أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 484

جلسة 5 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد إبراهيم الدسوقي، فهمي عوض مسعد، جهدان حسين عبد الله ومحمود شوقي أحمد.

(88)
الطعن رقم 221 لسنة 47 القضائية

(1) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع. نقض.
تفسير العقود والشروط للتعرف على قصد المتعاقدين. من سلطة محكمة الموضوع. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك. شرطه.
(2) محكمة الموضوع. "تقدير الأدلة".
تقدير الأدلة وكفايتها من سلطة محكمة الموضوع. شرطه.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". عقد "الامتداد القانوني لعقد الإيجار" "الاتفاق على أجرة أقل". صورية.
الأجرة المحددة بعقد الإيجار الصادر من المالك السابق حجة على المالك الجديد. لا يشترط أن يكون للعقد تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية. اتفاق المالك السابق والمستأجر أثناء الامتداد القانوني للعقد على أجرة تقل عن الأجرة القانونية. أثره. التزام المالك الجديد بهذه الأجرة ما لم يثبت صورية هذا الاتفاق. م 12 ق 121 لسنة 1947، م 22 ق 52 لسنة 1969.
(4) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع" "تقدير القرائن".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير القرائن. لها أن تأخذ بها إذا اطمأنت إليها وأن تلتفت عنها إذا تطرق إليها الشك.
(5) بيع. تسجيل. ملكية. إيجار "إيجار الأماكن".
مشتري العقار بعقد غير مسجل. ليس إلا دائناً عادياً للبائع. حقه في تسلم العقار المبيع وثماره. حق شخصي مترتب له في ذمة البائع فقط. لا حق له في مطالبة المستأجر بالأجرة إلا من تاريخ التسجيل وعلمه به. الأجرة المستحقة عن الفترة السابقة على ذلك. حق المالك الجديد في مطالبة المستأجر بها. شرط ذلك.
1 - من المقرر أن تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود المتعاقدين من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها ولا خروج فيها على المعنى الظاهر لها.
2 - تقدير الأدلة وكفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع متى كان تقديرها لا خروج فيه على ما هو ثابت بأوراق الدعوى.
3 - النص في المادة الثانية والعشرين من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن التي تقابل المادة الثانية عشر من القانون رقم 121 لسنة 1947 على أنه "استثناء من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد للعقار ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على تاريخ انتقال الملكية" يدل على أن الأجرة المحددة بعقد الإيجار الخاضع لقانون إيجار الأماكن الصادر من المالك السابق حجة على المالك الجديد دون اشتراط أن يكون له تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية، وترتيباً على ذلك فإن اتفاق المالك السابق والمستأجر أثناء الامتداد القانوني للعقد على أجرة تقل عن الأجرة القانونية حجة على المالك الجديد ولو لم يكن لهذا الاتفاق تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية ما لم يثبت المالك الجديد صورية هذا الاتفاق.
4 - تقدير القرائن من سلطة محكمة الموضوع فلها أن تأخذ بها إذا اطمأنت إليها وأن تلتفت عنها إذا تطرق إليها الشك طالما أنها ليست قاطعة فيما أريد الاستدلال بها عليه.
