أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 554

جلسة 20 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، ويوسف أبو زيد، ومصطفى صالح سليم، ودرويش عبد المجيد.

(100)
الطعن رقم 621 لسنة 41 القضائية

(1) ملكية. اختصاص. "اختصاص ولائي".
القانون 100 لسنة 1964 تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها. إلغاؤه بالقانون 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية. أثره. عودة الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بتملك تلك الأراضي للقضاء العادي.
(2) ملكية. نظام عام. بيع.
القوانين الخاصة بتملك الأراضي الصحراوية. تعلقها بالنظام العام. أثر ذلك.
1 - لئن كان القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية ومن بعده القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها قد سلبا جهة القضاء العادي الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بملكية الأراضي الصحراوية والمعتبرة خارج الزمام، وناط الاختصاص بالفصل فيها إلى لجان قضائية نص عليها في المادتين 5، 12 من القانون 124 لسنة 1958 ثم في المادتين 39، 40 من القانون 100 لسنة 1964، إلا أنه وقد صدر القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية - والذي ألغى القانون رقم 100 لسنة 1964 وعمل به اعتباراً من 1/ 9/ 1981 - ونص في المادة 22 منه على "تختص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون، وترفع الدعاوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة. وعلى اللجان القضائية المنصوص عليها في القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون إلى المحاكم الابتدائية الكائن في دائرتها العقار موضوع النزاع وذلك بغير رسوم وبالحالة التي تكون عليها، ويكون لذوي الشأن خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون الطعن في القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية" ومن ثم فإن جهة القضاء العادي تكون قد عادت إليها ولاية الفصل في المنازعات المتعلقة بملكية الأراضي الصحراوية، ولم يعد هناك وجود للجان القضائية المنصوص عليها في القانونين 124 لسنة 1958، 100 لسنة 1964.
2 - القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية والذي عمل به اعتباراً من 24/ 8/ 1958 قد نص في مادته الخامسة على أن الملكية والحقوق التي تستند إلى عقود مسجلة أو أحكام نهائية سابقة على العمل به أو عقود صدرت من الحكومة ولم تسجل إذا كانت شروط العقد قد نفذت تظل قائمة، ثم صدر القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها وعمل به اعتباراً من 23/ 3/ 1964 بعد أن ألغي القانون 124 لسنة 1958 سالف الذكر - ونص في مادته الثانية على أن الأراضي الصحراوية الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام مملوكة ملكية خاصة للدولة، ونص في المادة 75 منه على أن يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بحقوق الملكية والحقوق العينية الأخرى الواردة بها ولم تشهر بعد ولما كانت أحكام القوانين المتعلقة بتملك الأراضي الصحراوية من النظام العام وتطبق على آثار العقود السارية وقت العمل بها ولو كانت مبرمة قبل ذلك لما استهدفته من تحقيق مصالح عامة ورتب من جزاء العقوبات والبطلان على مخالفة أحكامها في المواد 10، 23، 24، 25 من القانون 143 لسنة 1981 إذ كان ذلك وكانت الدعويان محل النزاع الماثل موضوعهما صحة ونفاذ عقود عرفية عن أرض صحراوية أبرمت قبل سريان القانونين 124 لسنة 1958، و100 لسنة 1964، ولما كانت تلك العقود غير مسجلة وليست صادرة من الحكومة ومن ثم لا يعتد بها في نقل ملكية تلك الأراضي عملاً بالقانونين 124 لسنة 1958، 100 لسنة 1964، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بصحة ونفاذ هذه العقود العرفية على سند من اعتبارها ثابتة التاريخ وأنها في حكم المسجلة وينطبق عليها ما ينطبق على العقود الصادرة من الحكومات لذات الحكمة التشريعية فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر أقام الدعوى رقم 579 سنة 1957 مدني كلي الإسكندرية على باقي المطعون ضدهم - عدا المطعون ضدها الثالثة - قال شرحاً لها أن المطعون ضدهم من الرابع إلى الثامنة باعوا للمطعون ضده الثاني أرضاً صحراوية مساحتها 12 ط 142 ف بموجب عقد عرفي مؤرخ 22/ 11/ 1941 وأن المشتري المذكور قد تنازل له (أي للمطعون ضده الأول) عن هذه الأطيان، وطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد العرفي سالف الذكر. كما أقام المطعون ضدهما الأول والثالثة الدعوى رقم 389 سنة 1958 مدني كلي الإسكندرية على المطعون ضده الثاني قالا فيها أنه بموجب خمسة عقود عرفية ثلاثة منها مؤرخة 9/ 9/ 1954 والباقيان مؤرخان 18/ 11/ 1955 اشتريا من المطعون ضده الثاني الأطيان الصحراوية الموضحة بصحيفة الدعوى وإذ لم يقم بتنفيذ ما تعهد به من تقديم مستندات التمليك والأوراق اللازمة لتسجيل العقود، ومن ثم فإنهما يطلبان الحكم بصحة ونفاذ تلك العقود واحتياطياً