أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 820

جلسة 14 من يونية سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف ابو النيل وعمار ابراهيم وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.

(141)
الطعن رقم 7375 لسنة 58 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التى صحت لديه على مقارفة المتهم للجريمة المسندة اليه.
تتبع المتهم فى كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
(2) تجريف أرض زراعية. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
ضبط وسائل نقل الاتربة المجرفة. ليست شرطا فى جريمة تجريف الأرض الزراعية.
(3) محكمة الاعادة. عقوبة "تطبيقها". نيابة عامة.
تشديد محكمة الاعادة العقوبة التى قضى بها الحكم المنقوض. غير جائز إلا إذا كان نقض الحكم حاصلا بناء على طعن النيابة العامة.
(4) محكمة الاعادة. عقوبة "تشديدها". نقض "الحكم فى الطعن" "الطعن لثانى مرة" "حالات الطعن. الخطأ فى القانون".
العبرة فى تشديد العقوبة أو تخفيفها هى بدرجة العقوبة فى ترتيب العقوبات.
ابقاء محكمة الإعادة عقوبتى الحبس والغرامة المقضى بهما بالحكم المنقوض. لا يجوز معه تشديد عقوبة الغرامة ولو أوقفت تنفيذ عقوبة الحبس. مخالفة ذلك: خطأ فى القانون.
نقض الحكم للمرة الثانية دون تحديد جلسة لنظر الموضوع. شرطه ؟.
مثال.
1 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتبعه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها.
2 - لما كان القانون لا يشترط فى جريمة تجريف الأرض الزراعية أن تضبط وسائل نقل الأتربة المجرفة. فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير قويم.
3 - إن المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إذ نصت على أنه إذ كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد من الخصوم غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه - قد أفادت بأنه لا يجوز لمحكمة الإعادة تشديد أو تغليظ العقوبة التى قضى بها الحكم السابق بالنسبة لمن مسه الطعن إلا اذا كان نقض هذا الحكم حاصلاً بناء على طعن من النيابة العامة بوصفها السلطة القائمة على الاتهام فى الدعاوى الجنائية، فإذا لم تكن النيابة العامة قد قررت بالطعن على الحكم الصادر بالعقوبة بل ارتضته فصار بذلك نهائيا فى مواجهتها وحصل الطعن عليه من غيرها من الخصوم، فإن نقض الحكم فى هذه الحالة لا يترتب عليه سوى إعادة نظر الدعوى فى حدود مصلحة رافع الطعن بحيث لا يجوز لمحكمة الإعادة أن تتجاوز مقدار العقوبة أو تغلظها عما قضى به الحكم السابق.
4 - لئن كانت العبرة فى تشديد العقوبة أو تخفيفها هى بدرجة العقوبة فى ترتيب العقوبات. إلا أنه كان الحكم المنقوض قد قضى على الطاعن بنوعين من العقوبة - الحبس والغرامة - فليس لمحكمة الاعادة إن هى أوقفت تنفيذ الحبس أن تزيد مقدار الغرامة التى قضى بها الحكم السابق. وإلا تكون قد أضرت الطاعن بطعنه، وليس لها ذلك طالما أنه الطاعن وحده، اذ هى مع ابقائها على نوعى العقوبة من حبس وغرامة قد زادت فى الأخيرة مع إبقائها على الأولى وان أوقفت تنفيذها، فهى بذلك لم تحقق للطاعن ما ابتغاه من طعنه من براءة أو تجنيب للعقاب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فى قضائه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه قبول هذا الوجه من الطعن وتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل الغرامة المقضى بها مائتى جنيه وذلك عملا بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها فى المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المشار إليه آنفا، دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام أن العوار لم يرد على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - قام بتجريف أرض زراعية بدون ترخيص. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 5، 71 مكررا، 106 مكررا، 107 مكررا من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة جنح مركز الجيزة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً وتغريمه مائتى جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة. استأنف ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم شهرا مع الشغل وتغريمه مائتى جنيه. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية الى محكمة الجيزة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً مع الشغل وتغريمه عشرة الآف جنيه وأمرت بايقاف عقوبة الحبس.
