أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 527

جلسة 28 من فبراير سنة 1952
(91)
القضية رقم 188 سنة 19 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
( أ ) ضرائب. إجراء تقاضي. استئناف مرفوع من مأمور ضرائب ومن المدير المحلي. الدفع بعدم قبول هذا الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. لا أساس له. لمأمور الضرائب والمدير المحلي صفة التقاضي المخولة للمدير العام لمصلحة الضرائب. المادتان 99، 102 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
(ب) ضرائب. ممثل تجاري. عدم اعتبار المحكمة إياه أجيراً لأسباب سائغة. خضوع عمولته لضريبة الأرباح التجارية. المادة 32/ 5 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
(ج) ضرائب. تقدير أرباح الممول. الاعتماد على أوراق الممول وحساباته في التقدير يستلزم مطابقة بياناتها للحقيقة. لمصلحة الضرائب في حالة عدم اطمئنانها لصحة أوراق الممول وحساباته أن تحدد إيراداته بطريق التقدير. رفع الأمر عند الخلاف إلى لجنة التقدير. للمحاكم عند الطعن أمامها في قرار لجنة التقدير اطراح أوراق الممول وحساباته إذا لم تطمئن إلى صحة بياناتها - المواد 47 و52 و53 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
(د) ضرائب. إثبات. عبء الإثبات عند الطعن في قرار لجنة التقدير يقع على عاتق الخصم الذي تخالف طلباته قرار اللجنة. سريان هذه القاعدة على الطعن في مرحلتيه الابتدائية والاستئنافية. المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
(1) أن المادة 99 من القانون رقم 14 لسنة 1939 التي كانت سارية وقت رفع استئناف المطعون عليها نصت على أن الاستئناف يرفع من الممول أو من مصلحة الضرائب. ثم أبانت المادة 102 من القانون المذكور قصد الشارع من عبارة مصلحة الضرائب في المادة السابقة. فنصت على أن المقصود بها وزارة المالية والمصالح أو الموظفون الذين يعهد إليهم بمقتضى القوانين والمراسيم واللوائح تنفيذ هذا القانون. ولما كان مأمور الضرائب والمدير المحلي هما من هؤلاء الموظفين المنوط بهم تنفيذه كما يبين من نصوص اللائحة التنفيذية الصادرة في 7 من فبراير سنة 1939 فإنه يكون لهما حق تمثيل مصلحة الضرائب في التقاضي لا فرق في ذلك بينهما وبين المدير العام للمصلحة المذكورة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف المرفوع منهما لم يخالف القانون.
(2) إذا كانت المحكمة الأدلة السائغة التي أوردتها قد استخلصت من الوقائع المطروحة عليها في حدود سلطتها الموضوعية أن صلة الممول الشركة التي يتعامل معها ليست صلة مستخدم أو أجير بل كان وكيلاً بالعمولة في تصريف منتجاتها ورتبت على هذا النظر أن ما كان يتقاضاه منها يعتبر ربحاً تجارياً تسري عليه ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وفقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.
(3) أنه وإن كان الأصل في تقدير أرباح الممول أن يكون على أساس أوراقة وحساباته وفقاً للفقرة الأولى من المادة 47 من القانون رقم 14 لسنة 1939 إلا أنه يشترط لتطبيق هذه الفقرة أن يكون الثابت بأوراق الممول وحساباته مطابقاً لحقيقة الواقع وإلا فقد أجازت الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة لمصلحة الضرائب أن تحدد إيرادات الممول بطريقة التقدير وعند الخلاف يرفع الأمر إلى لجنة التقدير لتفصل في المسائل المختلف عليها وذلك على ضوء الإقرارات والبيانات التي يقدمها الممول وملاحظات مصلحة الضرائب وفقاً لنص المادتين 52 و53 من القانون المشار إليه فإذا طعن الممول أو مصلحة الضرائب في تقدير اللجنة أمام المحاكم كان لها السلطة في اعتماد أوراق الممول ودفاتره أو اطراحها إذا لم تطمئن إليها. وإذن فمتى كانت المحكمة إذ لم تعول على بيانات دفاتر الطاعن في إثبات أرباحه لعدم اطمئنانها إلى صحة البيانات الواردة بها ولعدم تقديمه المستندات المؤيدة لها وإذ هي لم تعتمد تقدير الخبير المعين من محكمة أول درجة لأرباح الطاعن قد استندت إلى أسباب مسوغة لقضائها وكانت غير ملزمة بندب خبير آخر في الدعوى متى كانت قد اقتنعت بصحة قرار لجنة التقدير في هذا الخصوص فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.
