أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1140

جلسة 5 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.

(229)
الطعن رقم 1148 لسنة 49 القضائية

1 - نقض "الاختصام في الطعن". دعوى "الصفة". تسجيل.
طلب محو التسجيلات موجه لمصلحة الشهر العقاري. وزير العدل يعد خصماً حقيقياً في الدعوى. اختصامه في الطعن بالنقض. صحيح.
2 - نقض "الطعن بالنقض". بطلان "بطلان الإجراءات".
بطلان الطعن بالنقض لعدم إيداع صورة من حكم محكمة أول درجة الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه. مناطه. أن ينصب الطعن على ما فصل فيه ذلك الحكم أو على أسبابه المحال إليها.
3 - نقض "أسباب الطعن: بيان الأسباب".
أسباب الطعن. وجوب تحديدها للعيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه.
4 - بيع "التزامات البائع" "دعوى صحة التعاقد". شهر عقاري. حكم "حجية الحكم". تسجيل.
تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد. غير مانع من تسجيل بيع آخر صادر من نفس البائع عن ذات العقار. صدور الحكم بصحة التعاقد والتأشير بمنطوقه في هامش تسجيل الصحيفة. أثره. زوال أثر تسجيل عقد المشتري الآخر.
5 - حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. شهر عقاري. بيع "دعوى صحة التعاقد".
تسجيل مشتري عقده والحصول بموجبه على حكم بتثبيت الملكية. تمام ذلك بعد تسجيل مشتري آخر صحيفة دعواه بصحة التعاقد. تأشيره في تاريخ لاحق بالحكم الصادر فيها. مؤداه. زوال أثر تسجيل العقد وزوال حجية الحكم بثبوت الملكية بالتبعية. علة ذلك.
1 - طلب الطاعنين محو ما تم بشأن عقد شراء المطعون ضده من تسجيلات إنما هو موجه لمصلحة الشهر العقاري التي قامت أصلاً بإجراء تلك التسجيلات وهي المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها بما يجعل المطعون ضده الأول (وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري) خصماً حقيقيّاً في الدعوى يصح اختصامه في هذا الطعن.
2 - مناط بطلان الطعن بالنقض لعدم إيداع الطاعن صورة من حكم محكمة أول درجة الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه عملاً بالمادة 255 أولاً من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 13 لسنة 1973 هو أن يكون الطعن منصباً على ما فصل فيه ذلك الحكم أو على أسبابه التي أحال إليها الحكم المطعون فيه.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 253/ 2 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول.
4 - مفاد نص المادتين 15، 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أنه وإن كان سبق تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد لا يمنع من تسجيل بيع آخر صادر من نفس البائع عن ذات العقار وانتقال الملكية بهذا التسجيل إلى المشتري فيه، إلا أنه متى صدر في تلك الدعوى حكم بصحة التعاقد وتأشر بمنطوقه في هامش تسجيل صحيفتها أصبح البيع المحكوم بصحته حجة على المشتري الآخر الذي كان قد سجل عقده بعد تسجيل صحيفة الدعوى، وبالتالي زوال حجية أثر تسجيل هذا العقد قبله في نقل الملكية للمشتري به.
5 - مؤدي ما يرتبه القانون من زوال حجية الحق العيني بسبب لاحق أن تزول بالتبعية حجية الحكم السابق صدوره استناداً إلى هذا الحق. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني سجل صحيفة دعواه بصحة التعاقد قبل تسجيل الطاعنين عقد شرائهم فإن سبق حصولهم بهذا العقد على حكم نهائي بثبوت ملكيتهم لذلك العقار لا يكون حجة على المطعون ضده بعد أن قام بالتأشير بمنطوق الحكم بصحة عقده في هامش تسجيل صحيفة الدعوى وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1127 سنة 1975 مدني كلي أسيوط على المطعون ضدهما طالبين الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 23/ 8/ 1963 المتضمن بيع....... للمطعون ضده الثاني أرضاً زراعية مساحتها 17 فدان ومحو ما تم بشأن هذا العقد من تسجيلات، وقالوا بياناً للدعوى أنهم اشتروا أرضاً زراعية مساحتها 23 فدان و21 سهم بعقد سجل بتاريخ 3/ 10/ 1967 وأن المطعون ضده الثاني حصل بالدعوى رقم 408 سنة 1967 مدني كلي أسيوط على حكم بصحة ونفاذ عقد يفيد شراءه 17 فدان من ذات الأطيان من نفس البائع وسجل صحيفة تلك الدعوى، وأنهم سبق أن أقاموا الدعوى رقم 300 سنة 1969 مدني البداري على المطعون ضده الثاني والبائع المشترك قضي لهم فيها بثبوت ملكيتهم لما اشتروه بالعقد المسجل المشار إليه وبالتسليم وتأيد هذا الحكم في الاستئناف رقم 335 سنة 1972 مدني مستأنف أسيوط، إلا أنه نظراً لصورية عقد شراء المطعون ضده الثاني وقيامه بالتأشير بحكم صحة التعاقد الصادر له في الدعوى رقم 408 سنة 1967 مدني كلي أسيوط في هامش تسجيل صحيفة افتتاحها وما ترتب على ذلك من أن مصلحة الشهر العقاري استنزلت تلك المساحة من المقدار مشتري الطاعنين فقد أقاموا هذه الدعوى للحكم لهم بطلباتهم، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت بتاريخ 18/ 11/ 1978 برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 284 سنة 53 قضائية طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم. وبتاريخ 25/ 3/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض، دفع المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن بالنسبة له، ودفع المطعون ضده الثاني ببطلان الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول ورفض الدفع ببطلان الطعن وفي الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المبدي من المطعون ضده الأول (وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري) أن الحكم المطعون فيه لم يقض بشيء له أو عليه وأن المنازعة في الدعوى تدور في حقيقتها بين الطاعنين والمطعون ضده الثاني فلا يعتبر هو خصماً حقيقياً يسوغ اختصامه في هذا الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن طلب الطاعنين محو ما تم بشأن عقد شراء المطعون ضده من تسجيلات إنما هو موجه إلى مصلحة الشهر العقاري التي قامت أصلاً بإجراء تلك التسجيلات وهي المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها بما يجعل المطعون ضده الأول خصماً حقيقياً في الدعوى يصح اختصامه في هذا الطعن وبالتالي يكون الدفع على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن مبنى الدفع ببطلان الطعن المبدي من المطعون ضده الثاني أن الطاعنين لم يقدموا صورة من الحكم الابتدائي المؤرخ 18/ 11/ 1978 الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه، كما لم يقدموا صورة من حكم الإحالة إلى التحقيق أمام محكمة أول درجة الذي أحال إليه الحكم الابتدائي سالف الذكر مما يجعل الطعن باطلاً عملاً بالمادة 255 من قانون المرافعات.
وحيث إنه لما كان الطاعنون قد أودعوا فعلاً رفق صحيفة الطعن صورة رسمية من الحكم الابتدائي المؤرخ 18/ 11/ 1978 فإن الدفع في هذا الخصوص يكون غير صحيح. ولما كان مناط بطلان الطعن بالنقض لعدم إيداع الطاعن صورة من حكم محكمة أول درجة الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه عملاً بالمادة 255 أولاً من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 13 لسنة 1973 هو أن يكون الطعن منصباً على ما فصل فيه ذلك الحكم أو على أسبابه التي أحال إليها الحكم المطعون فيه. وكان الطعن الماثل لا يتضمن نعياً على حكم الإحالة إلى التحقيق المؤرخ 11/ 12/ 1976 أو على أسبابه فمن ثم لا موجب لإيداع صورة رسمية منه مع صحيفة الطعن وبالتالي يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه القصور ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بجلسة 24/ 2/ 1979 وبمذكرتهم خلال فترة حجز الدعوى للحكم بالطعن على عقد شراء المطعون ضده الثاني بالدعوى البوليصية وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري وأورد بمدوناته أنهم لم يقدموا مذكرة مما يعيبه بالقصور ومخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة عدم قبول النعي المفتقر إلى الدليل، وإذ لم يقدم الطاعنون صورة من محضر جلسة 24/ 2/ 1979 المشار إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن الطاعنين لم يقدموا مذكرة في الميعاد المحدد خلال فترة حجز الدعوى للحكم بما لا يكفي لدحضه إيداعهم في هذا الطعن صورة مذكرة أدعوا تقديمها لمحكمة الاستئناف في تلك الفترة لخلوها من بيان تاريخ تقديمها، فإن النعي بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا بصحيفة الاستئناف بأنه لا يكتسب الحجية من أسباب الحكم إلا ما كان مرتبطاً بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً لا تقوم له قائمة بدونه فلا تلحق الحجية ما يتضمنه من أسباب زائدة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة 253/ 2 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول، وكان الطاعنون لم يبينوا بسبب النعي الحكم الذي وقع التزيد بأسبابه ولا موضع ذلك التزيد وما هو أثره في قضاء الحكم المطعون فيه، فإن النعي يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنه سبق أن قضى لهم نهائياً على المطعون ضده الثاني بثبوت ملكيتهم لأرض النزاع الحالي وذلك في الدعوى رقم 300 سنة 1969 مدني البدارى واستئنافها رقم 335 سنة 1972 مدني مستأنف أسيوط مما كان يتعين معه الالتزام بحجية الأمر المقضي لذلك الحكم في النزاع الماثل وإجابة طلبهم بمحو التسجيلات، وإذ أيد الحكم المطعون فيه رفض دعواهم يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادتين 15، 17 من القانون رقم 114 سنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري أنه وإن كان سبق تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد لا يمنع من تسجيل بيع آخر صادر من نفس البائع عن ذات العقار وانتقال الملكية بهذا التسجيل إلى المشتري فيه، إلا أنه متى صدر في تلك الدعوى حكم بصحة التعاقد وتأشر بمنطوقه في هامش تسجيل صحيفتها أصبح البيع المحكوم بصحته حجة على المشتري الآخر الذي كان قد سجل عقده بعد تسجيل صحيفة الدعوى. وبالتالي زوال حجية أثر تسجيل هذا العقد قبله في نقل الملكية للمشتري به. وكان مؤدى ما يرتبه القانون من زوال حجية الحق العيني بسبب لاحق أن تزول بالتبعية حجية الحكم السابق صدوره استناداً إلى هذا الحق. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني سجل صحيفة دعواه بصحة التعاقد رقم 408 سنة 1967 مدني كلي أسيوط قبل تسجيل الطاعنين عقد شرائهم فإن سبق حصولهم بهذا العقد على حكم نهائي بثبوت ملكيتهم لذلك العقار لا يكون حجة على المطعون ضده بعد أن قام بالتأشير بمنطوق الحكم بصحة عقده في هامش تسجيل صحيفة الدعوى. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.