أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 3 - صـ 665

جلسة 20 مارس سنة 1952
(114)
القضية رقم 96 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
( أ ) قوة الأمر المقضي. حكم وقتي. الحكم الصادر في تظلم بتأييد أمر الحجز التحفظي هو حكم وقتي. للمحكمة أن تعدل عنه عند الفصل في الموضوع إذا تراءى لها أن الحجز لم يكن في محله.
(ب) صورية تدليسية. جواز إثباتها بكافة طرق الإثبات. مثال.
1 - الحكم الصادر في الظلم بتأييد أمر الحجز التحفظي الموقع على ما للمدين لدى الغير هو حكم وقتي غير ملزم للمحكمة إذا ما تراءى لها عند الفصل في الموضوع أن الحجز لم يكن في محله.
2 - متى كان الحكم إذ تحدث عن صورية عقد الإيجار الصادر إلى الطاعن من المطعون عليه الثالث بوصفه وكيلاً عن المطعون عليه الأول إنما قصد الصورية التدليسية المبنية على الغش والتواطؤ بين طرفي العقد إضراراً بالموكل فإنه لا يكون قد خالف القانون إذ استند في إثباتها إلى القرائن التي فصلها.


الوقائع

في يوم 30 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة الاستئناف القاهرة الصادر في 12 من فبراير سنة 1950 في الاستئناف رقم 725، 66 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 3، 5 من إبريل سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 18 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح الأسباب وحافظة بمستنداته. وفي 9 من مايو سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالتعويض قدره مائة جنيه تطبيقاً للمادة 446 مرافعات لكيدية الطعن مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ومصادر الكفالة وفي 24 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 8 من يونيه سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد. ولم يقدم المطعون عليهما الثاني والثالث دفاعاً. وفي 29 من نوفمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها قالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 6 من مارس سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعن والمطعون عليه الأول والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى الجلسة اليوم.


