أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 517

جلسة 13 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، ومصطفى صالح سليم، ودرويش عبد المجيد، وعلي عمرو.

(93)
الطعن رقم 872 لسنة 51 القضائية

(1) التزام "شرط الفسخ الصريح" "شرط الفسخ الضمني".
شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني. ماهيته كل منهما وأثره.
(2) بيع. فوائد. نظام عام.
قاعدة استحقاق البائع للفوائد القانونية عما لم يدفعه من الثمن متى سلم المبيع للمشتري وكان قابلاً لإنتاج ثمرات. م 458/ 1 مدني. عدم تعلقها بالنظام العام. وجوب تمسك البائع بها.
(3) بيع. هبة.
بيع العقار الصادر من الولي الشرعي إلى أولاده مع تبرعه لهم بالثمن. هذا التصرف هبة سافرة وليس بيعاً. علة ذلك.
(4) أحوال شخصية "ولاية على المال". أهلية. وكالة.
نيابة الوصي عن القاصر. نيابة قانونية. تجاوز الوصي حدود نيابته. أثره. عدم انصراف أثر التصرف إلى القاصر.
(5) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
الأثر الناقل للاستئناف. ماهيته.
1 - شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يختلفان طبيعة وحكماً، فالشرط الفاسخ الصريح يجب أن تكون صيغته في العقد صريحة قاطعة في الدلالة على وقوع الفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه بمجرد حصول المخالفة الموجبة له، وهو لذلك يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ ولا يستطيع المدين أن يتفادى الفسخ بأداء التزامه أو عرضه بعد إقامة دعوى الفسخ، أما الشرط الضمني فلا يستوجب الفسخ حتماً إذ هو خاضع لتقدير القاضي، وللقاضي أن يمهل المدين حتى بعد رفع دعوى الفسخ عليه، بل المدين نفسه له أن يتفادى الفسخ بعرض دينه كاملاً قبل أن يصدر ضده حكم نهائي بالفسخ.
2 - لئن كان نص الفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدني صريحاً في أن للبائع الفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن متى كان قد سلم المبيع للمشتري وكان هذا المبيع قابلاً لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى، إلا أن هذه القاعدة لا تتعلق بالنظام العام فلا يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي بها من تلقاء نفسها بل يجب التمسك بها من البائع وأن تتحقق المحكمة من توافر شرائطها.
3 - تبرع البائع لأبنائه القصر بالثمن في العقد والتزامه بعدم الرجوع في تبرعه يفصح عن أن التصرف هبة سافرة وقعت باطلة لتخلف الشكل الرسمي الذي يتطلبه نص الفقرة الأولى من المادة 488 من القانون المدني، ولا يعتبر هذا التصرف بيعاً إذا لم يستهدف العقد أحد أركان البيع وهو الثمن، ولا يصلح العقد وهو على هذا الحال أن يكون سائراً للهبة وفقاً لما تجيزه الفقرة الثانية من المادة أنفة الذكر لأن مناط صحة الهبة المستترة أن يكون العقد الذي يسترها مستوفي الأركان والشرائط القانونية.
4 - نيابة الوصي عن القاصر هي نيابة قانونية ينبغي أن يباشرها - وفقاً لما تقضي به المادة 118 من القانون المدني - في الحدود التي رسمها القانون، ولما كان النص في المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بشأن الولاية على المال قد حظر على الوصي مباشرة تصرفات معينة إلا بإذن المحكمة، من بينها جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك جميع التصرفات المقررة لحق من هذه الحقوق، فإنه ينبني على ذلك أن الوصي إذا باشر تصرفاً من هذه التصرفات دون إذن المحكمة يكون متجاوزاً حدود نيابته ويفقد بالتالي في إبرامه لهذا التصرف صفة النيابة فلا تنصرف آثاره إلى القاصر.