(4) إن المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 التي كانت سارية وقت صدور الحكم المطعون فيه إذ خولت لمصلحة الضرائب وللممول الطعن في قرار لجنة التقدير أمام المحكمة الابتدائية نصت على أن عبء الإثبات يقع على الطرف الذي تخالف طلباته قرار اللجنة وهذه القاعدة تسري على الطعن في مرحلتيه الابتدائية والاستئنافية لأن رفع الاستئناف ينقل إلى محكمة ثاني درجة الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فهو لا يغير من القواعد القانونية المتعلقة بالأحكام الموضوعية للإثبات. وإذن فمتى كان الطاعن هو الذي نازع في تقدير اللجنة لأرباحه فإن الحكم المطعون فيه إذ ألقي عليه عبء إثبات ما يخالف هذا القرار يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع

في يوم 14 من نوفمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 28 من إبريل سنة 1949 في الاستئناف رقم 106 سنة 3 ق تجاري وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بقبول الوجه الأول من وجوه الطعن ونقض الحكم المطعون فيه على أساس أن الاستئناف المرفوع من مأمور ضرائب المنشية والمدير المحلي لضرائب الإسكندرية غير مقبول شكلاً لصدوره ممن ليست له صفة التقاضي باسم مصلحة الضرائب. واحتياطياً - أولاً - فيما يتعلق بعمولة التمثيل التجاري التي حصل عليها الطاعن بنقض الحكم المطعون فيه واعتبار العمولة المذكورة خاضعة قانوناً لضريبة كسب العمل لا لضريبة الأرباح التجارية والصناعية وثانياً - فيما يتعلق بربح الماس نقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم الابتدائي فيما قضي به من الأخذ بالدفاتر وربط الضريبة على أساسها. وثالثاً - من باب الاحتياط الكلي نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 16 من نوفمبر سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بالتقرير الطعن. وفي 3 من ديسمبر سنة 1949 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها الطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 24 منه أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن إلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعال المحاماة. وفي 7 من يناير سنة 1950 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 16 من سبتمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 14 من فبراير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاموا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم، والمحكم أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن يشتغل بتجارة الأقطان وورق السلوفان والحرير والماس، كما أنه يعمل وسيطاً بالعمولة لتصريف منتجات بعض الشركات الإنجليزية كلستر وكارتلد، وفي 25 من أكتوبر سنة 1945 أصدرت لجنة تقدير الضرائب قراراً قدرت فيه خسارة الطاعن في سنة 1938 - 1939 بمبلغ 448 جنيهاً و648 مليماً، وحددت أرباحه في سنة 1939 - 1940 بمبلغ 1290 جنيهاً و622 مليماً وفي سنة 1940 - 1941 بمبلغ 1503 جنيهاً و554 مليماً ومن سنة 1940 إلى أغسطس سنة 1942 بمبلغ 44004 جنيهات و298 مليماً واحتسبت عمولته ضمن الإيرادات الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية، وقدرت رأس المال الحقيقي المستثمر في كل السنين من الذكورة بمبلغ 3000 جنيه وفي 25 من مايو سنة 1946 أصدرت اللجنة قراراً آخر بتحديد أرباح الطاعن في سنة 1941 - 1942 بمبلغ 44933 جنيهاًًًًًًًً و904 مليماً وفي سنة 1942 - 1943 بمبلغ 10642 جنيهاً و120 مليماً وفي سنة 1943 - 1944 بمبلغ 17479 جنيهاً و512 مليماً وفي سنة 1944 - 1945 بمبلغ 57324 جنيهاً و44 مليماً رأس ماله المستثمر في كل من هذه السنوات حتى 31 أغسطس سنة 1943 بمبلغ 71530 جنيهاً وإلى 31 أغسطس سنة 1944 بمبلغ 167329 جنيهاً وإلى 31 أغسطس سنة 1945 بمبلغ 200.000 جنيه فرفع الطاعن الدعوى رقم 31 سنة 1946 ك الإسكندرية وقال في عريضتها أن تقدير اللجنة الصادر في 25 من أكتوبر سنة 1945 ليس صحيحاً إذ حقيقة أرباحه وخسائره هي المبينة في الإقرارات المقدمة منه إلى مصلحة الضرائب، ونازع في تقدير رأس المال المستثمر، وطلب الحكم أولاً بتقدير أرباحه وخسائره وفقاً لإقراراته المبينة بصحيفة الدعوى وثانياً زيادة رأس المال المستثمر بمقدار ما طرأ عليه من زيادات على الوجه المبين بدفاتره، ثم أقام دعوى أخرى قيدت برقم 369 سنة 1946 ك الإسكندرية وطلب فيها الحكم. أولاً - ببطلان قرار اللجنة الصادر في 25 من مايو سنة 1946 فيما يتعلق بتقدير أرباحه في سنة 1941 - 1942 لسبق تحديد هذه الأرباح بقرار اللجنة الصادر في 25 من أكتوبر سنة 1945 وثانياً - تحديد أرباحه في سنة 1942 - 1943 بمبلغ 7283 جنيهاً و791 مليماً وفي سنة 1943 - 1944 بمبلغ 16664 جنيهاً 629 مليماً وأما في سنة 1944 - 1945 فإنه لم يحقق ربحاًً بل كانت نتيجتها خسارة وطلب تحديدها وفقاً لإقراره مع تعديله على أساس قيد بضاعة قطن آخر المدة بسعر السوق لا بسعر التكلفة. وأقامت المطعون عليها الدعوى رقم 387 سنة 1946 على الطاعن طلبت فيها تعديل قرار لجنة الضرائب الصادر في 25 من مايو سنة 1946 وعدم احتساب مبلغ 55000 جنيه ضمن رأس المال الحقيقي المستثمر. وفي 26 من يناير سنة 1946 قضت محكمة أول درجة بضم القضيتين رقمي 369 سنة 1946، 378 سنة 1946 إلى القضية رقم 31 سنة 1946 ك أسيوط لارتباط بعضها ببعض وثانياً - قبول الطعن شكلاً وتمهيدياً وقبل الفصل في موضوعها بندب مكتب الخبراء لأداء ما هو موضح بأسباب هذا الحكم، على أساس أن أرباح الطاعن من نشاطه كممثل للبيوت التجارية تحتسب لها ضريبة كسب العمل. أما العمليات التي يقوم بها باسمه لحسابه كتاجر فإنها تخضع لضريبة الأرباح التجارية، وكلفت الخبير أولاً الاطلاع على دفاتر الطاعن وبيان ما إذا كانت قانونية ومنظمة وممسوكة وفقاً للأصول الفنية وثانياً - فحص نشاطه من جميع وجوهه لبينان رأس المال المستثمر في هذه التجارة عن كل سنة وثالثا - بيان مجمل دخل الطاعن من أعماله التجارية ثم خصم المصروفات الضرورية وبيان أرباحه الحقيقية ورابعاً - بيان كسبه في كل سنة من عمله كممثل للبيوت التجارية. وفي 14 من يونيه سنة 1947 قضت أولاً بتعديل قرارات لجنة الضرائب، وباعتبار أن منشأة الطاعن لم تحقق ربحاً من أول سبتمبر سنة 1938 - 1940 وثانياً - باعتبار صافي أرباحه مبلغ 325 جنيهاً عن المدة من 1 / 9/ 1940 إلى 31/ 8/ 1941. ومبلغ 40855 جنيهاً عن المدة من أول سبتمبر سنة 1941 إلى 31 أغسطس سنة 1942 ومبلغ 8010 جنيهات عن المدة من أول سبتمبر سنة 1942 إلى أغسطس سنة 1943 ومبلغ 16665 جنيهاً عن المدة من أول سبتمبر سنة 1943 إلى 31 أغسطس سنة 1944 وباعتبار خسارته مبلغ 12935 عن المدة من أول سبتمبر سنة 1944 إلى 31 أغسطس سنة 1945 وثالثاً - اعتبار رأس المال المستثمر سنوياً مبلغ 2000 جنيه في المدة من سنة 1938 إلى سنة 1941 و2700 جنيهاً عن سنة 1941 - 1942 و71530 جنيهاً في سنة 1942 - 1943 و167329 جنيهاً في 1943 - 1944، 200000 جنيه في سنة 1944 - 1945، باعتبار صافي ربح الطاعن من عمولة التمثيل التجاري 150 جنيهاً في سنة 1939 - 1940 و1055 جنيهاً في سنة 1940 - 1941 و3150 جنيهاً في سنة 1941 - 1942 و715 جنيهاً في سنة 1942 - 1943 و515 جنيهاً في سنة 1943 - 1944 - فاستأنفت المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 106 سنة 3 ق الإسكندرية وقالت في صحيفتها أن محكمة أول درجة أخطأت في حكميها التمهيدي والقطعي في اعتبار ربح الطاعن من عمله كممثل تجاري يخضع لضريبة كسب العمل ذلك لأن له أصلاً صفة التاجر أما عمله كممثل تجاري فيعتبر عملاً فرعياً، وطلبت إلغاء الحكم المستأنف ورفض الطعنين المقدمين من الطاعن