المحكمة

... من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، في أن الطاعن أقام الدعوى على المطعون عليهما الأولين وقال بصحيفتها إن المطعون عليه الأول يملك حصة مقدارها عشرة قراريط واثنا عشر سهماً شائعة في أرض وبناء مفروشات اللوكاندة الهندية الكبرى بقسم الجمالية وقد أجر هذا الحصة إلى أخيه المطعون عليه الثاني بعقد في 27 مارس سنة 1944 لمدة ثلاث سنوات تنتهي في 30 من إبريل سنة 1947 وبموجب توكيل شرعي في 22 من مارس 1947 وكل المطعون عليه الأول المطعون عليه الثالث ليقوم بإدارة شئون حصته في الفندق المذكور من تأجير وتحصيل قيمة الإيجار وإعطاء المخالصات عن ذلك وفي استلام حصته عند انتهاء المدة أو تجديد عقد الإيجار حسبما يراه وبمقتضى هذا التوكيل أنذر لوكيل المستأجر السابق 3 إبريل 1947 بتسليم حصة موكله عند نهاية مدة الإيجار. وبعقد ثابت التاريخ في 26 مايو 1947 أجر الوكيل إلى الطاعن نفس العين ومشتملاتها لمدة ثلاث سنوات من أول مايو سنة 1947 بإيجار شهري مقداره 40 ج وقد جاء بالعقد أن مجموع الإيجار عن المدة كلها دفع كله، ولما لم يتمكن الطاعن من وضع يده بعد تبادل الإنذارات مع المطعون عليه الثاني أقام الدعوى طالباً أصلياً الحكم بأحقيته في الانتفاع بالعين المؤجرة المدة المبينة بالعقد مع إلزام المطعون عليه الثاني بأن يدفع إليه مبلغ 60 ج شهرياً من أول مايو 1947 حتى التسليم وتثبيت الحجز التحفظي تحت يده على صافي ريع الحصة المؤخرة واحتياطياً إلزام المطعون عليهما الأول والثاني متضامنين بأن يدفعا إليه مبلغ 2160 ج وتثبيت الحجز. وأثناء نظر الدعوى أقام المطعون عليه الأول دعوى فرعية على الطاعن والمطعون عليه الأخير طالباً الحكم بإلغاء أمر الحجز التحفظي وبطلان عقد الإيجار آنف الذكر والثابت التاريخ في مايو سنة 1946 وإلزام الطاعن والمطعون عليه الأخير متضامنين بتعويض مقداره 1000 ج مؤسساً دعواه الفرعية على أنه كان محبوساً فوكل قريبه المطعون عليه الأخير في إدارة حصته في الفندق إلا أنه تواطأ مع صهره وقريبه الطاعن وأجر له هذه الحصة بعقد صوري وهو العقد الذي طلب الحكم ببطلانه والذي أثبت به أن مجموع الإيجار قد دفع مقدماً عن المدة كلها. وفي 17 إبريل سنة 1949 قضت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بإلزام الطاعن والمطعون عليه الثالث بأن يدفعا متضامنين إلى المطعون عليه الأول 150 ج على سبيل التعويض استأنف الطاعن. وأثناء نظر الاستئناف قدم الحاضر عنه ورقة قال إنها قاطعة في الدعوى ومفادها أن محمود محمد خليفة المطعون عليه الثاني - يقرر أنه لم تحصل منه أي موافقة على تجديد عقد إجارة حصة المطعون عليه الأول في الفندق. وفي 12 من فبراير سنة 1950 قضت محكمة استئناف القاهرة بالتأييد. فقرر الطاعن بالطعن بالنقض في هذا الحكم. وطلب المطعون عليه الأول الحكم له بمبلغ مائة جنيه تعويضاً له عن كيدية الطعن.
ومن حيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول على الحكم القصور في التسبيب من وجهين: الأول إذ أغفل التحدث عن الإقرار الذي قدمه الطاعن إلى محكمة الاستئناف والموقع عليه من المطعون عليه الثاني وهو يتضمن عدم قبوله تجديد عقد الإيجار على النحو الذي أشار إليه المطعون عليه الأول وقد طعن عليه وكيل هذا الأخير بأنه لم يكتب في التاريخ المذكور به وبالرغم من أن المطعون عليه الثاني لم يحضر في جميع مراحل الدعوى ولم يبد دفاعاً وبالرغم من أن الإقرار لم يسبق تقديمه إلى محكمة أول درجة ومع أهمية ما تضمنه هذا الإقرار لأنه من الأمور الجوهرية في النزاع مسألة تجديد إيجار المطعون عليه الثاني فإن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه دون بحث هذا الدليل الجديد. والوجه الثاني إذ أغفل الاعتبار بحجية الحكم الصادر بتأييد أمر الحجز الموقع من الطاعن تحت يد المطعون عليه الثاني في قضية التظلم رقم 74 سنة 1948 كلي مصر المرفوع من المطعون عليه الأول إلى محكمة أول درجة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في الوجه الأول منه بأن الحكم أقام قضاءه بثبوت التواطؤ بين المطعون عليه الأخير والطاعن إضراراً بالمطعون عليه الأول على قرائن عدة منها أنه كان على الوكيل في هذه الحالة أن يتمسك بما ورد في محضر الصلح الموقع عليه من المطعون عليه الثاني بقبوله تجديد عقد الإيجار من تلقاء نفسه لمدة أخرى بأجر شهري مقداره 60 جنيهاً إذا لم يسلم الفندق في نهاية مدة الإيجار وعلى ذلك فالإقرار المقدم إلى محكمة ثاني درجة ليس من شأنه أن يؤثر على قيام هذه القرينة وبالتالي لا يكون عدم الرد عليه قصوراً يستوجب نقض الحكم، ومردود في وجهه الثاني بأن الحكم الصادر في التظلم هو حكم وقتي غير ملزم للمحكمة إذا ما تراءى لها عند الفصل في الموضوع أن الحجز لم يكن في محله.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون من أربعة أوجه (الأول) أن التوكيل بالتأجير تاريخه 26 من مارس سنة 1947 وهو توكيل عام لا حد لزمنه إلا أن الحكم اعتبره خطأ لمدة ثلاثة شهور وقضى ببطلان العقد فيما زاد على هذه المدة (والثاني) إذ طبق الحكم المادة 138 مدني قديم مع عدم وجود ما يستوجب تطبيقها لأن مدة العقد لا تحتاج إلى تفسير أو تأويل.
ومن حيث إن هذين الوجهين مردودان بأن الحكم مقام في أساسه على أن العقد الصادر للطاعن من المطعون عليه الأخير إنما هو عقد صوري عمل بالتواطؤ بينهما إضراراً بالموكل وقد استند في ذلك إلى قرائن عدة منها تأجير الوكيل للفندق لمدة ثلاث سنوات مع علمه بأن مدة إدارته لشئون موكله تنتهي بانتهاء مدة حبسه وهي ثلاثة شهور وهذا الذي ذهب إليه الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ.
ومن حيث إن الوجه الثالث يتحصل في أن الحكم خالف القانون إذ تحدث عن الصورية وإثباتها بين العاقدين بغير كتابة مع أن التوكيل إنما يعمل قانوناً باسم ولحساب موكله فالوكيل والموكل شخص واحد ولا يجوز لأي منهما إثبات صورية العقد المبرم مع الغير بغير الكتابة، وحاصل الوجه الرابع هو أن الحكم اعتبر عقد الإيجار عقداً صورياً دون أن يقيم الدليل على صوريته ولكنه افترضها افتراضياً. ومن حيث إن هذين الوجهين مردودان بأن الحكم إذ تحدث عن صورية عقد إيجار الطاعن فإنه إنما قصد الصورية التدليسية المبينة على الغش والتواطؤ بين طرفي العقد إضراراً بالوكيل وهو المطعون عليه الأول وهي يجوز إثباتها قانوناً بكافة الطرق وقد استند الحكم في إثباتها إلى قرائن منتجة منها أن الطاعن لم ينكر أنه يصهر إلى المطعون عليه الثالث - الوكيل - كما لم ينكر أنه شريكه في التجارة وأن الطاعن تاجر في الفشن ومن المستبعد أن يدير مثله فندق في القاهرة كما أن الإدارة الحسنة كانت تقتضي الوكيل أن يؤجر حصة موكله في الفندق بأكثر من ستين جنيهاً فإن لم يستطع فلا أقل من أن يجدد عقد الإيجار مع المستأجر السابق بالشروط الواردة بمحضر الصلح إذا نص به في حالة التجديد أن يكون الإيجار الشهري ستين جنيهاً وأن الإجارة عقدت لمدة ثلاث سنوات، ونص في العقد على أن الإيجار دفع كله مقدماً وقبل أن يضع المستأجر يده على الفندق ويبين من ذلك أنه ليس صحيحاً ما يدعيه الطاعن من أن الحكم افترض صورية العقد بغير دليل كما أنه ليس صحيحاً أنه خالف القانون إذ استند إلى القرائن السابق ذكرها في إثبات الصورية التدليسية.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه، والحكم على الطاعن للمطعون عليه الأول بتعويض مقداره ألفا قرش تعويضاً له عن كيدية الطعن عملاً بالمادة 446 من قانون المرافعات.