أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 882

جلسة 4 من اكتوبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميره ومحمد زايد ومحمد حسام الدين الغربانى (نواب رئيس المحكمة) ومحمد طلعت الرفاعى.

(154)
الطعن رقم 29006 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "بوجه عام" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- إنحسار الخطأ فى الاسناد عن الحكم إذا أقيم على ماله أصل ثابت فى الأوراق ولم يخرج بالدليل عن فحواه.
(2) إختلاس. تزوير "تزوير فى محررات رسمية". اثبات "بوجه عام". "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- حق المحكمة فى استنباط الحقيقة من اعتراف المتهم دون إلتزام بنصه وظاهره.
(3) اختلاس. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
- تحقيق جناية الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 عقوبات. متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومى بسبب وظيفته.
- اعتبار التسليم منتجاً لأثره فى اختصاص الموظف. متى كان مأموراً به من رؤسائه. ولو لم يكن فى الأصل من طبيعة عمله.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- الدفع بعدم إرتكاب الجريمة. موضوعى. إستفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.
1 - لما كان ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود بشأن المبالغ والمستندات موضوع جريمتى الاختلاس والتزوير له معينه الصحيح من أقوالهم فى التحقيق الابتدائى ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عنه قالة الخطأ فى الاسناد فى هذا الصدد.
2 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة فى أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها.
3 - من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات والتى دين الطاعن بارتكابها تتحقق متى كان المال المختلس مسلما الى الموظف العمومى بسبب وظيفته، ويعتبر التسليم منتجاً لاثره فى اختصاص الموظف متى كان مأمورا به من رؤسائه، ولو لم يكن فى الأصل من طبيعة عمله فى حدود الاختصاص المقرر لوظيفته.
4 - لما كان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة بدعوى أنه كان يسلم مبالغ المكافآت والكشوف الخاصة بها الى رئيسه مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - بصفته موظفا موظفا عموميا (سكرتير ادارة البحث الجنائى للشئون المالية والادارية بمديرية أمن.....) اختلس مكافآت وحوافز انتاج عمال تنفيذ الأحكام العاملين بالمراكز والأقسام التابعة لدائرة نيابة.......... الكلية المبالغ قيمتها 3110 جنيه، 117 مليم والتى وجدت فى حيازة بسبب وظيفته حالة كونه من مندوبى الصرف وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجريمة إرتباطاً لا يقبل التجزئية بجريمة تزوير فى محررات رسمية هى إستمارات صرف تلك المكافآت والحوافز بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة إستلام العاملين فى مجال تنفيذ الأحكام المبينة اسمائهم بتلك الاستمارات لمستحقاتهم ووضع عليها توقيعات غير صحيحة نسبها زوراً إليهم على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بقنا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الوادرين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 أ، ب، 118، 18 مكرراً، 119/ أ مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 3110 جنيه، 177 مليم وبالزامه برد مبلغ 3110 جنيه، 177 مليم وبعزله من وظيفتة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس المرتبطة بجريمة التزوير فى محررات رسمية قد شابه الخطأ فى الاسناد وفى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب، ذلك بأنه أسند للطاعن - على خلاف الحقيقة - أنه إعترف فى التحقيقات بجميع الوقائع المنسوبة إليه وحصل أقوال الشهود على صورة مجملة نسب فيها إلى كل من عمال التنفيذ..... و...... و...... و........ و....... و....... القول بأنهم لم يتسلموا أية مكافآت فى حين جرت أقوال كل منهم بأنه تسلم بعضاً منها كما نسب إلى....... أنه أنكر التوقيع على استمارات الصرف بينما هو لم يقرر بذلك وقد أدى به هذا الخطأ إلى إحتساب المبالغ التى سلمت لهولاء الشهود فى مبلغ الغرامة وما قضى برده، كما اعتبر الحكم أن المبلغ المختلس قد دخل بين يدى الطاعن بسبب وظيفته لمجرد تكليفه باجراءات صرفه من قبل رؤسائه رغم أن هذا التكليف جرى على خلاف ما توجبه التعليمات من إسناد ذلك العمل إلى الضابط دون غيرهم من أمثال الطاعن من الموظفين المدنيين، وأخيراً فإن الحكم المطعون فيه إلتفت - دون ردً - عما تمسك به الطاعن من أنه سلم المبالغ المنسوب إليه إختلاسها إلى رئيسه لتوزيعها على مستحقيها وكل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن وقعة الدعوى بما مجمله أن الطاعن كان يعمل سكرتيراً ومندوباً للصرف لادارة البحث الجنائى بمديرية أمن.......، وكان يتسلم - بهذه الصفة - مبالغ المكافآت التى ترد إلى تلك الادارة من إدارة النيابات بالقاهرة ليقوم بتوزيعها على مستحقيها من عمال تنفيذ العقوبات الجنائية بدائرة محافظة...... بموجب إستمارات وكشوف أعدت لاثبات ذلك, فعمد إلى إختلاس تلك المبالغ لنفسه ووضع على كشوف التوزيع توقيعات نسبها زوراً لعمال التنفيذ أرباب الاستحقاق كما وضع على بعض مستندات الصرف توقيعات مزورة نسبتها إلى رؤسائه. وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن أدلة سائغة مؤدية إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان البين من مراجعة المفردات التى أمرت المحكمة بضمها - تحقيقاً لا وجه الطعن - أن ما أقر به عدد من الشهود من أنهم تسلموا بعض بعض مبالغ المكافآت وما قرره الشاهد........ من صحة توقيعه على أحد الكشوف كل ذلك كان بصدد مكافآت جرى صرفها فى وقت لاحق على الفترة التى دين الطاعن بمقارفه الاختلاس والتزوير فى خلالها ولم تدخل فى حساب المبلغ المختلس، وأما ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال هؤلاء الشهود بشأن المبالغ والمستندات موضوع جريمتى الاختلاس والتزوير فله معينه الصحيح من أقوالهم فى التحقيق الابتدائى ولم يحد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسرت عنه قالة الخطأ فى الاسناد فى هذا الصدد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه حصَّل الدليل المستمد من إعتراف الطاعن بقوله: "وحيث إن المتهم إذ سئل فى تحقيقات النيابة أنكر فى بداية التحقيق ما أسند إليه دافعاً الاتهام بأن مدير إدارة البحث الجنائى كان يحصل منه قيمة الشيك لصرفه إلى مستحقيه ثم يعيد إلية الاستمارة موقعاً عليها وكان قد قال برواية أخرى فى تحقيقات الشرطة ثم عاد إعتراف بجميع الوقائع المنسوبة إليه عند مواجهته فى النيابة بما أسفر عنه تقرير أبحاث التزييف والتزوير". وكان الثابت من مراجعة المفردات أن إجابات الطاعن عند مواجهته فى نهاية التحقيق الابتدائى بالنتيجة التى أسفر عنها تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعى تؤدى - مع مجريات التحقيق - إلى ما رتبه الحكم عليها من معنى التسليم بوقوع الفعل المسند إليه بما يجعل الحكم سليماً فى نتيجته ومبنياً على فهم صحيح للواقعة، لأن المحكمة ليست ملزمة فى أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ومن ثم فإن النعى على الحكم بالخطأ فى الاسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات والتى دين الطاعن بارتكابها تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومى بسبب وظيفته، ويعتبر التسليم منتجاً لاثره فى إختصاص الموظف متى كان مأمورا به من رؤسائه، ولو لم يكن فى الأصل من طبيعة عمله فى حدود الاختصاص المقرر لوظيفته. وكان الطاعن لا يجادل فيما أثبته الحكم فى حقه من أنه تسلم المال المختلس بصفته سكرتيراً لادارة البحث الجنائى بمديرية أمن....... ومندوباً للصرف عن تلك الادارة، ومن ثم فإن دفع الطاعن بأن تكليفه من رؤسائه بذلك العمل مخالف للتعليمات الادارية يكون عديم الأثر فى درء مسئوليته عن إختلاس ذلك المال ولا على الحكم إن هو إلتفت عن الرد عليه بحسبانه دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان النعى بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم إرتكاب الجريمة بدعوى أنه كان يسلم مبالغ المكافآت والكشوف الخاصة بها إلى رئيسه مردوداً بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.