. وأن المحكمة إذ قضت في مواجهتهم بإثبات صحة التعاقد والتسليم وكف منازعتهم تكون قد فصلت في دعوى استحقاق مآلاً. وهى دعوى لا يجوز القضاء فيها إلا بعد أن يثبت للمحكمة أن البائعة تصرفت فيما تملك. وهى إذ رفضت تحقيق دفاعهم تأسيساً على أنهم أعلنوا في الدعوى بصفتهم ورثة البائعة، وأنهم استأنفوا الحكم بهذه الصفة، تكون قد أخطأت في تأويل دفاعهم وترتب على هذا الخطأ قضاؤها بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى الشرط الوارد بالعقد.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة مذكرة الطاعنين المقدمة إلى محكمة أول درجة وكذلك مذكرتهم المقدمة إلى محكمة ثاني درجة والمودعة صورتاهما الرسميتان بملف الطعن، أن مما دفعوا به الدعوى، هو أنهم يملكون الأطيان التي تصرفت فيها نعمه فلتس جريس بالبيع إلى المطعون عليهم ملكاً خاصاً ليس مصدره الميراث عن البائعة المذكورة وإنما سببه وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية هم ووالدهم من قبل. وقد تمسكوا لدى محكمة الاستئناف بأنهم ينازعون المطعون عليهم في ملكية البائعة لهم للأطيان التي تصرفت فيها إليهم بعقد البيع السالف الذكر، وفي طلب التسليم وكف منازعتهم. وأنهم باعتبارهم من الأغيار بالنسبة إلى العقد المذكور لا يلزمهم الشرط الوارد به من جعل محكمة أخميم مختصة بالحكم نهائياً في النزاع الناشئ عنه لأنهم لم يتلقوا ملكية الأطيان المبيعة بمقتضاه عن البائعة للمطعون عليهم. والمحكمة إذ قضت بعدم جواز الاستئناف اعتماداً على هذا الشرط، وعلى أن الدعوى رفعت على الطاعنين بصفتهم ورثة البائعة, وأنهم استأنفوا الحكم بهذه الصفة، فلا يجوز لهم أن يغيروا مركزهم في الخصومة لدى محكمة الاستئناف، لم تلق بالاً إلى ما تضمنه دفاع الطاعنين المشار إليه مع وجاهته. ومن ثم يكون قضاء المحكمة بعدم جواز الاستئناف اعتماداً على الشرط السالف الذكر في غير محله مما يعيب الحكم ويوجب نقضه، بغير حاجة إلى البحث في باقي أوجه الطعن.