أحكام النقض - المكتب النفي - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 849

جلسة 19 من سبتمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد ومحمد حسام الدين الغريانى نائبى رئيس المحكمة واحمد عبد الرحمن ومحمد طلعت الرفاعى.

(147)
الطعن رقم 28949 لسنة 59 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. عدم ايداعها".
التقرير بالطعن بالنقض فى الميعاد دون ايداع أسبابه. أثره. عدم قبول الطعن شكلا.
(2) اثبات "اعتراف". اكراه. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الاثبات. موضوعى.
لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه.
(3) إستجواب. بطلان. مأمور الضبط القضائى. إثبات "بوجه عام" "إعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بطلان الاجراء الذى قام به مأمور الضبط القضائى. لا يحول دون الأخذ بعناصر الاثبات المستقلة عنه.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كون الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة هى بذاتها التى دارت عليها المرافعة. لا إخلال بحق الدفاع.
(5) موانع العقاب. مسئولية جنائية. قصد جنائى "القصد العام". مواد مخدرة. قانون "تفسيره". خطف.
الغيبوبة المانعة من المسئولية. ماهيتها ؟
تناول المواد المخدرة أو المسكرة إختياراً أو عن علم بحقيقة أمرها. لا يؤثر فى توافر القصد الجنائى العام.
(6) جريمة "أركانها". خطف. قصد جنائى "القصد الخاص" "القصد العام". حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا محل للتسوية بين الجرائم التى يتطلب القانون فيها قصدا عاماً وتلك التى يتطلب فيها قصداً جنائياً خاصاً.
العبرة فى القصد الخاص هى بحقيقة الواقع. عدم كفاية الأخذ بالإعتبارات والإفتراضات القانونية لإثبات قيامه.
عدم تطلب القانون قصداً خاصاً فى جريمة خطف أنثى بغير رضاها المقترن بمواقعتها.
(7) عقوبة "تقديرها" "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير العقوبة وتقدير مناسبتها بالنسبة الى كل متهم. موضوعى.
1 - لما كان الطاعنان الأول والثالث وإن قررا بالطعن فى الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملا بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - الإعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت أن الإعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها.
3 - بطلان الاجراء الذى قام به مأمور الضبط القضائى - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه.
4 - لما كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة مطروحة بالجلسة وهى بذاتها الواقعة التى دارت عليها المرافعة ولم تجر المحكمة تعديلا فى وصف التهمة فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله.
5 - الأصل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هى التى تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجانى قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة أمرها ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختاراً أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التى تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون فى هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الإدراك، مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائى لديه فى الجرائم ذات القصد العام.
6 - لا محل للتسوية بين الجرائم التى يتطلب القانون فيها قصداً عاماً وتلك التى يتطلب القانون فيها قصداً جنائياً خاصاً ذلك لأن الشارع لا يكتفى فى ثبوت هذا القصد بالأخذ بإعتبارات وإفتراضات قانونية بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت - وهو فى معرض تحصيله لواقعة الدعوى - أن الطاعنين تناولوا الخمر إختياراً، وهو ما لم يجادل فيه الطاعن بوجه الطعن، وكان القانون لا يستلزم قصداً خاصاً فى جناية خطف أنثى بغير رضاها المقترن بمواقعتها التى دان الطاعن بها - اكتفاء بالقصد العام فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديداً.