5 - من المقرر - تطبيقاً لقاعدة الأثر الناقل للاستئناف المنصوص عليها في المادة 223 من قانون المرافعات - أنه يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع برمته إلى محكمة الاستئناف وإعادة طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ونتيجة لهذا الأثر يعتبر مطروحاً على محكمة ثاني درجة كل ما كان قد أبدى أمام محكمة أول درجة من أوجه دفاع ودفوع فيتعين أن تقول كلمتها فيها إلا أن يكون المستأنف عليه قد تنازل عنها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحوم....... مورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على أبنائها القصر أقام الدعوى رقم 722 سنة 1976 مدني كلي بني سويف على الطاعنين طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 10/ 2/ 1975، والمتضمن بيع الطاعنين له أرضاً زراعية مساحتها خمسون فداناً مبينة بهذا العقد وصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره سبعة آلاف وخمسمائة جنيه مع إلزامهم تسليمه الأرض المبيعة، وأثناء نظر الدعوى توفى رافعها فاستأنفت الخصومة سيرها بتعجيلها من المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها التي طالبت الطاعنين بتقديم عقد البيع الابتدائي المؤرخ 15/ 9/ 1969 وبعد تقديمه إلى المحكمة أضافت طلباً آخر إلى المطلب السابق هو الحكم بصحة ونفاذ هذا العقد الصادر من المرحوم...... إلى زوجته الطاعنة الأولى وأبنائه الطاعنين الرابع والخامس والسابعة والثامن والتاسع والعاشر في خصوص ما تضمنه من بيع أرض زراعية تشمل مساحة خمسة وثلاثين فداناً من تلك الأرض المبيعة بالعقد المؤرخ 10/ 2/ 1975 وقالت في بيان ذلك أن الطاعنين باعوا للمورث خمسين فداناً أرضاً زراعية بمقتضى العقد الابتدائي المؤرخ 10/ 2/ 1975 وكانوا قد اشتروا هذه الأرض من أبيهم حال حياته بموجب عقدين أحدهما عن مساحة خمسة عشر فداناً صادر إلى الطاعنين الثاني والثالث والسادسة قضى بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 257 لسنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة، وثانيهما مؤرخ 15/ 9/ 1969 صادر إلى باقي الطاعنين عن أرض زراعية تدخل فيها مساحة خمسة وثلاثين فداناً من تلك الأرض محل العقد المحرر في 10/ 2/ 1975، وأنه إزاء تخلف الطاعنين عن اتخاذ إجراءات التسجيل لنقل ملكية العقار المبيع سواء لمورثها أولها من بعد وفاته فإنه يحق لها عن نفسها وبصفتها طلب الحكم بصحة ونفاذ العقدين أنفي الذكر توصلاً إلى تسجيل الحكم - وأثناء سير الدعوى أمام محكمة بني سويف الابتدائية أقام الطاعنون على المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها الدعوى رقم 163 لسنة 1978 مدني كلي بني سويف بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 20/ 2/ 1975 استناداً إلى عدم وفاء المشتري أو ورثته من بعده بباقي الثمن - وقررت تلك المحكمة ضم هذه الدعوى إلى الدعوى الأولى ليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 17 من مايو سنة 1980 قضت بإجابة الطاعنين إلى مطلبهم في الدعوى رقم 163 لسنة 1978 وبرفض الدعوى الأخرى رقم 722 لسنة 1976، استأنفت المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها هذا الحكم أمام محكمة استئناف بني سويف وقيد الاستئناف برقم 137 لسنة 18 ق، وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وفي الدعوى رقم 722 لسنة 1976 بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 15/ 9/ 1965 و20/ 2/ 1975 مع تسليم الأرض المبيعة، وفي الدعوى رقم 163 لسنة 1978 برفضها - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت لنظره جلسة التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه، وفي بيان الوجه الأول يقول الطاعنون أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن ذمة المستأنف ضدها عن نفسها وبصفتها قد برئت من باقي الثمن بالعرض الحاصل بالجلسة أمام محكمة أول درجة التي اتبعه إيداع المبلغ خزانة المحكمة لصرفه للطاعنين دون قيد مع أن هذا العرض كان تالياً لانفساخ عقد البيع بتحقيق الشرط الصريح الفاسخ الذي وقع بقيام موجبه وهو تخلف المشتري عن أداء باقي الثمن في الميعاد المحدد بالعقد فلا ينتج العرض الذي أعقبه الإيداع ثمت آثار قانونية تحول دون القضاء بانفساخ العقد، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعوى الفسخ يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يختلفان طبيعة وحكماً، فالشرط الفاسخ الصريح يجب أن تكون صيغته في العقد صريحة قاطعة في الدلالة على وقوع الفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه بمجرد حصول المخالفة الموجبة له، وهو لذلك يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ ولا يستطيع