أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 438

جلسة 31 من يناير سنة 1952
(75)
القضية رقم 99 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
قوة الأمر المقضي.
حكم بتقرير نفقة.
أ - حكم بتقرير نفقة مؤقتة حتى يفصل نهائياً في دعوى الحساب. أقامته على أن ناظري الوقف نزعا من تحت يد المحكوم لها ما يعادل استحقاقها في الأطيان الموقوفة. زوال هذه الأسباب موجب لانقضاء النفقة ولو لم يفصل نهائياً في دعوى الحساب. النعي على الحكم القاضي بانتهاء النفقة إهداره حجية الحكم الصادر بتقريرها في غير محله.
ب - إجراءات التقاضي.
طلب الخصم تأجيل الدعوى لاشتغال محاميه بعمل آخر. رفض المحكمة التأجيل مع السماح له بتقديم مذكرة بدفاعه قبل النطق بالحكم. لا إخلال بحقه في الدفاع.
1 - الحكم الصادر بتقرير نفقة مؤقتة يدور مع علته وجوداً وعدماً. فمتى كان الواقع أنه قضى للطاعنة في دعوى حساب على المطعون عليه وآخر بصفتهما ناظري وقف بأن يدفعا إليها نفقة شهرية من ريع الوقف حتى يفصل نهائياً في دعوى الحساب المرفوعة منها وكان الحكم قد بني وقت صدوره على نزع ناظري الوقف أطياناً كانت الطاعنة تضع اليد عليها ثم زال مبرره بوضع يدها على هذه الأطيان وباستمرار حيازتها لها قبل رفع الدعوى بانتهاء النفقة فإنه يكون في غير محله تمسكها بما جاء في منطوق حكم النفقة من توقيته بانتهاء دعوى الحساب ونعيها على الحكم القاضي بانتهاء النفقة إهداره حجية الحكم الصادر بتقريرها.
2 - إذا كانت المحكمة قد رفضت طلب التأجيل المقدم من أحد الخصوم لاشتغال محاميه بعمل آخر فإنها لا تكون قد جاوزت سلطتها ولا تكون قد أخلت بحق هذا الخصم في الدفاع متى كانت قد أذنت له في تقديم مذكرة بدفاعه قبل النطق بالحكم.