وعدم احتساب مبلغ 55000 جنيه ضمن رأس المال المستثمر في سنة 1944 - 1945 وعدم احتساب مبلغ 48374 جنيهاً و610 مليماً قيمة المال ضمن رأس المال المستثمر في جميع السنوات عدا سنة 1944 - 1945 وعدم احتساب مبلغ 55257 جنيهاً و434 مليماً قيمة رصيد الصندوق ضمن رأس المال المستثمر في سنة 1943 - 1944. وفي جلسة 31 من ديسمبر سنة 1947 دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة، وبعدم قبوله أيضاً فيما لم يكن محل طعن أمام محكمة أول درجة لأن المطعون عليها لم توجه أي طعن إلى قرار اللجنة إلا فيما يختص بمبلغ 55000 جنيه الذي كان موضوع دعواها. وفي 28 من إبريل سنة 1949 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أولاً بتعديل الحكم بالنسبة للعمولة التي حصل عليها الطاعن من شركة لستر وغيرها واعتبارها خاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية. وثانياً - اعتبار ربح الطاعن من بيع الماس في حساب السنة التي تنتهي في آخر أغسطس سنة 1945 مبلغ 79130 جنيهاً و859 مليماً وثالثاً - رفض الاستئناف بالنسبة لباقي الطلبات وتأييد الحكم المستأنف. مؤسسة حكمها على أن الطعون عليها ضمنت عريضة استئنافها تظلمها من الحكم الابتدائي في جميع أوجه النزاع، وعلى أن عمولة الطاعن التي حصلها من جميع الشركات تمثل ربحاً تجارياً تسري عليه ضريبة الأرباح التجارية، وعلى أن حقيقة ربح الطاعن من صفقة الماس هو مبلغ 59130 جنيهاً و859 مليماً كما قدرته المأمورية ولجنة التقدير. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه في أربعة أسباب حاصل أولها أن الحكم إذ قضى بقبول الاستئناف شكلاً أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الاستئناف لم يرفع من وزير المالية أو المدير العام لمصلحة الضرائب، وإنما رفع من المدير المحلي لضرائب الإسكندرية ومأمور ضرائب المنشية، وهما موظفان لم يخولهما القانون رقم 14 سنة 14 سنة 1939 ولا لائحته التنفيذية حق التقاضي باسم المصلحة، وبالرغم من أن الطاعن أبدى دفعه بعدم قبول الاستئناف شكلاً من غير ذي صفة، هو دفع من النظام العام، وكان لزاماً على المحكمة أن تقضي به ولو من تلقاء نفسها، فإنها قضت بقبول الاستئناف شكلاً دون أن ترد على هذا الدفع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود، بأن المادة 99 من القانون رقم 14 سنة 1939، التي كانت سارية وقت رفع الاستئناف، نصت على أن الاستئناف يرفع من الممول أو من مصلحة الضرائب، ثم أبانت المادة 102 من القانون المذكور قصد الشارع من عبارة مصلحة الضرائب في المادة السابقة، فنصت على أن المقصود بها وزارة المالية والمصالح أو الموظفون الذين يعهد إليهم بمقتضى القوانين والمراسيم واللوائح تنفيذ هذا القانون، ولما كان مأمور الضرائب والمدير المحلي هما من هؤلاء الموظفين المنوط بهم تنفيذه كما يبين من نصوص اللائحة التنفيذية الصادرة في 7 من فبراير سنة 1939 فإنه يكون لهما حق تمثيل مصلحة الضرائب في التقاضي لا فرق في ذلك بينهما وبين المدير العام للمصلحة المذكورة. أما النعي على الحكم بأنه قضي بقبول الاستئناف شكلاً دون أن يضمن أسبابه الأساس القانوني الذي استند إليه، فإنه وإن كان قضاء المحكمة بقبول الاستئناف هو حكم ضمني برفض الدفع، وكان يجب عليها أن تسبب حكمها في هذا الخصوص، إلا أن قصور الحكم في ذلك لا يستوجب نقضه متى كان الثابت من النصوص السالف ذكرها أن للمستأنفين صفة في رفعه، وكانت النتيجة التي انتهى إليها الحكم تتفق والتطبيق الصحيح للقانون. مما يجعل النعي عليه بالقصور غير منتج.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ أخضع ما كان يحصل عليه الطاعن من أجر في شكل عمولة بوصفه ممثلاً تجارياً لشركة لستر بانجلترا لضريبة الأرباح التجارية والصناعية في حين أن العمولة المذكورة تخضع لضريبة كسب العمل، ذلك أن مؤدى الاتفاق المحرر بينه وبين الشركة المذكورة هو أنه يبيع لحسابها وتحت رقابتها وبناء على أمرها واعتمادها بالأثمان التي تحددها له، وللطاعن مقابل ذلك عمولة مقدارها 3% من ثمن البضاعة ولما كانت العبرة في تحديد نوع الضريبة هي بطبيعة العمل، فإن الأجر الذي حصل عليه الطاعن من الشركة المذكورة وإن كان في شكل عمولة إلا أنه يخضع للضريبة على المرتبات والأجور.
