أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 802

جلسة 7 يونيه سنة 1952
(12)
طلب التصحيح في القضيتين رقمي 26 سنة 19، 24 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك وإسماعيل مجدي بك وعبد العزيز سليمان بك وباسيلي موسى بك المستشارين.
(1) طلب. طلب ليس جديداً ولا مكملاً للطلب الأصلي ولا تابعاً له بل هو ذات الطلب السابق طرحه على المحكمة ولم تفصل فيه. القول بأن المحكمة استنفدت ولايتها فيه. على غير أساس.
(2) طلب. إغفال المحكمة الفصل في أحد الطلبات. حق الطالب في إعادة طرحه على المحكمة للفصل فيه. المادتان 368، 449 من قانون المرافعات.
(3) قوة الأمر المقضي. وجوب قصرها على الطلبات التي فصل فيها الحكم. عدم امتدادها إلى الطلبات التي لم يفصل فيها لا صراحة ولا ضمناً. مثال.
(4) ترقية. ثبوت أهلية الطالب للترقية إلى درجة قضائية معينة. وجوب اعتبار أهليته باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زميله الذي كان يليه في الأقدمية وسبقت ترقيته إلى درجات عليا ما لم تقدم الوزارة دليلاً على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقيته إلى تلك الدرجات.
1 - إذا كان الطلب المعروض على المحكمة ليس طلباً جديداً ولا هو طلب مكمل للطلب الأصلي أو تابع له بل هو بذاته نفس الطلب الذي سبق طرحه أمام المحكمة ولم تفصل فيه، فإنه لا محل للقول بأن المحكمة قد استنفدت ولايتها في خصوصه.
2 - إنه وإن كانت المادة 23 من قانون نظام القضاء قد أوجبت أن يتبع في تقدير الطلبات والفصل فيها القواعد والإجراءات المقررة للنقض في المواد المدنية فإن المادة 449 من قانون المرافعات التي وردت في باب النقض تنص على أنه تنطبق في قضايا الطعون القواعد الخاصة بالأحكام الواردة في الباب العاشر بقدر ما تكون هذه القواعد أو تلك متفقة مع نصوص هذا الفصل. وقد وردت المادة 368 في الفصل الثالث من الباب العاشر الذي أحالت عليه هذه المادة ومؤدى ذلك أن الشارع قد عالج حالة إغفال الفصل في بعض الطلبات التي تقدم إلى هذه المحكمة عن طريق الرجوع إليها لتستدرك ما فاتها الفصل فيه. وإذن فمتى كان الطاعن قد أضاف إلى طلباته إلغاء أحد المراسيم الصادرة بالحركة القضائية وجميع القرارات المكملة له والآثار المترتبة عليه وذلك فيما تضمنه من تخطية في الترقية إلى درجة رئيس محكمة من الفئة (ب) أو ما يعادلها وأغفلت المحكمة الفصل فيه فإن القول بأن المادة 368 من قانون المرافعات لا تنطبق في هذه الحالة على غير أساس.
3 - إن حجية الأحكام مقصورة على ما فصلت فيه من الطلبات ولا تمتد إلى ما لم يكن قد تعرضت له بالفصل لا صراحة ولا ضمناً. وإذن فمتى كان الطالب قد قرر بإحدى الجلسات أمام هذه المحكمة بأنه يعدل طلباته بإضافة الطعن في المرسوم الأخير الصادر في يونيه سنة 1951 وكانت المحكمة قد قضت بعد ذلك بإلغاء مرسومي 26 من سبتمبر سنة 1949 و3 من سبتمبر سنة 1950 ولم تتحدث بشيء عن مرسوم يونيه سنة 1951، وكان الحكم قد ختم منطوقه بعبارة "ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات" فإن ذلك إنما ينصرف إلى ما رأت المحكمة رفضه مما تضمنه الطلبان اللذان كانا وحدهما محل بحثها وقضائها.
4 - الأصل هو أنه متى ثبت أهلية الطالب للترقية إلى درجة قضائية معينة رقي إليها من يليه في الأقدمية، فإن أهليته تعتبر باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زميله الذي كان يليه في الأقدمية، وسبقت ترقيته، ما لم تقدم الوزارة الدليل على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقية الطالب إلى الدرجات القضائية التي رقي إليها زميله المذكور. وإذن فمتى كانت وزارة العدل قد تخطت الطالب في الترقية بمرسومي 26 من سبتمبر سنة 1949 و3 من سبتمبر سنة 1950 وكان من أثر هذا التخطي إبعاده عن مجال الترقية للوظيفة الأعلى في المراسيم التالية وكان زميله الذي قورن به قد رقي في الحركة الصادرة بها مرسوم 20 من يونيه سنة 1951 إلى وظيفة رئيس نيابة من الدرجة الأولى الممتازة ولم تقدم الوزارة دليلاً على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقية الطالب إلى الدرجة التي رقي إليها زميله المذكور الذي يساويه في الأهلية، وكان يليه في الأقدمية، فإنه يتعين إلغاء المرسوم الصادر بالحركة القضائية في 20 من يونيه سنة 1951 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة (ب) أو ما يماثلها.


