أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1178

جلسة 16 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال أنسي، فهمي عوض مسعد، د. منصور وجيه، وفهمي الخياط.

(236)
الطعن رقم 1132 لسنة 48 القضائية

1 - إيجار "إيجار الأماكن" "امتداد العقد"
امتداد عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين لصالح زوجه وأولاده ووالديه. ق 52 لسنة 1969. مناطه. إقامتهم معه إقامة مستقرة حتى الوفاة أو الترك أياً كانت مدة الإقامة أو بدايتها. الانقطاع ثم العودة للإقامة المستقرة لا يغير من استمرار العقد لصالحهم.
2 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. إيجار "إيجار الأماكن".
استقلال محكمة الموضوع بتقدير أدلة الدعوى دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. مثال في إيجار.
1 - مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 21 من قانون 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 يدل علي أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده، في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة، لصالح زوجه وأولاده أو والديه المقيمين معه وقت الوفاة أو الترك. ويكفي لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد أن تثبت له إقامة مستقرة مع المستأجر بالعين المؤجرة أياً كانت مدتها وأياً كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك فلا يؤثر على قيام هذا الحق انقطاعه عن الإقامة مع المستأجر الأصلي إذا عاد وأقام من بعد معه إقامة مستقرة قبل الوفاة أو الترك واستمرت لحينها.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت منها ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمستندات الطاعن وأقوال شهوده وأخضعها لتقديره ورأى فيها عدم ثبوت إدعائه بترك المستأجر عين النزاع، واستخلص من مستندات المطعون ضدها الأولى صحة إقامتها مع والدها المستأجر في تلك العين إقامة مستقرة حتى تاريخ وفاته وقام في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وفيها الرد الكافي على دفاع الطاعن. فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 456 لسنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لها عن الشقة المبينة بالصحيفة وقالت شرحاً لها أن والدها كان يستأجر تلك الشقة ثم توفى بتاريخ 4/ 10/ 1976 وإذ كانت تقيم معه فيها منذ بدء الإجارة وحتى تاريخ الوفاة فإنه يحق لها أن تستمر في الإقامة فيها وإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار لها عنها تطبيقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969، كما أقام الطاعن الدعوى رقم 932 لسنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بانتهاء عقد إيجار الشقة موضوع النزاع والتسليم تأسيساً على وفاة مورثهم المستأجر وانتفاء إقامة أي منهم معه فيها حتى وفاته، وكانت المحكمة قد أحالت الدعوى الأولى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الأولى أنها كانت تقيم مع والدها المستأجر الأصلي إقامة مستقرة بعين النزاع لمدة سنة سابقة على وفاته، وبعد أن سمعت أقوال الشهود قررت ضم الدعوى الثانية للدعوى الأولى للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، ثم حكمت فيها بتاريخ 29/ 1/ 1977 بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 31/ 1/ 1949 وتسليم شقة النزاع للطاعن. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1379 لسنة 94 ق طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 10/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن وإلزامه بتحرير عقد إيجار للمطعون ضدها الأولى عن شقة النزاع بنفس شروط عقد المستأجر الأصلي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها الأولى وإن اعتبرت مستأجرة لإقامتها مع والدها المستأجر الأصلي في عين النزاع منذ بدء الإجارة إلا أنها تزوجت في عام 1962 وانقطعت صلتها بالعين وبذلك انتفت عنها صفة المستأجرة وإذ كانت قد عادت إلى العين وذلك بعد طلاقها فإنه لا يعود لها حق الإقامة فيها سواء كان ذلك في حياة والدها أو بعد وفاته، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر أن عقد الإيجار لم ينته بالنسبة للمطعون ضدها الأولى وألزمه بتحرير عقد إيجار لها ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور في التسبيب لفساد السبب الوحيد الذي بني عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.." يدل علي أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده - في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة - لصالح زوجته أو أولاده أو والديه المقيمون معه وقت الوفاة أو الترك - ويكفي لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد أن تثبت له إقامة مستقرة مع المستأجر بالعين المؤجرة، أياً كانت مدتها وأياً كانت بدايتها، بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك فلا يؤثر على قيام هذا الحق انقطاعه عن الإقامة مع المستأجر الأصلي إذا عاد وأقام من بعد معه إقامة مستقرة قبل الوفاة أو الترك واستمرت لحينها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة تكفي لحمل قضائه، إلى أن المطعون ضدها الأولى كانت تقيم مع والدها بالعين المؤجرة إقامة مستقرة استمرت حتى تاريخ وفاته، ورتبت على ذلك حقها في التمسك باستمرار عقد الإيجار لصالحها، وكان لا يؤثر على قيام هذا الحق ثبوت انقطاعها عن الإقامة في العين خلال الفترة التالية لزواجها وحتى سنة 1965 - طالما ثبتت عودتها إلى الإقامة مع والدها بعد ذلك إقامة مستقرة حتى وفاته، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أن دفاعه أمام محكمة الموضوع قام على أن المستأجر الأصلي ترك عين النزاع وأغلقها دون أن يقيم بها أحد منذ وفاة زوجته عام 1969 وأقام حتى وفاته مع أولاده بعمارة قاموا بإنشائها بشارع النزهة رقم 62 بمصر الجديدة، وقد استدل على ذلك بثلاثة محاضر إدارية كما قدم كشف مستخرجاً من العوائد عن العقار 62 بشارع النزهة المملوك لمورث المطعون ضدها الأولى يفيد أن بالمنزل أربعة شقق محجوزة للملاك، وقد أيده شهوده في ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه أهدر هذا الدفاع المؤيد بالمستندات وقضى على خلاف الثابت بها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح الثابت فيها ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة, لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمستندات الطاعن وأقوال شهوده وأخضعها لتقديره ورأى فيها عدم ثبوت إدعائه بترك المستأجر عين النزاع، واستخلص من مستندات المطعون ضدها الأولى صحة إقامتها مع والدها المستأجر في تلك العين إقامة مستقرة حتى تاريخ وفاته وقام في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيها الرد الكافي على دفاع الطاعن فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولما تقدم يتعين رفض الطعن