ومن حيث إن هذا السبب مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار عمولة الطاعن من الشركات الإنجليزية خاضعة لضريبة الأرباح التجارية استند إلى أن الطاعن وهو من كبار التجار يشتغل في تجارة الأقطان وورق السلوفان والحرير والماس والوكالة عن بعض البيوت التجارية كشركة لستر وكارتلد، وله في القاهرة والإسكندرية مكاتبه وموظفوه وعماله، وقد زاد رأس ماله في سنوات النزاع من ألفي جنيه إلى مائتي ألف من الجنيهات، وأربت أرباحه على الأربعين ألف جنيه، فهو ليس بالشخص الذي يعمل على هامش البيوت التجارية، ويفرغ معظم جهده ووقته ليكون مندوباً عنها بصفة مستخدم أو أجير يتقاضى أجره في شكل عمولة، وإلى أن الطاعن لا يعدو أن يكون وكيلاً بالعمولة يخضع ما يتقاضاه بهذه الضفة لضريبة الأرباح وفقاً للفقرة الخامسة من المادة 32 من القانون رقم 14 سنة 1939، وإلى أنه فضلاً عن ذلك فإن ضريبة الأرباح التجارية والصناعية في مصر هي الضريبة العامة تسري على المهن والمنشآت التي لا تسري عليها ضريبة أخرى خاصة بها. ويبين من هذا أن المحكمة إذ استخلصت من الوقائع المطروحة عليها - في حدود سلطتها الموضوعية - أن صلة الطاعن بشركة لستر الإنجليزية ليست صلة مستخدم أو أجير، بل كان وكيلاً بالعمولة في تصريف منتجات هذه الشركة، ورتبت على هذا النظر أن ما كان يتقاضاه منها يعتبر ربحاً تجارياً تسري عليه ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وفقاً لنص المادة 32/ 5 من القانون سالف الذكر، فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث هو أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ لم تعتمد دفاتر الطاعن فيما يتعلق بصفة الماس، وهي دفاتر قانونية وممسوكة حسب العرف والنظام الضرائبي، مع أن المادة 47/ 1 من القانون رقم 14 سنة 1939 تقضي بربط الضريبة على أرباح الحقيقية الثابتة بمقتضى أوراق الممول وحساباته، فكان لزاماً على المحكمة قبل إهدار البيانات الثابتة في هذه الدفاتر أن تطلع عليها أو تندب خبيراً آخر لذلك إذا كانت لم تطمئن إلى تقرير الخبير الأول، فإذا رأت بعدئذ عدم الأخذ بها، فعليها أن تذكر الأسباب المبررة لعدم اعتمادها. ولما كان الحكم لم يعيب دفاتر الطاعن فإنه كان من المتعين اتخاذها أساساً لتحديد أرباحه الحقيقية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ هو لم يعتمد على دفاتر الطاعن فيما يتعلق بأرباحه من مبيعات الماس، وأطرح تقدير الخبير الذي اعتمد على ما أثبته الطاعن في دفاتره، وأخذ بتقدير لجنة الضرائب، قد استند في ذلك إلى أن الثابت في دفاتر الطاعن عن أرباحه في صفقة الماس لا يطابق حقيقة الواقع بالرغم من انتظام هذه الدفاتر في غير هذه العملية، وإلى أن الطاعن لم يحتفظ بفواتير يمكن الاعتماد عليها لصفقات شراء الماس، وبيان أنواعه ولا بفواتير بيعه، في حين أن صفقات أعماله الأخرى وهي بمبالغ أقل لم يشبها الإهمال والغموض في تحرير مستنداتها وحفاظها وقيدها بالدفاتر. إلى أن الطاعن لم يصدق في التعريف عن التجار البائعين له، إذ تبين من تحقيق مأمورية الضرائب أن تجار الماس يعقوب مرجان ونجيب وثابت يعقوب أنكروا بيع هذا الماس للطاعن وقالوا إنه إنما عرض عليهم لتقدير ثمنه ثم استكتبهم فواتير بيع صورية مقابل أجر معلوم، وإلى أن شراء الماس حصل أبان الخطر الذي أحدق بمصر في سنة 1942 وكان البيع في سنة 1945 بعد استقرار الأحوال وزوال الأخطار وارتفاع الأسعار.
ومن حيث إن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه في هذا الخصوص لا مخالفة فيه للقانون لأنه وإن كان الأصل في تقدير أرباح الممول أن يكون على أساس أوراقة وحساباته وفقاً للمادة 47/ 1 من القانون رقم 14 سنة 1939 إلا أنه يشترط لتطبيق هذه المادة أن يكون الثابت بهذه الأوراق مطابقاً لحقيقة الواقع وإلا فقد أجازت الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة لمصلحة الضرائب أن تحدد إيرادات الممول بطريقة التقدير، وعند الخلاف يرفع الأمر إلى لجنة التقدير لتفصل في المسائل المختلف عليها وذلك على ضوء الإقرارات والبيانات التي يقدمها الممول وملاحظات مصلحة الضرائب وفقاً لنص المادتين 52، 53 من القانون المشار إليه، فإذا طعن الممول أو مصلحة الضرائب في تقدير اللجنة أمام المحاكم، كان لها كل السلطة في اعتماد أوراق الممول ودفاتره أو إطراحها إذا لم تطمئن إليها. ولما كانت المحكمة إذ لم تعول على بيانات دفاتر الطاعن في إثبات أرباحه عن صفقة الماس لعدم اطمئنانها إلى صحة البيانات الواردة بها ولعدم تقديمه المستندات المؤيدة لها وإذ هي لم تعتمد تقدير الخبير المعين من المحكمة أول درجة لأرباحه عن هذه الصفقة قد استندت إلى أسباب مسوغة لقضائها وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير آخر في الدعوى متى كانت قد اقتنعت بصحة قرار لجنة التقدير في هذا الخصوص. لما كان ذلك يكون الحكم قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم في السبب الرابع يتحصل في ثمانية أوجه، الأول منها أن الحكم قد شابه قصور في التسبيب، ذلك من مدار النزاع كان على تحديد مدى ارتفاع سعر الماس من وقت الشراء إلى وقت البيع لمعرفة مقدار ربح الطاعن من هذه الصفقة فكان لزاماً على المحكمة أن تحقق هذه الواقعة، ولكنها لم تفعل، ولم تضمن أسباب حكمها ما يبرر قضائها بارتفاع نسبة الربح إلى الحد الذي أخذت به. والوجه الثاني هو إخلال المحكمة بحقه في الدفاع ذلك أنه وقد استبان الطاعن أن هناك شكاً في حقيقة أرباحه من صفقة الماس، قدم كشوفاً وافية عن هذه العملية وفواتير عن صفقتين باعهما إلى محل معروف بالإسكندرية خسر في إحداها 2% وربح في الأخرى 20% وقد أغفل الحكم الاعتبار بدلالة هذه المستندات. والوجه الثالث هو أن المحكمة إذ لم تعتمد على تقرير الخبير الذي عين في الدعوى استناداً إلى أنه خبير حسابي لا خبرة له بتجارة الماس، فإنه كان لزاماً عليها ندب خبيراً آخر يعتد بخبرته في هذه التجارة وهي إذ لم تفعل أخلت بحق الطاعن في الدفاع والوجه الخامس هو أن الحكم إذ استند إلى خبرة مأمور الضرائب ولجنة التقدير، فقد بني على مخالفة للقانون، ذلك لأن هذه الخبرة ولو كان يصح اتخاذها دليلاً على الطاعن لما كان هناك جدوى من إجازة الطعن أمام القضاء في قرارات لجان التقدير.