المدين أن يتفادى الفسخ بأداء التزامه أو عرضه بعد إقامة دعوى الفسخ، أما الشرط الضمني فلا يستوجب الفسخ حتماً إذ هو خاضع لتقدير القاضي، وللقاضي أن يمهل المدين حتى بعد رفع دعوى الفسخ عليه، بل المدين نفسه له أن يتفادى الفسخ عليه بعرض دينه كاملاً قبل أن يصدر ضده حكم نهائي بالفسخ، وإذ كان البين من عقد البيع المؤرخ 10/ 2/ 1975 المعقود بين الطاعنين ومورث المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها أنه تضمن نصاً بالبند الثاني عبارته هي "التزم المشتري بسداد باقي الثمن وقدره 3500 جنيه في مدة أقصاها ستة أشهر تالية لتاريخ تحرير العقد يكون في نهايتها الحق للبائعين في استعمال كافة حقوقهم سواء بفسخ العقد أو المطالبة بباقي الثمن" ولما كان الواضح من عبارة هذا النص أنه وإن حدد به أجل معين لتنفيذ التزام المشتري بأداء باقي الثمن إلا أنه لم يرد به ما يفيد أن العقد ينفسخ من تلقاء نفسه عند تخلف المشتري عن تنفيذ التزامه خلال هذا الأجل، ومن ثم لا يعدو نص العقد في هذه الحالة إلا أن يكون ترديداً للشرط الفاسخ الضمني الذي يخول المدين الحق في أن يتوقى الفسخ بوفاء الدين ولو بعد انقضاء الأجل المحدد في العقد بل وبعد رفع الدعوى بطلب الفسخ وإلى ما قبل صدور الحكم النهائي فيها، لما كان ذلك وكان الحكم الطعون فيه قد خلص صحيحاً إلى انتفاء الشرط الفاسخ الصريح واعتبر - في حدود سلطته التقديرية لقيام مبررات الفسخ - أن عرض باقي الثمن وإيداعه خزانة المحكمة ولو بعد رفع الدعوى بالفسخ مانع من إجابته الطاعنين لطلب الفسخ فإن النعي الذي يثيره الطاعنون بهذا الوجه يكون مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها إنما عرضت أمام المحكمة باقي الثمن دون إضافة ما استحق من فوائد قانونية التي لا يشترط لاستحقاقها إعمالاً لنص المادة 458 من القانون المدني الاتفاق عليها أو المطالبة بها قضائياً، ومن ثم فلا يعد هذا العرض مبرئاً للذمة، وإذ غاب عن الحكم المطعون فيه تطبيق هذه القاعدة القانونية عند بحثه موجب فسخ عقد البيع فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأنه وإن كان نص الفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدني صريحاً في أن للبائع الفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن متى كان قد سلم المبيع للمشتري وكان هذا المبيع قابلاً لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى، إلا أن هذه القاعدة لا تتعلق بالنظام العام فلا يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي بها من تلقاء نفسها بل يجب التمسك بها من البائع وأن تتحقق المحكمة من توافر شرائطها، وإذ كان الطاعنون لم ينازعوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في صحة العرض والإيداع استناداً إلى وجوب إضافة الفوائد القانونية إلى باقي الثمن فإن النعي في هذا الشأن يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعوى رقم 722 لسنة 1976 مدني كلي بني سويف قد اعتبر التصرف الثابت بعقد البيع المؤرخ 15/ 9/ 1969 الصادر من مورث الطاعنين إلى أبنائه الطاعنين عدا الثاني والثالث والسادسة هو بيع صحيح وقضى بصحته ونفاذه في حين أن هذا التصرف ليس بيعاً بل هبة مكشوفة إذ ورد بالعقد أن البائع باع لأولاده الأرض الزراعية ودفع الثمن من ماله الخاص تبرعاً ولا يجوز له الرجوع على أي من المشترين بشيء منه، وطالما كانت الهبة سافرة على هذا النحو فإنها تقع باطلة لعدم إفراغها في ورقة رسمية طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 488 من القانون المدني، وقد تمسكوا ببطلان هذا العقد أمام محكمة الموضوع إلا أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف ذلك مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن العبرة في تكييف العقد والتعرف على مرماه هو بما حواه من نصوص ولمحكمة النقض أن تراقب محكمة الموضوع في هذا التكييف اعتباراً بأن إنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابتها وإذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة أول درجة ببطلان عقد البيع المؤرخ 15/ 9/ 1969 بطلاناً مطلقاً، بينما صرحت المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها في خصوص هذا العقد أمام محكمة الموضوع بدرجتها بقولها أنه لو كان العقد يعد هبة مكشوفة فإن ذلك لا يؤثر على سلامة دعواها بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الآخر الصادر من الطاعنين أنفسهم في 10/ 2/ 1975 إذ قد أصبحوا يملكون الأرض المبيعة محل التداعي بطريق الإرث عن مورثهم المالك الأصلي بصرف النظر عن التصرفات غير المسجلة الحاصلة منه إليهم أثناء حياته والتي أشير إليها بالعقد المذكور. ولم يعرض الحكم المطعون فيه لما أو من مجال بين طرفي الخصومة