أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1223

جلسة 17 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يحيى العموري نائب رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم، سعد بدر وجرجس أسحق.

(246)
الطعن رقم 577 لسنة 49 القضائية

1- نقض. محكمة القيم. اختصاص.
اختصاص محكمة القيم بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971. ما يكون من هذه المنازعات مطروحاً على المحاكم. وجوب إحالته إلى محكمة القيم ما لم يكن قد قفل باب المرافعة فيها. م 6 قانون 141 لسنة 1981. الطعن بالنقض في حكم نهائي صادر قبل العمل بالقانون المذكور. اختصاص محكمة النقض بنظره. علة ذلك.
2، 3 - حراسة "حراسة إدارية". قانون "قرار جمهوري".
2 - سلطة رئيس الجمهورية في فرض الحراسة استناداً إلى قانون الطوارئ 162 لسنة 1958 قاصرة على الشركات والمؤسسات. صدور قرار جمهوري بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين اعتباره غصباً للسلطة وخروجاً على التفويض المقرر له بموجب ذلك القانون. أثر ذلك. تجريد القرار من حصانته واعتباره عقبة مادية. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عنه.
3 - قوانين الحراسة. عدم وجوب التوسع في تفسيرها. مدلول العائلة في هذه التشريعات.
4 - حراسة "حراسة إدارية". بيع. تسجيل.
انعدام قرار فرض الحراسة على الطاعن لصدوره على خلاف القانون. التصرف بالبيع في حصة من أمواله. باطل. لا يصححه صدور القانون 150 لسنة 64 أو تسجيل التصرف. علة ذلك.
5 - تقادم "وقف التقادم" "تقادم مسقط".
وقف سريان التقادم عند وجود مانع للمطالبة بالحق ولو كان أدبياً. عدم ورود هذه الموانع على سبيل الحصر. مردها شخص الدائن أو إلى ظروف عامة. تقدير قيامها من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 - إذا كانت المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة قد خصت محكمة القيم دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليها، وأوجبت إحالة جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى إليها ما لم يكن قد قفل فيها باب المرافعة، ودون أن تنص صراحة على استثناء الطعون المعروضة على محكمة النقض من ذلك، إلا أن البين من النص سالف الذكر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المنازعات التي قصد الشارع إحالتها إلى محكمة القيم هي الخصومات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه، أما خصومة الطعن بالنقض فلها ذاتية خاصة تختلف عن الخصومات التي تنظرها محكمة الموضوع، إذ هي لا تهدف كقاعدة عامة إلى تقرير الحق أو نفيه أو إلى إحلال حكم جديد محل الحكم المطعون فيه، بل يقتصر الأمر فيها على البحث في صحة تطبيق القانون على الوقائع التي فصل فيها ذلك الحكم في الأحوال المعينة التي حددها القانون على سبيل الحصر، ومعالجة ما يكون قد شاب الحكم من عيوب قانونية ومن ثم لا يتسع لها عبارة النص وآية ذلك أنه استثنى من الإحالة إلى محكمة القيم الدعاوى التي قفل فيها باب المرافعة قبل العمل بذلك القانون، فينسحب هذا الاستثناء من باب أولى إلى الدعاوى التي تم الفصل فيها بحكم نهائي نافذ وإن طعن فيه بطريق النقض، إذ ليس من شأن هذا الطعن أن يمس بحجية الحكم أو يوقف تنفيذه.. لما كان ذلك فإن الاختصاص بنظر طعون النقض المقامة عن أحكام صادرة في منازعات متعلقة بالحراسات يظل منعقداً لمحكمة النقض وحدها.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن ما ورد بالمادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 واضح الدلالة علي أن سلطة رئيس الجمهورية في فرض الحراسة بالاستناد إليها قاصرة على الشركات والمؤسسات دون الأشخاص الطبيعيين وإذ لم يصدر ثمة قرار من رئيس الجمهورية بتوسيع دائرة الحقوق المبينة بها مما يشترط عرضه على المجلس التشريعي لإقراره، فإن ما تضمنه الأمر الجمهوري سالف الذكر وهو بصدد فرض الحراسة على الشركة المذكورة من فرضها على أموال وممتلكات عائلات أصحابها أو الشركات فيها يعد خروجاً على التفويض المقرر بموجب ذلك القانون وانتحالاً لاختصاص السلطة التشريعية في أمر يتصل بحق الملكية الخاصة التي حرصت الدساتير المتعاقبة على حمايتها وتقرير أنها مصونة لا يجوز المساس بها إلا في الأحوال المبينة في القانون وهو ما يخرجه وقرار رئيس الوزراء رقم 52 لسنة 64 الصادر تنفيذاً له في هذا الخصوص من عداد القرارات الإدارية ويجرده من الحصانة المقررة له، ويغدو مجرد عقبة مادية في سبيل استعادة ذوي الشأن لمراكزهم القانونية المشروعة، ويخضعه لأحكام المحاكم صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
3 - النصوص التي تقرر فرض حراسة الطوارئ هي نصوص استثنائية بطبيعتها تستهدف غل يد الخاضع عن إدارة أمواله وممتلكاته، فإنها تفسر تفسيراً ضيقاً وبالقدر الذي يحقق المصالح التي استهدف المشرع حمايتها، ومدلول العائلة في هذه التشريعات تشمل الأشخاص الذين يكون مصدر ملكيتهم في الأغلب الأعم هو الخاضع نفسه، وهم الزوج والزوجة والأولاد القصر ولا يتعدى هؤلاء إلى الوالدين.
