أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 566

جلسة الأحد 23 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، أحمد ضياء عبد الرازق، سعد حسين بدر ومحمد سعيد عبد القادر.

(102)
الطعن رقم 1432 لسنة 48 القضائية

(1) التزام "الشرط الفاسخ الصريح". بيع. دعوى "الطلبات في الدعوى".
طلب المدعى عليه رفض الدعوى استناداً إلى انفساخ العقد إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح. دفع موضوعي في الدعوى وليس طلباً عارضاً. علة ذلك.
(2) التزام "تنفيذ الالتزام" "الدفع بعدم التنفيذ". عقد.
الدفع بعدم التنفيذ. شرطه. أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء. م 161 مدني.
1 - طلب المطعون ضدها الأولى رفض الدعوى تأسيساً على أن عقد التنازل الصادر منها إلى الطاعن قد انفسخ إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه بينهما لا يعتبر منها - بوصفها مدعى عليها - طلباً عارضاً بل هو دفع موضوعي يدخل في نطاق المناضلة في الدعوى، لأن فسخ العقد بحكم الشرط الفاسخ الصريح يقع حتماً بمجرد إخلال المدين بالالتزام الذي يترتب عليه الفسخ، ولا يقتضي رفع دعوى لطلبه أو صدور حكم به، ويكفي أن يتمسك به الدائن في مواجهة المدين وللمحكمة أن تقرر أنه حصل بالفعل بناءً على دفع البائع أثناء نظر الدعوى المرفوعة من المشتري.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لاستعمال الدفع بعدم التنفيذ تطبيقاً لنص المادة 161 من القانون المدني أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً، فإذا كان العقد يوجب على أحد العاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام دعوى قيدت من بعد برقم 2208 سنة 1972 مدني كلي الإسكندرية مبدياً أنه بموجب عقد مؤرخ 26/ 8/ 1969 تنازلت له المطعون ضدها الأولى عن حصة مقدارها النصف شيوعاً في العقار الموضح بالصحيفة كان قد رسا عليها مزاد شرائها من إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة، وذلك بذات الثمن الذي رسا به المزاد ومقداره 6300 ج على أن يحل محلها في جميع حقوقها التزاماتها قبل الجهة البائعة، ودفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 2583 قيمة ما كانت قد عجلته من الثمن والمصروفات، ثم عاد ودفع لها مبلغ ألفي جنيه بموجب إقرار مؤرخ 26/ 2/ 1970 لتسددها بمعرفتها إلى الجهة البائعة إلا أنها احتفظت به وسجلت عقد البيع باسمها في 3/ 8/ 1972 محملاً بامتياز الجهة البائعة عن باقي الثمن، ومن ثم أقام الدعوى للحكم بصحة ونفاذ عقد التنازل وأودع باقي الثمن لحساب الجهة البائعة. طلبت المطعون ضدها الأولى رفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعن كان قد التزم في الإقرار المؤرخ 16/ 2/ 1971 بأن يسدد بباقي الثمن ومقداره 2480 في خلال شهر من ذلك التاريخ لتسدده بمعرفتها إلى الجهة البائعة وإلا اعتبر عقد التنازل ملغياً دون إنذار أو إجراءات قضائية بيد أنه لم يف بهذا الالتزام فانفسخ العقد بحكم الشرط. وفي 15/ 11/ 1977 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن الطاعن لم يوف المطعون ضدها بباقي الثمن طبقاً لما التزم به في الإقرار المؤرخ 26/ 2/ 1970 وأن طلب الأخيرة رفض الدعوى المؤسس على فسخ العقد يعتبر طلباً عارضاً أبدى في الفترة حجز الدعوى للحكم فلا يعتد به. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 627 سنة 33 ق الإسكندرية وعرض باقي الثمن على المطعون ضدها الأولى ثم أودعه لحسابها بعد أن رفضت استلامه. طلبت الأخيرة رفض الدعوى وتمسكت باعتبار العقد مفسوخاً ورفعت من جانبها استئنافاً فرعياً على سبيل الاحتياط عما انطوى عليه الحكم المستأنف من قضاء ضمني برفض الدعوى. وفي 28/ 5/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وقضت برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة قضت بعدم قبول الطلب العارض المبدى من المطعون ضدها الأولى وبذلك لم تفصل في موضوعه، وإذ قبل الحكم المطعون فيه هذا الطلب وأعمل أثره بأن قضى برفض الدعوى على أساس وقوع الفسخ فإنه يكون قد فوت على الطاعن إحدى درجتي التقاضي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن طلب المطعون ضدها الأولى رفض الدعوى تأسيساً على أن عقد التنازل الصادر منها إلى الطاعن قد انفسخ إعمالاً للشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه بينهما لا يعتبر منها بوصفها مدعى عليها - طلباً عارضاً بل هو دفع موضوعي يدخل في نطاق المناضلة في الدعوى، لأن فسخ العقد بحكم الشرط الفاسخ الصريح يقع حتماً بمجرد إخلال المدين بالالتزام الذي يترتب عليه الفسخ، ولا يقتضي رفع دعوى لطلبه أو صدور حكم به، ويكفي أن يتمسك به الدائن في مواجهة المدين وللمحكمة أن تقرر أنه حصل بالفعل بناء على دفع البائع أثناء نظر الدعوى المرفوعة من المشتري. ولما كانت المستأنف عليها قد تمسكت بهذا الدفع الموضوعي الذي قدم إلى محكمة أول درجة فلم تبحثه، فإن محكمة الاستئناف إذ عرضت له