فسخها وإلزامه بأن يرد لهما ما عجلاه من الثمن ومقداره 4160 - ثم اختصم المطعون ضده الأول السيد وزير الحربية (الطاعن الأول) ليصدر الحكم في مواجهته وليقررا موقفه من التصريح له بتملك الأرض الصحراوية موضوع العقود محل التداعي. وجه المطعون ضده الثاني دعوى فرعية قبل المطعون ضدهما الأول والثالثة طالباً إلزامهما بمبلغ 3420.796 ج والفوائد باعتباره باقي ثمن البيع. وبعد أن أمرت محكمة الإسكندرية الابتدائية بضم الدعويين ليصدر فيها حكم واحد قضت بجلسة 17/ 5/ 1960 أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى 579 سنة 1957 مدني كلي الإسكندرية. ثانياً: برفض الدفع بعدم قبول الدعويين. ثالثاً - بإثبات تنازل المطعون ضدها الثالثة عن الدعوى 389 سنة 1958 مدني كلي الإسكندرية بالنسبة لنصيبها في الأطيان المبيعة بالعقود الخمسة. رابعاً - في الدعوى 579 سنة 1958 بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 22/ 11/ 1941 المبرم بين المطعون ضده الثاني وبين المطعون ضدهم من الرابع إلى الأخيرة والمتضمن بيعهم له 12 ط 142 ف من الأطيان الكائنة بزمام ناحيتي الغرب أنيات والحمام بحوض الحمامات رقم 4 محافظة الصحراء الغربية مركز مريوط قطعة رقم 110 نظير 172.500 ج.... خامساً - في الدعوى 389 سنة 1957 بصحة ونفاذ عقدي البيع العرفيين المؤرخين 9/ 9/ 1954 والمتضمن أولهما بيع 70 ف والتي ظهرت أنها 40 ف والمتضمن ثانيهما بيع 4 ط 121 ف الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول بصفة مقابل ثمن 4949.170 ج. سادساً - في الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع للمطعون ضده الثاني مبلغ 789.170 ج استأنف وزير الحربية (الطاعن الأول) هذا الحكم بالاستئناف رقم 685 سنة 18 ق، وتدخلت المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري (الطاعن الثاني) خصماً في الاستئناف منضمة إلى وزير الحربية في طلباته باعتبار أن أرض النزاع من الأراضي الصحراوية التي خولت تلك المؤسسة الإشراف عليها طبقاً للقانون 100 سنة 1964 ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت بجلسة 15/ 5/ 1971 أولاً - بقبول تدخل المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحاري خصماً ثالثاً في الدعوى منضماً إلى وزارة الحربية ثانياً - تأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعنان به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك من ثلاثة وجوه، وفي بيان الوجه الأول منها يقولان أن القانون رقم 124 سنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية الذي ألغي وحل محله القانون رقم 100 سنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها - وهما القانونان اللذان يحكمان واقعة النزاع - نصا صراحة على اختصاص اللجنة المبينة فيها بالنظر - دون جهة القضاء العادي - في النزاع في شأن الملكية والحقوق التي تستند إلى عقود مسجلة أو أحكام نهائية بالنسبة للأراضي الصحراوية، ومن ثم فإن رفض الحكم المطعون فيه الدفع المبدى من الطاعنين بعدم الاختصاص الولائي وقضائه في موضوع الدعوى - رغم تعلق النزاع بملكية أرض صحراوية - يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان القانون رقم 124 سنة 58 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية، ومن بعده القانون رقم 100 سنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها، قد سلبا جهة القضاء العادي الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بملكية الأراضي الصحراوية والمقيدة خارج الزمام، وناط الاختصاص بالفصل فيها إلى لجان قضائية نص عليها في المادتين 5، 12 من القانون 124 سنة 1958 ثم في المادتين 39، 40 من القانون 100 سنة 1964، إلا أنه وقد صدر القانون رقم 143 سنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية - والذي ألغى القانون رقم 100 سنة 1964 وعمل به اعتباراً من 1/ 9/ 1981 - ونص في المادة 22 منه على "تختص المحاكم العادية دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون، وترفع الدعاوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة. وعلى اللجان القضائية المنصوص عليها في القانون رقم 100 لسنة 1964 أن تحيل المنازعات والاعتراضات المعروضة عليها عند العمل بأحكام هذا القانون إلى المحاكم الابتدائية الكائن في دائرتها العقار موضوع النزاع وذلك بغير رسوم وبالحالة التي تكون عليها، ويكون لذوي الشأن خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون الطعن في القرارات الصادرة من اللجان المشار إليها أمام المحاكم الابتدائية". ومن ثم فإن جهة القضاء العادي تكون قد عادت إليها ولاية الفصل في المنازعات المتعلقة بملكية الأراضي الصحراوية ولم يعد هناك وجود للجان القضائية المنصوص عليها في القانونين 124 سنة 1958، 100 سنة 1964 وبالتالي فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون برفضه الدفع المبدى من الطاعنين بعدم الاختصاص الولائي للمحاكم العادية يصبح غير منتج.
