أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 33 - صـ 601

جلسة 27 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ سليم عبد الله سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: رابح لطفي جمعة، عبد المنعم رشدي، مصطفى زعزوع والحسيني الكناني.

(109)
الطعن رقم 348 لسنة 51 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". تجزئة. "أحوال عدم التجزئة". نقض "الخصوم في الطعن".
إقامة الطعن من بعض المحكوم عليهم في موضوع غير قابل للتجزئة. وجوب اختصام باقي المحكوم عليهم. تخلف ذلك. أثره. عدم قبول الطعن. م 218 مرافعات.
(2) حكم "تسبيب الحكم". إثبات "العدول عن إجراءات الإثبات".
إجراءات الإثبات التي تأمر بها المحكمة من تلقاء نفسها. جواز العدول عنها دون تسبيب. علة ذلك.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". "الإخلاء للتأجير من الباطن".
الغرف التجارية لا تزاول مهنة أو حرفة. ق 189 لسنة 1951. تأجيرها جزء من العين المؤجرة لها لمن يزاول مهنة أو حرفة. عدم انطباق المادة 40 ق 49 لسنة 1977.
1 - إذ كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وتعدد المحكوم عليهم وفوت أحدهم ميعاد الطعن أو قبل الحكم، وأقام الآخرون طعناً صحيحاً في الميعاد، فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 218/ 2 مرافعات اختصام من فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، ولما كان موضوع النزاع الماثل غير قابل للتجزئة إذ لا يحتمل الفصل فيه غير حل واحد، وكان الطاعنون قد اختصموا المطعون ضده الثاني - أحد المحكوم عليهم - فإنهم يكونون قد التزموا صحيح القانون، ذلك أن عدم اختصامه على النحو الوارد بالمادة 218 من قانون المرافعات يؤدي إلى عدم قبول الطعن.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه إذا كانت محكمة الموضوع هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها، فإنها تملك العدول عنه دون ذكر أسباب ذلك، إذ لا يتصور أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم مما لا يلزم ذكر أي تبرير له.
3 - لئن أجازت المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 للمستأجر أن يؤجر جزءاً من المكان المؤجر له إلى من يمارس مهنة أو حرفة - إلا أن شرط إعمالها أن يكون المستأجر الأصلي مزاولاً لمهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة العامة، وإذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة الأولى - مستأجرة عين النزاع - هي الغرفة التجارية اليونانية بالإسكندرية - لا تزاول مهنة أو حرفة بالمعنى المقصود من ذلك، إذ الغرف التجارية - وعلى ما نصت عليه المادة الأولى من قانون إنشائها 189 لسنة 1951 - لا تعدوا أن تكون هيئات تمثل في دوائر اختصاصها المصالح التجارية والصناعية والإقليمية لدى السلطات العامة، فإنها لا تفيد من حكم المادة 40 أنفة البيان لعدم توافر شروط إعمالها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 2189 سنة 1973 مدني كلي الإسكندرية على الطاعنين والمطعون ضده الثاني يطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 8/ 11/ 1940 والمحرر بينها وبين الطاعنة الأولى عن الشقة المبينة بالصحيفة والإخلاء والتسليم، تأسيساً على قيامها بتأجير أجزاء منها من الباطن لباقي الطاعنين والمطعون ضده الثاني بالمخالفة لشروط العقد وأحكام القانون، دفعت الطاعنة الأولى الدعوى بأن الشركة المؤجرة قد أذنت لها بالتأجير من الباطن بموجب تصريح مؤرخ 18/ 5/ 1941، أنكرت الشركة هذا التصريح، وبتاريخ 17/ 4/ 1975 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الشركة المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف 345 سنة 31 قضائية الإسكندرية، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي علاقة من تسلمت صحيفة الاستئناف عن الطاعنة الأولى، ثم ندبت قسم أبحاث التزييف والتزوير لتحقيق الإدعاء بتزوير التصريح بالتأجير من الباطن، وبعد أن قدم تقريره قضت في 9/ 6/ 1979 برد وبطلان هذا التصريح. وبتاريخ 6/ 3/ 1980 أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي واقعة التنازل عن حظر التأجير من الباطن ولم ينفذ هذا الحكم وأعيدت الدعوى إلى المرافعة. وبتاريخ 7/ 12/ 1980 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة والتسليم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني ونقض الحكم. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن الطعن غير مقبول بالنسبة للمطعون ضده الثاني لأنه محكوم عليه شأنه شأن الطاعنين، وأن الطعن لا يوجه إلا إلى خصومهم المحكوم لهم دون من لم يطعن من المحكوم عليهم.