فطعن الاستاذ/ ...... المحامى عن الاستاذ/ ...... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تجريف أرض زراعية بغير ترخيص قد شابه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ذلك بأن نقل عن تقرير خبير الدعوى أن هناك تجريفا بعمق متر برغم ما هو ثابت بالتقرير من أن الأرض مساوية للأراضى المجاورة لها من جميع الجهات، وأن ما قام به الطاعن هو مجرد تسوية للأرض مما لا يعد تجريفا، ودانه مع أن وسائل نقل الأتربة المجرفة لم تضبط، كما أن الحكم زاد عليه عقوبة الغرامة المقضى بها ابتدائيا رغم عدم استئناف النيابة العامة للحكم، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة تجريف أرض زراعية بغير ترخيص التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما انتهى اليه تقرير الخبير وهى أدلة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الخبير أثبت فى محضر أعماله معاينته للأرض موضوع الدعوى فتبين له انخفاضها بعمق متر عن الأرض المجاورة فى الناحيتين البحرية والغربية بينما تتساوى فى الناحيتين الشرقية والقبلية مع الأرض المجاورة ثم سأل الطاعن فقرر له بأن ما قام به هو مجرد تسوية للأرض وليس تجريفا لها وانه لم يتم ضبط وسائل نقل الأتربة المسند إليه تجريفها، ثم خلص التقرير الى أن الأرض مجرفة بعمق متر. لما كان ذلك، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه مما تضمنه تقرير الخبير هو استخلاص سائغ لم يحدبه الحكم عما انبأت به الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتبعه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور فى التسبيب لعدم رده على دفاعه الوارد بمحضر أعمال الخبير يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط فى جريمة تجريف الأرض الزراعية أن تضبط وسائل نقل الأتربة المجرفة. فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن محكمة ثانى درجة كانت قد قضت فى الدعوى بتاريخ........ بتعديل الحكم المستأنف الى حبس الطاعن شهراً مع الشغل وتغريمه مائتى جنيه، فقرر المحكوم عليه بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض دون النيابة العامة وقضت محكمة النقض فى........ بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والاعادة، ومحكمة الاعادة قضت فى......... بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس الطاعن شهراً مع الشغل وتغريمه عشرة آلاف جنيه مع ايقاف تنفيذ عقوبة الحبس. لما كان ذلك، وكانت المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إذ نصت على أنه إذ كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد من الخصوم غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه - قد أفادت بأنه لا يجوز لمحكمة الإعادة تشديد أو تغليظ العقوبة التى قضى بها الحكم السابق بالنسبة لمن مسه الطعن إلا اذا كان نقض هذا الحكم حاصلاً بناء على طعن من النيابة العامة بوصفها السلطة القائمة على الاتهام فى الدعاوى الجنائية، فإذا لم تكن النيابة العامة قد قررت بالطعن على الحكم الصادر بالعقوبة بل ارتضته فصار بذلك نهائيا فى مواجهتها وحصل الطعن عليه من غيرها من الخصوم، فإن نقض الحكم فى هذه الحالة لا يترتب عليه سوى إعادة نظر الدعوى فى حدود مصلحة رافع الطعن بحيث لا يجوز لمحكمة الإعادة أن تتجاوز مقدار العقوبة أو تغلظها عما قضى به الحكم السابق. ولئن كانت العبرة فى تشديد العقوبة أو تخفيفها هى بدرجة العقوبة فى ترتيب العقوبات. إلا أنه كان الحكم المنقوض قد قضى على الطاعن بنوعين من العقوبة - الحبس والغرامة - فليس لمحكمة الإعادة إن هى أوقفت تنفيذ الحبس أن تزيد مقدار الغرامة التى قضى بها الحكم السابق. وإلا تكون قد اضرت الطاعن بطعنه، وليس لها ذلك طالما أنه الطاعن وحده، اذ هى مع ابقائها على نوعى العقوبة من حبس وغرامة قد زادت فى الأخيرة مع إبقائها على الأولى وان أوقفت تنفيذها، فهى بذلك لم تحقق للطاعن ما ابتغاه من طعنه من براءة أو تجنيب للعقاب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فى قضائه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه قبول هذا الوجه من الطعن وتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل الغرامة المقضى بها مائتى جنيه وذلك عملا بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها فى المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المشار إليه آنفا، دون حاجة إلى إعمال المادة 45 من القانون المذكور بتحديد جلسة لنظر الموضوع باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام أن العوار لم يرد على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى.