أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 396

جلسة 24 من يناير سنة 1952
(67)
القضية رقم 11 سنة 20 القضائية

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسى بك المستشارين.
إجراءات التقاضي:
( أ ) نيابة عامة. تدخلها في القضايا الخاصة بالقصر جوازي. عدم حصوله لا يترتب عليه بطلان الإجراءات - المادة 100 من قانون المرافعات.
(ب) نيابة عامة. تدخلها في القضايا الخاصة بالقصر. الغرض منه رعاية مصالح القصر. عدم إخبار قلم الكتاب النيابة بقيام الدعوى. لا يقبل من غير القصر من الخصوم التحدي به.
(ج) إجراءات التحقيق. قاض منتدب للتحقيق. خطأه في إجراءات التحقيق. وجوب التمسك به في جلسات المرافعة التالية للتحقيق. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لا يجوز.
(د) نقض. الطعن في حكم لصدوره على خلاف حكم سابق. شرطه. حكم خال من حدود الأطيان محل الدعوى. حكم آخر في قدر مبين الحدود. انتفاء وحدة الموضوع.
1 - إن تدخل النيابة العامة في القضايا الخاصة بالقصر وفقاً لنص المادة 100 من قانون المرافعات جوازي ومن ثم لا يترتب على عدم حصول هذا التدخل بطلان في إجراءات التقاضي.
2 - تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما يكون لرعاية مصلحة هؤلاء القصر مما يبني عليه أن التمسك بالبطلان على فرض وجوده مقصور على أصحاب المصلحة فيه فلا يجوز لغير القصر من الخصوم التحدي بعدم إخبار كاتب المحكمة النيابة كتابة بقيام الدعوى لكي يتسنى لها التدخل فيها.
3 - البطلان المؤسس على خطأ الإجراءات التي يباشرها القاضي المنتدب للتحقيق يجب التمسك به لدى محكمة الموضوع في جلسات المرافعة التالية لجلسة التحقيق ولا يقبل التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - إن من شروط اعتبار الحكم قد صدر على خلاف أحكام سابقة وحدة الموضوع فيها جميعاً، وإذن فمتى كان الواقع على ما قرره خبير الدعوى واعتمده الحكم المطعون فيه أن الأحكام السابقة جاءت خالية من الحدود والأحواض بحيث تعذر تطبيقها على الطبيعة وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في شأن قدر مبين الحدود والمعالم فالنعي على هذا الحكم إنه صدر على خلاف الأحكام السابقة يكون غير مقبول.


الوقائع

في يوم 23 من يناير سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة قنا الابتدائية الصادر بهيئة استئنافية في 29 من نوفمبر سنة 1949 في القضية المدنية رقم 526 سنة 1947 س وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بتأييد حكم محكمة نجع حمادي الصادر في 17 من فبراير سنة 1947 واحتياطياً إحالة القضية على محكمة قنا الابتدائية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها الأولى بصفتها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 30 من يناير سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 15 من فبراير سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً. وفي 16 من سبتمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة. وفي 10 من يناير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما - والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1112 سنة 1945 نجع حمادي على المطعون عليهم يطلب تثبيت ملكيته إلى 12 س 15 ط مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعة المدعى عليهم والتسليم. وفي 12 من نوفمبر سنة 1945 ندبت المحكمة خبيراً للانتقال إلى محل النزاع لتطبيق الحكم الصادر من محكمة قنا الابتدائية في القضية رقم 2 سنة 1904 والمؤيد من محكمة استئناف مصر في القضية رقم 502 سنة 1904 وكذلك محاضر أعمال الخبير المقدمة في دعوى القسمة رقم 3530 سنة 1906 نجع حمادي. وبعد أن قدم الخبير تقريره واستبانت منه المحكمة أنه لم يوفق إلى نتيجة حاسمة في النزاع أحالت الدعوى على التحقيق. وفي 17 من فبراير سنة 1947 قضت بتثبيت ملكية الطاعن للعين موضوع النزاع وكف المنازعة والتسليم. فاستأنف المدعى عليهم هذا الحكم أمام محكمة قنا الابتدائية وقيد استئنافهم برقم 526 سنة 1947 وفي أول مارس سنة 1949 أحيلت الدعوى على التحقيق. وفي 27 من إبريل سنة 1949 سمع القاضي المنتدب للتحقيق شهادة شهود طرفي النزاع. وفي 29 من نوفمبر سنة 1949 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل الأول منها مخالفة الحكم للمادة 100 من قانون المرافعات التي توجب إبلاغ أوراق القضية إلى النيابة متى كانت تخص قصراً كما هو الحال في الدعوى حتى تتدخل فيها. ولما كانت النيابة العامة لم تبلغ بأوراق هذه القضية ولم تتدخل فيها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد وقع باطلاً.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بأنه فضلاً عن أن الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة ما يثبت أن النيابة العامة لم تخطر بالقضية قبل جلسة 8 من نوفمبر سنة 1949 التي نظرت فيها بعد العمل بقانون المرافعات فإن تدخل النيابة العامة في القضايا الخاصة بالقصر جوازي، ومن ثم لا يترتب على عدم حصول هذا التدخل بطلان في إجراءات التقاضي ومردود ثانياً بأنه لا يحق للطاعن تعييب الحكم بالبطلان بسبب عدم تدخل النيابة لأن هذا التدخل إنما يكون لرعاية مصلحة القصر، مما ينبني عليه أن التمسك بالبطلان على فرض وجوده مقصور على أصحاب المصلحة فيه.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني هو بطلان الحكم بسبب ما وقع فيه من خطأ في الإجراءات ذلك أن القاضي المنتدب للتحقيق أخرج الطاعن من غرفة التحقيق أثناء سماع شهادة شاهده سلامه سليمان حسين وهو إذ استدعاه بعد الانتهاء من سماع شهادته لم يتل على الطاعن نصها حتى يستطيع مناقشة شاهده وبذلك يكون الحكم قد عاره البطلان بسبب هذا الخطأ في الإجراءات.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يثبت أنه تمسك لدى محكمة الموضوع بهذا البطلان في جلسات المرافعة التالية لجلسة التحقيق، فلا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة لم يرد على ما بني عليه هذا الحكم من أسباب. ذلك لأن الحكم المذكور لم يؤسس على شهادة الشهود التي أطرحتها محكمة ثاني درجة فحسب. بل أنه أقيم أيضاً على الأحكام والمستندات والشكاوى الإدارية التي أشار إليها والحكم المطعون فيه إذ لم يرد على هذه الأسباب يكون قد عاره قصور يبطله.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أن "المستندات التي ارتكن عليها المستأنف عليه (الطاعن) لإثبات صحة دعواه قصرت عن ذلك لتعذر تطبيقها على أرض النزاع لخلو تلك المستندات من الحدود والأحواض ومن بيان المساحات". وبحسب الحكم هذا القدر من البيان حتى يكون بمنأى عن عيب القصور.
ومن حيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الرابع هو بطلان الحكم لمخالفته أحكاماً سابقة صدرت بين ذات الخصوم وفي ذات الموضوع. وحاصل الوجه الثاني منه هو قصور الحكم إذ لم يبين أسباب اطراحها، ذلك أنه إذا كان خبير الدعوى قد أثبت في تقريره أنه لم يمكنه أن يطبق على الطبيعة حكم محكمة قنا في القضية رقم 2 سنة 1904 المؤيد من محكمة من محكمة استئناف مصر في القضية رقم 502 سنة 1904 ولا الحكم الصادر من محكمة نجع حمادي في القضية رقم 3530 سنة 1906 لعدم وجود حدود ولا أحواض ولا مساحات بها جميعاً إلا أنه قد أثبت أيضاً في تقريره أنه طبق محضر الحجز الإداري المؤرخ في 16 من أغسطس سنة 1935 على الأرض المملوكة للطاعن بحوض عباس فوجده ينطبق على الطبيعة، وأنه طبق كذلك محضري حجزين مؤرخين في 24 من إبريل سنة 1938 و8 من مايو سنة 1938 على ذات العين فوجدهما ينطبقان عليها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في الوجه الأول منه بأن الحكم المطعون فيه لم يصدر على خلاف أحكام سابقة إذ من شروط اعتباره كذلك وحدة الموضوع فيها جميعاً، وهو ما لا يتوافر في الدعوى، ذلك لأن الأحكام السابقة على ما قرره خبير الدعوى واعتمده الحكم المطعون فيه جاءت خالية من الحدود والأحواض بحيث تعذر تطبيقها على الطبيعة، مع أن الحكم المطعون فيه قد صدر في شأن 22 س و15 ط مبينة الحدود والمعالم - ومردود في الوجه الثاني منه بأن الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يدل على أنه تمسك لدى محكمة الموضوع بمحاضر الحجز التي يتحدى بها ومن ثم يكون نعيه على الحكم بالقصور لعدم رده عليها غير مقبول.
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس هو قصور الحكم في التسبيب إذ لم يرد على ما استند إليه حكم محكمة أول درجة من أن من أسباب الحكم الصادر من محكمة نجع حمادي في القضية رقم 893 سنة 1944 - وهى خاصة باسترداد زراعة برسيم وحكم فيها لمصلحة المطعون عليه الأخير - ما يكاد يقطع في ملكية الطاعن للأرض المتنازع عليها وبوضع يده عليها من زمن قديم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة صورة رسمية من الحكم المشار إليه لتتبين وجه أهميته كمستند في الدعوى. ومن ثم فإن نعيه يكون عارياً عن الدليل.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.