أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1116

جلسة 3 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يحيى العموري نائب رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم، سعد بدر وجرجس إسحق.

(223)
الطعن رقم 1839 لسنة 49 القضائية

1 - حكم "تسبيب الحكم". استئناف.
إلغاء المحكمة الاستئنافية للحكم الابتدائي. عدم التزامها بالرد على أسبابه.
2 - بيع "التزامات البائع". ملكية. دعوى.
عقد البيع غير المسجل. أثره. التزام البائع بتسليم المبيع. للمشتري حق الانتفاع به والبناء على سبيل القرار. انتقال الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به إلى المشتري.
3 - ملكية "حقوق الارتفاق". ارتفاق.
المطلات المقابلة والمنحرفة. ماهيتها. للمالك سد المطلات المقابلة التي تطل على ممره الخاص. شرطه. عدم ترك الجار المسافة القانونية بين الحد الفاصل بين العقارين.
4 - دعوى. حكم. تجزئة. ملكية "حقوق الارتفاق".
الحكم الابتدائي الصادر في نزاع غير قابل للتجزئة. الطعن عليه بالاستئناف. وروده على الحكم بأكمله. (مثال في دعوى سد المطلات ومنع التعرض).
1 - المقرر وعلى ما جرى به قضاء النقض. أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائيّاً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد فيه من الأدلة ما دامت الأسباب التي أقامت عليها حكمها كافية لحمل قضائها.
2 - المقرر أن البيع غير المسجل وإن كان لا يترتب عليه نقل ملكية العقار المبيع إلى المشتري إلا أنه يولد في ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع مما مؤداه أن يصبح المبيع في حيازة المشتري ويكون له أن ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع ومنها البناء على سبيل القرار، كما تنتقل إليه جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به.
3 - من المقرر أنه إذا كانت الفتحات مطلة مباشرة على ملك الجار عند الحد الفاصل بين العقارين فهي مطلات مقابلة لا منحرفة لأن هذه هي التي لا تسمح بنظر ملك الجار إلا بالالتفات عنها إلى اليمين أو إلى الشمال أو بالانحناء إلى الخارج وإذن فلا شك أن لذلك الجار الحق في سد تلك الفتحات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من الثابت بالأوراق وبتقرير الخبير من أن الفتحات محل النزاع التي أجراها الطاعن بمنزله الملاصق لمنزل وأرض المطعون ضدها تطل مباشرة على ملكها عند الحد الفاصل بين العقارين دون ترك المسافات المقررة قانوناً وإنها لذلك تعد مطلات مقابلة للمطعون ضدها وليست مواجهة للطريق العام ومن ثم فإن الطاعن بإقامته لها قد اعتدى على حق مشروع للمطعون ضدها وإذ إنها وقد أقامت على أرضها منزلاً وتركت جزءاً منها كممر خاص لها كان من حقها إلزام جارها - الطاعن - بالقيود التي ترد على حق الملكية، وإذ كان الثابت فضلاً عن ذلك أن ترخيص البناء الصادر للطاعن قد منعه من فتح تلك المطلات فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى من كل ذلك إلى القضاء للمطعون ضدها بسد المطلات فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.
4 - المقرر أنه إذا كان النزاع الذي حسمه الحكم لا يقبل التجزئة فإن الطعن يكون منصباً على الحكم بأكمله وكانت طلبات المطعون ضدها بشقيها مما لا يقبل التجزئة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسد المطلات وبعدم التعرض لا يكون قد شابه تعارض أو خالف حجية حكم سابق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 570 سنة 1975 مدني كلي شبين الكوم بطلب الحكم بسد الفتحات التي قام بإجرائها الطاعن وعدم التعرض لها في ملكها وقالت بياناً لدعواها إنها تمتلك منزلاً بشبين الكوم محاطاً بطريق مخصوص وقام الطاعن ببناء منزله ملتصقاً تماماً في حده القبلي بعقارها وفتح نوافذ وباباً على ملكها مباشرة كما هدم سوراً كانت قد أقامته حول ملكها مما أضطرها إلى إقامة دعواها. ندبت محكمة الدرجة الأولى خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 291 سنة 11 ق طنطا (مأمورية شبين الكوم) وبتاريخ 6/ 6/ 1979 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بسد المطلات المبينة بصحيفة الدعوى وبمنع تعرضه للمطعون ضدها في الأرض المبينة الحدود والمعالم فيها. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أهدر ما انتهى إليه الحكم الابتدائي في قضائه الصحيح دون أن يورد أسباباً سائغة ولا كافية لتبرير ذلك إذ بالرغم من الثابت بتقرير الخبير من أن المطلات التي قام بفتحها تطل على أرض غير مملوكة للمطعون ضدها بل هي في حكم الطريق العام بإقامة أعمدة كهربائية فيها فضلاً عن التصريح له بترخيص بفتح تلك المطلات إلا أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف ذلك بسدها. هذا بالإضافة إلى عدم أحقية المطعون ضدها أصلاً في هذا الطلب الذي لا يرفع إلا من المالك وهي ليست كذلك إذ لم تنتقل إليها الملكية وما زال سندها قاصراً على عقد بيع ابتدائي محرر سنة 1968.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر وعلى ما جرى به قضاء النقض أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائيّاً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد فيه من الأدلة ما دامت الأسباب التي أقامت عليها حكمها كافية لحمل قضائها كما أنه من المقرر أيضاً أن البيع غير المسجل وإن كان لا يترتب عليه نقل ملكية العقار المبيع إلى المشتري إلا أنه يولد في ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع مما مؤداه أن يصبح المبيع في حيازة المشتري ويكون له أن ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع ومنها البناء على سبيل القرار، كما تنتقل إليه جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به. وكان من المقرر كذلك أنه إذا كانت الفتحات مطلة مباشرة على ملك الجار عند الحد الفاصل بين العقارين فهي مطلات مقابلة لا منحرفة - لأن هذه هي التي لا تسمح بنظر ملك الجار إلا بالالتفات عنها إلى اليمين أو إلى الشمال أو بالانحناء إلى الخارج وإذن فلا شك أن لذلك الجار الحق في سد تلك الفتحات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من الثابت بالأوراق وبتقرير الخبير من أن الفتحات محل النزاع التي أجراها الطاعن بمنزله الملاصق لمنزل وأرض المطعون ضدها تطل مباشرة على ملكها عند الحد الفاصل بين العقارين ودون ترك المسافات المقررة قانوناً وإنها لذلك تعد مطلات مقابلة للمطعون ضدها وليست مواجهة للطريق العام ومن ثم فإن الطاعن يكون بإقامته لها قد اعتدى على حق مشروع للمطعون ضدها وإذ أنها وقد أقامت على أرضها منزلاً وتركت جزء منها كممر خاص لها فإن من حقها إلزام جارها - الطاعن - بالقيود التي ترد على حق الملكية، وإذ كان الثابت فضلاً عن ذلك أن ترخيص البناء الصادر للطاعن قد منعه من فتح تلك المطلات فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى من كل ذلك إلى القضاء للمطعون ضدها بسد المطلات فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بما ورد بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها رفعت دعواها ابتداء بطلبي سد المطلات ومنع التعرض وإذ قضى الحكم الابتدائي برفض دعواها بشقيها إلا أن استئنافها للحكم وطلباتها فيه جاء منصباً على الشق الخاص بسد المطلات فقط دون منع التعرض الذي أضحى الحكم فيه نهائياً ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بإلغاء الحكم الابتدائي وبمنع التعرض فإنه يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم نهائي سابق فضلاً عما له من حجية تعارض طلب سد المطلات وتحول دون إجابته.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها ضمنت أسباب استئنافها للحكم الابتدائي النعي على ما ساقه تبريراً لقضائه برفض طلب منع التعرض من القول بأنه ينصرف إلى المنافع المتروكة والتي أصبحت في حكم الطريق العام مدللة على خطئه في هذا الصدد وهو ما خلصت منه إلى طلب إلغاء الحكم المستأنف، وإذ كان قضاء الحكم في هذا الشق من الطلبات محل نعي المطعون ضدها في صحيفة الاستئناف فإن النزاع بشقيه يكون بالتالي مطروحاً أمام محكمة الاستئناف، ولما كان من المقرر أنه إذا كان النزاع الذي حسمه الحكم لا يقبل التجزئة فإن الطعن يكون منصباً على الحكم بأكمله وكانت طلبات المطعون ضدها بشقيها مما لا تقبل التجزئة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسد المطلات وبعدم التعرض لا يكون قد شابه تعارض أو خالف حجية الحكم السابق، ومن ثم يكون النعي عليه بما ورد في هذا السبب غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.