ومن حيث إن النعي على الحكم في هذه الأوجه لا يعدو أن يكون ترديداً لما جاء بالسبب الثالث وجدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي استندت إليها المحكمة في تقدير أرباح الطاعن من تجارة الماس.
ومن حيث إن الوجه الرابع هو أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بأن عبء إقامة الدليل على ما يخالف قرار اللجنة يقع على عاتق الطاعن استناداً إلى الفقرة الأخيرة من المادة 54 من القانون رقم 14 سنة 1939. مع أن الاستناد إلى هذا النعي محله أن يكون الطعن في قرار اللجنة أمام محكمة أول درجة، أما إذا قضت هذه المحكمة بإلغاء قرار اللجنة فإن هذا القرار يفقد حجيته، ويحل محله حكم قضائي له حجيته، وعلى من يستأنف أن يقيم الدليل على خطئه.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 54 من القانون رقم 14 سنة 1939 التي كانت سارية وقت صدور الحكم المطعون فيه إذ خولت لمصلحة الضرائب وللممول الطعن في قرار لجنة التقدير أمام المحكمة الابتدائية نصت على أن عبء الإثبات يقع على الطرف الذي تخالف طلباته قرار اللجنة وهذه القاعدة تسري على الطعن في مرحلتيه الابتدائية والاستئنافية لأن رفع الاستئناف ينقل إلى محكمة ثاني درجة الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فهو لا يغير من القواعد القانونية المتعلقة بالأحكام الموضوعية للإثبات. ولما كان الطاعن هو الذي نازع في تقدير اللجنة لأرباحه في صفقة الماس، فإن الحكم إذ ألقى عليه عبء إثبات ما يخالف هذا القرار يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحاً.
ومن حيث إن الوجه السادس هو أن الحكم تناقض في أسبابه ذلك أنه لم يعول على أقوال تجار الماس التي وردت بتقرير الخبير ومؤداها أن نسبة الربح في الماس الفرط في سنوات الحرب لم تزد على 8% قولاً منه أن لهؤلاء التجار مصلحة في تقليل أرباحهم، في حين أنه أخذ بأقوال مأمور الضرائب الذي قرر أنه سأل بعض تجار الماس فعلم منهم أن نسبة الربح تتراوح بين 40%، و60% والوجه السابع هو أن الحكم إذ رفض ما طلبته مصلحة الضرائب من استبعاد مبلغ 55000 جنيه من رأس المستثمر وهو ما كان قد دفعه الطاعن إلى جورج لكح تأميناً لشراء الماس منه، أورد في أسبابه ما يوجد الشك في علاقة الطاعن به، واتخذ من ذلك مبرراً للقول بصحة ما زعمته المأمورية من أنه ربح في صفقة الماس نحو 60000 جنيه مع انعدام الصلة بين الأمرين. والوجه الثامن هو أن الحكم إذ اعتبر في تحديد مدى ارتفاع سعر الماس بنسبة ارتفاع أسعار الذهب فيما بين سنة 1942 وسنة 1945، مع أن السلعتين مختلفتان وتحكمهما عوامل اقتصادية وسياسية متباينة، إذ جعل أساس المقارنة نسبة ارتفاع سعر الذهب في سنة 1945 عن سعره في سنة 1941 مع أن الطاعن لم يشتر كل الماس في سنة 1941 وقد باعه في سنة 1944 إذ فعل ذلك يكون قد استند إلى أسباب لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
ومن حيث إن هذه الأوجه مردودة جميعاً بأن المحكمة إذ لم تعول على أقوال تجار الماس التي وردت في تقرير الخبير المعين من محكمة أول درجة وإذ اتخذت من اطراد ارتفاع سعر الذهب في الفترة من سنة 1941 إلى 1945 قرينة على ارتفاع أسعار السلع عموماً ومنها الماس إذ اعتمدت قرار لجنة التقدير المؤسس على تحريات مأمور الضرائب من بعض تجار الماس تكون قد استندت إلى أسباب مسوغة لقضائها.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أن الطعن بجميع أسبابه على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.