7 - لما كان تقدير العقوبة فى الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب دون أن تسأل حسابا عن الاسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى ارتأته فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لايكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم - المتهمون جميعا: 1 - خطفوا بالإكراه..... وقد إقترنت بهذه الجناية مواقعة المخطوفة بغير رضاها بأن اعترض المتهم الأول طريقها وهددها ومن كانوا معها بمطواة قرن غزال وساعدة على ذلك المتهمان الثانى والثالث بأن حالا بينها وبين أصحابها الذين هبوا لنجدتها وأرغموها على استقلال إحدى السيارات المملوكة لصديقهم الذى أمره المتهم الأول بالإنطلاق بهم بعيداً إلى إحدى الفيلات حيث قام المتهم الاول بتهديدها بالمطواة التى كان يحملها وخلع ملابسها وجثم فوقها وأولج جزء من قضيبه فى فرجها ثم قام المتهم الثانى باتيان ذات الأفعال معها بينما كان المتهم الثالث يقف خارج الفيلا فى إنتظار دوره فى مواقعة المجنى عليها. 2 - دخلوا المنزل المسكون المبين بالوصف الأول وهو فى حيازة آخر بقصد آرتكاب جريمة فيه. المتهمان الأول والثانى أيضا: سرقا الأشياء المنوه عنها وصفا وقيمة بالتحقيقات المملوكة لـ....... وكان ذلك بالاكراه بأن هددها المتهم الاول بمطواة بينما كان المتهم الثانى يشد من أزره قاصدين من ذلك شل مقاومتها وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة وفرار الأول بالمسروقات الى خارج المكان الذى واقع فيه المجنى عليها. المتهم الأول أيضا: أحرز بغير ترخيص - سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال) وكان ذلك فى إحدى وسائل النقل البرية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمواد 290، 314/ 1، 370 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 2 مكررا، 30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين الأول: بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات. والثانى بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات والثالث بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات لما هو مسند إلى كل منهم. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الاول والثالث وإن قررا بالطعن فى الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملا بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الطاعن الثانى ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم خطف انثى بغير رضاها المقترن بمواقعتها والسرقة باكراه ودخول منزل فى حيازة اخر بقصد ارتكاب جريمة فيه قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع كما انطوى على مخالفة القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان اعترافه اذ جاء على اثر اجراءات باطلة من مأمور الضبط القضائى الذى استجوبه ونسب اليه اعترافا بمحضر جمع الاستدلالات نتيجة اكراه مادى وتهديد كما دفع ببطلان استجواب مأمور الضبط القضائى للمتهمين وما ترتب على ذلك من اعترافاتهم بتحقيقات النيابة الا أن الحكم رد على ذلك بما لا يسوغه، كما أن الحكم عدل فى وصف التهمة الواردة بأمر الاحالة دون أن يلفت نظر الدفاع الى ذلك التعديل، هذا فضلا عن أنه رد على الدفع بامتناع العقاب طبقا لنص المادة 62 من قانون العقوبات لانه كان فى حالة سكر أفقده شعوره واختياره بما لا يصلح له ردا ولم يسو بين الطاعن وغيره من المتهمين فى العقوبة كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافربه كافة العناصر القانونية التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليها وشهود الإثبات ومن إقرار المتهمين ولتقرير الطبى الشرعى وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. وكان الحكم بعد أن بيَّن واقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت عرض للدفع ببطلان استجواب الطاعن بمعرفة مأمور الضبط القضائى وما ترتب على ذلك من بطلان إعترافه بمحضر جمع الإستدلالات وتحقيقات النيابة بقوله: "لما كانت تحقيقات النيابة منبتة الصلة بتحقيقات الشرطة السابقة عليها فلا وجه لما يثيره الدفاع من بطلان الإقرارات الصادرة من المتهمين أمام النيابة العامة" وما أورده الحكم من ذلك كاف وسائغ فى القانون ذلك لأن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الإعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الاكراه ومتى تحققت أن الإعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، فضلاً عن أن بطلان الاجراء الذى قام به مأمور الضبط القضائى - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات الاخرى المستقلة عنه ومن هذه العناصر الإعتراف اللاحق للمتهم بتحقيقات النيابة، فإن مصلحة الطاعن تكون منتفية فيما يثيره من بطلان إعترافه بمحضر جمع الإستدلالات المحرر بمعرفة مأمور الضبط القضائى. لما كان ذلك، وكانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة مطروحة بالجلسة وهى بذاتها الواقعة التى دارت عليها المرافعة ولم تجر المحكمة تعديلا فى وصف التهمة فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الأصل - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هى التى تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجانى قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختاراً أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التى تقع منه وهو تحت تأثيرها فالقانون فى هذه الحالة يجرى عليه حكم المدرك التام الإدراك، مما ينبنى عليه توافر القصد الجنائى لديه فى الجرائم ذات القصد العام ولا محل للتسوية بين هذه الجرائم وتلك التى يتطلب القانون فيها قصداً جنائياً خاصاً ذلك لأن الشارع لا يكتفى فى ثبوت هذا القصد بالأخذ بإعتبارات وإفتراضات قانونية بل يجب التحقق من قيامه من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت - وهو فى معرض تحصيله لواقعة الدعوى - أن الطاعنين تناولوا الخمر إختياراً، وهو ما لم يجادل فيه الطاعن بوجه الطعن، وكان القانون لا يستلزم قصداً خاصاً فى جناية خطف أنثى بغير رضاها المقترن بمواقعتها التى دان الطاعن بها - اكتفاء بالقصد العام فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان تقدير العقوبة فى الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب دون أن تسأل حسابا عن الاسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى ارتأته فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.