أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 934

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ سمير ناجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نبيل رياض وطلعت الاكيابي ومحمود عبد البارى نواب رئيس المحكمة وأمين عبد العليم.

(163)
الطعن رقم 46452 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
حق محكمة الموضوع فى إستخلاص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها. شرط ذلك ؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب بناء الأحكام على الأدلة التى يقتنع بها القاضى. يحصلها مما يجريه من التحقيق مستقلاً فى تحصيل العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره.
- عدم جواز ادخال القاضى فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها. حكماً لسواه.
(3) استدلالات. إثبات "بوجه عام" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
التحريات وحدها لا تصلح أن تكون دليلاً اساسياً على ثبوت التهمة.
- أقامة الحكم قضاءه على مجرد رأى محرر محضر التحريات دون إيراد أية شواهد أو قرائن. قصور.
(4) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائى. فاعل أصلى. إشتراك. إتفاق. حكم "تسبيبه تسبيب معيب".
فاعل الجريمة فى مفهوم المادة 39 عقوبات ؟
الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة وإلا فلا يسأل الا عن فعله.
- تحقق قصد المساهمة فى الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة إتفاق ولو نشأ لحظة تنفيذها.
إدانة الحكم الطاعنة عن جريمة قتل عمد دون بيان وجود إتفاق بينها وبين الطاعن الأخر على مقارفتها. وخلو مدوناته مما يوفر عناصر المسئولية قبلها عن تلك الجريمة. قصور.
1 - لئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغا وأن يكون الدليل الذى تعّول عليه مؤديا إلى ما رتبته عليه من نتائج فى غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمناطق.
2 - من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الادلة التى يقتنع منها القاضى بادانة المتهم أو ببراءته صادراً فى ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه.
3 - وأن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينه معينة أو دليلاً أساسيا على ثبوت التهمة. وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأى مجرى التحريات، ولم يورد حكمها أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفه الطاعنين لواقعة قتل المجنى عليه فان تدليل الحكم يكون غيرسائغ وقاصرا على حمل قضائه.
4 - لما كان البين من نص المادة 39 من قانون العقوبات أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره فى ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتى عمداً عملاً تنفيذيا فيها إذا كانت تتركب من جمله أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلا مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل فى ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتبارا بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة والا فلا يسأل الا عن فعله وحده. ويتحقق قصد المساهمة فى الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة, أى أن يكون كل منهم قصد الأخر فى إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلا بدور فى تنفيذها بحسب الخطة التى وضعت أو تكونت لديهم فجأه وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. وكان ما أثبته الحكم فى حق الطاعنة الثانية أخذا بأقوال شهود الاثبات أنها وقت تواجدها مع شقيقها الطاعن الأول فى الحقل واثناء اعتدائه على المجنى عليه أمسكت الشاهدة ابنه المجنى عليه لتحول بينهما وبين منع الاعتداء عليه أو الاستغاثة وكان الحكم قد نفى عن الطاعنين توفر ظرفى سبق الاصرار والترصد، وكانت الواقعة كما أوردها الحكم قد خلت من وجود اتفاق بين الطاعنين على قتل المجنى عليه، فان الحكم إذ لم يعرض لقيام الاتفاق بين الطاعنين على قتل المجنى عليه أو إنتفائه، وخلت مدوناته مما يوفر عناصر المسئولية قبل الطاعنة الثانية عن جريمة القتل العمد، يكون معيبا بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخرين قضى ببراتهما بأنهم أولا: - قتلوا........ عمداً مع سبق الاصرار والترصد بأن بيتوا النيه وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لذلك آلات حادة وسلاح نارى (فرد وفأس وطوريه) وتربصوا له فى الطريق الذى أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى قام المتهم الاول باطلاق عيار نارى لم يصبه فطرحه أرضا وأمسك به وانهال عليه الآخرين بآلتين حادتين على رأسه وقامت المتهمة الثانية بشل حركة............ ابنه المجنى عليه والاعتداء عليها لمنعها من الدفاع عن والدها قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الاصابات الموصوفه بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. ثانيا: - أ - المتهم الأول أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن (فرد) ب - أحرز ذخيرة (طلقة واحدة) مما تستخدم فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له بحيازنه أو احرازه. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الوادرين بأمر الاحالة. وإدعت أرملة المجنى عليه مدنيا قبل المتهمة بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الاول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عن التهمة الاولى وببراءته من التهمة الثانية وبمعاقبة المتهمة الثانية بالأشغال الشاقه لمدة ثلاث سنوات وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن تهمه القتل العمد مجردة من ظرفى سبق الإصرار والترصد.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض...... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال. ذلك بأن الحكم عول فى إدانة الطاعنين على ما حصله من أقوال شاهدى الرؤية من أن الطاعن الأول أحتضن المجنى عليه وأنزله من فوق دابته وأن الطاعنة الثانية حالت بين الشاهدة الاولى وبين الاعتداء على والدها المجنى عليه، فى حين أن الشاهدين لم يسندا للطاعن الاول ضرب المجنى عليه بالفأس وإنما نسبا ذلك إلى المتهمين الآخرين المقضى ببراءتهما، وما أورده الحكم عن أقوال هذين الشاهدين لأيؤدى إلى مساءلة الطاعنين كفاعلين فى جريمة القتل العمد، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصا سائغا وأن يكون الدليل الذى تعّول عليه مؤديا إلى ما رتبته عليه من نتائج فى غير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمناطق. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استدل فى ادانة الطاعنين بأقوال شاهدى الرؤية التى حصلها بأن الطاعن الاول احتضن المجنى عليه وانزله من فوق دابته وطرحه أرضا وأن الطاعنة الثانية حالت بين الشاهدة وبين منع الاعتداء على المجنى عليه أو الاستغاثة وعلى أقوال الشاهد المقدم............ بخصوص تحرياته من أن الطاعن الاول هو الذى ضرب المجنى عليه بفأس فأحدث إصابته التى أدت بحياته، وعلى ما جاء بتقرير الصفة التشريحية عن وفاة المجنى عليه بسبب إصاباته بجروح فى رأسه وعنقه وأعلا كتفيه وظهره وما نتج عنها من كسور بعظام الرأس الفقرات العنقية وأنها جائزة الحدوث من الضرب بفأس. ولما كانت أقوال الشاهدين اللذين أثبت الحكم رؤيتها الحادث وقت وقوعه كما حصلها الحكم قد خلت مما يفيد رؤيتها الطاعن الاول يرتكب الفعل المادى لجريمة القتل المسندة اليه، وكان لا يغنى فى ذلك أن الحكم استند أيضا إلى شهادة الضابط بخصوص تحرياته التى دلت على أن الطاعن الاول هو الذى ضرب المجنى عليه بفأس على رأسه وأحدث اصاباته الثابته بتقرير الصفه التشريحية والتى أودت بحياته، لما هو مقرر من أن الأحكام يجب أن تبنى على الادلة التى يقتنع منها القاضى بادانة المتهم أو ببرائته صادراً فى ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح فى القانون أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه، لأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث الا أنها لا تصلح وحدها لان تكون قرينه معينة أو دليلاً أساسيا على ثبوت التهمة. وإذ كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأى مجرى التحريات، ولم ورد حكمها أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفه الطاعنين لواقعة قتل المجنى عليه، فإن تدليل الحكم يكون غيرسائغ وقاصرا على حمل قضائه ومن ناحية أخرى فإنه لما كان البين من نص المادة 39 من قانون العقوبات أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره فى ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتى عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جمله أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلا مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل فى ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتبارا الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة والا فلا يسأل الا عن فعله وحده. ويتحقق قصد المساهمة فى الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة, أى أن يكون كل منهم قصد الأخر فى إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلا بدور فى تنفيذها بحسب الخطة التى وضعت أو تكونت لديهم فجأه وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. وكان ما أثبته الحكم فى حق الطاعنة الثانية أخذا بأقوال شهود الاثبات أنها وقت تواجدها مع شقيقها الطاعن الأول فى الحقل واثناء اعتدائه على المجنى عليه أمسكت الشاهدة ابنه المجنى عليه لتحول بينهما وبين منع الاعتداء عليه أو الاستغاثة وكان الحكم قد نفى عن الطاعنين توفر ظرفى سبق الاصرار والترصد، وكانت الواقعة كما أوردها الحكم قد خلت من وجود اتفاق بين الطاعنين على قتل المجنى عليه، فإن الحكم إذ لم يعرض لقيام الاتفاق بين الطاعنين على قتل المجنى عليه أو انتفائه، وخلت مدوناته مما يوفر عناصر المسئولية قبل الطاعنة الثانية عن جريمة القتل العمد، يكون معيبا بالقصور. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.