أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 755

جلسة 17 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار ابراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف.

(131)
الطعن رقم 29335 لسنة 59 القضائية

(1) رقابة ادارية. قانون "الغاؤه" "تفسيره". قرارات جمهورية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الغاء التشريع. لا يكون الا بتشريع أعلى منه أو مساو له فى مدارج التشريع. ينص على الالغاء صراحة أو يشتمل على نص التشريع القديم أو ينظم من جديد موضوع ذلك التشريع.
الغاء أو تعديل السلطة الادنى فى مدارج التشريع قاعدة وضعتها سلطة اعلا.غير جائز الا بتفويض.
اصدار رئيس الجمهورية قرارا جمهوريا بالغاء هيئة الرقابة الادارية رغم انشائها بقانون. معدوم الأثر. علة ذلك ؟
(2) رشوة. اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- اختلاف جريمة الاختلاس فى عناصرها القانونية عن جريمة عرض الرشوة. لا يؤثر فى قيام احداها توافر أركان الأخرى.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر جريمة عرض رشوة على موظف عام.
(3) رشوة. اختلاس أموال أميرية. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعى الطاعن عن ادانته بجريمة الاشتراك فى اختلاس. لا جدوى منه. متى كانت العقوبة الموقعة عليه تدخل فى نطاق عقوبة جريمة عرض الرشوة الأشد المرتبطة بها.
1 - إن الرقابة الادارية انشئت أول الأمر كأحد قسمى النيابة الادارية بموجب القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية، ثم صدر القانون رقم 54 لسنة 1964 باعادة تنظيم الرقابة الادارية، المعدل بالقانونين أرقام 71 لسنة 1969، 116 لسنة 1974 و 110 لسنة 1982، 112 لسنة 1983، ثم صدر من بعد قرار رئيس الجمهورية رقم 337 لسنة 1980 - الذى عمل به اعتبارا من الأول من يوليه سنة 1980 - ناصا فى مادته الأولى على أن "تلغى هيئة الرقابة الادارية". لما كان، وكان من المقرر أن التشريع لا يلغى الا بتشريع لاحق، اعلا منه أو مساو له في مدارج التشريع, ينص صراحة على هذا الالغاء أو يشمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وذلك لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسطة ادنى فى مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل قاعدة وضعتها سلطة أعلا، أو ان تضيف اليها احكاما جديدة، إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا وفقا للقانون أو إذا كان القانون ذاته يفوضها فى ذلك، وكان لم يصدر - من بعد - قانون لاحق زالت به القوة التنفيذية للقانون رقم 45 لسنة 1964 سالف الذكر، وكان القرار الجمهورى هو فى مدارج التشريع اداة أدنى من القانون فلا يجوز له - من ثم - ان يمتد الى القانون بالالغاء أو التعديل أو بالاضافة، ما دام أن سلطة التشريع أو القانون، لم يفوضه أيهما فى ذلك، الأمر الذى يتعين معه عدم الاعتداد بما نصت عليه المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 337 لسنة 1980 من الغاء هيئة الرقابة الادارية، وهو ما يتأدى عنه القول بأن الهيئة المشار إليها آنفا لم يرد عليها ثمة الغاء , ويكون الحكم المطعون فيه اذ خلص الى هذا النظر قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعن فى هذا الشأن غير سديد.
2 - لما كان ما اثبته الحكم فى حق الطاعن من أنه عرض رشوة على موظفين عموميين لحملهما على اختلاس بعض اطارات السيارات وتسليمها له للتصرف فيها بمعرفته يتوافر به جريمة عرض الرشوة كما هى معرفة به فى القانون، واذ كان ذلك، وكان لا يؤثر فى قيامها توافر اركان جريمة الاختلاس قبل الطاعن أو عدم توافرها لاختلاف كل من الجريمتين عن الأخرى فى عناصرها القانونية وتميزها عنها، فإن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام يكون قد صادف صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن فى هذا الخصوص لا محل له.