الوقائع

تتحصل وقائع طلب التصحيح هذا في أنه بتاريخ 14 من نوفمبر سنة 1949 طعن الطالب في مرسوم الحركة القضائية الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1949 طالباً إلغاءه والحكم له بأحقيته في الترقية إلى منصب وكيل محكمة من الفئة "ب" أو رئيس نيابة من الدرجة الثانية واعتبار ترتيبه في الأقدمية تالياً للأستاذ..... وسابقاً على الأستاذ...... مع رد أقدميته في الدرجة التي يرقى إليها إلى تاريخ 26 من سبتمبر سنة 1949 وقد قيد هذا الطلب بجدول المحكمة برقم 26 سنة 19 ق "رجال القضاء". وأثناء نظر الطلب المذكور صدر مرسوم آخر في 3 من سبتمبر سنة 1950 بحركة قضائية فطعن فيه الطالب فيما لم يصححه من وضع خاطئ نتيجة لتخطيه في الترقية بمرسوم 26 من سبتمبر سنة 1949 موضوع الطعن الأول وطلب إلغاء المرسوم الثاني فيما تضمنه من عدم ترقيته إلى وكيل محكمة من الفئة "أ" على أن تكون ترقيته قبل الأستاذ....... والحكم بتحقيق جميع الآثار المترتبة على ذلك ومراعاة هذه الأقدمية فيما يجد بعد ذلك من حركات قضائية وقيد هذا الطلب بجدول المحكمة برقم 24 سنة 20 ق "رجال القضاء" - ونظر الطلبان المذكوران أمام الجمعية العمومية لهذه المحكمة بجلسة 3 من نوفمبر سنة 1951 وفيها قررت المحكمة ضم الطلب الثاني إلى الأول لارتباطه به، كما طلب حضرة محامي الطالب تعديل طلباته بإضافة الطعن في المرسوم الصادر في يونيه سنة 1951 وذلك بإضافة أحقيته في الترقية إلى درجة رئيس محكمة بعد الأستاذ.... وقبل الأستاذ....، والتمس التصريح بتقديم مذكرة تكميلية، والمحكمة قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 مع تبادل المذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع، وقد قدمت المذكرات التكميلية من الطرفين والنيابة وفي 8 من مارس سنة 1952 صدر الحكم متضمناً إلغاء المرسومين الأولين فقط دون المرسوم الثالث الصادر في 20 من يونيه سنة 1951. وفي 18 من مارس سنة 1952 قدم الطالب هذا الطلب طالباً فيه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء مرسوم الحركة القضائية الصادر في 20 من يونيه سنة 1951 وجميع القرارات والآثار المترتبة عليه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة رئيس محكمة من الفئة "ب" أو رئيس نيابة من الدرجة الأولى الممتازة أو ما يماثلها وجعل أقدميته بعد الأستاذ..... وقبل...... وذلك استناداً إلى المادة 368 من قانون المرافعات، وفي 19 من مارس سنة 1952 أعلن هذا الطلب إلى المدعى عليهم، وفي 25 من الشهر المذكور أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهم بالطلب وحافظة بمستنداته، وفي 8 من إبريل سنة 1952 أودع المدعى عليهم مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها الحكم بعدم قبول هذا الطلب مع إلزام الطالب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي 16 من إبريل سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول طلب إلغاء مرسوم 20 من يونيه سنة 1951 شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المرسوم المذكور فيما تضمنه من عدم ترقية الطالب إلى درجة رئيس محكمة من الفئة "ب" أو ما يماثلها ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وبجلسة 3 من مايو سنة 1952 المحددة لنظره سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطلب هو أن هذه المحكمة فيما قضت به للطالب بحكمها الصادر بجلسة 8 من مارس سنة 1952 في الطلبين المقيدين بجداول المحكمة برقمي 26 سنة 19 ق و24 سنة 20 ق، قد أغفلت القضاء في طلب من طلباته. هو إلغاء المرسوم الصادر في 20 يونيه سنة 1951 وجميع القرارات المكملة له والآثار المترتبة عليه، وذلك فيما تضمنه من تخطية في الترقية إلى درجة رئيس محكمة من الفئة "ب" أو ما يعادلها، وهو الطلب الذي أبداه الطالب للمحكمة بجلسة 3 من نوفمبر سنة 1951، وأثبت بمحضر الجلسة، وهو يستند فيما يطلبه من تصحيح الحكم في هذا الوجه، إلى المادة 368 من قانون المرافعات التي تنص على أنه "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه الحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه".
