أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 581

جلسة 24 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ عبد الرحمن عياد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد زغلول عبد الحميد، الدكتور منصور وجيه ومحمد ماضي أبو الليل.

(105)
الطعن رقم 645 لسنة 47 القضائية

(1) إيجار "قواعد عامة". ملكية. التزام "حق الحبس".
إيجار ملك الغير صحيح فيما بين المؤجر والمستأجر غير نافذ في حق المالك الحقيقي. إقامة الغير دعوى بشأن ملكيته للعين المؤجرة. أثره. اعتبار ذلك تعرضاً قانونياً للمستأجر يبيح له حبس الأجرة تحت يده حتى يدفع المؤجر التعرض.
(2) إيجار "قواعد عامة". ملكية. حيازة.
إدعاء شخص إدعاءً جدياً بأنه المالك للعين المؤجرة. ماهيته. منازعة في استحقاق المؤجر للأجرة. وجوب تصفيته قبل الفصل في طلب الإخلاء للتأخير في الوفاء بالأجرة. سبق الحكم لصالح المؤجر في دعوى حيازة لا يؤثر في جدية نزاع الغير بشأن الملكية.
(3) دعوى "نظر الدعوى". اختصاص "الاختصاص الولائي".
وجوب فصل المحكمة في المسألة الأولية اللازمة للحكم في موضوع الدعوى طالما أنها تدخل في اختصاصها.لا يغير من ذلك سبق رفع دعوى أخرى بالمسألة الأولية أمام ذات الدائرة أو دائرة أخرى.
1 - وإن كان إيجار ملك الغير صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر إلا أنه لا ينفذ في حق المالك الحقيقي. وإذا ادعى الغير أنه المالك للعين المؤجرة وأقام دعوى بحقه الذي يدعيه، كان هذا تعرضاً قانونياً للمستأجر، يجيز له حبس الأجرة تحت يده حتى يدفع المؤجر التعرض.
2 - يكون إدعاء الغير بالملكية إذا كان جدياً منازعة في استحقاق المؤجر للأجرة يتعين تصفيتها أولاً قبل الفصل في طلب الإخلاء المؤسس على التأخير في الوفاء بالأجرة، وإذا كانت هذه المنازعة من اختصاص محكمة الإخلاء تعين عليها حسمها وإلا أمرت بوقف الدعوى حتى يبت فيها من المحكمة المختصة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن نزاعاً جدياً قام بين الطاعن وبين الهيئة العامة للأوقاف حول ملكية العين المؤجرة وأن هذا النزاع معروض على القضاء في الدعوى..... ولم يفصل فيها بعد، وأنه لا يحول دون جدية هذا النزاع سبق الحكم لصالح الطاعن في دعوى حيازة لأنه لا أثر لها على دعوى المطالبة بالحق، فإن مذهب الحكم في هذه الخصوصية صحيح لوجوب البت في النزاع حول الملكية قبل التعرض للفصل في طلب الإخلاء.
3 - إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما انتهى إليه من تأييد الحكم المستأنف بوقف الدعوى لحين الفصل في دعوى الملكية رقم......، ذلك أن وقف الدعوى للفصل في مسألة أولية لازمة للحكم في موضوعها يعني أن تكون هذه المسألة مما يخرج من اختصاص المحكمة المعروضة عليها الدعوى - لا يقدح في ذلك أن دعوى أخرى بالمسألة الأولية قد رفعت من قبل سواء أمام ذات الدائرة أو دائرة أخرى بنفس المحكمة، إذ أن علاج هذا الوضع فيما ينشأ عنه من ازدواج في المجهود أو احتمال تعارض الأحكام أن تأمر المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم بضم الدعويين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1460 سنة 1975 مدني كلي أسيوط ضد المطعون ضده الأول بطلب الحكم بإخلاء الأخير من الدكان المبين بصحيفة الدعوى، وقال شرحاً لدعواه، أنه بموجب عقد مؤرخ 15/ 8/ 1961 استأجر من المطعون ضده الأول الدكان المشار إليه بأجرة شهرية قدرها 150 جنيه وقد تخلف عن سداد أجرة المدة من 1/ 3/ 1961 حتى تاريخ رفع الدعوى رغم تكاليفه بالوفاء - لذلك قام برفع دعواه بطلبه آنف البيان - طلبت الهيئة العامة للأوقاف تدخلها في الدعوى بغية رفضها تأسيساً على أنها تمتلك العين المؤجرة ورفعت بشأنها الدعوى 1230 سنة 1985 مدني كلي أسيوط ضد الطاعن بطلب تثبيت ملكيتها لها وفي 23/ 2/ 1976 حكمت المحكمة أولاً بقبول تدخل الهيئة العامة للأوقاف في الدعوى - ثانياً بوقف الدعوى لحين الفصل في الدعوى 1230 سنة 1975 مدني كلي أسيوط - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف 114 س 51 ق - وفي 10/ 2/ 77 حكمت المحكمة برفض الاستئناف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المنازعة حول الأجرة هي ما يثور بين المؤجر وبين المستأجر. فلا تتأثر بإدعاء الغير قبل المؤجر خاصة وأن إيجار ملك الغير صحيح بين طرفيه فصلاً عن أن منازعة هيئة الأوقاف المطعون عليها الثانية لا تقوم على أساس وسبق للطاعن أن استصدر حكماً نهائياً بعدم تعرضها له في العين المؤجرة موضوع التداعي، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع بالرد عليه رداً كافياً وقد كان يتعين عليه القضاء بالإخلاء ما دام المستأجر قد تأخر في الوفاء بالأجرة دون النظر إلى أية اعتبارات أخرى.
وحيث إنه وإن كان إيجار ملك الغير صحيحاً فيما بين المؤجر والمستأجر إلا أنه لا ينفذ في حق المالك الحقيقي. وإذا ادعى الغير أنه المالك للعين المؤجرة وأقام دعوى بحقه الذي يدعيه، كان هذا تعرضاً قانونياً للمستأجر، يجيز له حبس الأجرة تحت يده حتى يرفع المؤجر التعرض، ويكون هذا الإدعاء إذا كان جدياً منازعة في استحقاق المؤجر للأجرة، يتعين تصفيتها أولاً قبل الفصل في طلب الإخلاء المؤسس على التأخير في الوفاء بالأجرة، وإذا كانت هذه المنازعة من اختصاص محكمة الإخلاء تعين عليها حسمها وإلا أمرت بوقف الدعوى حتى يبت فيها من المحكمة المختصة - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن نزاعاً جدياً قام بين الطاعن وبين الهيئة العامة للأوقاف حول ملكية العين المؤجرة وأن هذا النزاع معروض على القضاء في الدعوى رقم 1230 سنة 1975 مدني كلي أسيوط ولم يفصل فيها بعد، وأنه لا يحول دون جدية هذا النزاع سبق الحكم لصالح الطاعن في دعوى حيازة لأنه لا أثر لها على دعوى المطالبة بالحق، فإن مذهب الحكم في هذه الخصومة صحيح لوجوب البت في النزاع حول الملكية قبل التعرض للفصل في طلب الإخلاء، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما انتهى إليه من تأييد الحكم المستأنف بوقف الدعوى لحين الفصل في دعوى الملكية رقم 1230 سنة 1975 مدني كلي أسيوط، ذلك أن وقف الدعوى للفصل في مسألة أولية لازمة للحكم في موضوعها يعني أن تكون هذه المسألة مما يخرج من اختصاص المحكمة المعروضة عليها الدعوى - لا يقدح في ذلك أن دعوى أخرى بالمسألة الأولية قد رفعت من قبل سواء أمام ذات الدائرة أو دائرة أخرى بنفس المحكمة، إذ أن علاج هذا الوضع فيما ينشأ عنه من ازدواج في المجهود أو احتمال تعارض الأحكام، أن تأمر المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم بضم الدعويين ولما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي القاضي بوقف الدعوى، يكون قد أيد محكمة أول درجة في التخلي عن اختصاصها بنظر النزاع حول ملكية العين المؤجرة رغم اختصاصها بنظره اختصاصاً متعلقاً بالنظام العام تتصدى لإثارته هذه المحكمة من تلقاء نفسها، ويتعين لذلك نقض الحكم.
وحيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه.