أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 516

جلسة 21 من فبراير سنة 1952
(88)
تلخيص القضية رقم 104 لسنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
( أ ) إجراءات تقاضي. طلب إعادة القضية للمرافعة بعد حجزها للحكم مع الإذن في تقديم مذكرات تقرير المحكمة لأسباب مسوغة أنه طلب غير جدي قصد به إطالة أمد الخصومة. رفض إجابة هذا الطلب. لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) حكم. تسبيبه. اعتماد المحكمة تقرير الخبير هو اعتماد لنتيجته وأسبابه بحيث تصبح هذه الأسباب جزاء مكملاً لأسباب الحكم.
(1) إذا كانت المحكمة إذ رفضت إجابة الطاعن إلى طلب إعادة القضية إلى المرافعة بعد أن حجزتها للحكم مع الإذن في تقديم مذكرات قد ترائي لها للأسباب السائغة التي أوردتها أنه طلب غير جدي لم يقصد به غير إطالة أما الخصومة فلا محل للطعن على حكمها بأنه أخل بحق الطاعن في الدفاع.
(2) إذا كان الحكم قد اعتمد تقرير خبير الدعوى فإن هذا التقرير يعتبر في نتيجته وأسبابه جزءاً مكملاً لأسباب الحكم فلا يعيبه إن هو لم يبين الأسباب التي استند إليها الخبير في تقريره.


الوقائع

في يوم 8 من إبريل سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 26 من ديسمبر سنة 1949 في الاستئناف رقم 23 سنة 22 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بالطلبات الواردة بعريضة الدعوى الابتدائية والمكررة بعريضة الاستئناف - واحتياطياً إحالة القضية على محكمة استئناف أسيوط للحكم فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 15 من إبريل سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن وفي 29 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 30 من مايو سنة 1950 حرر محضر بقلم الكتاب باستبعاد دفاع المطعون عليه لتقديمه بعد الميعاد. وفي 13 من ديسمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 7 من فبراير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتها. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 166 سنة 1944 ك أسيوط على الطاعن طلب فيها الحكم ببطلان عقد البيع الوفائي الصادر منه إلى الطاعن في سنة 1929 عن 6 ف و1 ط المبينة الحدود - والمعالم بعريضتها واستهلاك دين الرهن ومقداره 300 ج وإلزام الطاعن بمبلغ 121255 ج، واستند في ذلك إلى وصولين أحدهما مؤرخ في 22 من أكتوبر سنة 1934 وثانيهما في 23 من أكتوبر سنة 1942 - فقرر الطاعن الطعن فيهما بالتزوير، فقضت المحكمة تمهيدياً بندب خبير في الخطوط لأداء المأمورية الموضحة بذلك الحكم - وبعد أن قدم الخبير تقريره، قضت في دعوى التزوير برفضها - فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 23 سنة 22 ق أسيوط ناعياً على الحكم الابتدائي أنه أخذ بتقرير الخبير رغم ما وجه إليه من طعون، وطلب في مذكرة قدمها إلى محكمة الاستئناف ندب قسم الأبحاث للتزييف والتزوير بقسم الطب الشرعي لإعادة القيام بالمأمورية التي ندب من أجلها الخبير الأول وفي 24 من مارس سنة 1948 قضت المحكمة أولاً بندب خبير الخطوط بقسم الطب الشرعي لمضاهاة الإمضاءين الموقعين على الوصولين المطعون فيها بالتزوير على أوراق الاستكتاب التي حررها الطاعن أمام محكمة أول درجة وأمام الخبير الذي ندبته وعلى الإمضاءات الموقعة على أوراق رسمية أو معترف بها منه أو على أوراق استكتاب يرى الخبير ضرورة الحصول عليهما - وثانياً إحالة الدعوى على التحقيق لسماع الشهود الموقعين على الوصولين المطعون فيهما بالتزوير، وأذنت للطاعن في إعلان من يرى سماع أقواله - وبعد انتهاء التحقيق وتقديم قسم أبحاث التزييف والتزوير تقريره، قضت المحكمة في 26 من ديسمبر سنة 1949 في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف - فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب: حاصل أولها أن الطاعن بعد أن أودع الخبير تقريره وحجزت القضية للحكم قدم طلباً لإعادتها إلى المرافعة لتقديم مستندات ومناقشة تقرير الخبير، إلا أن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب دون أن تذكر سبباً مقبولاً لرفضها، وبذلك تكون قد أخلت بحقه في الدفاع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما أورده الحكم من أن تقرير قسم الأبحاث حرر في 10 من سبتمبر سنة 1949 وأودع ملف الدعوى ثم نظر الاستئناف بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1949 وفيها حضر محامي المستأنف (الطاعن) ولم يبد دفاعاً بل طلب حجز القضية للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات، فأجابته المحكمة إلى طلبه ولكن لم يقدم شيئاً. "وإنه يبدو للمحكمة أن ليس للمستأنف دفاع غير الذي سبق أن أبداه وقد جاء تقرير قسم الطب الشرعي الذي ندب بناء على طلبه مؤيداً لتقرير الخبير الأول، ولذا ترى أن طلب فتح باب المرافعة لم يقصد به سوى تسويف الفصل في الدعوى" - ويبين من هذا أن المحكمة إنما رفضت إجابة الطاعن إلى طلب إعادة القضية إلى المرافعة لما تراءى لها من أنه طلب غير جدي لم يقصد به غير إطالة أمد الخصومة للأسباب السابق بيانها وهذا من حقها، أما ما يقوله الطاعن من أنه طلب الإذن له في تقديم مستندات رداً على تقرير الخبير فإنه لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يثبته.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني هو أن الحكم إذا اعتمد على تقرير الخبير لم يبين الأسباب التي استند إليها في هذا الشأن ولم يفصل أوجه التقرير الذي أخذ به، على أن هذا التقرير كان ناقصاً مما لا يجوز الاعتماد عليه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم إذ أخذ بتقرير خبير مصلحة الطب الشرعي قال في هذا الخصوص "إن قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي قام بالمأمورية التي عهدت إليه طبقاً للحكم التمهيدي وقدم تقريراً مؤرخاً 10/ 9/ 1949 أثبت في خلاصته أن التوقيعين المنسوبين إلى المستأنف (الطاعن) محمد محمود أبو السعود الموقع بهما على الإيصالين المؤرخين 22 من أكتوبر سنة 1934 و23 أكتوبر سنة 1942 المطعون فيها بالتزوير هما توقيعان صحيحان صادران من يد صاحبهما، وارتكن في هذه النتيجة على الأسباب الفنية الواردة تفصيلاً في تقريره" - وإنه لما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم أنه اعتمد تقرير الخبير المشار إليه، فإن هذا التقرير يعتبر في نتيجته وأسبابه جزءاً مكملاً لأسباب الحكم، فلا يعيبه إن هو لم يبين الأسباب التي استند إليها الخبير في تقريره ولما كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من هذا التقرير ولم يبين أوجه النقص فيه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم في السبب الثالث أنه لم يتصد لبحث جميع قرائن التزوير - ذلك أنه دفع الدعوى بأن الوصولين المطعون فيهما بالتزوير حررا وقت واحد، وإن المطعون عليه درءاً للشبهة عنه تعمد كتابة أحدهما، بالمداد والآخر بقلم الكوبيا، يؤيد ذلك أن بظاهر السند الأخير عبارة "استلمت أنا" وهي بنفس المدد الذي حرر به السند الأول.
ومن حيث إن الشق الأول من هذا السبب مردود بما أورده الحكم من أنه "لا يوجد ما يدل على أن السندين حررا في وقت واحد لاختلاف المداد في كل منهما اختلافاً بيناً" - أما ما يقوله الطاعن في الشق الثاني من أنه تمسك في دفاعه بأن السند المكتوب بالقلم الكوبيا فيه عبارة "استلمت أنا" كتبت بمداد يضاهي مداد السند الآخر، فإنه لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يثبت أنه تمسك بذلك لدى المحكمة الموضوع، ومن ثم فلا يصح إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس من ثم يتعين رفضه.