وأقامت قضاءها على ضوء ما بان لها من بحثه لا تكون قد خالفت القانون أو أخطأت في تطبيقه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أنه لما كان دفاع الطاعن أمام محكمة الاستئناف قد قام على أن مفاد الاتفاق الأصلي ثم الاتفاق اللاحق المؤرخ 26/ 2/ 1970 أن المطعون ضدها الأولى قد التزمت بأن تسدد إلى الجهة البائعة - إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة - المبالغ التي تتسلمها من الطاعن، إلا أنها أخلت بهذا الالتزام بأن لم تسلم إلى الجهة المذكورة مبلغ الألفي جنيه التي تسلمتها من الطاعن في 26/ 2/ 1970 كما حملت العقار المبيع بحق امتياز لتلك الجهة عن باقي الثمن، بما يحق له معه أن يمتنع عن تنفيذ التزامه بدفع باقي الثمن إلى المطعون ضدها فلا يكون ثمة محل لإعمال الشرط الفاسخ الوارد في الاتفاق، وكان قيام الطاعن بعرض الثمن على المطعون ضدها ثم إيداعه لحسابها أثناء نظر الدعوى بمنع المحكمة من إعمال الفسخ القضائي، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك برفض الدعوى لتحقق وقوع الفسخ يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض للاتفاق الأصلي المبرم بين الطرفين بتاريخ 26/ 8/ 1969 مقرراً أنه "لا خلاف بين طرفي النزاع على قيام اتفاق 26/ 8/ 1969 ونشأته أصلاً بينهما متضمناً على ما يبين من نصوصه تنازل المستأنف عليها الخامسة (المطعون ضدها الأولى) إلى المستأنف (الطاعن) عن حقها في الحصة العقارية الآيلة إليها بالمزاد......." أورد حاصل شروط الاتفاق الثاني المؤرخ 26/ 2/ 1970 في قوله أن "البين مما تضمنه هذا الاتفاق اللاحق أن المستأنف دفع للمستأنف عليها ألفي جنيه تمثل جزءاً من باقي الثمن ورسوم ومصاريف تسجيل عقدها الصادر لها من الحراسة وفوائد السنة الأولى المستحقة للحراسة على جميع باقي الثمن وتعهد بأن يدفع لها الجزء الباقي من الثمن وقدره 4480 ج خلال شهر واحد من تاريخ الاتفاق بحيث إذا لم يدفعه في هذا الميعاد كان التنازل الصادر إليه جميعه لاغياً دون احتياج لأي إنذار أو إجراءات قضائية" واستخلص الحكم أن الاتفاق لم يتضمن ما يجعل التزام الطاعن الوفاء بباقي الثمن متوقفاً أو متعلقاً بعمل تقوم به المطعون ضدها وإنما مفاد الاتفاق أن الطاعن هو الذي عليه أن يبدأ بتنفيذ التزامه بدفع المبلغ المشار إليه لتقوم المطعون ضدها بدفع كل باقي مستحقات الحراسة "إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة"، وإذ كان هذا الاستخلاص سائغاً تحتمله عبارات الاتفاق وظروف التعاقد ولا يتنافي مع التزامات الطرفين، فلا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لاستعمال الدفع بعدم التنفيذ تطبيقاً لنص المادة 161 من القانون المدني أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه مستحق الوفاء أي واجب التنفيذ حالاً، فإذا كان العقد يوجب على أحد العاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق للمتعاقد المكلف بالتنفيذ أولاً أن ينتفع بهذا الدفع، فإنه لا يحق للطاعن أن يحتج بعدم قيام المطعون ضدها بالوفاء بمبلغ الألفي جنيه التي تسلمها منه إلى إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة لتبرير امتناعه عن الوفاء بالتزامه الخاص بسداد باقي الثمن في الموعد المتفق عليه، طالما أنه كان عليه هو أن يدفع أيضاً المبلغ المشار إليه المبين في الاتفاق حتى تقوم المطعون ضدها بسداد باقي الثمن جميعه دفعة واحدة إلى الجهة البائعة، ويكون تمسك الطاعن بالدفع بعدم التنفيذ بناء على ما تقدم في غير محله. لما كان ذلك وكان الاتفاق على أن يعتبر عقد التنازل ملغياً عند عدم دفع الطاعن باقي المبلغ المستحق في ذمته ومقداره 248 ج في الموعد المتفق عليه بدون إنذار أو إجراءات قضائية ينفسخ به العقد بمجرد التأخير عملاً بالمادة 158 من القانون المدني، ولا يلزم أن يصدر بالفسخ حكم مستقل بناءً على دعوى المطعون ضدها بل يجوز للمحكمة أنه تقرر أنه حصل بالفعل بناءً على دفع المطعون ضدها أثناء نظر الدعوى المرفوعة من الطاعن، ومتى وقع الفسخ بمقتضى شروط العقد فإن إيداع الطاعن المبلغ المستحق ليس من شأنه أن يعيد العقد بعد انفساخه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعول على الدفع بعدم التنفيذ المبدى من الطاعن ولم يعتد بقيامه أثناء نظر الدعوى بإيداع باقي الثمن لحساب المطعون ضدها، وقضي برفض الدعوى لتحقق فسخ العقد إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم وكان يحقق وقوع فسخ العقد المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها الأولى من وقت امتناعه عن الوفاء لها بباقي الثمن في الموعد المتفق عليه يطلق يدها في أن تتصرف في العين التي اشترتها وفي أن ترتب عليها ما شاءت من حقوق عينية، فإنه لا يكون للطاعن شأن في الحديث عن حق الامتياز الذي رتبته المطعون ضدها على العين بعد أن زال التزامها قبل الطاعن بفسخ العقد من قبل أن ترتب هذا الالتزام.
ولما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.