في هذا الشأن من واقع استقراء نصوص العقد بل اجتزأ في أسبابه القول بأن عقدي البيع المطلوب الحكم بصحتهما ونفاذهما استوفيا شرائط الصحة، ولما كان الثابت من مطالعة العقد المؤرخ 5/ 9/ 1969 أنه تضمن النص على أن المورث قد باع أرضاً زراعية إلى نفسه وبصفته ولياً على أولاده القصر - وهم الطاعنون الرابع والخامس والسابعة والثامنة والتاسع والعاشر - ثم أردف ذلك بعبارة "وتم هذا البيع نظير ثمن قدره 3268 جنيه دفعه عنهم والدهم المتصرف المذكور من ماله الخاص متبرعاً ولا يحق له الرجوع على أي منهم بشيء من هذا الثمن"، لما كان ذلك فإن هذه العبارة تكشف في لفظها الصريح عن أن المورث البائع لأبنائه القصر قد تبرع بالثمن في العقد والتزم بعدم الرجوع في تبرعه الأمر الذي يفصح عن أن التصرف هبة سافرة وقعت باطلة لتخلف الشكل الرسمي الذي يتطلبه نص الفقرة الأولى من المادة 488 من القانون المدني، ولا يعتبر هذا التصرف بيعاً إذ لم يستوف العقد أحد أركان البيع وهو الثمن، ولا يصلح العقد وهو على هذا الحال أن يكون سائراً للهبة وفقاً لما تجيزه الفقرة الثانية من المادة أنفة الذكر لأن مناط صحة الهبة المستترة أن يكون العقد الذي يسترها مستوفي الأركان والشرائط القانونية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة ونفاذ هذا العقد الصادر إلى أولئك الطاعنين باعتباره بيعاً صحيحاً مستوفياً شرائط صحته فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور مما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه للقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن الطاعنين الأخيرين تمسكا في دفاعهما أمام محكمة أول درجة في الدعوى رقم 722 سنة 1976 مدني كلي بني سويف بأن عقد البيع المؤرخ 1/ 2/ 1975 وقع باطلاً بالنسبة لهما استناداً إلى أنهما كانا قاصرين وقت صدور البيع ولا تملك الوصية التي أبرمته إصدار مثل هذا التصرف نيابة عنهما دون إذن من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال، ولئن كان حكم محكمة أول درجة قضى بفسخ هذا العقد ورفض دعوى المطعون ضدها بصحته ونفاذ فلم ير لذلك مبرراً لبحث هذا الدفاع المتعلق ببطلان العقد، إلا أنه كان متعيناً على الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقد أن يعرض في قضائه لبحث وتمحيص ذلك الدفاع وإذ هو أغفله ولم يرد عليه فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن نيابة الوصي عن القاصر هي نيابة قانونية ينبغي أن يباشرها - وفقاً لما تقضي به المادة 118 من القانون المدني - في الحدود التي رسمها القانون، ولما كان النص في المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بشأن الولاية على المال قد حظر على الوصي مباشرة تصرفات معينة إلا بإذن المحكمة، من بينها جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك جميع التصرفات المقررة لحق من هذه الحقوق، فإنه ينبني على ذلك أن الوصي إذا باشر تصرفاً من هذه التصرفات دون إذن المحكمة يكون متجاوزاً حدود نيابته ويفقد بالتالي في إبرامه لهذا التصرف صفة النيابة فلا تنصرف آثاره إلى القاصر، ولما كان البين من أوراق - الدعوى رقم 722 لسنة 1976 أن محامي الطاعنين تمسك في دفاعه أمام محكمة أول درجة - على النحو الثابت بمحضري جلستي 20/ 5/ 1978، 27/ 1/ 1979 - ببطلان عقد البيع المؤرخ 10/ 3/ 1975 بالنسبة للطاعنين الأخيرين اللذين كانا قاصرين عند انعقاده ولم يصدر للوصية التي أبرمت العقد نيابة عنهما إذن من المحكمة بإبرام التصرف بالبيع، وقدم تدعيماً لهذا الوجه من الدفاع مستندين إثباتاً لتاريخ ميلاد هذين الطعنين، وإذ كانت محكمة أول درجة لم تتناول بالبحث هذا الدفاع إذ لم تر مبرراً لمواجهته وقد قضت بفسخ عقد البيع لعدم وفاء المطعون ضدها بباقي الثمن وبرفض دعواها بطلب صحة ونفاذ ذلك العقد، وكان من المقرر - تطبيقاً لقاعدة الأثر الناقل للاستئناف المنصوص عليها في المادة 223 من قانون المرافعات - أنه يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع برمته إلى محكمة الاستئناف وإعادة طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية ونتيجة لهذا الأثر يعتبر مطروحاً على محكمة ثاني درجة كل ما كان قد أبدى أمام محكمة أول درجة من أوجه دفاع ودفوع فيتعين أن تقول كلمتها فيها إلا أن يكون المستأنف عليه قد تنازل عنها، لما كان ذلك فإنه كان متعيناً على محكمة الاستئناف وقد قضت بإلغاء الحكم المستأنف أن تتصدى قبل أن تقضي بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 2/ 1975 لمجابهة وتحقيق ذلك الدفاع الجوهري المثار من الطاعنين الأخيرين أمام محكمة أول درجة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الإشارة إليه ولم يعن بالرد عليه فإنه يكون معيباً بالقصور مما يوجب نقضه.