4 - التصرف الذي تم في حصة المطعون ضده الأول في عقار النزاع استناداً إلى الأمر الجمهوري رقم 260 لسنة 1963 هو تصرف باطل لصدوره ممن لا يملكه وعلى خلاف القانون ولا يصحح هذا البطلان صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 بعده متضمناً في مادته الثانية النص على أيلولة الأموال التي فرضت عليها الحراسة إلى الدولة، إذ أن محل إعمال حكم هذه المادة وأياً كان وجه الرأي فيها وما لحقها من بعد هو الأموال التي فرضت عليها الحراسة بموجب قرارات صحيحة صادرة من السلطة المرخص لها بإصدارها وفي نطاق أحكام القانون الذي ينظمها، كما لا يصحح التصرف المذكور إجراء تسجيله في يناير 1970 لصدور هذا الإجراء بدوره ممن لا يملكه قانوناً، فضلاً عما هو مقرر من أن التسجيل ليس من شأنه تصحيح التصرف الباطل أو تصويبه، ومن ثم فإن المال موضوع التصرف المذكور يبقى على ذمة مالكه - المطعون ضده الأول - دون أن ينتقل منه لا إلى الدولة بحكم القانون المذكور ولا إلى الطاعنة بحكم التصرف الباطل.
5 - النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني يدل وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني، وجرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع نص بصفه عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان المانع أدبياً، ولم ير المشرع إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم لتمشيه مع ما يقضي به العقل، والمانع من المطالبة الذي يقف به سريان التقادم كما يكون مرجعه أسباب تتعلق بشخص الدائن، قد يرجع إلى ظروف عامة يتعذر معها عليه المطالبة بحقه، وتقدير ذلك مما تستقل به محكمة الموضوع، ولها أن تقرر قيام المانع ولو تضمن التشريع نصّاً يجيز للدائن الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقه ما دامت قد أقامت قضاءها بذلك على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 356 لسنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعنة والمطعون ضدهما الخامس والسادس للحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1964 والمسجل في 12/ 1/ 1970 برقم 175 شهر عقاري القاهرة بالنسبة لحصة 6 قراريط في العقار المبيع بموجبه والمبين بصحيفة الدعوى مع التسليم والتأشير على هامش العقد المذكور بذلك وقال في بيانها أن حراسة الطوارئ فرضت على شركة المباني العصرية "..... وشركاه" وعلى أموال وممتلكات أصحابها والشركاء فيها وعائلاتهم بموجب الأمر الجمهوري رقم 260 لسنة 1963 الصادر بتاريخ 15/ 9/ 1963، وعند تنفيذ هذا الأمر تم التحفظ على أمواله وتعيين حارس عليها بقرار رئيس الوزراء رقم 152 لسنة 1964 ومن بينها حصته في العقار سالف الذكر الذي يمتلكه والمطعون ضدهم الثاني والثالثة والرابعة مشاعاً بالسوية بينهم، ولما كان هؤلاء الثلاثة وابنه....... هم أصحاب الشركة المذكورة المقصودين بفرض الحراسة على أموالهم، وليس هو من بينهم، ولا يعد من عائلة أحدهم وكانت الحراسة قد باعت للطاعنة كامل أرض وبناء ذلك العقار بموجب العقد آنف البيان، ويعد هذا البيع صادراً من غير مالك بالنسبة لحصته في العقار المبيع، فقد أقام الدعوى. ثم قدم المطعون ضده الأول صورة خطاب وجهه جهاز التصفية إلى الطاعنة يخطرها فيه بصدور قرار الإفراج النهائي رقم 344 لسنة 1976 عن أمواله وممتلكاته، وبأنه لم يكن من الجائز فرض الحراسة عليها، وأن بيع حصته في عقار النزاع أصبح باطلاً وينبغي فسخه وتسليم حصته تلك وريعها إليه منذ كان العقار في حوزة الطاعنة، كما أضاف طلباً عارضاً بصفة مستعجلة بفرض الحراسة القضائية على عين النزاع. ومحكمة الدرجة الأولى قضت بإجابة المطعون ضده الأول إلى هذا الطلب ثم قضت بعدم نفاذ العقد في حقه فيما تضمنه من بيع حصته في العقار سالف الذكر وبالتسليم، استأنفت الطاعنة الحكمين بالاستئنافين رقمي 763، 3650 سنة 49 ق القاهرة، وبعد ضمهما حكمت المحكمة بتاريخ 22/ 1/ 1979 بتأييد الحكمين المستأنفين. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأبدت النيابة الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها دفعت الطاعنة بإحالة الطعن إلى محكمة القيم للاختصاص بنظره، والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من الطاعنة أن محكمة القيم المنصوص عليها بالقانون رقم 95 لسنة 1980 هي المختصة دون غيرها طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات وكذا المنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات وأن نص هذه المادة ورد في صيغة عامة ومطلقة بحيث يشمل جميع المنازعات بما في ذلك الطعون المعروضة على محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 بشأن تصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة قد خصت محكمة القيم دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات والمنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليها، وأوجبت إحالة جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى ما لم يكن قد قفل فيها باب المرافعة، ودون أن تنص صراحة على استثناء الطعون المعروضة على محكمة النقض من ذلك، إلا أن البين من النص سالف الذكر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المنازعات التي قصد الشارع إحالتها إلى محكمة القيم هي الخصومات الموضوعية التي تدور حول تقرير الحق أو نفيه، أما خصومة الطعن بالنقض فلها ذاتية خاصة تختلف عن الخصومات التي تنظرها محكمة الموضوع، إذ هي لا تهدف كقاعدة عامة إلى تقرير الحق أو نفيه أو إلى إحلال حكم جديد محل الحكم المطعون فيه، بل يقتصر الأمر فيها على البحث في صحة تطبيق القانون على الوقائع التي فصل فيها ذلك الحكم، في الأحوال المعينة التي حددها القانون على سبيل الحصر ومعالجة ما يكون قد شاب الحكم من عيوب قانونية، ومن ثم فلا تتسع لها عبارة النص، وآية ذلك أنه استثنى من الإحالة إلى محكمة القيم الدعاوى التي قفل فيها باب المرافعة قبل العمل بذلك القانون فينسحب هذا الاستثناء من باب أولى إلى الدعاوى التي تم الفصل فيها بحكم نهائي نافذ وإن طعن فيه بطريق النقض، إذ ليس من شأن هذا الطعن أن يمس بحجية الحكم أو يوقف تنفيذه، ولا يصح القول بأن المشرع قصد إسقاط ما سبق صدوره من أحكام في المنازعات المتعلقة بالحراسات ولو كانت نهائية، بما يخول محكمة القيم نظر الموضوع من جديد، لأن نظر الموضوع وعلى ما سلف بيانه يخرج عن نطاق الطعن بالنقض، وذلك إلى أن إسقاط الأحكام لا يكون بطريق الاستنتاج، حفظاً لما لها من حجية تعلو على اعتبارات النظام العام، وإنما يكون بنقض الحكم في الأحوال المحددة قانوناً، لما كان ذلك فإن الاختصاص بنظر طعون النقض المقامة عن أحكام صادرة في منازعات متعلقة بالحراسات يظل منعقداً لمحكمة النقض وحدها، ويكون الدفع بإحالة الطعن إلى محكمة القيم على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وتقول في بيان ذلك إن الحكم تصدى للأمر الصادر بفرض الحراسة على شركة المباني العصرية وعلى أموال وممتلكات أصحابها والشركاء فيها وعائلاتهم مقرراً انعدامه، بناءاً على أن القانون رقم 162 لسنة 1958 الذي استند إليه هذا الأمر لم يجز لرئيس الجمهورية فرض الحراسة إلا على الشركات والمؤسسات دون الأشخاص الطبيعيين، وأن فرض الحراسة على أموال المطعون ضده الأول بموجبه يكون على غير أساس من القانون فتصدى الحكم بذلك