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وتعدد المحكوم عليهم وفوت أحدهم ميعاد الطعن أو قبل الحكم، وأقام الآخرون طعناً صحيحاً في الميعاد فإنه يتعين -إعمالاً لنص المادة 218/ 2 من قانون المرافعات - اختصام من فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، - ولما كان موضوع النزاع الماثل غير قابل للتجزئة إذ لا يحتمل الفصل فيه غير حل واحد، وكان الطاعنون قد اختصموا المطعون ضده الثاني - أحد المحكوم عليهم - فإنهم يكونون قد التزموا صحيح القانون، ذلك أن عدم اختصامه على النحو الوارد بالمادة 218 من قانون المرافعات يؤدي إلى عدم قبول الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أن الطاعنة الأولى دفعت باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على عدم صحة إعلانها بصحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم كتاب المحكمة، وذلك لانتفاء علاقتها ممن تسلمت الصحيفة، وبالرغم من أن المحكمة أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي هذه العلاقة إلا أنها لم تنفذ هذا الحكم، ومع ذلك رفضت الدفع بمقولة إن الطاعنة عجزت عن إثباته.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على دعامة حاصلها أن الثابت من إعلان أصل صحيفة الاستئناف أنها قدمت لقلم الكتاب في 25/ 5/ 1975 وأعلنت إلى الغرفة التجارية (الطاعنة الأولى) بموطنها بشقة النزاع في 3/ 6/ 1975 وأن المحضر أثبت أنه لم يجد الممثل القانوني للغرفة المذكورة لغيابه فسلم صورة الإعلان إلى من قررت أنها تابعة له، إذ أن المحضر ليس مكلفاً بالتحقيق من صفة من يتقدم إليه لتسلم الإعلان، ولما كانت هذه الدعامة تتفق وصحيح القانون وتكفي لحمل الحكم في هذا الخصوص فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه تزيداً من أن الطاعنة الأولى قد عجزت عن نفي علاقاتها بمن تسلمت الإعلان عنها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الخبير المنتدب في الدعوى أجرى المضاهاة على أوراق عرفية لم تقرها الطاعنة الأولى، وأن الأوراق قد خلت مما يقطع بأن التوقيع وبصمة الختم على التصريح بالتأجير من الباطن ليست صحيحة، كما أن الحكم الصادر برد وبطلان هذا التصريح قد خلا مما يفيد إطلاع المحكمة عليه، فشابه البطلان.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول لانطوائه على دفاع يخالطه واقع لم يثبت سبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، والنعي في شقه الثاني غير صحيح ذلك أن المحكمة استندت في قضائها برد وبطلان التصريح المذكور إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهو لا يعدو أن يكون دليلاً على أدلة الدعوى للمحكمة أن تأخذ به محمولاً على أسبابه متى أطمأنت إليه، والنعي في شقه الثالث مردود ذلك بأن البين من مدونات الحكم - الصادر برد وبطلان التصريح بالتأجير من الباطن أن المحكمة أصدرته بعد اطلاعها على أوراق الدعوى، وإذ كانت المحكمة غير ملزمة بإيراد بيان مفصل لهذه الأوراق فإن مؤدى ثبوت اطلاعها عليها أنها اطلعت على هذا التصريح.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع. ذلك أن الطاعنة الأولى لم تعلن بحكم الإثبات الصادر بتحقيق واقعة التنازل عن حظر التأجير من الباطن، وقد أعادت المحكمة الدعوى إلى المرافعة دون تنفيذه من غير أن تبين سبب عدولها عنه ولم تستجب إلى طلب بعض الخصوم التأجيل لإحضار شهودهم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الثابت في الأوراق أن الطاعنة الأولى قد أعلنت بحكم الإثبات في 19/ 3/ 1980، كما وقع محاميها بمحضر جلستي 8/ 4/ 1980، 4/ 5/ 1980 بما يفيد علمه بالجلستين اللتين أجل التحقيق إليهما، وإذ كان البين من حكم الإثبات المشار إليه أن المحكمة قد أحالت الدعوى إلى التحقيق من تلقاء نفسها لإثبات ونفي واقعة نزول المطعون ضدها الأولى عن حظر التأجير من الباطن، وحددت لإجرائه أربعة أشهر انقضت دون أن يشهد الخصوم أحداً فأعادت الدعوى إلى المرافعة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كانت محكمة الموضوع هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها، فإنها تملك العدول عنه دون ذكر أسباب لذلك، إذ لا يتصور أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم مما لا يلزم ذكر أي تبرير له.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالشق الثاني من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بإعمال نص المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 باعتباره نصاً متعلقاً بالنظام العام يطبق على الوقائع السابقة على صدوره، وإذ كانت الطاعنة الأولى تستأجر عين النزاع لتزاول فيها نشاطاً غير مقلق للراحة أو مضر بالصحة فإنه يحق لها أن تؤجر جزءاً منها إلى من يمارس مهنة أو حرفة ولو كانت مغايرة لمهنتها أو حرفتها تطبيقاً للنص سالف الذكر، وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه هذا النص فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن أجازت المادة 40 من القانون 49 لسنة 1977 للمستأجر أن يؤجر جزءاً من المكان المؤجر له إلى من يمارس مهنة أو حرفة - إلا أن شرط إعمالها أن يكون المستأجر الأصلي مزاولاً لمهنة حرة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وإذ كان البين من الأوراق أن -الطاعنة الأولى - مستأجرة عين النزاع - هي الغرفة التجارية اليونانية بالإسكندرية لا تزاول مهنة أو حرفة بالمعنى المقصود من ذلك، إذ الغرف التجارية - وعلى ما نصت عليه المادة الأولى من قانون إنشائها 189 لسنة 1951 - لا تعدو أن تكون هيئات تمثل في دوائر اختصاصها المصالح التجارية والصناعية والإقليمية لدى السلطات العامة، فإنها لا تفيد من حكم المادة 40 أنفة البيان لعدم توافر شروط إعمالها.
ولما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.