أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1242

جلسة 19 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين أحمد ضياء عبد الرازق، محمد رأفت خفاجي، محمد سعيد عبد القادر، وماهر قلادة واصف.

(249)
الطعن رقم 599 لسنة 48 القضائية

1، 2 - إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير للمهجرين". دعوى "الصفة".
1 - طلب إخلاء المستأجر للتأجير من الباطن أو للتنازل عن الإيجار. حق لكل من له التأجير مالكاً أو مستأجراً أصلياً مرخص له فيه.
2 - صفة التهجير ثبوتها للمهجر من إحدى محافظات القنال أو سيناء أو الجهة التي هجر إليها مباشرة. زوالها بمجرد تركه تلك الجهة إلى غيرها بمحض إرادته. تنقله من المكان الذي استقر فيه إلى آخر أثره. زوال صفة المهجر عنه.
1 - النص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 31 من القانون 49/ 1977 يدل على أن الشارع وإن اشترط لتنازل المستأجر عن الإيجار أو تأجيره العين من الباطن أن يصدر له بذلك إذن كتابي صريح من المالك إلا أنه لم يقصر الحق في طلب الإخلاء لمخالفته هذا الشرط على المالك، فيجوز لكل من له الحق في التأجير أن يطلب إنهاء الإجارة استناداً إلى حكم المادة المشار إليها لأن من يملك إبرام العقد يملك طلب إنهائه متى قام السبب الموجب له.
2 - ما شرعه القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48/ 1970 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - خاصاً بسلب المؤجر رخصة طلب الإخلاء في حالة التأجير من الباطن أو النزول عن الإيجار لمن تثبت صفته كمهجر من إحدى محافظات القناة وسيناء، هو استثناء ينبغي التضييق في تطبيقه تبعاً لأنه قصد به مواجهة حالة ملحة عاجلة استتبعت تهجير نفر من المواطنين من مساكنهم الأصلية ونزوحهم إلى سائر مدن الجمهورية، واضطرارهم إلى استئجار مساكن لهم فيها، وصفة التهجير تقتصر استجابة لهذا النظر على الجهة التي يهجر إليها مباشرة من إحدى المحافظات المشار إليها بحيث تزول عنه هذه الصفة ويصبح مواطناً عاديّاً عند تنقله من مكان إلى آخر مستغلاً ما أباحه له الشارع من تيسير اعتباراً بأنه يقدر بقدره في حدود سد الحاجة الملحة المباشرة فلا يجوز الاستفادة من هذا الاستثناء الميسر كلما وجد مسكناً أكثر ميزة من المسكن الذي استقر فيه عند التهجير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 423 سنة 1976 مستعجل الإسكندرية على المطعون ضده الثاني للحكم بطرده من الشقة الموضحة بصحيفة الدعوى والتسليم، وقالت بياناً لدعواها أنه بعقد مؤرخ أول يوليو سنة 1965 استأجر المطعون ضده منها الشقة موضوع التداعي بأجرة شهرية قدرها 4.485 جنيه. وإذ تأخر في سداد الأجرة المستحقة اعتباراً من أول مايو سنة 1983، ونص في العقد على الشرط الفاسخ الصريح، فقد أقامت الدعوى. تدخل الطاعن في الدعوى باعتباره متنازل إليه عن شقة النزاع لكونه من مهجري محافظة القناة، وقام بسداد الأجرة المذكورة بموجب إنذارات عرض رسمية. أحيلت الدعوى إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية - لتنازل المطعون ضدها الأولى عن صفة الاستعجال - فقيدت برقم 1718 سنة 1976 مدني كلي الإسكندرية. عدلت المطعون ضدها طلباتها إلى الحكم بإخلاء شقة النزاع مع التسليم لتنازل المطعون ضده الثاني "المستأجر الأصلي" عنها للطاعن بغير إذن كتابي صريح منها وبالمخالفة لشروط العقد وأحكام القانون، سيما وأن الطاعن لا تتوافر فيه الشروط المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970، دفع الطاعن الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة، وبتاريخ 16/ 3/ 1977 حكمت المحكمة أولاً: بقبول تدخل الطاعن خصماً هجوميّاً في الدعوى، ثانياً: بإخلاء المطعون ضده الثاني والطاعن (الخصم المتدخل) من العين المبينة بالصحيفة مع التسليم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 229 سنة 33 ق الإسكندرية، وبتاريخ 28/ 1/ 1978 قضت المحكمة أولاً: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها. ثانياً: تأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى تحقق صفة المطعون ضدها الأولى في رفع الدعوى، في حين أن طلب الإخلاء للتنازل عن حق الإيجار لا يثبت إلا للمالك ولم تقدم المطعون ضدها الأولى الدليل على ملكيتها للعقار الكائن به شقة النزاع، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - على أنه: "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ( أ )..... (ب) إذ أجر المستأجر المكان المؤجر من الباطن أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المواد 4، 21، 26، 27 من هذا القانون". يدل على أن الشارع وإن اشترط لتنازل المستأجر عن الإيجار أو تأجيره العين من الباطن أن يصدر له بذلك إذن كتابي صريح من المالك إلا أنه لم يقصر الحق في طلب الإخلاء لمخالفة هذا الشرط على المالك فيجوز لكل من له الحق في التأجير أن يطلب إنهاء الإجارة استناداً إلى حكم المادة المشار إليها لأن من يملك إبرام العقد يملك طلب إنهائه متى قام السبب الموجب له. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضدها الأولى هي المؤجرة لعين النزاع، فإنه يكون من حقها طلب إخلائها، ويكون النعي بأنها ليست مالكة للعين - أيّاً كان وجه الرأي فيه - غير منتج، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه نفى عنه صفة التهجير، استناداً إلى أنه هجر من مدينة بور سعيد إلى محافظة الدقهلية، وأن محل إقامته مركز المنصورة حسبما ثبت من بطاقة التهجير الخاصة به، وأنه ترك هذا المكان بمحض إرادته إلى الإسكندرية فلا تلحقه صفة التهجير التي تزول عنه بمجرد تركه هذه الجهة إلى جهة غيرها بصفة مستقرة، في حين أنه هجر من مدينة بور سعيد إلى المنصورة ثم عاد إلى الإسكندرية مقر عمله لأنه يعمل بهيئة قناة السويس بالإسكندرية ونقل إليها بغير رغبته الشخصية، وإنما بناء على ظروف العدوان التي حتمت على هيئة قناة السويس مباشرة بعض أعمالها بالإسكندرية بموظفيها الذين قامت بنقلهم إليها، ومن غير المقبول أن من ينقل إلى الإسكندرية لا تلحقه صفة التهجير بينما تلحقه هذه الصفة في محافظة الدقهلية، مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن ما شرعه القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 سنة1970 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - خاصاً بسلب المؤجر رخصة طلب الإخلاء في حالة التأجير من الباطن أو النزول عن الإيجار لمن تثبت صفته كمهجر من إحدى محافظات القناة وسيناء، هو استثناء ينبغي التضييق في تطبيقه تبعاً لأنه قصد به مواجهة حالة ملحة عاجلة استتبعت تهجير نفر من المواطنين من مساكنهم الأصلية ونزوحهم إلى سائر مدن الجمهورية، واضطرارهم إلى استئجار مساكن لهم فيها، وصفة التهجير تقتصر - استجابة لهذا النظر - على الجهة التي يهجر إليها مباشرة من إحدى المحافظات المشار إليها، بحيث تزول عنه هذه الصفة ويصبح مواطناً عاديّاً عند تنقله من مكان إلى آخر مستغلاً ما أباحه له الشارع من تيسير، واعتباراً بأنه يقدر بقدره في حدود سد الحاجة الملحة المباشرة، فلا يجوز الاستفادة من هذا الاستثناء الميسر كلما وجد سكناً أكثر ميزة من المسكن الذي استقر فيه عند التهجير. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله ".... وحيث إنه تطبيقاً لما تقدم وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الخصم المتدخل قد تم تهجيره إلى محافظة الدقهلية مركز المنصورة حسبما يبين من بطاقة التهجير المقدمة ضمن حافظة مستنداته المقدمة أمام محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة.. ومن ثم فإن الغرض الذي ابتغاه المشرع من حماية المهجرين في الظروف الاستثنائية التي ألمت بالبلاد لم تتوافر فيه. ولا ينال من هذا القول ما قدمه المذكور من مستندات تدل على أن طبيعة عمله تقتضي بقاءه في الإسكندرية بعضاً من الأيام كل شهر، إذ أن هذه الحالة لا ترقى إلى حد اعتباره مهجراً". فإن ما أقام عليه الحكم قضاء بالإخلاء لانحسار صفة التهجير عن الطاعن يكون متفقاً وصحيح القانون لابتنائه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله، ويكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.