لقرار إداري مما يمتنع على المحاكم العادية تأويله أو إلغاءه أو وقف تنفيذه وخالف القانون فيما خلص إليه من انعدامه، مع استيفائه لأركانه الأساسية التي يتوافر له بها ذلك الوصف، كما ذهب الحكم إلى أن المطعون ضده الأول ليس من عائلة أحد من أصحاب الشركة المذكورة أو الشركاء فيها، في حين أنه والد أحدهم، ويعتبر من عائلته طبقاً للمادة 43 من القانون المدني، وأن استدلال الحكم على ما ذهب إليه من ذلك إلى القانون رقم 69 لسنة 1974 غير سديد، لصدور هذا القانون بعد فرض الحراسة على أموال المطعون ضده الأول بموجب الأمر سالف الذكر، فضلاً عن أنه ليس في نصوصه ما يؤيد وجه نظر الحكم.
وحيث إن هذا النعي بشقيه غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 962 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ التي صدر الأمر الجمهوري رقم 260/ 1963 بفرض الحراسة على شركة المباني العصرية وعلى أموال وممتلكات أصحابها والشركاء فيها وعائلاتهم بالاستناد إليه، قد أجازت لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ الاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات. كما أجازت هذه المادة في فقرتها الأخيرة لرئيس الجمهورية بقرار يصدره توسيع دائرة الحقوق المبينة بها على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة في أول اجتماع له، وكان ما ورد بها من ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - واضح الدلالة على أن سلطة رئيس الجمهورية في فرض الحراسة بالاستناد إليها قاصرة على الشركات والمؤسسات دون الأشخاص الطبيعيين، وكان لم يصدر ثمة قرار من رئيس الجمهورية بتوسيع دائرة الحقوق المبينة بها، مما يشترط عرضه على المجلس التشريعي لإقراره، فإن ما تضمنه الأمر الجمهوري سالف الذكر هو بصدد فرض الحراسة على الشركة المذكورة من فرضها على أموال وممتلكات عائلات أصحابها أو الشركاء فيها يعد خروجاً على التفويض المقرر بموجب ذلك القانون وانتحال لاختصاص السلطة التشريعية في أمر يتصل بحق الملكية الخاصة التي حرصت الدساتير المتعاقبة على حمايتها وتقرير أنها مصونة لا يجوز المساس بها إلا في الأحوال المبينة في القانون، وهو ما يخرجه وقرار رئيس الوزراء رقم 152 لسنة 1964 الصادر تنفيذاً له في هذا الخصوص من عداد القرارات الإدارية ويجرده من الحصانة المقررة لها ويغدو مجرد عقبة مادية في سبيل استفادة ذوي الشأن من مراكزهم القانونية المشروعة، ويخضعه لأحكام المحاكم صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص، وذلك لأنه لما كانت النصوص التي تقرر فرض حراسة الطوارئ، هي نصوص استثنائية بطبيعتها تستهدف غل يد الخاضع عن إدارة أمواله وممتلكاته فإنها تفسر تفسيراً ضيقاً وبالقدر الذي يحقق المصالح التي استهدف المشرع حمايتها ومدلول العائلة في هذه التشريعات تشمل الأشخاص الذين يكون مصدر ملكيتهم في الأغلب الأعم هو الخاضع نفسه وهم الزوج والزوجة والأولاد القصر، ولا يتعدى هؤلاء إلى الوالدين ويؤكد ذلك اتجاه المشرع إلى هذا التفسير في المادة الخامسة من القانون رقم 69 لسنة 1974 بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة والمادة الأولى من القانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عنها، ولا يكون ثمة مجال لإعمال المادة 34 من القانون المدني في نطاق هذه التشريعات الخاصة لوضوح مراد الشارع بها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وتقول في بيان ذلك أن الحكم أقام قضاءه على أن بيع حصة المطعون ضده الأول في عقار النزاع يعد بيعاً لملك الغير ويكون عديم الأثر في حقه، في حين أن ملكية هذا العقار قد آلت إلى الدولة بموجب القانون رقم 