أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 769

جلسة 24 من مايو سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميره ومحمد زايد نائبى رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغريانى ومحمد طلعت الرفاعى.

(134)
الطعن رقم 29324 لسنة 59 القضائية

(1) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تعديل وصف التهمة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل. لها أن تسبغ الوصف القانونى الصحيح على الواقعة دون لفت نظر الدفاع. ما دامت الواقعة المادية التى اتخذتها أساساً لوصفها هى بذاتها الواقعة الواردة بأمر الاحالة.
(2) دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اجراءات "اجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت الطاعن أن المدافع عنه. لا يصح أن يبنى عليه طعن. ما دام لا يدعى أن المحكمة منعته من إبداء دفاعه.
(3) إثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
حق المحكمة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حق نفسه وعلى غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه. متى اطمأنت إلى صحته.
(4) إثبات "اعتراف". استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات. أخذ المحكمة به. مفاده ؟
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(5) اثبات "شهود" "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
إختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم. لا يؤثر فى سلامته. أساس ذلك ؟
(6) تزوير. اثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق القاضى فى تكوين عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين. جرائم التزوير. لم يجعل القانون لاثباتها طريقاً خاصاً.
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه ؟
(7) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعى على المحكمة قعودها عن القيام باجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
مثال.
(8) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير فى أوراق رسمية. لا يلزم لتحققها صدورها بداءة من موظف عمومى. جواز أن يكون المحرر عرفياً أول الأمر ثم تحول إلى محرر رسمى بتداخل موظف مختص فيه. علة ذلك ؟
(9) اختلاس أموال أميرية. اشتراك. فاعل أصلى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على الحكم عدم استظهاره وجود المال المختلس فى عهدة الطاعن. غير مقبول. ما دام قد دانه بوصفه شريكا وليس فاعلاً أصلياً.
(10) اشتراك. إثبات "بوجه عام". اتفاق.
الاشتراك بطريق الاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. حق القاضى الاستدلال عليه بالاستنتاج والقرائن.
1 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند الى المتهم بل هى مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا دون حاجة إلى ان تلفت نظر الدفاع الى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الاحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم أساسا للوصف الذى دان المتهم به دون أن تضيف المحكمة شيئا - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - اذ يوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقا صحيحا على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم وليس فى ذلك خروج فى واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم، فضلا عن أن المحكمة لفتت نظر الدفاع الى ما اسبغته على الواقعة من وصف قانونى.
2 - إن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه فى الدفاع ومن ثم يكون منعاه فى هذا الصدد غير سديد.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حقه نفسه وعلى غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق وان عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت الى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
4 - من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وان تطرح ما عداها وفى عدم ايراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها.
6 - إن الأصل فى المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائى لم يجعل لاثبات جرائم التزوير طريقا خاصا، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التى أعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
7 - لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب خبير فنى لتحقيق دفاعه القائم على نفى صلته بالتوقيعات المنسوبة له، فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن اجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها.
8 - من المقرر أنه ليس شرط لاعتبار التزوير واقعاً فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر بداءة من موظف عمومى، فقد يكون عرفياً فى أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمى بعد ذلك اذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته أو نسب إليه التداخل فاتخذ المحرر الشكل الرسمى، ففى هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا فى محرر رسمى بمجرد أن يكتسب هذه الصفة وتنسحب رسميته إلى ما سبق من اجراءات اذ العبرة بما يؤول اليه المحرر الرسمى وليس بما كان عليه فى أو الأمر.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بوصفه شريكا بالاتفاق والمساعدة وليس بوصفه فاعلا أصليا فى الجريمة فإن منعاه على الحكم من عدم استظهاره وجود المال المختلس فى عهدته لا يكون له محل.