5 - مؤدى ما تنص عليه المواد 146، 604، 605، 606 من القانون المدني أن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر في جميع حقوقه قبل المستأجر وفي جميع التزاماته نحوه، غير أن انصراف عقد الإيجار إلى الخلف الخاص الذي يتلقى ملكية العين المؤجرة هو وما يترتب عليه من آثار، وإن كان يعد تطبيقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 146 من القانون المدني إلا أنه وفقاً للتنظيم القانوني الذي قرره المشرع لهذه القاعدة في المواد الثلاثة الأخرى سالفة الذكر وبالشروط المبينة فيها لا يكون المنصرف إليه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - خلفاً خاصاً في هذا الخصوص إلا إذا انتقلت إليه الملكية فعلاً وعلى ذلك فإنه يتعين على مشتري العقار حتى يستطيع الاحتجاج بعقد شرائه قبل المستأجر من البائع أن يسجل هذا العقد لتنتقل إليه الملكية بموجبه، أما قبل التسجيل فهو ليس إلا دائناً عادياً للبائع مؤجر العقار، وحقه في تسلم العقار المبيع وثماره المترتبة على البيع هو حق شخصي مترتب له في ذمة البائع فقط دون غيره، وأن علاقة المشتري بالبائع له علاقة مستقلة تماماً عن علاقة البائع المذكور بالمستأجر ولا يترتب عليها قيام أي علاقة بين مشتري العقار الذي لم يسجل عقد شرائه والمستأجر لهذا العقار ومن ثم فليس له أن يطالبه بالأجرة إلا من تاريخ التسجيل وعلمه به أما الأجرة المستحقة عن الفترة السابقة على ذلك فليس له أن يطالب المستأجر بها إلا إذا كان البائع حول إليه عقد الإيجار. وقبل المستأجر هذه الحوالة أو أعلن بها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1385 لسنة 1971 جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإخلاء كل منهما من الشقة التي يستأجرها المبينة بالصحيفة، وقالت بياناً لها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ في 13/ 7/ 1958 استأجر المطعون ضده الأول من المالكة السابقة الشقة الأولى بإيجار شهري قدره أحد عشر جنيهاً وبموجب عقد إيجار مؤرخ 18/ 7/ 1956 استأجر المطعون ضده الثاني من المالكة السابقة أيضاً الشقة الثانية بإيجار شهري قدره سبعة جنيهات، وأنها اشترت العقار الكائن به هاتان الشقتان بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 12/ 3/ 1966 وسجلت الحكم الصادر لصالحها بصحة ونفاذ هذا العقد برقم 3346 في 10/ 6/ 1970، وإذ تأخر المطعون ضدهما عن الوفاء بالإيجار عن المدة من 1/ 5/ 1967 حتى آخر يونيه سنة 1970 وما يستجد رغم تكليفهما بالوفاء في 14/ 6/ 1970 فقد أقامت الدعوى بطلبها آنف البيان وبتاريخ 20/ 11/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 4555 لسنة 89 قضائية القاهرة، وبتاريخ 23/ 12/ 1976 حكمت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها بأنه وقد نص في كل من عقدي الإيجار على منع المستأجر من إيداع الأجرة مأمورية العوايد فإن الوفاء بطريق الإيداع لا يبرئ ذمته إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن الشرط الوارد بكل من العقدين قاصر على منع المستأجر من إيداع الأجرة خزينة المحكمة على ذمة إجراءات الإصلاحات والترميمات في العين المؤجرة، وهو تفسير خاطئ لعبارة العقد ذلك أن المنع من إيداع الأجرة للسبب الأقل وهو إجراء الإصلاحات يفيد المنع مهما تنوعت الأسباب.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه من المقرر أن تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها متى كان تفسيرها مما تحتمله عبارات العقد ولا خروج فيها على المعنى الظاهر لها، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أنه "ليس في أي من عقدي الإيجار المبرمين في شأن المسكنين موضوع النزاع شرط يمنع المستأجر من الوفاء بالأجرة بطريق الإيداع بخزانة مأمورية العوايد طبقاً لأحكام القانون 52 لسنة 1969 المنصوص عليها في المادة 19 منه ولا يجوز للمستأنفة (الطاعنة) الاحتجاج في هذا الصدد بما جاء في البند الخامس من عقد الإيجار - فإن هذا الشرط خاص بحالة المستأجر الذي يودع الأجرة خزانة المحكمة على ذمة إجراءات تصليحات أو ترميمات في العين المؤجرة" فإن استخلاصه يكون سائغاً تؤدي إليه عبارات العقد ولا يخرج عن المعنى الذي تحتمله مما يتعين معه رفض هذا النعي.