150 لسنة 1964 فلا يترتب على بطلان بيعه عودة ملكية الحصة المذكورة إلى المطعون ضده الأول وإنما إلى الدولة وإنها لا تحاج بما ورد بخطاب جهاز التصفية الموجه إليها من أنه لم يكن من الجائز فرض الحراسة على أموال المطعون ضده المذكور وأن عقد بيع حصته في عقار النزاع أصبح مفسوخاً، لأنه وقد آلت ملكية هذا العقار إلى الدولة بموجب القانون سالف الذكر، فإنها لا تزول عنها إلا بموجب أداة مماثلة، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه صحيحاً - وعلى نحو ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق - على أن قرار رئيس الوزراء رقم 152 لسنة 1964 الصادر تنفيذاً للأمر الجمهوري رقم 260 سنة 1963 والقاضي بفرض الحراسة على أموال المطعون ضده الأول قد تجرد من صفته كقرار إداري لصدوره على خلاف القانون، بل وغصباً للسلطة، ومن ثم فقد سقطت عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية ولا يعدو أن يكون عقبة مادية لا أثر لها، وكان مؤدى ذلك أن التصرف الذي تم في حصة المطعون ضده الأول في عقار النزاع استناداً إلى هذا الأمر هو تصرف باطل لصدوره ممن لا يملكه وعلى خلاف القانون، وكان لا يصحح هذا البطلان صدور القانون رقم 150 لسنة 1964 بعده متضمناً في مادته الثانية النص على أيلولة الأموال التي فرضت عليها الحراسة إلى الدولة إذ أن محل إعمال حكم هذه المادة، وأياً كان وجه الرأي فيها وما لحقها من بعد، هو الأموال التي فرضت عليها الحراسة بموجب قرارات صحيحة صادرة من السلطة المرخص لها بإصدارها في نطاق أحكام القانون الذي ينظمها، كما لا يصحح التصرف المذكور إجراء تسجيله في يناير سنة 1970 لصدور هذا الإجراء بدوره ممن لا يملكه قانوناً، فضلاً عما هو مقرر من أن التسجيل ليس من شأنه تصحيح التصرف الباطل أو تصويبه، ومن ثم فإن المال موضوع التصرف المذكور يبقى على ذمة مالكه - المطعون ضده الأول - دون أن ينتقل منه لا إلى الدولة بحكم القانون المذكور ولا إلى الطاعنة بحكم التصرف الباطل، وإذ كان ما تقدم وكان الثابت مع ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 أنفة الذكر قد قضي بعدم دستوريتها بموجب الحكم رقم 5 لسنة 1 ق الصادر من المحكمة الدستورية العليا في 16/ 5/ 1981 وكان قد تلا ذلك صدور القانون رقم 141 لسنة 1981 متضمناً في مادته الأولى النص على أن تعتبر كأن لم تكن الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم وورثتهم استناداً إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ وأن تتم إزالة الآثار المترتبة على ذلك على الوجه المبين في القانون، مما مفاده بالتالي أن الحصة موضوع النزاع كانت وما زالت على ملك المطعون ضده الأول، ولا يقدح في ذلك ما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 141 لسنة 1981 سالفة الذكر من استثناء الأموال والممتلكات التي تم بيعها ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1974 من أن ترد عيناً إلى الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم، ذلك أن نطاق إعمال هذه المادة - وعلى ما سلف البيان - ينصب على التصرفات التي تمت بناء على إجراءات فرض الحراسة الصادرة من السلطة المرخص لها بإصدارها بحسبانها في نطاق أحكام القانون الذي ينظمها، أما التصرفات الصادرة في أموال لم تشملها الحراسة لعدم خضوع أصحابها لها أصلاً بسبب فرضها عليهم خطأ كحالة المطعون ضده الذي فرضت عليه الحراسة باعتباره من عائلة الخاضع الأصلي وهو ليس كذلك، والتصرفات التي اكتسبت في ظل قوانين سابقة مراكز قانونية بموجب أحكام نهائية سابقة على القانون رقم 141 لسنة 1981 فإنها تكون بمنأى عن مجال تطبيق هذه المادة لما كان ما