وحيث إن وزارة العدل دفعت بعدم قبول هذا الطلب لثلاثة أسباب: أولاً - لأن ولاية هذه المحكمة، مقصورة، بنص المادة 23 من قانون نظام القضاء على طلبات إلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء. وهذا الطلب ليس منها، ولا يقال إنه تابع ومكمل لطلب الإلغاء الذي كان مطروحا أمام المحكمة وفصلت فيه، وذلك بأن المحكمة قد استنفدت ولايتها بالحكم الذي أصدرته وثانياً - إن المادة 368 من قانون المرافعات لا تنطبق على حالة هذا الطلب لأن المادة 23 من قانون نظام القضاء نصت على أن يتبع في تقديم هذه الطلبات والفصل فيها القواعد والإجراءات المقررة للنقض في المواد المدنية. ولم ينص هذا القانون على إتباع قواعد قانون المرافعات. وثالثاً - إن المحكمة في الواقع لم تغفل الفصل في هذا الطلب، بل هي قد رفضته بما نص عليه الحكم في ختام منطوقه من رفضه لما عدا ما قضي به من الطلبات.
ومن حيث إن السبب الأول مردود بأن الطلب الحالي ليس طلباً جديداً ولا هو طلب مكمل للطلب الأصلي أو تابع له بل هو بذاته نفس الطلب الذي سبق طرحه أمام محكمة ولم تفصل فيه، ومن ثم فلا محل للقول بأن المحكمة قد استنفدت ولايتها في خصوصه.
ومن حيث إن السبب الثاني مردود كذلك بأنه وإن كانت المادة 23 من قانون نظام القضاء قد أوجبت أن يتبع في تقديم الطلبات والفصل فيها القواعد والإجراءات المقررة للنقض في المواد المدنية، فإن المادة 449 من قانون المرافعات التي وردت في باب النقض تنص على أنه تنطبق في قضايا الطعون القواعد الخاصة بالأحكام الواردة في الباب العاشر بقدر ما تكون هذه القواعد أو تلك متفقة مع نصوص هذا الفصل - قد وردت المادة 368 في الفصل الثالث من الباب العاشر الذي أحالت عليه هذه المادة. ومؤدى ذلك أن الشارع قد عالج حالة إغفال الفصل في بعض الطلبات التي تقدم إلى هذه المحكمة عن طريق الرجوع إليهما لتستدرك ما فاتها الفصل فيه.
ومن حيث إن ما ذهبت إليه وزارة العدل في السبب الثالث من أن المحكمة في الواقع لم تغفل الفصل في هذا الطلب. وإنما قضت برفضه، مردود بأن الطالب قرر بجلسة 3 نوفمبر سنة 1951 أمام هذه الهيئة بأنه يعدل طلباته بإضافة الطعن في المرسوم الأخير الصادر في يونيه سنة 1951 وذلك بإضافة أحقيته في الترقية إلى درجة رئيس محكمة بعد الأستاذ..... وقبل الأستاذ..... وقد قضت المحكمة بعد ذلك بإلغاء مرسومي 26 من سبتمبر سنة 1949 و3 من سبتمبر سنة 1950. ولم تتحدث بشيء عن مرسوم يونيه سنة 1951، وإذا كان الحكم قد ختم منطوقه بعبارة "ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات فإن ذلك إنما ينصرف إلى ما رأت المحكمة رفضه مما تضمنه الطلبان اللذان كانا وحدهما محل بحثها وقضائها ذلك بأن حجية الأحكام مقصورة على ما فصلت فيه من الطلبات ولا تمتد إلى ما لم يكن قد تعرضت له بالفصل لا صراحة ولا ضمناً.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطلب التصحيح قد قدم وفقاً للقانون مستوفياً أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الطلب، فإن تخطي الطالب في الترقية بمرسومي 26 من سبتمبر سنة 1949 و3 من سبتمبر سنة 1950، اللذين قضى له بإلغائهما، كان من أثره إبعاده عن مجال الترقية للوظيفة الأعلى في المراسيم التالية، ولما كان الأصل هو أنه متى ثبتت أهلية الطالب للترقية إلى درجة قضائية معينة، رقي إليها من يليه في الأقدمية، فإن أهليته تعتبر باقية على وضعها بالنسبة لأهلية زميله الذي كان يليه في الأقدمية، وسبقت ترقيته، ما لم تقدم الوزارة الدليل على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقية الطالب إلى الدرجات القضائية التي رقي إليها زميله الأستاذ........... الذي قورن به وقد رقي في الحركة الصادر بها مرسوم 20 يونيه سنة 1951 إلى وظيفة رئيس نيابة من الدرجة الأولى الممتازة.
ومن حيث إن وزارة العدل لم تقدم دليلاً على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقية الطالب إلى الدرجة التي رقي إليها زميله المذكور الذي يساويه في الأهلية، وكان يليه في الأقدمية، ومن ثم يتعين إلغاء المرسوم الصادر بالحركة القضائية في 20 من يونيه سنة 1951 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة "ب" أو ما يماثلها .