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسببين الثالث والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهما لم يتبعا في إجراءات العرض والإيداع ما نص عليه القانون ذلك أنهما نبها عليها بخطابيهما المسلمين لها في 7/ 10/ 1970 بالحضور لاستلام الأجرة خلال أسبوع فانتقل وكيلها بصحبة رجل الشرطة محقق الشكوى رقم 6059 لسنة 1970 إداري الزيتون إلى مسكن كل من المطعون ضدهما يوم 14/ 10/ 1970 لاستلام الإيجار فأجاب أولهما بتاريخ 15/ 10/ 1970 باستعداده الوفاء ثم قام بعد الميعاد بإيداع إيجار شهرين مجتمعين وأجاب الثاني بأنه أودع أجرة شهر أكتوبر يوم 13/ 10/ 70 أي في اليوم السابق على نهاية السبعة أيام، هذا إلى عدم إخطارها بالإيداع من المطعون ضدهما أو من مأمورية العوايد فضلاً عن أن خطابات المطعون ضدهما إليها ردت لهما حتى ولو كانت هي التي رفضت استلامها، وإذ انتهى الحكم إلى صحة إجراءات العرض والإيداع فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق، كما أن الحكم أورد في أسبابه أن الطاعنة وإن عابت على المطعون ضدهما عدم وفاء الأجرة لها عن المدة السابقة على عملهما بشهر عقد البيع الصادر للطاعنة فإنها لم تزعم أنهما تخلفا عن العرض والإيداع بالنسبة للمدة اللاحقة على ذلك، وهذا الذي قرره الحكم يخالف الثابت في مذكرتها المقدمة أمام محكمة أول درجة والتي تمسكت فيها بأن مخالفة إجراءات عرض وإيداع أجرة شهري سبتمبر وأكتوبر سنة 1970 يمنحها حق رفض العرض والإيداع عن الأشهر اللاحقة حتى لو كانت قد أودعت بإجراءات صحيحة.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أن تقدير الأدلة وكفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع متى كان تقديرها لا خروج فيه على ما هو ثابت بأوراق الدعوى. ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي أحاط بالمستندات المقدمة من المطعون ضدهما خلص إلى أن "الثابت من المستندات المقدمة من المستأنف ضدهما أنهما اتخذا الإجراءات المنصوص عليها في المادة 19 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فيما قاما به من إيداع المبالغ المستحقة خزينة مأمورية العوايد وقد برر المستأنف ضدهما اتخاذهما هذه الإجراءات أن وكيل المستأنفة كان قد رفض عند استلامه الإيجار منهما إعطاء سند مخالصة عنها، وكان يقبض الإيجار بإيصال يفيد أنه تحت الحساب ولا يجدي المستأنف التمسك في هذا الصدد بما جاء في تحقيقات الشكوى رقم 6056/ 1970 إداري الزيتون، ذلك أن وكيلها قرر أن يكون ما يؤدي إليه من إيجار تحت الحساب فضلاً على أنه ليس فيما قرره المستأنف عليهما في هذه التحقيقات ما يفيد عجزهما أو امتناعهما عن الوفاء بالإيجار مقابل الحصول على سند المخالصة عنها" لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تقدم دليلاً على ما انتهى إليه الحكم من صحة إجراءات العرض والإيداع يخالف الثابت بالأوراق المقدمة أمام محكمة الموضوع كما أنه ليس في تحقيق الشكوى المنوه عنها المودعة ملف الطعن ما يناهض ما انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص فإن النعي في وجهه الأول يكون عار من الدليل، ومردود في وجهه الثاني بأن ما أورده الحكم المطعون فيه من أنه "إذا كانت المستأنفة قد نعت على المستأنف ضدهما عدم وفاء الأجرة لها عن المدة السابقة على علمهما بشهر عقد البيع الصادر إليها فإنها لم تزعم أنهما تخلفا عن الأداء أو الإيداع بالنسبة للمدة اللاحقة على ذلك" ليس فيه ما يخالف ما تمسكت به الطاعنة في مذكرتها المشار إليها ويكون النعي في هذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بأن الأجرة الثابتة بعقدي الإيجار الصادرين من المالكة السابقة هي أحد عشر جنيهاً للعين المؤجرة للمطعون ضده الأول وسبعة جنيهات للعين المؤجرة للمطعون ضده الثاني أصبحت 11 ج و910 م للأول و7 ج و350 م للثاني لأن العقار أقيم عام 1933 فلا يخضع للقوانين 199/ 1952، 55/ 1958، 168/ 1961 وأن المطعون ضده الأول كان يعرض الإيجار بواقع 7 ج و350 م ويعرضه الثاني بواقع 6 ج و300 م وأن الإيصالات المقدمة من المطعون ضدهما الصادرة من المالكة السابقة ليست حجة عليها فيما أثبت بها من قيمة إيجارية لأنها ليست طرفاً فيها وليس لها تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية اصطنعها المطعون ضدهما مع المالكة السابقة خصيمتها في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الذي احتدم الخلاف فيما بينهما إلا أن الحكم أقام قضاءه على أن الثابت من الأوراق أن الأجرة التي كان كل من المستأنف ضدهما يقوم بعرضها على المستأنفة وتم إيداعها بخزينة مأمورية العوايد المختصة هي الأجرة التي كان يؤديها للمالكة السابقة مضافاً إليها رسم النظافة دون أن يرد على دفاعها بما يشوبه بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الثانية والعشرين