أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 585

جلسة 24 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، الدكتور علي عبد الفتاح ومحمد طموم.

(106)
الطعن رقم 657 لسنة 40 القضائية

(1، 2) قانون بحري "السفينة". حجز. تأمينات عينية "رهن" بيع.
(1) السفينة. تعريفها. شرط خضوعها للقانون البحري. صلاحيتها للملاحة. فقد السفينة صلاحيتها للملاحة أو صيرورتها حطاماً. مؤداه. خروجها عن نطاق القانون البحري الاستثناء. جواز رهن السفينة تحت الإنشاء. ق 35 لسنة 1951 الخاص بحقوق الامتياز والرهون البحرية.
(2) إجراءات حجز السفينة وبيعها. خضوعها لأحكام القانون البحري المواد 10 - 29 منه. فقد السفينة صلاحيتها أو صيرورتها حطاماً. خضوعها للإجراءات العادية في حجز المنقول وبيعه دون القانون البحري.
1 - إنه وإن كان قانون التجارة البحري لم يتضمن تعريفاً للسفينة إلا أنه لما كان نطاق القانون المذكور يتحدد بأعمال الملاحة البحرية وكانت السفينة هي الأداة الرئيسية لهذه الملاحة فإن وصف السفينة ينصرف إلى كل منشأة عائمة تقوم أو تخصص للقيام بالملاحة البحرية على وجه الاعتياد بغض النظر عن حمولتها أو حجمها أو طريقة بنائها وأياً كانت أداتها المسيرة وسواء كانت سفينة تجارية أو سفينة صيد أو نزهة، مما يقتضي أن تكون المنشأة العائمة صالحة للقيام بهذه الملاحة فإذا فقدت هذه الصلاحية أو صارت حطاماً زال عنها وصف السفينة وخرجت عن نطاق القانون البحري بما تضمنه من تنظيم قانوني خاص بالسفينة - باستثناء ما نص عليه القانون رقم 35 لسنة 1951 الخاص بحقوق الامتياز والرهون البحرية من جواز رهن السفينة وهي تحت الإنشاء.
2 - أخضع المشرع السفينة - وهي في الأصل مال منقول لنظام قانوني يميزها عن غيرها من المنقولات وتقترب به من العقار ومن ذلك ما تضمنته المواد من 10 إلى 29 من قانون التجارة البحري بشأن حجز السفينة وبيعها فأوجبت المادة 15 من القانون المذكور أن يتم بيع السفينة أمام قاض يعينه رئيس المحكمة الابتدائية من تلقاء نفسه ويحصل البيع بطريق المزايدة بعد المناداة على السفينة بالبيع ونشر الإعلانات بالجرائد وتعليقها في اللوحات المعدة لذلك. ولما كان هذا التنظيم الخاص إنما يتعلق بالمنشأة العائمة التي يصدق عليها وصف السفينة فإن اختصاص قاض البيوع المنصوص عليه في المادة 15 من القانون البحري لا يقوم إلا إذا كانت مثل هذه المنشأة صالحة للملاحة فإذا فقدت صلاحيتها أو تحولت إلى حطام زال عنها وصف السفينة واتبع في حجزها وبيعها الإجراءات الخاصة بالمنقول دون الإجراءات المنصوص عليها في القانون البحري.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني وآخرين أوقعوا حجزاً تنفيذياً على السفينة........ المملوكة للمطعون ضده الأول وذلك بتاريخ 16/ 7/ 1955 في الدعويين 330 و232 سنة 55 بيوع كلي بور سعيد، وبتاريخ 20/ 9/ 1955 أصدر قاضي البيوع بمحكمة بور سعيد الابتدائية أمراً ببيع السفينة المذكورة، تدخلت هيئة قناة السويس ومصلحة الضرائب (الطاعنتان) في إجراءات البيع بما لهما من حقوق قبل المطعون ضده الأول الذي دفع بعدم اختصاص قاضي البيوع بالسير في إجراءات البيع نظراً لتحول السفينة إلى حطام نتيجة ما أصابها أثناء العدوان الثلاثي على مدينة بور سعيد سنة 1956. وفي 19/ 9/ 1966 قضت محكمة بور سعيد الابتدائية (دائرة البيوع) برفض الدفع وباختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بالاستمرار في إجراءات البيع. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 132 سنة 7 ق تجاري بور سعيد، دفعت الطاعنتان بعدم جواز الاستئناف وبتاريخ 30/ 5/ 1970 حكمت محكمة استئناف المنصورة (مأمورية بور سعيد) بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص دائرة البيوع البحرية بمحكمة بور سعيد الابتدائية بالاستمرار في إجراءات بيع السفينة محل التنفيذ. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى به الطاعنتان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك من وجهين حاصل أولهما أن الدفع بعدم اختصاص دائرة البيوع بالاستمرار في إجراءات التنفيذ هو في حقيقته طلب لقاضي البيوع لوقف إجراءات البيع مما يدخل في اختصاصه إلا أن قانون المرافعات الملغى - الذي يحكم النزاع - قد فرق في مجال الطعن في أحكام قاضي البيوع بين الأحكام التي تصدر بوقف إجراءات البيع وتلك التي تصدر برفض الوقف والاستمرار في البيع ولم يجز الطعن بالاستئناف في هذه الأحكام الأخيرة إلا إذا صدرت في حالات يكون الوقف فيها واجباً بحكم القانون، أما حيث لا يكون الوقف كذلك فإن حكم قاضي البيوع برفض وقف البيع والاستمرار في التنفيذ لا يقبل الطعن. ولما كان قانون التجارة البحري وكذا قانون المرافعات الملغى لم ينصا على وجوب وقف البيع إذا تحولت السفينة المنفذ عليها إلى حطام فإن الحكم الابتدائي الصادر برفض الدفع بعدم اختصاص قاضي البيوع وبالاستمرار في إجراءات البيع لا يقبل الطعن بالاستئناف باعتباره حكماً برفض طلب وقف الإجراءات فضلاً عن أنه لا يجوز الطعن فيه على استقلال قبل صدور الحكم في الموضوع طبقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات الملغى إذ أنه لم ينه الخصومة كلها أو بعضها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر برفضه الدفع بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله بما يستوجب نقضه. وحاصل الوجه الثاني أن المشرع لم يخصص للقضاء في المسائل التجارية أو البحرية طبقة من المحاكم مستقلة عن غيرها ومن ثم فلا يجوز الدفع بعدم اختصاص دائرة البيوع البحرية طالما أن النزاع لن يخرج عن الاختصاص النوعي لمحكمة بور سعيد الابتدائية وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول هذا الدفع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، فضلاً عن أنه لا يوجد في القانون البحري أو في قانون المرافعات ما يزيل اختصاص قاضي البيوع إذا تحولت السفينة إلى حطام.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان قانون التجارة البحري لم يتضمن تعريفاً للسفينة إلا أنه لما كان نطاق القانون المذكور يتحدد بأعمال الملاحة البحرية وكانت السفينة هي الأداة الرئيسية لهذه الملاحة فإن وصف السفينة ينصرف إلى كل منشأة عائمة تقوم أو تخصص للقيام بالملاحة البحرية على وجه الاعتياد بغض النظر عن حمولتها أو حجمها أو طريقة بنائها وأياً كانت أداتها المسيرة وسواء كانت سفينة تجارية أو سفينة صيد أو نزهة، مما يقتضي أن تكون المنشأة العائمة صالحة للقيام بهذه الملاحة فإذا فقدت هذه الصلاحية أو صارت حطاماً زال عنها وصف السفينة وخرجت عن نطاق القانون البحري بما تضمنه من تنظيم قانوني خاص بالسفينة - باستثناء ما نص عليه القانون رقم 35 لسنة 1951 الخاص بحقوق الامتياز والرهون البحرية من جواز رهن السفينة وهي تحت الإنشاء - لما كان ذلك وكان المشرع قد أخضع السفينة - وهي في الأصل مال منقول - لنظام قانوني يميزها عن غيرها من المنقولات وتقترب به من العقار ومن ذلك ما تضمنته المواد من 10 إلى 29 من قانون التجارة البحري بشأن حجز السفن وبيعها فأوجبت المادة 15 من القانون المذكور أن يتم بيع السفينة أمام قاضي يعينه رئيس المحكمة الابتدائية من تلقاء نفسه ويحصل البيع بطريق المزايدة بعد المناداة على السفينة بالبيع ونشر الإعلانات بالجرائد وتعليقها في اللوحات المعدة لذلك, ولما كان هذا التنظيم الخاص إنما يتعلق بالمنشأة العائمة التي يصدق عليها وصف السفينة فإن اختصاص قاضي البيوع المنصوص عليه في المادة 15 من القانون البحري لا يقوم إلا إذا كانت مثل هذه المنشأة صالحة للملاحة فإذا فقدت صلاحيتها أو تحولت إلى حطام زال عنها وصف السفينة واتبع في حجزها وبيعها الإجراءات الخاصة بالمنقول دون الإجراءات المنصوص عليها في القانون البحري، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم اختصاص دائرة البيوع البحرية بمحكمة بور سعيد الابتدائية في الاستمرار في إجراءات بيع السفينة المحجوزة بعد أن تحولت إلى حطام فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه وتأويله ويكون النعي على غير أساس.