10 - لما كان الاشتراك بطريق الاتفاق انما يكون باتحاد نية اطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية امر داخلى لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضى اذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - ومحكوم عليهم آخرين - أولا: بصفتهم موظفين عموميين حكماً ارتكبوا تزويراً فى محررات لاحدى المنشآت التى تساهم احدى الهيئات فى مالها وذلك بأن: - 1 - زورا محررات مما ذكر حال تحريرها المختص بوظائفهم عن طريق جعل وقائع مزوره فى صورة وقائع صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن أثبتوا فى الفواتير والسجلات المنوه عنها بالتحقيقات وقائمة أدلة الثبوت المرفقة صدورها عن التجار.......... وآخرين على غير الحقيقة وأدرجوا فيها وفى سجلاتها كميات ومبالغ وهمية ووضعوا عليها امضاءات نسبوها زوراً إليهم وأثبتوا إدخالها مكتب النجيلة لتشغيل ورعاية العمال الزراعيين (المعسكر 48) على غير الحقيقة. 2 - ارتكبوا تزويراً فى محررات مما ذكر أثناء تأدية وظائفهم بطريق تغيير المحررات وذلك بأن غيروا فى الفواتير الصادرة عن التاجرين....... و...... وفى سجلاتها البيانات الحقيقية وأثبتوا مكانها بيانات مزورة أدرجوها زوراً فى سجلات المخزن. ثانيا: - استعملوا المحررات المزورة سالفة البيان مع علمهم بتزويرها وذلك بأن استنزلوا قيمتها مما خصص لتغذية عمال المعسكر 48 من أموال مؤسسة شمال التحرير. ثالثا: - اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع محكوم عليه غيابياً وآخر - قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له لوفاته - فى ارتكاب جناية استيلاء على الأموال العامة دون حق وذلك بأن اتفقوا معهما على إرتكابها ومكنوهما من ذلك بأن قاموا بتزوير الفواتير الثابت فيها دفع مقابلها لمن نسبت إليهم من التجار ودخولها المخازن على غير الحقيقة فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بدمنهور لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثالث والخامس (الطاعن) وغيابياً للباقين عملا بالمواد 30، 40/ 2، 3، 41، 111/ 5، 112/ 1، 118، 119، 211، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل منهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والزامهم برد مبلغ 28629 جنيه، 101 مليم للجهة المجنى عليها وبتغريمهم متضامنين مبلغ مساوٍ للمبلغ المذكور وبعزلهم من وظائفهم مدة سنتين عما أسند إليهم ومصادرة الأوراق المزورة المضبوطة باعتبار أن ما نسب إليهم هو الاشتراك فى الاختلاس والتزوير فى محررات رسمية واستعمالها.
فطعن الاستاذ/ ......... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الخامس فى هذا الحكم بطريق النقض.....


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جريمة اختلاس مال عام والتزوير فى محررات رسمية واستعمالها قد شابه البطلان والخطأ فى تطبيق القانون والاخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم دان الطاعن عن واقعة لم ترد فى أمر الاحالة ولا تملك المحكمة إضافتها فضلاً عن أن المدافع عن الطاعن قد أنهى مرافعته قبل أن - تجرى المحكمة هذا التعديل ولم تطلب منه المحكمة إبداء دفاع جديد بعد هذا الاجراء كما أن الحكم إستند فى إدانة الطاعن إلى اعتراف المتهم..... برغم عدوله عن هذا الاعتراف، كما أحال فى بيان أقوال الشاهد..... إلى مضمون ما شهد به الشاهد....... على الرغم من إختلاف شهادتهما فى وصف الفواتير وقيمة المبالغ، كما نسب الحكم إلى الطاعن اشتراكه مع المتهم الأول فى جريمتى الاختلاس والتزوير رغم أنه جحد ما نسب إليه من توقيع على تلك المحررات، وأن المحكمة لم تعن بتحقيق هذا الدفاع بالطرق الفنية فضلاً عن خطأ الحكم فيما إنتهى إليه من إعتبار الفواتير أوراقاً رسمية، كما أن الحكم لم يستظهر صفة الموظف العام فى حق الطاعن أو توافر ركن حيازة المال المختلس الموجود فى عهدته بمقتضى هذه الوظيفة سيما وأنه لم يصدر قرار بتشكيل المعسكر الذى وقعت جريمة الاختلاس على أمواله يضاف إلى ذلك أن الحكم لم يبين مضمون كل فاتورة من الفواتير التى عول عليها فى إدانة الطاعن ومدى إستدلاله على علم الطاعن بتزويرها مما أدى إلى تجهيل عقوبة الغرامة المقضى بها، كما أن الحكم قد قصَّر فى التدليل على قيام اشتراك الطاعن فى جريمتى الاختلاس والتزوير، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هى مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الاحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة هى بذاتها الواقعة التى اتخذها الحكم أساساً للوصف الذى دان المتهم به دون أن تضيف المحكمة شيئا - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - إذ يوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم وليس فى ذلك خروج فى واقعة الدعوى أو إفتئات على حق مقرر للمتهم، فضلاً عن أن المحكمة لفتت نظر الدفاع الى ما أسبغته على الواقعة من وصف قانونى ومن ثم فإن هذا النعى يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة عدلت وصف التهمة فى حضور الطاعن والمدافع عنه بجلسة.......... ثم أجلت نظر الدعوى لليوم التالى إستكمالاً للمرافعة وبتلك الجلسة حضر الطاعن والمدافع عنه حيث استكمل مرافعته وانتهى إلى طلب حجز الدعوى للحكم، لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعى أن المحكمة منعت محاميه من الاستطراد فى دفاعه فلا محل النعى عليها إن هو أمسك عن ذلك، لما هو مقرر من أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه فى الدفاع ومن ثم يكون منعاه فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى حقه نفسه وعلى غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى إطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكان الحكم المطعون فيه قد إستند فى قضائه بإدانة الطاعن إلى إعتراف المتهم........ بالتحقيقات فى حق نفسه وعلى الطاعن لبراءته مما يشوبه وإطمئناناً من المحكمة إلى صحته وإن عدل عنه بعد ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ومتى خلصت الى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما إستند إليه الحكم منها ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وان تطرح ماعداها وفى عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد ما تساند إليه من أقوال الشاهدين المشار إليهما بأسباب الطعن بما لا شبهة فيه لأى تناقض فانه يكون مبرأ من دعوى عيوب القصور فى التسبيب. لما كان ذلك، وكان الأصل فى المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائى لم يجعل لاثبات جرائم التزوير طريقا خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التى أعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى إكتمال اقتناع المحكمة وإطمئنانها إلى ما إنتهت إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد كاف للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك فى التزوير التى دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور فى التسبيب هذا فضلاً عن أن البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب خبير فنى لتحقيق دفاعه القائم على نفى صلته بالتوقيعات المنسوبة له، فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس شرط لاعتبار التزوير واقعاً فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر بداءة من موظف عمومى، فقد يكون عرفياً فى أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمى بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته أو نسب إليه التداخل فاتخذ المحرر الشكل الرسمى، ففى هذه الحالة يعتبر التزوير واقعاً فى محرر رسمى بمجرد أن يكتسب هذه الصفة وتنسحب رسميته إلى ما سبق من اجراءات اذ العبرة بما يؤول إليه المحرر الرسمى وليس بما كان عليه فى أول الأمر، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت صفة الموظف العام فى حق الطاعن لانتدابه للعمل بالمعسكر من مديرية التربية والتعليم بقرار من محافظ البحيرة وأن هذا المعسكر يتبع مجلس قروى....... الخاضع للادارة المحلية والصادر بتشكيله قرار من المحافظ خلافاً لما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه، أثبت قيامه بصطناع بعض الفواتير والتوقيع عليها باعتباره أحد أعضاء لجنة المشتريات فإن ما إنتهى إليه الحكم من إعتبار هذه الفواتير محررات رسمية يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعى على الحكم فى هذا الشأن غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بوصفه شريكاً بالاتفاق والمساعدة وليس بوصفه فاعلا أصليا فى الجريمة فإن منعاه على الحكم من عدم إستظهاره وجود المال المختلس فى عهدته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مضمون الفواتير التى عَّول عليها فى قضائه والتى لا يزعم الطاعن بأن قيمة المبالغ الثابتة بها تغاير المبلغ الذى خلص الحكم إلى اشتراك الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين فى اختلاسه فان هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص هذه الفواتير بكل فحواها وأجزائها ومن ثم تنتفى عن الحكم دعوى القصور فى هذا المنحى لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن قيمة الغرامة المحكوم بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فان النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان لما كان الاشتراك بطريق الاتفاق إنما يكون باتحاد نية أطرافه على إرتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضى إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس وأورد على ثبوت اشتراك الطاعن فيها أدلة كافية وسائغة ودلل على أن اختلاس المتهم الأول - والذى قضى بالنسبة له بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته - ما كان ليتم لولا إتفاقه مع الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين على إقتراف هذه الجريمة ومساعداتهم له بإجراء التزوير فى فواتير الشراء لتغطية إختلاسه فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام فى تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقديره ومن ثم يكون منعى الطاعن فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.