من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن التي تقابل المادة الثانية عشر من القانون رقم 121 لسنة 1947 على أنه "استثناءً من حكم المادة 604 من القانون المدني تسري عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد للعقار ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمي سابق على تاريخ انتقال الملكية" يدل على أن الأجرة المحددة بعقد الإيجار الخاضع لقانون إيجار الأماكن الصادرة من المالك السابق حجة على المالك الجديد دون اشتراط أن يكون له تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية، وترتيباً على ذلك فإن اتفاق المالك السابق والمستأجر أثناء الامتداد القانوني للعقد على أجرة تقل عن الأجرة القانونية حجة على المالك الجديد ولو لم يكن لهذا الاتفاق تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية ما لم يثبت المالك الجديد صورية هذا الاتفاق. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن الثابت من الأوراق أن الأجرة التي كان كل من المطعون ضدهما يقوم بعرضها على الطاعنة وتم إيداعها خزينة مأمورية العوائد المختصة هي الأجرة التي كان يؤديها للمالكة السابقة مضافاً إليها رسم النظافة فإن دفاع الطاعنة بأن هذه الإيصالات ليست حجة عليها لأنها ليست طرفاً فيها وليس لها تاريخ ثابت سابق على التصرف الناقل للملكية لا يستند إلى أساس قانوني صحيح وإغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له. لما كان ذلك. وكان تقدير القرائن من سلطة محكمة الموضوع فلها أن تأخذ بها إذا اطمأنت إليها وأن تلتفت عنها إذا تطرق إليها الشك طالما أنها ليست قاطعة فيما أريد الاستدلال بها عليه فإن التفات الحكم عن التحدث عن القرينة التي ساقتها الطاعنة للتدليل على صورية الإيصالات الصادرة من المالكة السابقة من قيام خصومة بينهما في دعوى صحة ونفاذ عقد البيع ينطوي ضمناً على عدم اطمئنانها إلى هذه القرينة فيما أريد الاستدلال بها عليه وهو ما يدخل في سلطتها التقديرية، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها أن من حقها قانوناً مطالبة المطعون ضدهما بالأجرة المستحقة من تاريخ شرائها العقار بعقد البيع الابتدائي في 12/ 3/ 1966 وأنها قامت بالتنبيه على المطعون ضدهما بذلك إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم أحقيتها في مطالبة المطعون ضدها بالأجرة إلا عن الفترة التالية لتاريخ تسجيل الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع في 10/ 6/ 1970 وبذلك يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، وذلك أن مؤدى ما تنص عليه المواد 146، 604، 605، 606 من القانون المدني أن أثر الإيجار ينصرف إلى الخلف الخاص بحكم القانون فيحل هذا الخلف محل المؤجر في جميع حقوقه قبل المستأجر وفي جميع التزاماته نحوه، غير أن انصراف عقد الإيجار إلى الخلف الخاص الذي يتلقى ملكية العين المؤجرة هو وما يترتب عليه من آثار، وإن كان يعد تطبيقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 146 من القانون المدني إلا أنه وفقاً للتنظيم القانوني الذي قرره المشرع لهذه القاعدة في المواد الثلاثة الأخرى سالفة الذكر وبالشروط المبينة فيها لا يكون المتصرف إليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - خلفاً خاصاً في هذا الخصوص إلا إذا انتقلت إليه الملكية فعلاً وعلى ذلك فإنه يتعين على مشتري العقار حتى يستطيع الاحتجاج بعقد شرائه قبل المستأجر من البائع أن يسجل هذا العقد لتنتقل إليه الملكية بموجبه، أما قبل التسجيل فهو ليس إلا دائناً عادياً للبائع مؤجر العقار، وحقه في تسلم العقار المبيع وثماره المترتبة على البيع هو حق شخصي مترتب له في ذمة البائع فقط دون غيره، وأن علاقة المشتري بالبائع له علاقة مستقلة تماماً عن علاقة البائع المذكور بالمستأجر ولا يترتب عليهما قيام أي علاقة بين مشتري العقار الذي لم يسجل عقد شرائه والمستأجر لهذا العقار ومن ثم فليس له أن يطالبه بالأجرة إلا من تاريخ التسجيل وعلمه به، أما الأجرة المستحقة عن الفترة السابقة على ذلك فليس له أن يطالب المستأجر بها إلا إذا كان البائع حول إليه عقد الإيجار وقبل المستأجر هذه الحوالة أو أعلن بها لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنة لم تقدم ما يفيد حوالة عقدي الإيجار إليها من البائعة لها فليس لها أن تطالب المطعون ضدهما بالأجرة المستحقة من الفترة السابقة على تسجيل الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بتاريخ 10/ 6/ 1970 وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.