أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1210

جلسة الثلاثاء 17 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يحيي العموري، محمد المرسي فتح الله نائبي رئيس المحكمة، سعد بدر وجرجس أسحق.

(244)
الطعن رقم 881 لسنة 52 القضائية

1 - تقادم "وقف التقادم". تأمين.
سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور المدنية قبل المؤمن لديه. وقفه طوال مدة المحاكمة الجنائية. صدور القانون 85/ 1976. لا أثر له. علة ذلك.
2 - تأمين. مسئولية.
التأمين من المسئولية المدنية بالنسبة للسيارة النقل. نطاقه. إصابة راكب واحد. التزام الشركة المؤمن لديها بتغطية المسئولية الناشئة عن إصابته باعتباره أحد الراكبين المصرح بركوبهما.
3 - نقض "سلطة محكمة النقض".
أسباب الحكم المنطوية على أخطاء قانونية. لمحكمة النقض أن تصححها دون أن تنقضه طالما أنه انتهى إلى النتيجة الصحيحة.
1 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية وانفصلت هذه الأخيرة عن الدعوى الجنائية بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بالتعويض فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية؛ فإذا انقضت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض، سواء أجيز للمضرور اختصام الملتزم بالتعويض أمام المحاكم الجنائية أو لم يجز له القانون ذلك، ومن ثم يسري هذا المبدأ على دعوى المضرور المدنية بالتعويض قبل المؤمن لديه قبل صدور القانون 85 لسنة 1976 أو بعد صدوره، ذلك أن نص المادة المستحدثة بهذا القانون قد سوَّى بين حق المضرور في إقامة دعواه بالتعويض أمام المحاكم الجنائية سواء قبل المتسبب في الضرر أو المسئول عن الحقوق المدنية أو المؤمن لديه دون أن ينقض مبدأ وقف التقادم خلال مدة المحاكمة الجنائية إذا اختار المضرور الطريق أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض.
2 - مؤدى نص المادتين 16 فقرة (هـ) و6/ 3 من القانون رقم 449 سنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور والمادة الثانية من القانون رقم 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات أن التأمين من المسئولية المدنية على السيارة النقل يفيد منه الراكبان المسموح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 من قانون المرور رقم 449 سنة 1955 والتي اندمجت في قانون التأمين الإجباري رقم 652 سنة 1955، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم كان راكباً بالسيارة النقل مرتكبة الحادث والمؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة وأن وفاته حدثت نتيجة خطأ قائدها ولم يثبت من الأوراق أن أحداً غيره من ركاب السيارة قد أصيب أو أضير من الحادث ومن ثم فإن الشركة الطاعنة تكون ملزمة بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاته باعتباره من الراكبين المصرح بركوبهما طبقاً للفقرة هـ من المادة 16 سالفة الذكر.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الحكم سليماً في نتيجته فلا يبطله ما يقع في أسبابه من أخطاء قانونية ما دام أن هذا الخطأ لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها، ولمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه وأن تستوفي ما قصَّر فيه الحكم من أسباب قانونية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1306 سنة 1980 مدني كلي جنوب القاهرة على كل من وزير الداخلية بصفته والشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامم بأن يدفعا لهم مبلغ 41000 جنيهاً وقالوا شرحاً لذلك إن قائد السيارة رقم 6005 نقل الإسكندرية ومقطورتها رقم 552... توجه بتلك السيارة بمقطورتها إلى السلوم وبعد أن أفرغ حمولتها قام مأمور قسم السلوم بالاستيلاء عليها وأركب فيها بعض الأشخاص المتسللين لترحيلهم ومعهم بعض جنود الشرطة لحراستهم ومنهم مورث المطعون ضدهم المرحوم.... إلا أن قائد السيارة وقد كان يقودها بسرعة وبحالة ينجم عنها الخطر توقف بها فجأة مما ترتب عليه فتح بابها الخلفي وأدى إلى سقوط المورث منها وإصابته بإصابات أودت بحياته؛ وقد تحرر عن الحادث محضر الجنحة رقم 701 سنة 1976 السلوم قضي فيه نهائياً بالعقوبة على السائق، وإذ لحقت بهم إضرار مادية وأدبية فضلاً عن حقهم في التعويض الموروث فقد أقاموا دعواهم بالتعويض قبل وزير الداخلية باعتباره متبوعاً والشركة الطاعنة باعتبارها مؤمن لديها على كل من السيارة والمقطورة. قضت المحكمة الابتدائية بإلزام الشركة الطاعنة مع وزير الداخلية التضامم بأن يدفعا للمطعون ضدهم مبلغ 5050 جنيهاً على التفصيل الذي أوردته بحكمها. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 4083 سنة 97 ق واستأنفه وزير الداخلية بالاستئناف رقم 4162 سنة 97 ق كما استأنفه المطعون ضدهم بالاستئناف رقم 4158 لسنة 97 ق، وبجلسة 19/ 1/ 1982 قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئنافين رقمي 4183، 4162 لسنة 97 ق وفي الاستئناف رقم 4158 لسنة 97 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى 6600 جنيهاً. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً بالنسبة لما قضي به ضد الشركة الطاعنة. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في صحيفة الاستئناف بالدفع بسقوط الحق بالتقادم الثلاثي على أساس أن الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 652 سنة 1955 قد نصت على أن تخضع دعوى المضرور قبل المؤمن للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني أي ثلاث سنوات تبدأ من وقت وقوع الحادث الذي تولدت عنه دعوى التعويض، وأن المبدأ الذي سبق لمحكمة النقض أن قررته من وقف سريان التقادم الثلاثي خلال مدة المحاكمة الجنائية عملاً بالمادة 282 من القانون المدني قد بني على أنه يمتنع على المضرور رفع دعواه على المؤمن أمام المحاكم الجنائية قد زالت علته بصدور القانون رقم 85 لسنة 1976 بإضافة المادة 258 مكرر إلى قانون الإجراءات الجنائية إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ورفض هذا الدفع على سند من القول بأن هذه المادة المستحدثة لم تجعل سلوك هذا الطريق وجوبياً وإنما جعلته جوازياً للمضرور الذي من حقه أن يتريث لحين الفصل في الدعوى الجنائية ثم يقيم دعواه بالتعويض أمام محاكم المدنية ولا تبدأ مدة التقادم إلا من تاريخ الحكم النهائي في الدعوى الجنائية وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود؛ ذلك أنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية وانفصلت هذه الأخيرة عن الدعوى الجنائية بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بالتعويض فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية، فإذا انقضت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض، سواء أجيز للمضرور اختصام الملتزم بالتعويض أمام المحاكم الجنائية أو لم يجز له القانون ذلك، ومن ثم يسري هذا المبدأ على دعوى المضرور المدنية بالتعويض قبل المؤمن لديه قبل صدور القانون 85 سنة 1976 أو بعد صدوره ذلك أن نص المادة المستحدثة بهذا القانون قد سوى بين حق المضرور في إقامة دعواه بالتعويض أمام المحاكم الجنائية سواء قبل المتسبب في الضرر أو المسئول عن الحقوق المدنية أو المؤمن لديه دون أن ينقض مبدأ وقف التقادم خلال مدة المحاكمة الجنائية إذا اختار المضرور الطريق أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه برفض الدفع بالتقادم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيانه تقول الشركة الطاعنة إن المادة الخامسة من القانون رقم 652 سنة 1955 تلزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية في الأحوال المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون رقم 449 سنة 1955 وأن هذه المادة الأخيرة والتي أصبحت جزء لا يتجزأ من القانون رقم 652 سنة 1955 تقضي بأن يكون التأمين في السيارة الخاصة والموتوسيكل لصالح الغير دون الركاب ولباقي أنواع السيارات يكون لصالح الغير والركاب دون عمالها، كما نصت المادة 13 من القانون 652 سنة 1955 على أنه في شأن تطبيق المادة السادسة من القانون 449 سنة 1955 لا يعتبر الشخص من الركاب المشار إليهم في تلك المادة إلا إذا كان راكباً في سيارة من السيارات المعدة لنقل الركاب ووفقاً