تقدم وكان جهاز تصفية الحراسات قد سلم من جانبه بهذه الحقيقة التي وافقت صحيح القانون، من بطلان فرض الحراسة على المطعون ضده الأول وبالتالي بطلان التصرف الحاصل من جهة الحراسة في الحصة المملوكة له موضع التداعي، فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا النظر لا يكون قد خالف القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وتقول في بيان ذلك إن الحكم - فيما أحال إليه من أسباب الحكم الابتدائي - أقام قضاءه برفض ما تمسك به من أنه تملك عين النزاع بالتقادم المكسب القصير على أن مدة هذا التقادم لم تكتمل، لأن الظروف التي كانت تمر بها البلاد قبل 15 مايو سنة 1971 كانت كفيلة بأن توقع في نفس المطعون ضده الأول الرهبة والخوف قبل اتخاذ أي إجراء للمطالبة بحقه، وأن ذلك يعد مانعاًَ أدبياً يقف به التقادم، وهو قول غير سديد لأن المانع الأدبي يقوم بسبب صلات القربى القوية أو الزوجية التي يؤثر فيها صاحب الحق ألا يطالب به حفاظاً على ما بين الطرفين من مودة، أما الحالة السياسية لبلد بأسره فلا يتصور أن تشكل مانعاً أدبياً بمعناه القانوني الصحيح، وأنه مما يؤكد فساد استدلال الحكم على قيام هذا المانع أن القانون رقم 60 لسنة 1968 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 قد أجاز لمن فرضت الحراسة على أمواله طبقاً للمادة الثالثة من هذا القانون، ولكل ذي شأن أن يتظلم من أمر فرض الحراسة أو أن يتظلم من إجراءات تنفيذه، ويكون التظلم بطلب يرفع بغير رسوم إلى محكمة أمن دولة عليا، ذلك أنه مع إدخال هذا التعديل على القانون سالف الذكر يمتنع القول بقيام المانع الأدبي الذي كان يحول دون رفع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً" يدل وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني وجرى به قضاء هذه المحكمة، على أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولو كان المانع أدبياً، ولم ير المشرع إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم لتمشيه مع ما يقضي به العقل، والمانع من المطالبة الذي يقف به سريان التقادم كما يكون مرجعه أسباب تتعلق بشخص الدائن قد يرجع إلى ظروف عامة يتعذر معها عليه المطالبة بحقه، وتقدير ذلك مما تستقل به محكمة الموضوع، ولها أن تقرر قيام المانع ولو تضمن التشريع نصاً يجيز للدائن الالتجاء إلى القضاء للمطالبة بحقه، ما دامت قد أقامت قضاءها بذلك على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون ضده إلى أسبابه قد أورد أنه، "كان ينظر إلى إجراءات فرض الحراسة وتأميم أموال الخاضعين لها على أنها من الأمور التي تتعلق بكيان الدولة ومصلحتها العليا والتحول الاقتصادي فيها، وكان يوصف المعارض لها أو المطالب بتصحيح ما قد يوجد بها من أخطاء على أنه مناهض لمصلحة الدولة وسياستها العليا، ويكون معرضاً للمزيد من الإجراءات الاستثنائية فإن ذلك ولا شك قد أوقع في نفس المدعي - المطعون ضده الأول - الرهبة والخوف من اتخاذ أي إجراء للمطالبة بحقه، ورفع التعسف عنه واسترداد الحصة المملوكة له في عقار النزاع..... وهذا يعد مانعاً أدبياً إذ يتعذر معه على المدعي المطالبة بتلك الحصة المغتصبة، وقد استمر هذا المانع حتى استعادت الأمور نصابها في 15 مايو سنة 1971" وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي أقام عليها قضاءه مع ما هو مقرر بالمادة 3/ 1 من القانون رقم 162 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 60 لسنة 1968 من جواز التظلم من الأوامر الصادرة بفرض الحراسة أو من إجراءات تنفيذها، فإن هذا النعي عليه بهذا السبب يكون غير سديد. ويكون الطعن بكافة ما اشتمل عليه متعين الرفض.