3 - لما كان باقى ما يثيره الطاعن فى أسباب طعنه واردا على قضاء الحكم فى جريمة الاشتراك فى الاختلاس، فانه لا يجدى الطاعن نفعا ما دام أن العقوبة التى انزلها الحكم به، بعد تطبيق المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات، وهى السجن لمدة ثلاث سنوات والغرامة البالغة 654 جنيه و 508 مليم والعزل ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة عرض الرشوة على موظف عام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - عرض رشوة على موظفين عموميين للاختلاس بواجبات وظيفتهما بأن قدم.... سائق بشركة مضارب الاسكندرية مبلغ مائة وثمانين جنيها...... "حمال بالشركة" سالفة الذكر مبلغ تسعين جنيها وذلك على سبيل الرشوة مقابل مساعدته فى ارتكاب جريمة الاختلاس موضوع التهمة الثانية بتقديم طلب صرف للاطارات المختلسة والحصول عليها وتسليمها اليه ولكن الموظفين العموميين لم يقبلا الرشوة منه. 2 - بصفته موظفا عموميا "أمين مخازن قطع غيار السيارات والاطارات بشركات مضارب الاسكندرية" اختلس بالطريقة المبينة بالتحقيقات أربعة اطارات داخلية وخارجية خاصة بسيارات النقل المملوكة للشركة التى يعمل بها وسلمت إليه ووجدت فى حيازته بسبب وظيفته وبصفته من الأمناء على الودائع. وأحالته الى محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالاسكندرية لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 109 مكررا، 110، 111/ 6، 112/ أ، 118، 119/ ب، 119 مكرر هـ من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 654 جنيها و 508 مليم وعزله من وظيفته عما اسند اليه ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. وقيد برقم....... لسنة...... قضائية وفى..... قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة أمن الدولة العليا بالاسكندرية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الاعادة - بهيئة أخرى - قضت حضوريا عملا بالمواد 40، 41، 109 مكررا، 110، 111/ 6، 112/ أ، 118، 119/ ب، 119 مكررا هـ من قانون العقوبات مع اعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه 654 جنيه و 508 مليم وبعزله من وظيفته ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط وذلك عما هو منسوب اليه.
فطعن الاستاذ/ ...... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).....


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى عرض رشوة على موظفين عموميين والاشتراك فى اختلاس أموال عامة قد اخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب، ذلك بأن رد ردا غير كاف ولا يتفق وصحيح القانون على دفاع الطاعن ببطلان اجراءات الضبط والتفتيش تأسيسا على أن القرار الجمهورى رقم 337 لسنة 1980 الذى الغى هيئة الرقابة الادارية، لا يزال قائما، وان القرار الجمهورى رقم 178 لسنة 1982 بتعيين رئيس لهذه الهيئة لا يترتب عليه اعادة انشائها، واعتبر الحكم ان جريمة الاختلاس التى دان الطاعن بالاشتراك فى ارتكابها قد وقعت من سائق السيارة بوصفة من الامناء على الودائع مع انه ليس كذلك، واعتبر أن الاطارات المختلسة دخلت فى حيازته بسبب الوظيفة مع أن دخولها فى حيازته كان بمناسبة الوظيفة، وان الجريمة قد وقعت منه فعلا، رغم أن الجريمة تلك لم تقع، وهو ما يترتب عليه انتفاء اركان الاشتراك فى الاختلاس قبله. ودانه بجريمة عرض الرشوة مطبقا المادة 32/ 2 من قانون العقوبات على الرغم مما يترتب على عدم توافر جريمة الاشتراك فى الاختلاس من انعدام جريمة عرض الرشوة. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الرقابة الادارية انشئت أول الأمر كأحد قسمى النيابة الادارية بموجب القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية، ثم صدر القانون رقم 54 لسنة 1964 باعادة تنظيم الرقابة الادارية، المعدل بالقوانين أرقام 71 لسنة 1969، 116 لسنة 1974 و 110 لسنة 1982، 112 لسنة 1983، ثم صدر من بعد قرار رئيس الجمهورية رقم 337 لسنة 1980 - الذى عمل به اعتبارا من الأول من يوليه سنة 1980 - ناصا فى مادته الأولى على أن "تلغى هيئة الرقابة الادارية". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التشريع لا يلغى الا بتشريع لاحق، اعلا منه أو مساو له في مدارج التشريع, ينص صراحة على هذا الالغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وذلك لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسطة ادنى فى مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل قاعدة وضعتها سلطة أعلا، أو أن تضيف اليها احكاما جديدة، إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا وفقا للقانون أو إذا كان القانون ذاته يفوضها فى ذلك، وكان لم يصدر - من بعد - قانون لاحق زالت به القوة التنفيذية للقانون رقم 54 لسنة 1964 سالف الذكر، وكان القرار الجمهورى هو فى مدارج التشريع اداة أدنى من القانون فلا يجوز له - من ثم - ان يمتد الى القانون بالالغاء أو التعديل أو بالاضافة، ما دام أن سلطة التشريع أو القانون، لم يفوضه أيهما فى ذلك، الأمر الذى يتعين معه عدم الاعتداد بما نصت عليه المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 337 لسنة 1980 من الغاء هيئة الرقابة الادارية، وهو ما يتأدى عنه القول بأن الهيئة المشار إليها آنفا لم يرد عليها ثمة الغاء , ويكون الحكم المطعون فيه اذ خلص الى هذا النظر قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعن فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعات الدعوى فى قوله انها "تتحصل فى أن المتهم - الطاعن - قابل كلا من....... السائق بشركة مضارب الاسكندرية و......... التباع بذات الشركة، وحرض أولهما على اختلاس أطر السيارة الجديدة واستبدالها بأطر قديمة، واتفق معهما على أن يتقدم أولهما بطلب لصرفه أربعة اطارات جديدة للسيارة التى يعملان عليها، يتم الموافقة على هذا الطلب وصرف هذه الاطارات ليقوم هو بالتصرف فيها بالبيع لقاء ان يدفع لهما مبالغ مالية، فأبلغا كلا من...... مدير أمن الشركة و......... مدير ادارة النقل بها اللذين طلبا منهما مجارته، وابلغت الرقابة الادارية بالواقعة. وفى 4/ 6/ 1986 اطلع المتهم على اذن صرف الاطارات الذى أعد لهذا الغرض وسلم السائق مبلغ عشرين جنيها من أصل المبلغ المتفق عليه، وبعد أن تم تزويد السائق بجهاز تسجيل، وفى يوم 25/ 6/ 1986 تم اخراج الاطارات من المخزن وحملت بالسيارة حيث استقلها معهم المتهم وتم تسجيل الحديث الذى دار بينهم، والمتضمن وقائع عرض المتهم الرشوة عليهما، وحيث دفع للسائق مبلغ مائة وستين جنيها وللتباع مبلغ تسعين جنيها، ولدى انزال الاطارات من السيارة قام عضو الرقابة الادارية بضبط الواقعة وتم رد الاطارات". وبعد أن ساق الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال شهود الاثبات وما تضمنه تقرير خبير الأصوات بهيئة الاذاعة، خلص الى ادانة الطاعن بجريمة عرض الرشوة على موظفين عموميين والاشتراك مع موظف عام من الأمناء على الودائع فى اختلاس الاطارات، ثم افصح عن اعماله المادة 17 من قانون العقوبات واوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن الجريمتين عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 32 من القانون ذاته. لما كان ذلك، وكان ما اثبته الحكم فى حق الطاعن - على السياق المتقدم - من أنه عرض رشوة على موظفين عموميين لحملهما على اختلاس بعض اطارات السيارات وتسليمها له للتصرف فيها بمعرفته يتوافر به جريمة عرض الرشوة كما هى معرفة به فى القانون، واذ كان ذلك، وكان لا يؤثر فى قيامها توافر اركان جريمة الاختلاس قبل الطاعن أو عدم توافرها لاختلاف كل من الجريمتين عن الأخرى فى عناصرها القانونية وتميزها عنها، فإن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام يكون قد صادف صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن فى هذا الخصوص لا محل له. لما كان ذلك وكان باقى ما يثيره الطاعن فى أسباب طعنه واردا على قضاء الحكم فى جريمة الاشتراك فى الاختلاس، فإنه لا يجدى الطاعن نفعا ما دام أن العقوبة التى انزلها الحكم به، بعد تطبيق المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات، وهى السجن لمدة ثلاث سنوات والغرامة البالغة 654 جنيه و 508 مليم والعزل ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة عرض الرشوة على موظف عام. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.