الوقائع

في يوم 3 من إبريل سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف المنصورة الصادر في 8 من فبراير سنة 9150 في الاستئناف رقم 274 سنة 1 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 4 من إبريل سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 19 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 13 من مايو سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة. بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 28 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد. وفي 11 من يونيه سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد. وفي 29 من نوفمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 3 من يناير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامياً الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنة قضي لها في 7 من يناير سنة 1947 في دعوى الحساب رقم 70 سنة 1947 مدني كلي المنصورة على المطعون عليه وآخر بصفتهما ناظري وقف سليمان بك غنام بأن يدفعا إليها من ربع الوقف نفقة شهرية مقدارها خمسة عشر جنيهاً ابتداء من 18 من نوفمبر سنة 1946 حتى يفصل نهائياً في دعوى الحساب وقدرت النفقة مقابل ريع تسعة أفدنة ونصف فدان أقر الناظران باستحقاق الطاعنة لغلتها وكانت ضع اليد عليها حتى نهاية سنة 1945 ثم استولى عليها الناظران وبعد صدور حكم النفقة المشار إليه أقيمت الطاعنة ناظرة على تلك الأطيان بقرار من المحكمة العليا الشرعية في أول إبريل سنة 1947 وسلمت إليها بمحضر تسليم مؤرخ في 17 من إبريل سنة 1947. وفي 24 من نوفمبر سنة 1947 قضى عليها في الدعوى رقم 1616 سنة 1947 مدني مركز المنصورة برد حيازة هذه الأطيان إلى ناظر الوقف "المطعون عليه" والمستأجر منه على شكري غنام بحكم غير مشمول بالنفاذ استناداً إلى عقد إيجار لمدة سنة نهايتها أول نوفمبر سنة 1947 ولم ينفذ المحكوم لهما هذا الحكم واستمرت الطاعنة واضعة اليد على الأطيان المحكوم برد حيازتها ثم وقعت هي والمستأجر علي شكري غنام على محضر صلح حرر في 14 من فبراير سنة 1948 أمام جهة الإدارة أقرت فيه بأنها وضعت يدها فعلاً على نصيبها الذي أقيمت ناظرة عليه كما قرر فيه علي شكري غنام أنه غير متعرض لها.
ثم استأنفت الطاعنة حكم رد الحيازة بالاستئناف رقم 134 سنة 1947 مدني مستأنف المنصورة ولم يفصل فيه بعد. وفي 8 من فبراير سنة 1949 حكم في دعوى الحساب في الاستئناف رقم 426 سنة 65 ق استئناف مصر بوقف الفصل فيها حتى يفصل من الجهة المختصة في النزاع الذي أثاره ناظراً الوقف يما تدعيه الطاعنة من استحقاقها لأزيد من المقدار المعترف لها به. وفي 18 من سبتمبر سنة 1948 أقام المطعون عليه على الطاعنة الدعوى رقم 1128 سنة 1948 كلي المنصورة بانتهاء حكم النفقة فأقامت الطاعنة عليه دعوى فرعية بزيادتها وفي 27 من مارس سنة 1949 قضت محكمة أول درجة بانتهائها وبرفض طلب الزيادة. استأنفت الطاعنة وقيد استئنافها برقم 274 سنة 1 ق استئناف المنصورة وقالت في صحيفة استئنافها والمذكرة المقدمة منها إلى محكمة الاستئناف والمودعة صورتاهما الرسميتان ضمن أوراق الطعن أن محكمة أول درجة أخطأت في رفض طلب زيادة النفقة مع أنها تستحق في ريع أطيان الوقف 1/ 18 من 1385 ف المبينة بحججه، كما أخطأت في قضائها بانتهاء حكم النفقة استناداً إلى أنها تسلمت من الأطيان تسعة أفدنة ونصف فدان وهو ما يعادل استحقاقها فيها مع أن هذا المقدار لم يكن هو جميع حصتها وطلبت احتياطياً وقف الفصل في الدعوى حتى يفصل انتهائياً في مصير وضع يدها على التسعة أفدنة ونصف الفدان في دعوى رد الحيازة رقم 1616 سنة 1947 مدني مركز المنصورة. وفي 8 من فبراير سنة 1950 قضت المحكمة، بتأييد الحكم المستأنف. فقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب وتنعى الطاعنة في الوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون إذ أهدر حجية الحكم رقم 70 سنة 1947 مدني كلي المنصورة الذي قضى لها بالنفقة حتى يفصل نهائياً في دعوى الحساب وهذه الدعوى ما زالت موقوفة لم يفصل فيها حتى الآن مع أن حكم النفقة وإن كان وقتياً إلا أنه وقد حاز قوة الأمر المقضي ما كان يجوز العدول عنه.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بما ورد بالحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه "من أن الأساس الذي أقيم عليه حكم النفقة كان مقابلاً لنزع التسعة أفدنة ونصف فدان من تحت يد الطاعنة في نهاية سنة 1945 وقد انتقى هذا الأساس بتنظرها على نصيبها تنفيذاً للحكم الشرعي الصادر في 5 من إبريل سنة 1947 وبوضع يدها عليه بمحضر التسليم المؤرخ في 17 من إبريل سنة 1947 ثم بقيامها باستغلال حصتها وتأجيرها للغير وقبضها مبالغ الإيجار عن سنتي "1948، 1949" وبما ورد بالحكم المطعون فيه "من أن الطاعنة معترفة بوضع يدها على التسعة أفدنة ونصف التي أجرتها كما هو ثابت من المستندات المقدمة وأن ناظر الوقف وعلي شكري غنام المستأجر منه لتلك الأطيان لا يعارضانها في استغلال نصيبها" - وهذا الذي قرره الحكمان الابتدائي والاستئناف لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه لما كان حكم النفقة وهو حكم مؤقت يدور مع علته وجوداً وعدماً قد بني وقت صدوره وعلى نزع الأطيان المشار إليها من تحت يد الطاعنة ثم زال مبرره بوضع يدها على هذه الأطيان وباستمرار حيازتها قبل رفع الدعوى بانتهاء النفقة فإن القضاء بها والحالة هذه يصبح لا مبرر له ولا عبرة بتمسك الطاعنة بما جاء في منطوق حكم النفقة من توقيته بانتهاء دعوى الحساب متى كان الثابت بأسباب الحكم أن المبرر لها هو نزع الأطيان الأنف ذكرها من تحت يدها.
ومن حيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني هو أن الحكم عاره بطلان جوهري لقصور أسبابه إذ لم تلق المحكمة بالاً إلى دفاع الطاعنة بأن حكم استرداد الحيازة رقم 1616 سنة 1947 مدني مركز المنصورة الصادرة في 24 من نوفمبر سنة 1947 والذي لم يفصل في استئنافه بعد ما زال يهددها بحرمانها من الانتفاع بالأطيان المسلمة إليها وكان لزاماً على المحكمة إجابة الطاعنة إلى طلب وقف الدعوى حتى يفصل في الاستئناف المذكور.
ومن حيث إن هذين الوجهين مردودان بأن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعنة في هذا الخصوص بقوله "إنه رغم صدور حكم استرداد الحيازة لم تحرم الطاعنة من أطيانها واستمرت تضع اليد على نصيبها الذي تنظرت عليه وأجرته إلى الغير ثم قبضت أقساط الإيجار في سنتي 1948، 1949 كما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه "أن حكم استرداد الحيازة لم ينفذ حتى اليوم ولا يحق للمستأجر علي شكري غنام تنفيذه لإنهاء عقد إيجاره من أكتوبر سنة 1947 ولتعهده أمام لجنة المصالحات بمديرية الدقهلية بمحضر الصلح المؤرخ في 14 من فبراير سنة 1948 بعدم تعرضه للطاعنة في نصيبها" - وهذا الذي ورد بالحكمين فيه الرد الكافي على طلب وقف الدعوى.
ومن حيث إن الوجه الثاني من السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه لم يرد على طلب الطاعنة زيادة النفقة مع أنها أسسته على استحقاقها لما يزيد على تسعة أفدنة ونصف فدان في الوقف وهذا الأساس يختلف عن الأساس الذي بنت عليه محكمة الاستئناف حكمها بانتهاء النفقة.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بما جاء بالحكم "من أنه وقد قضي بعدم استحقاق النفقة في الدعوى الأصلية فيكون طلب زيادتها لا محل له في الدعوى الفرعية" وما ورد فيه في موضع آخر من "إن نصيب الطاعنة في أطيان الوقف هو تسعة أفدنة ونصف وأن ما تدعيه من أن حصتها في الوقف تزيد على هذا القدر لا تختص هذه المحكمة بالفصل فيه".
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث هو أن الحكم شابه البطلان لإخلال المحكمة بحق الطاعنة في الدفاع إذ رفضت طلب الحاضر عن محاميها الأصلي التأجيل لاشتغاله بالانتخابات وقررت حجزت الدعوى للحكم مع الأذن للطرفين في تقديم مذكرات.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة إذ قضت برفض طلب التأجيل لم تجاوز سلطتها ولم تخل بحق الطاعنة في الدفاع إذ أذنت لها في تقديم مذكرة بدفاعها قبل النطق بالحكم.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن بجميع أوجهه على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.