وحيث إن الطاعنين يقولان في بيان الوجهين الثاني والثالث أن المادة الخامسة من القانون 124 سنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية - التي تحكم واقعة النزاع - لا تقر إلا نوعين من الملكية فيما يتعلق بالتصرفات في الأراضي الصحراوية السابقة على العمل به، أولهما الملكية التي تستند إلى عقود مسجلة أو أحكام نهائية سابقة على العمل بالقانون، وثانيهما العقود الصادرة من الحكومة ولو لم تسجل إذا كانت شروط العقد قد نفذت، وإذ كانت الملكية محل النزاع في الدعوى الماثلة لا تدخل تحت أي من هذين النوعين ومن ثم فهي لا تعتبر قائمة في حكم المادة الخامسة من القانون سالف الذكر. ويضيف الطاعنان أن الحكم المطعون فيه تناقض مع نفسه فتارة يعتبر العقود العرفية محل المنازعة ثابتة التاريخ ومرة أخرى يعتبرها في حكم المسجلة، رغم أن ثبوت التاريخ لا يكفي للاعتداد بتلك العقود على ما نصت عليه المادة الخامسة من القانون 124 سنة 1958 كما أن القانون لا يعرف إلا أن يكون العقد مسجلاً أو غير مسجل ولم يرد به ما يعتبر حكم المسجل. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القانون رقم 124 سنة 1958 بتنظيم تملك الأراضي الصحراوية والذي عمل به اعتباراً من 24/ 8/ 1958 قد نص في مادته الخامسة على أن الملكية والحقوق التي تستند إلى عقود مسجلة أو أحكام نهائية سابقة على العمل به أو عقود صدرت من الحكومة ولم تسجل إذا كانت شروط العقد قد نفذت تظل قائمة - ثم صدر القانون رقم 100 سنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها وعمل به اعتباراً من 23/ 3/ 1964 - بعد أن ألغي القانون 124 سنة 1958 سالف الذكر ونص في مادته الثانية على أن الأراضي الصحراوية الواقعة في المناطق المعتبرة خارج الزمام مملوكة ملكية خاصة للدولة، ونص في المادة 75 منه على أن يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بحقوق الملكية والحقوق العينية الأخرى الواردة على عقارات كائنة في إحدى المناطق المعتبرة خارج الزمام في تاريخ العمل بالقانون رقم 124 سنة 1958 والمستندة إلى عقود تم شهرها أو أحكام نهائية سابقة على هذا التاريخ أو إلى عقود صدرت من الحكومة وتم تنفيذ الشروط الواردة بها ولم تشهر بعد. ولما كانت أحكام القوانين المتعلقة بتملك الأراضي الصحراوية من النظام العام وتطبيق على آثار العقود السارية وقت العمل بها ولو كانت مبرمة قبل ذلك لما استهدفته من تحقيق مصالح عامة ورتب من جزاء العقوبات والبطلان على مخالفة أحكامها في المواد 10، 23، 25 من القانون 143 سنة 1981 إذ كان ذلك وكانت الدعويان محل النزاع الماثل موضوعهما صحة ونفاذ عقود عرفية عن أرض صحراوية أبرمت قبل سريان القانونين 124 سنة 1958، 100 سنة 1964 ولما كانت تلك العقود غير مسجلة وليست صادرة من الحكومة ومن ثم لا يعتد بها في نقل ملكية تلك الأراضي عملاً بالقانونين 124 سنة 1958، 100 سنة 1964، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة ونفاذ هذه العقود العرفية الصادرة في سنة 1941 وما بعدها على سند من اعتبارها ثابتة التاريخ وأنها في حكم المسجلة لينطبق عليها ما ينطبق على العقود الصادرة من الحكومة لذات الحكمة التشريعية، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله بما يستوجب نقضه. ولما كان قد صدر القانون رقم 143 سنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية وعمل به من 1/ 9/ 1981 ويتعين إعماله على واقعة النزاع لكونه من النظام العام على ما سلفت الإشارة وقد تضمن ذلك القانون شروط يتعين توافرها في تملك الأراضي الصحراوية، فترى المحكمة أن يكون مع النقض الإحالة.