لأحكام القانون المذكور، وأنه طبقاً لقانون المرور سواء السابق 449 سنة 1955 أو الحالي رقم 66 سنة 1973 فإن سيارات النقل تخرج من نطاق السيارات المعدة لنقل الركاب، ومن ثم فلا ينتفع ركابها من وثيقة التأمين الإجباري، وإذ تمسكت الشركة الطاعنة في الاستئناف بأن مورث المطعون ضدهم كان راكباً بالسيارة النقل الذين لا تغطيهم وثيقة التأمين الإجباري إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصحيح للقانون وارتكن في قضائه بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض إلى حكم المادة 19 من القانون رقم 652 سنة 1955 مما يعيبه بالخلط بين حالات التأمين التي لا تغطيها وثيقة التأمين الإجباري أصلاً والحالات التي تغطيها ويكون فيها للمؤمن حق الرجوع على المؤمن له أو على الغير بقيمة ما يكون قد أدَّاه من تعويض بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 449 سنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور قد عرفت السيارة النقل بأنها المعدة لنقل البضائع والمهمات، ونصت المادة 16 فقرة (هـ) من ذات القانون على أن يرخَّص للسيارة النقل بركوب راكبين؛ فإن مفاد هذين النصين أن كل ترخيص بتسيير سيارة نقل يتضمن التصريح بوجود راكبين بها خلافاً لقائدها وعمالها، ولما كانت الفقرة الثالثة من المادة السادسة من القانون المشار إليه قد نصت على أن يكون التأمين في السيارة الخاصة والموتوسيكل الخاص لصالح الغير دون الركاب ولباقي أنواع السيارات يكون لصالح الغير والركاب دون عمالها "وكان نص الشرط الأول من وثيقة التأمين - موضوع الدعوى - المطابقة للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 سنة 1955 والصادر تنفيذاً للمادة الثانية من القانون رقم 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات قد جرى بأن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارات المؤمن عليها ويسري هذا الالتزام لصالح الغير من حوادث السيارات أياً كان نوعها ولصالح الركاب أيضاً من حوادث سيارات النقل فيما يختص بالراكبين المسموح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 من القانون رقم 449 سنة 1955 ما لم يشملها التأمين المنصوص عليه في القوانين رقم 86 سنة 1942، 89 سنة 1950، 117 سنة 1950، ولا يغطي التأمين المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق زوج قائد السيارة وأبويه وأبنائه، ويعتبر الشخص راكباً سواء كان في داخل السيارة أو صاعداً إليها أو نازلاً منها ولا يشمل التأمين عمال السيارة" فإن مؤدى ذلك أن التأمين من المسئولية المدنية على السيارة النقل يفيد منه الراكبان المسموح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 من قانون المرور رقم 994 سنة 1955 - والتي اندمجت في قانون التأمين الإجباري رقم 652 سنة 1955 - لما كان ذلك وكان البيَّن من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم كان راكباً بالسيارة النقل مرتكبة الحادث والمؤمن عليها لدى الشركة الطاعنة وأن وفاته حدثت نتيجة خطأ قائدها ولم يثبت من الأوراق أن أحداً غيره من ركاب السيارة قد أصيب أو أضير من الحادث ومن ثم فإن الشركة الطاعنة تكون ملزمة بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاته باعتباره أحد الراكبين المصرح بركوبهما طبقاً للفقرة (هـ) من المادة 16 سالفة الذكر، لما كان ما تقدم وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الحكم سليماً في نتيجته فلا يبطله ما يقع في أسبابه من أخطاء قانونية، ما دام أن هذا الخطأ لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها. ولمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه وأن تستوفي ما قصرَّ فيه الحكم من أسباب قانونية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الشركة الطاعنة بمقدار التعويض بالتضامن مع وزير الداخلية بصفته قد انتهى إلى نتيجة صحيحة تتفق وصحيح القانون على النحو والأساس آنف البيان، ومن ثم فإن النعي عليه بخطئه في الأسباب التي أقام عليها قضاءه يضحى غير منتج ويكون الطعن برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.